أبعاد ودلالات الاعتراف الصهيوني بإقليم أرض الصومال الانفصالية
آخر تحديث 30-12-2025 20:23

خاص| عباس القاعدي| المسيرة نت: يُشكّل الاعتراف الصهيوني بما يُسمّى «إقليم أرض الصومال» ضربةً مباشرة لوحدة الصومال، ويُكرّس واقع التقسيم الذي فُرض تاريخيًا بفعل الاستعمار الأوروبي، ولهذا فإن العدو الإسرائيلي يدعم الكيانات الانفصالية، ويُضفي عليها شرعيةً سياسيةً مزعومة، ويستخدمها كأدوات لتفكيك الدول العربية والإسلامية وإضعافها، وهو النموذج نفسه الذي اعتمده سابقًا في جنوب السودان، وكردستان العراق، ومحاولات التفكيك والتقسيم في سوريا وليبيا، وصولًا إلى اليمن.

ويمكن قراءة أبعاد ودلالات الاعتراف الصهيوني في سياق مشروع استعماري متكامل يخدم مصالح العدو الإسرائيلي والغرب في القرن الإفريقي والبحر الأحمر وخليج عدن، ويتجلى ذلك في سعي العدو الإسرائيلي لربط إقليم أرض الصومال الانفصالي بشبكة علاقات أمنية واقتصادية معه، واستخدام أرض الصومال كمنصة للرصد الاستخباري، وللتأثير في معادلات البحر الأحمر، ولمواجهة أي قوى إقليمية مناهضة للمشروع الصهيوني، وفي مقدمتها اليمن.

كما يتمثل هذا المشروع الاستعماري في تعزيز النفوذ الصهيوني والتحكم بمضيق باب المندب، والسيطرة على البحر الأحمر والموانئ الاستراتيجية، كميناء «بربرة»، وإقامة قاعدة نفوذ جديدة، فضلًا عن إضعاف الدول العربية والإسلامية عبر دعم مليشيات وكيانات تحت شعار الانفصال.

مؤامرة صهيونية برعاية أمريكية

وفي هذا السياق، يقول الباحث والخبير في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان إن هذا الاعتراف ليس حدثًا متوقعًا، بل خطوة عدوانية خطيرة تأتي ضمن مسار المشروع التوسعي الذي يحاول كيان العدو الإسرائيلي تنفيذه بدعم ورعاية أمريكية مفتوحة، وضمن مخطط إعادة رسم الخرائط وتفكيك واستباحة سيادة دول المنطقة، فيما يُسمّى «تغيير الشرق الأوسط»، بما يخدم أجندات وأهداف إقامة ما يُسمّى مشروع «إسرائيل الكبرى».

ويؤكد عثمان، في تصريح خاص لموقع «المسيرة نت»، أن اختيار الصومال، وتحديدًا القطعة الجغرافية المهمة استراتيجيًا من الجهة الشرقية المطلة على البحر العربي ومضيق باب المندب، ومحاولة اقتطاعها والاعتراف بها صهيونيًا كأرض مستقلة، يعكس البعد الاستراتيجي والتكتيكي للمخطط والهندسة الجغرافية التي يحاول كيان العدو تنفيذها برعاية أمريكية.

ويوضح أن هناك أهدافًا مباشرة وعدوانية تستهدف الصومال أرضًا وشعبًا بالدرجة الأولى، وتتجه أيضًا ضد بلدنا اليمن والمنطقة برمتها، مبيّنًا أن من ضمن تلك الأهداف محاولة توسيع النفوذ الإسرائيلي وإيجاد موطئ قدم ثابت له في هذه الجغرافيا الحساسة من أرض الصومال، وتأهيل الوضع فيها ديمغرافيًا وأمنيًا، ليتم تحويلها لاحقًا إلى مستوطنة، أو بمعنى أدق إلى قاعدة عسكرية صهيونية مفتوحة، تخضع لسيطرته أمنيًا وسياسيًا وعسكريًا، وتحت تصرف مخططه الذي يتضمن اتجاهين: الأول تهيئة الوضع فيها لإعادة نشر قواته وإمكاناته العسكرية (سلاح الجو، قوات برية وبحرية، ولوجستية، ومجموعات خاصة بقدرات الدفاع الجوي)، والثاني جعل هذه الأرض مركزًا متقدمًا لمحاولة فرض نفوذه على خطوط الملاحة البحرية والممر الحيوي الذي يمتد من البحر العربي وباب المندب وصولًا إلى البحر الأحمر.

