الأسرة المنتجة... تصنع الأمن الاقتصادي
آخر تحديث 29-10-2025 09:18

في زمن تتعاظم فيه التحديات الاقتصادية وتتقلّب فيه الأسواق، تثبت الأسرة المنتجة أنها ليست مجرد وحدة اجتماعية صغيرة، بل ركيزة وطنية لصناعة الأمن الاقتصادي من الداخل. فحين تمتد يد الأسرة إلى العمل والإنتاج، فإنها لا تؤمّن قوت يومها فحسب، بل تُسهم في ترسيخ مفهوم الاستقلال الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على الخارج، وتعزيز صمود المجتمع أمام الأزمات والحصار. فالأسرة المنتجة تمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الفقر والبطالة والاعتماد على المستوردات، وهي أداة حقيقية لتحويل الأزمة إلى فرصة للنمو والابداع.

 

الأسرة المنتجة هي الاقتصاد حين يصبح إنسانيًّا، وهي التعبير الأكثر وضوحًا عن قدرة الإنسان على الاعتماد على نفسه، وعلى الموارد المتاحة لديه، مهما كانت محدودة. من داخل البيت تُزرع بذور الإنتاج، ومن كل يدٍ تصنع وتبدع يُبنى جدار الأمان الاقتصادي للوطن. إنها رسالة عملية بأن التنمية الحقيقية تبدأ من البيت، لا من الأبراج العالية، ومن العائلة التي تُنتج، لا التي تستهلك فقط. فالجهود المنزلية الصغيرة، عند تجميعها على مستوى المجتمع، تتحول إلى قوة اقتصادية هائلة ترفع من صمود الدولة أمام الضغوط الاقتصادية الخارجية.

لقد أثبتت التجارب أن الدول التي امتلكت أسرًا منتجة وواعية، استطاعت أن تحافظ على استقرارها الاقتصادي حتى في أصعب الظروف. فالأسرة المنتجة لا تُخفّف من البطالة فحسب، بل تخلق نموذجًا من الاعتماد الذاتي، وتُعيد الاعتبار لقيمة العمل، وتُحوّل الإمكانات المحدودة إلى فرص إنتاجية مستدامة. كل منتج منزلي، مهما كان بسيطًا، هو لبنة في بناء اقتصاد متين قائم على الجهد والإرادة، ويُظهر قدرة المجتمع على مواجهة الأزمات عبر التعاضد والتعاون بين أفراده.

وفي التجربة اليمنية، برزت الأسر المنتجة كأحد مظاهر الصمود الوطني في وجه العدوان والحصار، إذ تحوّلت البيوت إلى ورش إنتاج ومصانع صغيرة ترفد الأسواق بالمنتجات الغذائية والحرفية والملابس والمنسوجات والمنتجات الزراعية المحلية. هذه الأسر لم تنتظر المساعدات، بل صنعت اقتصادها بيدها، وخلقت قيمة مضافة حقيقية في المجتمع، مؤكدة أن الإرادة أقوى من الحصار، وأن العمل هو أصدق أشكال المقاومة الاقتصادية. وقد ساهمت هذه المبادرات في تنمية مهارات الشباب والنساء، وفتحت أمامهم آفاقًا جديدة للابتكار والإبداع، وأثبتت أن الإنتاجية ليست حكراً على المؤسسات الكبرى بل يمكن أن تبدأ من داخل كل منزل.

إن دعم الأسرة المنتجة وتمكينها من التدريب والتمويل والتسويق ليس عملًا اجتماعيًا عابرًا، بل خيار استراتيجي لحماية الأمن الاقتصادي الوطني. فكل بيت يُنتج يُخفّف عبئًا عن الدولة، ويُسهم في دورة الإنتاج المحلي، ويعزز الثقة بالقدرات الذاتية. إن تعزيز ثقافة الإنتاج المنزلي يفتح الباب أمام اقتصاد أكثر مرونة وعدالة، ويجعل الأسرة شريكًا حقيقيًا مع الدولة والقطاع الخاص في بناء مستقبل اقتصادي متوازن ومستدام. كما أن الاستثمار في الأسرة المنتجة يساهم في خلق ثقافة العمل المنتج بين الأجيال الجديدة، ويحفز الشباب على المشاركة الفاعلة في الاقتصاد بدل الاكتفاء بالوظائف التقليدية أو انتظار المساعدات.

