الأثر الكاشف لجرح الأُمَّــة النازف

غزة ليست نقطةً معزولةً في جغرافية الإنسانية، ولا رقعةً مطمورةً في جغرافية العالم الإسلامي، وليست مُجَـرّد نطاقٍ محدودٍ خارج الجغرافيا العربية، بل إنها في مركز القلب منها، غرةُ حالةٍ إنسانيةٍ نازفة، جرحٌ إسلاميٌ عميق، شاهدٌ حيٌّ يكتب بالدم للتاريخ انحطاط وذلَّ وتخاذلَ المحيط العربي، وخذلانَ مئاتِ الملايين من العالم الإسلامي، وانعدام إنسانيةِ الغرب "المتمدن"، والشرق "المتحضر".
مأساةُ غزة ليست حالةً تُروَى من الزمن الغابر في تاريخ
الإنسانية عُمُـومًا، والعرب والمسلمين خُصُوصًا.
غزة، وكما وصفها السيد القائد عبد
الملك بدر الدين – يحفظه الله – في كلمته يوم، أمس، ليست بعيدة، إنها في المحيط
العربي والإسلامي، هذا المحيطُ الذي يفوق تعدادُ سكانه المليارَي إنسان عاجزٍ أن
يقدمَ لأطفال غزة الذين يموتون جوعًا وعطشًا شربةَ ماءٍ أَو كسرةَ خبز!
وفي كلمته بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد، أكّـد السيد
القائد أهميّة استحضار مواقفِ صاحبِ هذه الذكرى في وقتنا الراهن لمواجهة الظلم
والطغيان والاستكبار.
إن حالة غزة لم تُنشئ مواقفَ المحيط
العربي من العدم، والمحيطِ الإسلامي الذي يليه، وكذلك المحيطِ العالمي، فحالة غزة
كشفت فقط عن المواقف القائمةِ والثابتةِ والمتأصلة، فموقف اليمن من إسناد غزة في
مواجهة اليهود الصهاينة وشركائهم الغربيين ثابتٌ ومتأصل، لم ينشأ بدافع مصلحةٍ
آنيةٍ يرجوها من إسناده لقطاع غزة، أَو بفعل خصومةٍ عابرةٍ مع اليهود الصهاينة
وشركائهم في الجريمة، بل إن هذا الموقف أصيلٌ وثابتٌ ومتجذر، منذ أن أطلق السيدُ
الشهيدُ القائدُ حسين بدر الدين الحوثي مشروعه القرآنيَّ النهضويَّ التنويريَّ
التوعويَّ، لإيقاظ الأُمَّــة من سباتها، والنهوضِ بها، وتبصيرِها بعدوها، وهو امتداد
لخط آل البيت في مقارعة الظلمة والمستكبرين.
ولقد كان تبصيرُ الأُمَّــة بواجبها
تجاه فلسطين، قبل مأساة غزة الراهنة، الشغلَ الشاغلَ للسيد القائد الشهيد – رضوان
الله عليه – وتحذيرَه المتكرّر من خطورة استمرار احتلال الصهاينة لأرض فلسطين
العربية والمقدسات الإسلامية، وحثَّه الأُمَّــة العربية والإسلاميةَ على استشعار
مسؤوليتِها الدينية والأخلاقية تجاه قضية فلسطين.
ولم يتغير الموقف عن هذا الخط عقب استشهاد مؤسّس المشروع
– رضوان الله عليه – بل إنه قد انتقل من الجانب التوعوي إلى الواقع العملي
التطبيقي، فحين وثب حَمَلةُ هذا المشروع بقيادة السيد القائد عبد الملك لرفع رايته،
لم تقتصر مواجهةُ الظلم والطغيان على النطاق الداخلي، الذي يعد امتدادا للطغيان
العالمي، بل امتدت المواجهةُ إلى خارج النطاق الجغرافي لليمن، وقد تجسد ذلك في
الموقف المشرف المساند لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وهذا الموقف لم ينشأ – كما ذكرنا آنفًا
– بدافع مصلحةٍ خَاصَّة يرجوها يمنُ الإيمان والحكمة من إسناده لقطاع غزة، ولم
ينشأ بفعل موقفٍ عدائيٍّ لحظيٍّ من الصهاينة وشركائهم، بل هو موقفٌ أصيلٌ يجسد
واجبًا دينيًّا وأخويًّا وإنسانيًّا، لنصرة المظلومين المستضعفين، ومواجهةِ الطغاة
الظالمين المستكبرين.