ومن الأهداف الخبيثة التي يسعى العدو الإسرائيلي لتحقيقها، يبيّن عثمان، أن هذه الأهداف تتركز على اليمن كهدف مركزي، إذ يريد من تموضعه العسكري في أرض الصومال أن يمنحه مجالًا أسهل لتنفيذ العدوان على اليمن، ومحاولة كسر معادلات الحصار البحري التي فرضتها قواتنا المسلحة على سفنه وملاحتِه في البحر العربي وباب المندب والبحر الأحمر.

ويؤكد أن العدو الإسرائيلي، وبدعم أمريكي، يتجه نحو هذه الأهداف الشيطانية، ويحاول تهيئة البقعة الجغرافية التي اعترف بها في الصومال لتكون مركزًا عملياتيًا يرتكز عليه مشروعه العدواني ضد شعبنا وقواتنا المسلحة بشكل خاص، وضد أمن وسلامة الملاحة البحرية وأمن دول المنطقة عمومًا.

ويشير عثمان إلى الموقف اليمني من الاعتراف الصهيوني، مؤكدًا أن بيان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله– قد أوضح الأمر بشكل قاطع، حيث أكد فيه أن أي تواجد للعدو الإسرائيلي في أرض الصومال سيكون هدفًا عسكريًا لقواتنا المسلحة، موضحًا أن الموقف الصارم للسيد القائد يُعد رسالة ردع استباقية ضد كل ما يراهن عليه العدو الإسرائيلي، وضوءًا أخضر لقواتنا المسلحة لبدء دراسة الإجراءات العملياتية والاستعداد لسحق أي نفوذ قد يمارسه هذا الكيان في الصومال.

ويؤكد عثمان أن العدو الإسرائيلي، إذا استمر في هذا المخطط الذي يستهدف الصومال والمنطقة، فإن قواتنا المسلحة له بالمرصاد. وبقدر ما يراهن العدو على اكتساب أفضلية عسكرية عبر تحويل أرض الصومال إلى مركز عملياتي متقدم لممارسة الإجرام والعدوان، فإن قواتنا المسلحة ستكون أمام فرصة ذهبية لتحويل هذه الأرض إلى محرقة كاملة لأي تواجد عسكري إسرائيلي، مشيرًا إلى أن قواتنا الصاروخية والجوية والبحرية لن تواجه كل تلك التعقيدات كما في الجولات السابقة، ولن تكون بحاجة لقطع مسافة 2000 كيلومتر، بل ربع هذه المسافة فقط.

ولذلك، فإن مخطط كيان العدو الإسرائيلي في الصومال –بحسب الخبير العسكري– منتهٍ وغير قابل للتطبيق، بحكم المنطق العسكري وموازين القوة التي لا تصب في مصلحته، وبحكم موقع اليمن وفائض القوة التي تمتلكها قواتنا المسلحة. فهذا المخطط لن يُكتب له أي نجاح بعون الله تعالى، مهما بلغ حجم الإعداد والتحضير، فالصومال لن تكون لقمة سائغة، وقواتنا المسلحة على استعداد لخوض كل السيناريوهات وتوجيه ضربة قاضية ضد أي تحرك لكيان العدو في هذا الاتجاه.

تموضع عسكري وأمني قرب باب المندب

بدوره يؤكد رئيس المركز التأسيسي للدراسات والبحوث، الدكتور خالد يحيى العماد، أن اعتراف العدو الإسرائيلي بما يُسمّى بإقليم أرض الصومال الانفصالي يُعد مقدّمة لاعتراف العدو نفسه ودعمه انفصال اليمن عبر مليشيا الانتقالي، حتى يتمكن من التواجد عسكريًا واقتصاديًا وثقافيًا في جنوب اليمن المحتل. ويشير إلى أن دلالة التوقيت المتزامن مع تحركات مرتزقة الانتقالي في المناطق الشرقية والجنوبية لليمن تحمل مؤشرات على محاولة العدو الإسرائيلي ربط ملف ما يُسمّى «أرض الصومال» بمشروع الانفصال الذي يتبنّاه مجلس المرتزقة الانتقالي التابع لدولة الاحتلال الإماراتي، بما قد يخلق جبهة انفصالية متصلة جغرافيًا تسيطر على مضيق باب المندب والموانئ والسواحل الجنوبية لليمن والجزيرة العربية، وبدء مرحلة جديدة من تقسيم الوطن العربي، كما يحدث في سوريا والسودان، وحدث في العراق وصولًا إلى اليمن ومحاولات تقسيمة.

