انفجار داخلي: موجة انتحارات تهزّ جيش الكيان الصهيوني بعد طوفان الأقصى

المسيرة نت | محمد ناصر حتروش: يعيش جيش العدو الإسرائيلي واحدة من أكثر المراحل اضطراباً وتفككاً في تاريخه منذ أحداث السابع من أكتوبر وحتى اللحظة، حيث تتكشّف يوماً بعد آخر تداعيات الهزيمة العسكرية والمعنوية التي تلقّاها في "طوفان الأقصى".

الحدث المفصلي الذي أسقط أسطورة الأمن الإسرائيلي وكسر صورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وأدخل المؤسسة العسكرية في دوامة غير مسبوقة من الارتباك النفسي والعملياتي. ومع طول أمد العدوان، وتوالي الخسائر الميدانية، وتنامي الضغط الشعبي داخل الكيان، يجد الجنود الصهاينة أنفسهم في قلب بيئة قتالية منهارة يطغى عليها الخوف والانهيار النفسي، ما يجعلهم عاجزين عن مواجهة تبعات العدوان على غزة منذ عامين.

وتكشف التقارير العبرية عن عمق الأزمة النفسية المتفجرة داخل صفوف جنود الاحتلال، حيث تتضاعف حالات الانهيار العصبي وارتداد الصدمة، وسط فشل المؤسسة العسكرية في احتواء الأعداد المتزايدة من الجنود الذين يفقدون السيطرة على أنفسهم.

وتتصاعد حالات الهروب من الخدمة والانتحار والعجز عن العودة إلى ساحات القتال، في ظل انكشاف منظومة القيادة وضعف جاهزية الوحدات، ومواجهة واقع دموي لم تكن المؤسسة العسكرية مستعدة له، وهو ما يؤكده خبراء صهاينة بأن جيش العدو يمر اليوم بمرحلة انكسار داخلي غير مسبوق.

ويعكس النمو المتسارع لحالات الاضطراب النفسي والهروب والانتحار حقيقة الانهيار الذي خلّفه السابع من أكتوبر داخل منظومة الكيان الإسرائيلي، لتصبح هذه التداعيات حديث الساعة لدى الصحافة العبرية.

وفي سياق ما بات يتكشف تباعاً من داخل المنظومة العسكرية الصهيونية، تؤكد صحيفة هآرتس العبرية أن جيش الاحتلال يواجه موجة انتحار متصاعدة بين جنوده منذ بدء عدوانه على غزة، مشيرة إلى أن الغالبية الساحقة من هذه الحالات ترتبط ارتباطاً مباشراً بالصدمة النفسية التي خلّفها السابع من أكتوبر.

وتضيف الصحيفة أن "حادثة جديدة سُجّلت الثلاثاء داخل قاعدة عسكرية شمالي البلاد، حيث أقدم أحد الجنود على إطلاق النار على نفسه، لترتفع بذلك حصيلة المنتحرين إلى 61 جندياً منذ اندلاع الحرب".

وتشير الصحيفة إلى أن الجندي المنتحر يعمل في وحدة تعقّب الآثار ويخدم في الخدمة النظامية، وقد تعرّض لإصابة بالغة إثر إطلاق النار على نفسه قبل الإعلان عن وفاته في المستشفى.

وتأتي هذه الحادثة امتداداً لسلسلة متصاعدة من الانتحارات التي تعكس عمق الأزمة النفسية داخل الكيان الإسرائيلي، حيث نقل الإعلام العبري عن الجيش أن الشرطة العسكرية فتحت تحقيقاً في الحادثة.

ويكشف تقرير رسمي صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست الصهيوني أن 279 جندياً حاولوا الانتحار بين يناير 2024 ويوليو 2025، بمعدل محاولة واحدة كل أيام قليلة، مقابل حالة انتحار مكتملة لكل سبع محاولات. ويُظهر التقرير أن 12% من هذه المحاولات كانت خطيرة، ما يؤكد وجود موجة انهيار نفسي واسع لا يستطيع الجيش السيطرة عليها.

وتؤكد هآرتس، في تتبعها لهذه الظاهرة، أن العام 2024 شهد انتحار 20 جندياً، بينما انتحر 16 آخرون منذ بداية 2025 وحتى يوليو، مع الإشارة إلى أربع حالات جديدة على الأقل لاحقاً. كما تكشف الصحيفة أن 13 جندياً آخرين انتحروا خارج الخدمة، ما يرفع الإجمالي إلى 61 حالة.

وتنقل الصحيفة كذلك إقرار رئيس أركان العدو، المجرم إيال زامير، بوجود "أزمة صحة نفسية خطيرة" داخل جيش الاحتلال، مؤكداً أن آلاف الجنود يتلقون علاجاً نفسياً.

وبحسب تقارير رسمية، يعاني نحو 10 آلاف جندي من أصل 19 ألف جريح في الحرب من اضطرابات نفسية، بينها اضطراب ما بعد الصدمة. وتشير تقارير هيئات البث العبرية إلى أن الصدمة الناتجة عن معارك غزة، والمجازر التي يُجبر الجنود على ارتكابها أو مشاهدتها، والانفجار النفسي الناتج عن القتال المستمر، كلّها عوامل جعلت الانتحار والانهيار الذهني ظاهرة يومية داخل الجيش، في وقت تفشل فيه المؤسسة العسكرية في إيجاد حلول.

وتكشف مجمل هذه المعطيات أن ما يجري داخل جيش الكيان الصهيوني هو ارتداد مباشر لزلزال "طوفان الأقصى" الذي غيّر معادلات الصراع وقلب الموازين رأساً على عقب، ليُمثّل السابع من أكتوبر نقطة انهيار وجودية للكيان المحتل.

فالعدوان الذي أراد الكيان الإسرائيلي من خلاله استعادة الردع تحول إلى عامل تفكيك لبنيته الداخلية، حيث تتراكم الأزمات من الخسائر البشرية الميدانية إلى تصاعد أعداد الجرحى، وصولاً إلى الكارثة النفسية التي تدفع جن