التكنولوجيا كأداة هيمنة ناعمة: كيف تُعاد برمجة الإنسان العربي عبر الهواتف الذكية
آخر تحديث 31-12-2025 10:53

تقرير | هاني أحمد علي | المسيرة نت: تحول الهاتف الذكي من وسيلة تواصل وأداة تقنية محايدة إلى منظومة متكاملة لإعادة تشكيل الوعي والسلوك الإنساني، في معركة غير مرئية تُدار بخوارزميات ذكية، تستهدف الوقت والانتباه والذاكرة، وتعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا.

وأوضحت مهندسة الاتصالات المتخصصة في إدارة المشاريع والتخطيط الاستراتيجي، المهندسة غادة الاسدي، أن ما يعيشه المستخدم اليوم ليس خللاً فردياً ولا ضعفاً أخلاقياً أو إرادياً، بل نتيجة تصميم ممنهج تقوده شركات عملاقة، استعانت بعلم النفس السلوكي، وعلوم الأعصاب، والذكاء الاصطناعي، لتحويل التطبيقات إلى أدوات جذب قهري.

وبيّنت المهندسة الأسدي في لقاء مع قناة المسيرة، صباح اليوم الأربعاء، ضمن برنامج "نوافذ" فقرة "جدار ناري" أن هذه المنصات لم تُصمم لتخدم الإنسان، بل لتحتجزه داخلها، من خلال آليات مدروسة تستهدف الدماغ البشري في أكثر نقاطه هشاشة، وتحوّل التفاعل الطبيعي إلى استجابة عصبية مبرمجة.

وأكدت أن التمرير اللانهائي شكّل أخطر قفزة في تاريخ الإنترنت، بعدما ألغى فكرة النهاية، التي كانت تمنح العقل فرصة التوقف والتقييم واتخاذ القرار، ليصبح المستخدم اليوم أسيراً لسلسلة لا تنتهي من المحتوى، مبينة أن هذه الآلية مستوحاة مباشرة من ماكينات القمار، حيث يعتمد النظام على مبدأ المكافأة العشوائية، ما يؤدي إلى إفراز متكرر لهرمون الدوبامين، ويخلق حالة من التعلق القهري المشابه للإدمان الكيميائي.

ولفتت مهندسة الاتصالات إلى أن كل إشعار، وكل اهتزاز، وكل صوت تنبيه، يعمل كمكافأة فورية، تحفّز المسارات العصبية المرتبطة بالإدمان، ما يجعل ترك الهاتف جهداً نفسياً وعصبياً كبيراً، وليس قراراً واعياً بسيطاً، موضحة أن المستخدم لا يقرر البقاء على الهاتف، بل يُدفع إليه دون إدراك، في استجابة عصبية تلقائية صُممت بعناية داخل مختبرات الشركات الرقمية.

وحذّرت من ظهور اضطرابات حديثة، أبرزها "النوموفوبيا"، حيث يشعر المستخدم بالقلق والذعر عند الابتعاد عن الهاتف، إضافة إلى أعراض انسحابية حقيقية، مثل التوتر، التشتت، والهلوسات الحسية، نتيجة الاعتياد على لمس الهاتف آلاف المرات يومياً، مؤكدة أن هذه الظواهر لم تعد حالات فردية، بل تحوّلت إلى نمط سلوكي جماعي، يهدد الصحة النفسية للمجتمعات.

وقالت المهندسة الأسدي إن التنبيهات المستمرة تضع الدماغ في حالة استنفار دائم، ترفع هرمونات التوتر، وتمنع الدخول في حالات التركيز العميق، حيث تؤكد الدراسات أن أي مقاطعة واحدة للعمل تتطلب أكثر من 23 دقيقة لاستعادة التركيز الكامل، مضيفة أن النتيجة هي إنتاجية أقل، تفكير سطحي، وقدرة محدودة على التحليل واتخاذ القرار، لافتة إلى أن الإحصائيات أظهرت أن متوسط استخدام الهواتف الذكية في العالم العربي يتراوح بين سبع إلى ثماني ساعات يومياً، أي ما يعادل دوام عمل كامل، يُهدر في التصفح، ما يعكس نزيفاً زمنياً هائلاً يطال الأفراد والمجتمعات.

وأفادت أن الشركات لا تقدم خدمات مجانية، بل تبيع بيانات المستخدم، ووقته، وانتباهه، حيث تُبنى ملفات نفسية وسلوكية دقيقة تُستخدم في استهداف إعلاني عالي الدقة، وتحقيق أرباح بمليارات الدولارات، موضحة أن الثمن الحقيقي يُدفع من الصحة النفسية، والذاكرة، والقدرة على التركيز، والوعي الجمعي، محذرة من التأثير الكارثي لهذه المنصات على الأطفال، موضحة أن المحتوى السريع والمكافآت الفورية تعيق نمو الدماغ، وتضعف مهارات الصبر والتحمل والتعلم، وتخلق جيلاً أكثر قابلية للإدمان وأقل قدرة على التفكير العميق.