ويوضح، في تصريح خاص لموقع «المسيرة نت»، أن الاعتراف الصهيوني له عدة اعتبارات سياسية وعسكرية، تتمثل في منح العدو الصهيوني موطئ قدم استراتيجيًا مطلًا على باب المندب وخليج عدن عند مخرج البحر الأحمر، والوصول إلى ميناء بربرة الهام، وإنشاء قواعد عسكرية في أرض الصومال، لانطلاق قواته العسكرية وطائراته التي تقوم بكل سهولة بالعدوان على اليمن خلال المرحلة المقبلة، لافتًا إلى أن تحركات العدو جاءت بعد عجزه أمام القوات المسلحة اليمنية عن تحقيق أي إنجاز عسكري أو استخباراتي ملموس خلال معركة طوفان الأقصى.

ويشير إلى أن العدو، باعترافه بما يُسمّى بإقليم أرض الصومال، يسعى للتموضع العسكري والأمني قرب أحد أهم الممرات البحرية في العالم، وهو مضيق باب المندب وبوابة البحر الأحمر، وخلق نقاط ارتكاز استخباراتية وعسكرية في منطقة القرن الإفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية، والقريبة من اليمن.

ويلفت إلى أن العدو الإسرائيلي يعمل على تطويق البحر الأحمر لتأمين خطوط الملاحة المرتبطة بتجارته وأمنه البحري، كما يسعى إلى تعزيز نفوذه وإعادة هندسة ميزان القوى في القرن الإفريقي، بما يهدد الأمن القومي في المنطقة. كذلك يسعى العدو الإسرائيلي إلى تقسيم الدول الإسلامية وتطويقها عبر دعم الكيانات الانفصالية، كما حدث في جنوب السودان، ويُطرح اليوم مع أرض الصومال.

وبالتالي، فإن هذا الاعتراف يُشكّل حلقة في مشروع صهيوني–غربي لتفكيك الصومال، والسيطرة على القرن الإفريقي، وتطويق البحر الأحمر، وضرب أي إمكانية لنهوض دولي مستقل في المنطقة، وخلق أقاليم وكيانات انفصالية متصارعة فيما بينها، بما ينعكس سلبًا على الوحدة العربية والإسلامية وإضعافها عسكريًا واقتصاديًا وثقافيًا، بما يسهّل سيطرة العدو على المنطقة.

موقع استراتيجي وتخادم إماراتي صهيوني

وحول اختيار العدو الإسرائيلي واعترافه بما يُسمّى إقليم أرض الصومال، المطلّ على البحر العربي ومضيق باب المندب، فإن ذلك يعود إلى الموقع الاستراتيجي الذي يتميز به الإقليم، بساحلٍ استراتيجي يطل على خليج عدن بطول 752 كيلومترًا، وبميناء بربرة الذي تديره شركة «موانئ دبي العالمية» الإماراتية، والذي يُعد شريان الحياة والمصدر الاستراتيجي لميزانية سلطة الإقليم بنسبة تقارب 70%.

وتدير الإمارات قاعدةً عسكرية في مدينة بربرة الساحلية على خليج عدن، وافق إقليم أرض الصومال على إنشائها عام 2017، ولعبت منذ ذلك الحين دورًا في دعم العدوان الإماراتي على اليمن والسودان. وبالتالي، لا يُستبعد حصول تخادم عسكري واستخباراتي بين الإمارات والعدو الإسرائيلي في هذه القواعد، ضد محور المقاومة، وتحديدًا اليمن.

ومن خلال أراضي هذا الإقليم، يمكن التوافق على وصول قطع الاحتلال البحرية والجوية إلى موانئ ومطارات لإعادة التزوّد بالوقود والذخائر، إضافة إلى نشر منظومات رادار وقدرات جمع المعلومات الاستخباراتية والتنصّت، ومراقبة الأجواء والسواحل اليمنية.

