تصعيد عسكري في حلب يعري هشاشة التفاهمات واستمرار صراع الأجندات الإقليمية والدولية على الأراضي السورية
آخر تحديث 22-12-2025 23:11

المسيرة نت | نوح جلّاس | خاص: على وقع انسداد سياسي متصاعد واقتراب مهل زمنية لاتفاقات لم تُنفَّذ، انفجرت جبهة حلب مجددًا بتصعيد عسكري واسع كسر حالة الهدوء النسبي، وحوّل التفاهمات المتعثرة إلى ما يشبه “تفاوضًا بالنار”، في مشهد يعكس عمق الأزمة وتشابك أبعادها المحلية والإقليمية والدولية.

وخلال الساعات الماضية، شهدت مدينة حلب وريفها واحدة من أعنف جولات الاشتباك، حيث اندلعت مواجهات ضارية بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة أمريكيًا، وسلطات الجولاني المحتارة بين القُرب من أنقرة وواشنطن مع انحيازها الأكثر للأولى.

وقد بدأت الصراعات في محيط حيّي الأشرفية والشيخ مقصود، قبل أن تتوسع بشكل لافت وتتجاوز خطوط التماس إلى عمق المدينة.

وأفادت مصادر ميدانية بأن القصف الصاروخي والمدفعي طال مناطق حيوية داخل حلب، وصولًا إلى أحياء الجميلية ومحيط مستشفى وجسر الرازي، في تصعيد غير مسبوق منذ أشهر، استخدم فيه الطرفان راجمات الصواريخ ومدافع الهاون والمدفعية الثقيلة، فيما اعتمدت “قسد” بشكل مكثف على القناصة لاستهداف التحركات في مناطق الاشتباك.

وفي حصيلة أولية، أعلنت وزارة الصحة التابعة لسلطات الجولاني عن سقوط قتيلين وإصابة ثمانية آخرين، معظمهم في حالات حرجة، إضافة إلى إصابات في صفوف فرق الدفاع المدني جراء استهداف مباشر أثناء أداء مهامهم. في المقابل، تحدثت “قسد” عن مقتل امرأة وطفل وإصابة عدد آخر من المدنيين جراء القصف.

ويأتي هذا التصعيد في توقيت بالغ الحساسية، مع اقتراب نهاية المهلة المحددة لتنفيذ “اتفاق العاشر من مارس” بين “قسد” وسلطات الجولاني. ورغم التوافق المعلن على عناوين عامة كـ”وحدة الأراضي السورية”، إلا أن الخلافات حول التفاصيل التنفيذية وملف الدمج العسكري والإداري ما تزال تشكّل عقدة أساسية حالت دون ترجمة الاتفاق على الأرض، بفعل المخاوف التركية وما يقابلها من قراءات أمريكية، إذ إن إضعاف أي طرف قد يخلّ بموازين النفوذ بين واشنطن وأنقرة، لتتحول الساحة الميدانية في حلب إلى أداة ضغط متبادل.

وبالتوازي، يتزامن التصعيد مع زيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق، في مؤشر على احتدام الصراع حول مستقبل شمال سوريا، فيما تضغط أنقرة باتجاه رفض دمج “قسد” ككتلة عسكرية وازنة، معتبرة أن أي صيغة من هذا النوع تكرّس واقع الإدارة الذاتية ولا تعالج هواجسها الأمنية ولا الإشكاليات السيادية السورية.

ويبدو الموقف التركي حذرًا ومتحفظًا إزاء احتمال توسع المعركة داخل حلب، خشية انزلاقها إلى مواجهة أوسع تستدعي تدخّلاً عسكريًا تركيًا قد يستجلب تدخلًا أمريكيًا مماثلاً.

ويعكس المؤتمر الذي عقده وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اليوم، بالتزامن مع الاشتباكات، ميلًا تركيًا لإبقاء المسارات السياسية والدبلوماسية مفتوحة، ولو مؤقتًا.

وخلال المؤتمر، الذي حضره وزير الدفاع التركي يشار غولر ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالن، اتهم فيدان “قسد” بعدم الجدية في إحراز أي تقدم حقيقي في تنفيذ اتفاق 10 مارس، مشددًا على ضرورة دمج قواتها في “الإدارة السورية من خلال الحوار والمصالحة وبشكل شفاف”، وهو موقف يوحي بتمسك أنقرة حاليًا بالخيار السياسي مع إبقاء الخيار العسكري قائمًا كورقة ضغط، في حين يعكس كلام فيدان رفضًا تركيًا لأي مسار يفضي إلى جعل “قسد” قوة عسكرية مؤثرة، وهو ما يفسّر بشكلٍ أوضح خلفيات تعثر الاتفاق.

وكانت وزارة الخارجية السورية قد أكدت في بيان سابق، الإثنين، أن اتفاق 10 مارس “يمس عن قرب أولويات الأمن القومي لتركيا”، معتبرة أن استمرار وجود قوات كردية على الحدود يمثل تهديدًا مباشرًا، ما يعزز حقيقة أن الموقف التركي سيظل مفتوحًا على مسارات متعددة تتراوح بين السياسة والضغط الميداني.

وفي هذا السياق، تبرز الولايات المتحدة كلاعب محوري يدير إيقاع العلاقات والصراعات معًا بين “قسد” وسلطات الجولاني، باعتبارها حليفًا للطرفين في المرحلة الراهنة، وتملك خيارات بأهداف متعددة تجعلها أكثر قوةً من الطرف التركي في هذه المعركة.