وأشارت مهندسة الاتصالات المتخصصة في إدارة المشاريع والتخطيط الاستراتيجي إلى أن بعض الدول حاولت فرض قيود، مثل تحديد زمن الاستخدام أو فرض الشفافية الخوارزمية، إلا أن الشركات العابرة للحدود تمتلك نفوذاً مالياً وتقنياً يتجاوز قدرات الدول، ما يجعل التشريعات وحدها غير كافية.

وذكرت أن المنطقة العربية تمتلك الكفاءات والموارد لبناء منصات بديلة، تحترم عقل الإنسان وتقدّم محتوى ذا قيمة، مشددة على أن التحدي الحقيقي ليس تقنياً، بل استراتيجياً، يرتبط بالإرادة السياسية، ونماذج التمويل، والوعي الثقافي، مضيفة أن غياب البدائل يترك المجتمعات مكشوفة أمام غزو رقمي ناعم يعيد تشكيل الهوية والسلوك.

وقدّمت المهندسة الأسدي مجموعة من الحلول، أبرزها إيقاف الإشعارات غير الضرورية، حذف التطبيقات المستنزفة للوقت، تحديد أوقات استخدام صارمة، تجنب الهاتف قبل النوم وبعد الاستيقاظ، وتحويل الشاشة إلى الأبيض والأسود لتقليل الجاذبية البصرية، مشددة على ضرورة استبدال التصفح العشوائي باستخدام واعٍ ومقصود، وتعزيز الأنشطة الاجتماعية والثقافية غير الرقمية.

ونوهت إلى أن معركة العصر لم تعد عسكرية أو اقتصادية فقط، بل معركة على الوعي والانتباه والذاكرة، حيث تتحول التكنولوجيا من أداة تقدم إلى وسيلة هيمنة ناعمة، ما يجعل بناء وعي رقمي، وسيادة معرفية، ومحتوى بديل مسؤول، خياراً مصيرياً لا يحتمل التأجيل.





وقفة مسلحة لقبيلتي سنحان وبني بهلول تأييدا لموقف السيد القائد
نظّمت قبيلتا سنحان وبني بهلول، وقفة مسلحة كبرى في العاصمة صنعاء، تأييداً لموقف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الداعم لوحدة وسيادة الصومال، وإعلان النفير العام في مواجهة مشاريع الهيمنة والتقسيم.
الجبهة الشعبية: قرار العدو الصهيوني سحب تصاريح منظمات إنسانية تصعيد خطير في حرب الإبادة
اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن قيام العدو الصهيوني بإخطار أكثر من عشر منظمات إنسانية دولية بسحب تصاريح عملها في قطاع غزة والضفة المحتلة، يشكل جريمة حرب مكتملة الأركان، وفصلاً جديداً من فصول حرب الإبادة الجماعية التي تستهدف الشعب الفلسطيني، عبر التجويع والإنهاك والاستنزاف المنهجي.
واشنطن تواجه تحديات كبيرة مع مجموعتها العسكرية في البحر الكاريبي
أفادت وسائل إعلام أمريكية، اليوم الأربعاء، بأن الولايات المتحدة قد تواجه صعوبات متعلقة بالتكلفة والفترة الزمنية لصيانة مجموعتها الضاربة المتمركزة في البحر الكاريبي، في ظل تصاعد التوتر مع فنزويلا.
الأخبار العاجلة
  • 14:34
    الحليصي: يجب أن تطلق الحسابات المجمدة للمؤسسة في البنوك التجارية كونه ينعكس سلبا على تلبية احتياجات المرضى
  • 14:33
    وكيل محافظة الحديدة محمد الحليصي: نأمل من الجهات المختصة ورجال الأعمال دعم مؤسسة مكافحة السرطان للوفاء بالإلتزاماتها تجاه المرضى
  • 14:33
    د. مريش: المصابون بأمراض السرطان هم الفئات الأشد فقرا ومعظمهم لا يمتلكون قيمة الوصول للعلاج من مديريات المحافظة البعيدة
  • 14:33
    د. مريش: تم علاج 4.496 حالة في وحدة تحضير العلاج الكيميائي وإجمالي المستفيدين في وحدة معالجة الأورام 15.242 حالة
  • 14:33
    د. مريش: بلغ عدد إجمالي الحالات المصابة بالسرطان التي استقبلتها وحدة علاج الأورام السرطانية بالحديدة 9.004 حالة
  • 14:27
    الحديدة: المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بالمحافظة تعقد مؤتمرا صحفيا تعلن فيه التقرير الرقمي للعام 2025م وتدشن برنامج العام 2026 م "سأبدأ عمي بخير"
الأكثر متابعة