ولهذا، فإن قاعدة بربرة العسكرية تقع على بُعد نحو 250 كيلومترًا جنوب اليمن، ما يمنح الوجود العسكري الإماراتي هناك قيمة استراتيجية كبيرة على الصعيدين الاستخباراتي والعسكري. وتشير تقارير إعلامية مدعّمة بصور الأقمار الاصطناعية إلى أن القاعدة تضم مدرجًا للطائرات بطول 4 كيلومترات، ما يسمح بهبوط جميع أنواع الطائرات المأهولة وغير المأهولة، الثقيلة والمقاتلات الحربية، إضافة إلى ميناء عميق المياه يجري العمل على إنشائه.

كما تُظهر الصور الفضائية وجود حظائر للطائرات، ومناطق لوقوفها، وملاجئ محصّنة قرب المدرج، إلى جانب منشآت لتخزين الأسلحة والمعدات، كذلك أنشأت الإمارات سلسلةً من القواعد للسيطرة على خليج عدن، يمكن للعدو الإسرائيلي الاستفادة منها جميعًا. ووفقًا لتحقيق سابق نشره موقع «ميدل إيست آي»، شُيّدت الإمارات أو وُسّعت قواعد عسكرية وممرات هبوط ومنشآت أخرى في جزيرتي عبد الكوري وسمحة، وهما جزء من أرخبيل سقطرى؛ وفي مطاري بوصاصو وبربرة في بونتلاند وأرض الصومال؛ وفي المخا باليمن، وجزيرة ميون البركانية في مضيق باب المندب.

وكشف التحقيق، نقلًا عن مصادر «إسرائيلية»، أن هذه القواعد العسكرية الإماراتية طُوّرت بالتنسيق الوثيق مع العدو الإسرائيلي، وتُسهّل إنشاء شبكة متكاملة للدفاع الصاروخي وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الكيان والإمارات وحلفاء آخرين، وهو ما أشار إليه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، التابع للوبي الصهيوني في واشنطن، بقوله: «أصبحت تحالفات الدفاع الجوي متعددة الأطراف عنصرًا أساسيًا في المشهد الدفاعي للشرق الأوسط بعد أحداث 7 أكتوبر، حيث تتبادل الدول أنظمة الرادار والاستخبارات والإنذار المبكر».

السيد القائد يرفع برقية عزاء إلى كتائب القسام ويذكّر الأمة بواجبها تجاه الشعب الفلسطيني والخطر الصهيوني
المسيرة نت | خاص: رفع السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي برقية عزاء ومواساة إلى "إخوتنا المجاهدين كتائب القسام وحركة حماس باستشهاد الشهداء القادة المجاهدين".
السيد القائد يرفع برقية عزاء إلى كتائب القسام ويذكّر الأمة بواجبها تجاه الشعب الفلسطيني والخطر الصهيوني
المسيرة نت | خاص: رفع السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي برقية عزاء ومواساة إلى "إخوتنا المجاهدين كتائب القسام وحركة حماس باستشهاد الشهداء القادة المجاهدين".
الأخبار العاجلة
  • 23:57
    مصادر فلسطينية: شبان يستهدفون قوات العدو بعبوة ناسفة خلال اقتحام بلدة يعبد جنوب غرب مدينة جنين بالضفة الغربية
  • 23:14
    مصادر فلسطينية: قوات العدو تقتحم قرية نعلين غرب رام الله
  • 22:42
    الهلال الأحمر الفلسطيني: شهيد و4 وجرحى جراء إطلاق العدو الإسرائيلي النار على مركبة ببلدة عوريف جنوبي نابلس
  • 22:42
    مصادر فلسطينية: إصابة طفل وامرأة برصاص جيش العدو في مخيم حلاوة غربي مدينة جباليا شمال غزة
  • 21:21
    السيد القائد: نوجه التذكير لكل الأمة بواجبها الإسلامي في النصرة للشعب الفلسطيني والتحرك ضد الخطر الإسرائيلي الذي يستهدفها جميعاً ويتفاقم ضرره بالتخاذل والتفريط
  • 21:21
    السيد القائد: نؤكد ثبات موقف شعبنا ومؤسساته الرسمية في نصرة الشعب الفلسطيني وإسناد المجاهدين في غزة تجاه أيّ جولة جديدة من التصعيد والإبادة والتجويع
الأكثر متابعة