بنادق الذاكرة.. سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان بين شرعية الأمس وأوامر التسليم اليوم
آخر تحديث 14-09-2025 22:22

المسيرة نت | عبدالقوي السباعي: تتجه الأنظار مجدّدًا نحو أزقة المخيمات الفلسطينية في لبنان، تلك المساحات الجغرافية الضيّقة التي تختزل قضية بحجم وطن اغتصبته عصابات صهيونية، وطردت سكانه الأصليين ليهيموا في أرض الشتات.

لم تكن الأنظار هذه المرّة موجهة إلى حالات الفقر والحرمان والتشرّد بعيدًا عن الوطن الأم؛ بل إلى بنادق عُلّقت على الجدران منذ زمن؛ أسلحةٌ مُلئت بذاكرة المواجهة والثبات على حقوق وطنية تمتد لعقود، وباتت اليوم محورًا لمعادلة سياسية وعسكرية معقّدة.

السلاح الفلسطيني في مخيمات لبنان، الذي كان شرعيًّا بالأمس، يتلقّى اليوم أوامر بالتسليم، في قصة طويلة من التآمر والخِذلان خلال منعطفات تاريخية ومخطّطات إقليمية ودولية مختلفة.

القصة الكاملة للسلاح الفلسطيني تبدأ في سياقه التاريخي والسياسي من "اتّفاقية القاهرة" عام 1969م، برعاية مصرية، تلك الاتّفاقية كانت اعترافا رسميًّا بحق القوى الفلسطينية في الجهاد والكفاح المسلّح انطلاقا من الأراضي اللبنانية، ومنحتها حرية التحَرّك في مناطق جنوبي لبنان.

لكن هذه الشرعية، التي وُلدت من رحم الضرورة الجهادية النضالية آنذاك، سَرعانَ ما تحوّلت إلى مصدر انقسام داخلي لبناني حاد، حَيثُ اعتبرها البعض تفريطًا بالسيادة الوطنية، غير أن هذا الوضع استمر حتى عام 1987م، حين ألغى مجلس النواب اللبناني الاتّفاقية من جانبٍ واحد، في أعقاب خروج منظمة التحرير من لبنان.

ثم جاء "اتّفاق الطائف" عام 1989م، ليرسم نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، وينص صراحة على نزع سلاح جميع الميليشيات المسلّحة اللبنانية وغير اللبنانية.

هنا يكمن المنعطف الأول؛ انتقال السلاح الفلسطيني من كونه "سلاح انتفاضة ومقاومة" معترفًا به دوليًّا وعربيًّا، إلى "سلاح ميليشيا" يجب نزعه. لم يكن مُجَـرّد تغيير في التوصيف القانوني؛ بل كان تحوّلًا استراتيجيًّا في بنية الصراع، يعكس تغيّر موازين القوى الإقليمية وتراجع مركزية القضية الفلسطينية.

ورغم نصّ اتّفاق الطائف، استُثنيت المخيمات فعليًّا من تطبيقه، بناءً على "تفاهم غير معلن" عام 1991م. في خطوة غير مسبوقة آنذاك، سلّمت فصائل فلسطينية مواقعها العسكرية خارج المخيمات للجيش اللبناني، لكن هذا التسليم لم يكن بلا مقابل؛ فبحسب شهادة صلاح صلاح، عضو المجلس الوطني السابق وأحد المشاركين في المفاوضات، فَــإنَّ التفاهم الثلاثي (اللبناني–الفلسطيني–السوري) شمل تسليم السلاح خارج المخيمات وتنظيمه داخلها، مقابل إقرار الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين.

لكن هذا الوعد المفقود لا يزال يلقي بظلاله حتى اليوم؛ فالدولة اللبنانية –من وجهة النظر الفلسطينية– لم تلتزم بجانبها من الصفقة؛ فبدلًا عن منح الحقوق، فُرضت قيود متصاعدة، وحُرم الفلسطينيون من حق التملّك والعمل في عشرات المهن.

وشهد أمس السبت، أحدثَ فصول هذه القصة مع تنفيذ المرحلة الرابعة من خطة تسليم السلاح؛ ثمانيَ شاحنات محمّلة بالأسلحة خرجت من مخيمَي "عين الحلوة" و"البداوي" لتُسلَّم إلى الجيش اللبناني؛ استكمالًا لمراحل سابقة شملت مخيمات بيروت والجنوب.

لكن هذا التسليم يأتي في سياق مختلف تمامًا؛ فبعد سنوات من الجمود، عاد مِلف السلاح ليطفو على السطح بقوة بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005م، ومؤخّرًا مع عودة الفصائل للمشاركة في إسناد غزة من جبهة الجنوب.