وتكشف المعطيات السياسية في واشنطن عن توجه أمريكي لتوسيع النفوذ، لا سيما بعد الغارات الأخيرة التي نُفذت تحت عنوان “مكافحة الإرهاب”، وهو ما يتطلب، وفق الرؤية الأمريكية، الحفاظ على توازن عسكري هش يمنع الحسم ويُبقي خطوط الصراع مفتوحة، مع تطرّق واشنطن إلى آفاق أخرى في ظل تشابك ملفات إقليمية وأخرى دولية تلتقي فيها بأنقرة.

وتعزز هذا التوجه أصوات نافذة داخل الكونغرس، يمثلها سيناتورات مثل ليندسي غراهام وكريس ميرفي، الذين يدفعون باتجاه استمرار الشراكة مع “قسد” بوصفها “صمام أمان”، بذريعة مواجهة التنظيمات الإرهابية، في وقت يتضح فيه أن الصراع السوري يُعاد هندسته أمريكيًا لتحقيق جملة أهداف، على رأسها تعزيز التواجد الأمريكي وتقليص هامش الحركة التركي، إضافة إلى إبقاء خطوط الضغط على تركيا مفتوحة.

ويزداد هذا المشهد وضوحًا مع الصمت الأمريكي حيال الاشتباكات الجارية وتحركات واشنطن خلال الأسبوع الماضي، وهو ما دفع وزير الخارجية التركي إلى التحذير المسبق من مخاطر تأجيل أي عملية دمج لـ”قسد” ضمن ما يسمى “الجيش السوري” التابع للجولاني، ولكن بصورةٍ شكلية غير مؤثرة.

ميدانيًا، تكشف معركة حلب أن لغة السلاح عادت لتفرض نفسها بوصفها أداة إدارة الصراع في ظل فشل المسارات السياسية في معالجة جوهر الخلافات، فيما يؤكد اتساع رقعة الاشتباكات أن أي تأجيل أو مراوحة في تنفيذ التفاهمات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانفجار، سيما بعد أن أفادت مصادر سورية مساء اليوم بارتفاع وتيرة الاشتباكات واستخدام مختلف أنواع الأسلحة، وارتفاع حصيلة الضحايا إلى 17 بين قتيلٍ وجريح، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين، وغياب أي مؤشرات فعلية على التهدئة حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

أما تحليليًا، فإن ما يجري يعكس صراع نفوذ مفتوحًا بين واشنطن وأنقرة على الأرض السورية، تُستخدم فيه الأطراف المحلية كأدوات ضغط، وسط غياب أفق تسوية حقيقية، ما ينذر بأن حلب أمام مرحلة أكثر سخونة، في صراع تتداخل فيه الحسابات المحلية مع أجندات إقليمية ودولية مفتوحة على كل الاحتمالات.


الجعدبي يستعرض إحصائيات مرتبطة باتفاقية الغاز "الصهيونية المصرية" ويحذّر من تبعات كارثية أوسع
المسيرة نت | خاص: تطرق الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي إلى اتفاقيات تصدير الغاز بين مصر والكيان الصهيوني وما يرتبط بها من إحصائيات فاضحة، معتبرًا أنها تمثل إحدى أخطر الأدوات الداعمة للاقتصاد الإسرائيلي على حساب الاقتصاد المصري، وتكشف في جوهرها عن اختلالات بنيوية وسياسية تتجاوز البعد الاقتصادي إلى خدمة مشروع استراتيجي أوسع لصالح العدو.
عبيدات: الضفة الغربية أمام ضمّ ساحف وتهويد شامل بتواطؤ أمريكي ودولي واضح
المسيرة نت | خاص: أكد الخبير الفلسطيني في شؤون العدو الإسرائيلي راسم عبيدات أن ما يجري في الضفة الغربية تجاوز التوسع الاستيطاني إلى التنفيذ العملي لمخططات ومشاريع تهويدية وضمٍّ ساحف، تقوم على فرض الوقائع على الأرض، تمهيداً لإعلان السيادة الصهيونية الكاملة، في ظل مشاركة أمريكية مباشرة وتواطؤ دولي مفضوح.
تصعيد عسكري في حلب يعري هشاشة التفاهمات واستمرار صراع الأجندات الإقليمية والدولية على الأراضي السورية
المسيرة نت | نوح جلّاس | خاص: على وقع انسداد سياسي متصاعد واقتراب مهل زمنية لاتفاقات لم تُنفَّذ، انفجرت جبهة حلب مجددًا بتصعيد عسكري واسع كسر حالة الهدوء النسبي، وحوّل التفاهمات المتعثرة إلى ما يشبه “تفاوضًا بالنار”، في مشهد يعكس عمق الأزمة وتشابك أبعادها المحلية والإقليمية والدولية.
الأخبار العاجلة
  • 00:31
    مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تقتحم مدينة طوباس شمال شرق الضفة الغربية
  • 00:13
    مصادر فلسطينية: مدفعية العدو الإسرائيلي تستهدف مخيم البريج، وسط قطاع غزة
  • 23:07
    مصادر سورية: قوات الجولاني و"قسد" توعزان لعناصرهما بوقف تبادل النيران في مدينة حلب
  • 23:03
    مصادر سورية: قتيل بانفجار دراجة نارية في حي طويبة بمدينة البوكمال شرقي دير الزور
  • 22:53
    مصادر فلسطينية: العدو الإسرائيلي يعاود نسف مبان سكنية في مناطق يسيطر عليها شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة
  • 22:53
    مصادر سورية: قتيلان و15 جريحا في قصف بمدينة حلب