ختامًا، فإن مسؤولية النهوض بالأسرة المنتجة لا تقع على عاتقها وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة بين المجتمع والقطاع الخاص والحكومة. فالمجتمع مطالب بدعم ثقافة الإنتاج وتشجيع المبادرات المحلية، والقطاع الخاص مدعوّ إلى فتح الأسواق أمام منتجات الأسر المنتجة واحتضانها ضمن سلاسل القيمة المحلية، أما الحكومة فعليها أن توفر البيئة التشريعية والتمويلية والتدريبية الكفيلة بتحويل هذه الأسر إلى شريك حقيقي في التنمية الوطنية. إن تكامل هذه الأدوار هو ما يصنع الفارق، فحين تتعاون الدولة والمجتمع والقطاع الخاص مع الأسرة المنتجة، نكون قد وضعنا الأساس الراسخ لأمنٍ اقتصاديٍّ مستدام، تنبثق جذوره من داخل كل بيت يزرع ويصنع ويؤمن بأن الإنتاج هو طريق الكرامة والسيادة، ويُعيد تشكيل المجتمع نحو الاعتماد على الذات والابتكار المستمر.

إن الأسرة المنتجة تمثل نموذجًا حيًا لكيفية تحويل الصعوبات إلى فرص، وكيف يمكن للقدرات الفردية والمبادرات المنزلية أن تُحدث فارقًا كبيرًا في الاقتصاد الوطني. فهي رسالة بأن الإنتاج ليس فقط وسيلة للعيش، بل أداة لبناء مجتمع متماسك ومستقر، قادر على مواجهة التحديات، وتحويلها إلى فرص للنمو والتطور. فكل أسرة منتجة تُسهم في بناء الوطن اقتصاديًا واجتماعيًا، وتُجسد بأن التنمية الحقيقية تبدأ من حيث يجب أن تبدأ: داخل كل بيت يزرع ويعمل ويصنع ويؤمن بأن إنتاجه جزء من مستقبل الوطن.


أنعم: الوجود الصهيوني سرطان مزروع في أراضينا لا يستمر ما دام القرآن الكريم بين أيدينا
أكد مستشار المجلس السياسي الأعلى محمد طاهر أنعم أن الموقف لدى قطاعات واسعة من الأمة الإسلامية راسخٌ في رفض قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، معتبراً أن والوجود الصهيوني سرطان مزروع في أراضينا لا يستمر ما دام القرآن الكريم بين أيدينا، ومشدداً على أن المواجهات مع هذا الاحتلال حتمية ما دامت سياساته العدوانية مستمرة.
وقف العدوان: خروقات ميدانية ومشاريع سياسية لفرض الوصاية الدولية على غزة
محمد الكامل| المسيرة نت: لم يُطفئ اتفاق وقف العدوان في قطاع غزة نيران العدوان الدي دام عامين، إذ ما تزال آثار العدوان الصهيوني تتجدد في الميدان والسياسة والإنسان، ففي الوقت الذي تتحدث فيه واشنطن عن "هيئة حكم انتقالية وقوة استقرار دولية"، يعيش أهالي القطاع تحت القصف المتقطع وحرمان المساعدات، في مشهد يُعيد إنتاج الحصار بأدوات جديدة.
بوتين يُصدر تعليمات للتحضير لتجارب نووية.. تصعيد نوعي ورسائل ردع متبادل
المسيرة نت| خاص: في تصعيدٍ نوعي يضع التوازن النووي العالمي على المحك؛ أعلنت وكالة الأنباء الروسية "تاس"، اليوم الأربعاء، أنّ الرئيس فلاديمير بوتين أصدر تعليمات للجهات الحكومية والأمنية بإعداد مقترحات للتحضير لاستئناف التجارب النووية.
الأخبار العاجلة
  • 03:57
    مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تداهم منازل المواطنين وتنفيذ حملة اعتقالات واسعة خلال اقتحام بلدة بيت ريما ودير غسانة شمال غرب رام الله
  • 02:48
    مصادر فلسطينية: غارات لطيران العدو الإسرائيلي تزامنًا مع قصف مدفعي شرق خان يونس جنوب قطاع غزة
  • 02:03
    مصادر فلسطينية: جيش العدو الإسرائيلي ينفذ عمليات نسف شرق حي التفاح بمدينة غزة
  • 00:19
    مصادر فلسطينية: مدفعية العدو الإسرائيلي تستهدف مناطق شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة
  • 23:27
    مصادر فلسطينية: مواجهات بين الشبان وقوات العدو الإسرائيلي في بلدة اليامون غرب جنين بالضفة الغربية المحتلة
  • 22:39
    مصادر لبنانية: دورية للجيش اللبناني توجهت نحو حي الكساير شرق بلدة ميس الجبل بعد رصد تحرك قوة عسكرية للعدو الإسرائيلي في المنطقة
الأكثر متابعة