العملية الحالية ليست مُجَـرّد إجراء أمني تقني كما تزعم الحكومة اللبنانية والفلسطينية؛ بل إنهاء مِلف شائك تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لفرض سطوتها وسيطرتها لصالح الكيان الصهيوني، ومنع تحوّل هذه المخيمات إلى قواعد انطلاق جهادية مستقبلية خارجة عن السيطرة.

ولفهم أعمق لمِلف السلاح، لا بد من النظر إلى الواقع الاجتماعي والإنساني داخل المخيمات؛ فالأمر لا يتعلق فقط ببنادق ومواقع عسكرية، حين نتحدث عن مخيم "عين الحلوة" الذي أُحيط بجدار إسمنتي، وعن مخيم "نهر البارد" المدمّـر، وعن مداخل مخيم "البداوي" المغلقة بالسواتر، إنها حالة من العزل الممنهج للوجود الفلسطيني المقاوم.

يُضاف إلى ذلك أن الفلسطيني في لبنان محروم من حق التملّك بموجب قانون برلماني صدر عام 2001م، وهو لا يستطيع بناء منزلٍ لائق داخل المخيمات التي لم تتوسّع حدودها منذ النكبة حتى اليوم، ولا يملك حق شراء مسكن خارجها.

ولعل اختزال قضية السلاح الفلسطيني في لبنان في بُعدها الأمني هو مؤامرة مضافة على سلاح المقاومة الإسلامية في لبنان، ويتجاهل جذور المشكلة؛ فالسلاح ليس منفصلًا عن سياق وطني مضطرب، وحقوق إنسانية منتهكة، وأرض مغتصبة.

سلاح الشتات الفلسطيني مرتبط عضويًّا بغياب الأفق السياسي، وبشعور اللاجئين بأنهم تُركوا لمصيرهم. وأي حَـلّ دائم لهذا المِلف لا يمكن أن يمر عبر الأوامر الأمريكية؛ بل يجب أن يمر حتمًا عبر بوابة منح الفلسطينيين حق العودة إلى مدنهم وقراهم المحتلّة، أَو على الأقل الاعتراف بحقوقهم المدنية والإنسانية، ورفع القيود عنهم، والتعامل معهم كقضية وطنية وإنسانية واسعة، وليس مُجَـرّد مِلف أمني مؤجَّل.


الحوثي يوجّه رسالةً للمجتمعين غداً في قمة الدوحة
متابعات | المسيرة نت: وجّه عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي رسالةً إلى زعماء الدول العربية والإسلامية المجتمعين غداً الإثنين في قمة الدوحة، التي تأتي على أعقاب العدوان الصهيوني الغادر الذي حاول اغتيال وفد حركة حماس في العاصمة القطرية.
السيد الخامنئي: فلسطين قضية إنسانية ولا ينبغي طرح أي مشروع بشأنها دون مشاركة الفلسطينيين
أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، أن القضية الفلسطينية ليست إسلامية فحسب، بل هي إنسانية، وعلى العالم الالتفاف حولها.
السيد الخامنئي: فلسطين قضية إنسانية ولا ينبغي طرح أي مشروع بشأنها دون مشاركة الفلسطينيين
أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، أن القضية الفلسطينية ليست إسلامية فحسب، بل هي إنسانية، وعلى العالم الالتفاف حولها.
الأخبار العاجلة
  • 00:43
    القوات المسلحة اليمنية: لن نتردد في الدفاع عن بلدنا ولن نتخلى عن واجباتنا تجاه الشعب الفلسطيني حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها
  • 00:42
    القوات المسلحة اليمنية: ستفشل كل محاولات النيل من الموقف اليمني المساند للمقاومة الأبية كما فشلت المحاولات السابقة
  • 00:42
    القوات المسلحة اليمنية: اليمن يؤدي واجبه الديني والأخلاقي والإنساني وسيدافع بكل بسالة عن موقفه الإيماني الجهادي المتضامن مع شعبنا الفلسطيني
  • 00:42
    القوات المسلحة اليمنية: العدوان الإجرامي بحق شعبنا العظيم لن ينال من عزيمته ولن يكسر إرادته الصلبة
  • 00:41
    القوات المسلحة اليمنية: استهدفت الطائرة الرابعة هدفاً عسكرياً في منطقة النقب بفلسطين المحتلَّة، وقد حققت العملية أهدافها بنجاح بفضل الله
  • 00:41
    القوات المسلحة اليمنية: نفذ سلاح الجو المُسير عملية نوعية بأربع طائرات مسيرة استهدفت ثلاث منها مطار رامون في منطقة أُم الرشراش