التحول الرقمي في شرطة المرور يختصر الزمن ويخفف الأعباء عن المواطنين

خاص | هاني أحمد علي | المسيرة نت: في إطار ترجمة موجهات القيادة الثورية والسياسية للارتقاء بالأداء المؤسسي وخدمة المواطن، شهدت المراكز المرورية في العاصمة والمحافظات نقلة نوعية في سرعة إنجاز المعاملات، حيث بات المواطن يلمس ثمار "التحول الرقمي" الذي قضى على البيروقراطية المعقدة وحول المعاملات التي كانت تستغرق أياماً إلى دقائق معدودة.

 وشهدت مراكز الإصدار الآلي التابعة للإدارة العامة لشرطة المرور خلال الفترة الأخيرة إقبالاً واسعاً من المواطنين، في ظل حزمة من التسهيلات والإعفاءات المالية التي أُقرت للتخفيف من الأعباء المعيشية المتراكمة بفعل العدوان والحصار المستمرين، وبما يعكس توجهاً واضحاً نحو تبسيط الإجراءات وتعزيز التحول الرقمي في الخدمات المرورية.

وأفادت شرطة المرور أن الإعفاءات المالية بلغت ما يصل إلى 20% من الغرامات والمخالفات المتراكمة منذ عام 2021 وحتى نهاية سبتمبر من العام الجاري، في خطوة تهدف إلى تمكين المواطنين من تسوية أوضاعهم القانونية، وتشجيعهم على تحديث وثائق المركبات ورخص القيادة، دون أعباء إضافية.

وخلال نزول ميداني لقناة المسيرة إلى مركز الإصدار الآلي، اليوم الأحد، تبيّن أن غالبية المعاملات تُنجز خلال فترة زمنية وجيزة، تتراوح بين ربع ساعة ونصف ساعة في المتوسط، خصوصاً في المعاملات التي أُدرجت بالكامل ضمن النظام الإلكتروني، مثل تجديد رخص القيادة، وتجديد كروت المركبات، وتسديد المخالفات عبر المحافظ الإلكترونية المعتمدة.

وأكد مواطنون التقتهم القناة أن الإجراءات باتت أكثر سلاسة ووضوحاً، مع إلغاء العديد من المتطلبات السابقة التي كانت تشكّل عبئاً على المراجعين، كالإعلانات الصحفية والضمانات المتعددة في حالات بدل الفاقد، حيث تم الاكتفاء بالبطاقة الشخصية والتحقق الإلكتروني من البيانات عبر الربط الشبكي مع الأحوال المدنية.

وفي المقابل، أوضحت شرطة المرور أن بعض المعاملات ما تزال تُنجز جزئياً بشكل يدوي، لا سيما تلك المرتبطة بمركبات ووثائق قديمة لم تُدرج سابقاً في النظام الإلكتروني، مؤكدة أن هذه الحالات يتم التعامل معها باعتبارها فرصة لإدخالها ضمن قاعدة البيانات الرقمية، بما يضمن مستقبلاً سرعة الإنجاز ومنع التلاعب أو التزوير.

من جانبه أشار نائب مدير عام شرطة المرور العميد الركن عبدالله العقر، إلى أن التحول الرقمي أسهم بشكل مباشر في القضاء على مظاهر الرشوة والمحسوبية، وحفظ المال العام، وإنهاء التعامل بالصناديق النقدية، حيث أصبحت جميع الرسوم تُحصّل إلكترونياً عبر تطبيقات معتمدة، ما عزز الشفافية والرقابة.

وبيّن العقر في لقاء مع قناة المسيرة، اليوم الأحد، ضمن برنامج "نوافذ" فقرة "مجهر المواطن" أن شرطة المرور قدّمت خلال الأحد عشر شهراً الماضية مئات الآلاف من المعاملات المرورية، شملت ترقيم المركبات والدراجات النارية، وتجديد وثائق السيارات، وقطع وتجديد عشرات الآلاف من رخص القيادة، في مؤشر على حجم العمل والضغط الخدمي الذي تتحمله المؤسسة.

وفي ما يتعلق بالرقابة والمساءلة، شددت شرطة المرور على أنها لن تتهاون مع أي تجاوزات أو ممارسات ابتزازية، مؤكدة إحالة أكثر من مئة فرد من منتسبيها إلى المجالس التأديبية خلال الفترة الماضية، في إطار سياسة ضبط الأداء الوظيفي وتعزيز الثقة مع المواطنين.

كما دعت المواطنين إلى الإبلاغ عن أي شكاوى أو ملاحظات عبر القنوات المتاحة، سواء من خلال فروع المفتش العام، أو صناديق الشكاوى، أو منصات التواصل الاجتماعي الرسمية، مؤكدة أن معالجة المظالم أولوية لا تقل أهمية عن تقديم الخدمة نفسها.

وعلى صعيد التحديات الميدانية، أقرت شرطة المرور بوجود إشكاليات مستمرة في تنظيم حركة الباصات ووسائل النقل، خاصة في ظل نقص المواقف وارتفاع الكثافة المرورية، داعية إلى تعزيز التنسيق مع الجهات المعنية، ورفع مستوى الوعي المروري، والالتزام بالإرشادات والعلامات التنظيمية.

ويأتي هذا الحراك الخدمي في وقت حساس تمر به البلاد، ليؤكد أن تبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء عن المواطنين يشكّل أحد مسارات الصمود الداخلي، في مواجهة تداعيات العدوان والحصار، وبما يعزز من استقرار الحياة اليومية، ويحفظ كرامة المواطن اليمني.

إحصائيات الإنجاز.. لغة الأرقام تتحدث

وكشف نائب مدير عام شرطة المرور العميد الركن عبدالله العقر عن أرقام مهولة تعكس حجم الجهد المبذول خلال العام الجاري (حتى نوفمبر)، حيث بلغت العمليات المرورية المنجزة نحو 350 ألف معاملة، شملت:

ترقيم أكثر من 97 ألف سيارة و44 ألف دراجة نارية.

قطع وتجديد أكثر من 59 ألف رخصة قيادة.

تجديد وثائق لما يقارب 174 ألف حالة.

وحول أداء رجال المرور في الميدان، أوضح العقر أن هناك نظاماً صارماً للرقابة والتفتيش، حيث تمت إحالة أكثر من 120 فرداً من الضبط المروري و70 فرداً من الأفراد الأساسيين إلى المجلس التأديبي نتيجة مخالفات مهنية، مؤكداً أن الوزارة لا تتهاون مع أي ابتزاز أو تلاعب. كما أشار إلى أن الحوافز التي تُصرف لرجال المرور ترتبط بمستوى "السلوك، الهندام، والتعامل الراقي مع المواطن" وليس فقط رصد المخالفات.

ولم يخلُ اللقاء من مكاشفة حول الاختناقات المرورية، خاصة "الباصات"، حيث أرجع نائب مدير عام شرطة المرور المشكلة إلى ضعف الوعي المروري لدى بعض السائقين وقلة المواقف المخصصة، مؤكداً أن المسؤولية مشتركة بين شرطة المرور والهيئة العامة للنقل البري لتنظيم المسارات وضبط التجاوزات التي تعيق حركة السير.

وتمثل هذه الخطوات في مصلحة المرور نموذجاً لما يجب أن تكون عليه مؤسسات الدولة في ظل "المسيرة القرانية"؛ مؤسسات خادمة للشعب، محصنة ضد الفساد، ومواكبة للتطور التقني بما يعزز الصمود الوطني ويخفف من معاناة المواطنين في ظل العدوان المستمر.