فمأساة غزة جرحُ الأُمَّــة النازف، كشفت فقط عن هذا
الموقف الأصيل الذي لم يتغير ولم يتبدل بفعل الإرجاف الصهيوغربي، وبفعل العدوان الإجرامي
المتكرّر.
وينطبق ما سبق على موقف الجمهورية الإسلامية
في إيران، فهذا الموقف لم ينشأ؛ بسَببِ حالةٍ طارئةٍ مستجدة، بل إنه موقفٌ أصيلٌ
ثابتٌ ومتجذر، منذ ما قبل الثورة الإسلامية.
فمواقف الإمام الخميني – رضوان الله عليه – التي تعد امتدادا
لخط آل البيت، كانت معلومةً للجميع، قائمةً على مقارعة الظلم والإجرام والاستكبار،
وبعد نجاح الثورة الإسلامية، كانت القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها، فكان
الدعمُ والإسنادُ للمقاومة الإسلامية في فلسطين التزاما ثابتًا على الجمهورية الإسلامية،
ولكي لا تنسى الأُمَّــة واجبَها تجاه قضيتِها الأولى، قضيةِ فلسطين، فقد حدّد
الإمامُ الخميني – رضوان الله عليه – آخر جمعةٍ من رمضان من كُـلّ عام يومًا
عالميًّا للقدس.
ووصف الإمامُ الخميني – رضوان الله
عليه – أمريكا بالشيطان الأكبر، وهذا الوصفُ يجسد توعيةً دائمةً ومُستمرّةً للأُمَّـة
بعدوّها، حتى لا تنخدع بما يرفعه هذا العدوّ من شعاراتٍ زائفةٍ ومضللةٍ حول
الحريات وحقوق الإنسان.
وبذلك، فقد كشفت حالة غزة عن موقفٍ أصيلٍ وثابتٍ
للجمهورية الإسلامية من مناصرة القضية الفلسطينية، وهذا الموقف لم يتغير ولم يتبدل،
رغم كُـلّ ما تعرضت له الجمهوريةُ الإسلامية من حصارٍ واستهداف لمصالحها، وعدوانٍ
مباشرٍ متكرّر عليها أثناء إسنادها لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في مواجهة
جريمة الكيان الصهيوني وشركائه من القوى الاستعمارية الغربية.
وما ذكرناه حول موقف يمن الإيمان
والحكمة، وإيران الإسلام، ينطبق على جنوب الجهاد والمقاومة، جنوب لبنان، فموقف حزب
الله في مواجهة الصهاينة وشركائهم أصيلٌ وثابت، وهو موقفٌ مناصرٌ لمظلومية أبناء
الشعب الفلسطيني، ومقاومٌ للاحتلال الصهيوني، ولم يكن موقفَ حزب الله مُجَـرّد
ردةِ فعلٍ عاطفيةٍ لحظيةٍ آنيةٍ تجاه ما تعرض له سكانُ قطاع غزة، بل موقفٌ جهاديٌّ
أصيلٌ وثابتٌ، وهو امتداد لخط آل البيت الجهادي في مقارعة الظلم والاستكبار.
لم يتغير هذا الموقف ولم يتبدل، رغم كُـلّ ما قدمه حزبُ
الله من تضحيات، توجّـها بأمينه العام السيد حسن نصر الله – رضوان الله عليه –
وعددٍ من قيادات الحزب – رضوان الله عليهم أجمعين – على طريق القدس.
هذه المواقف الواضحة سيخلدها
التاريخُ في أنصعِ صفحاته، فهي مواقفُ في الخط الجهادي الذي سلكه آلُ البيت –
عليهم السلام – عبر تاريخ الأُمَّــة الإسلامية.
فالإمام الحسين، والإمام زيد، وغيرُهما من أئمة آل البيت
– رضوان الله عليهم – خلّد التاريخُ ثوراتِهم، وأصبحوا رموزًا ملهمةً للأجيال كلما
تكرّر الظلمُ والطغيان، ولينتهي مصيرُ الطغاةِ والظالمين والمستكبرين إلى مزابلِ
التاريخ، كما هو حالُ بني أمية وامتداداتهم عبر التاريخ إلى الوقت الراهن.
أما المواقفُ المخزية التي كشفت عنها
حالةُ غزة، جرحُ الأُمَّــة النازف، فبالجوار الغربي الملاصق لها نبدأ القولَ بأن
الموقفَ المتآمرَ والمتخاذلَ للنظام في مصر، ليس موقفًا طارئًا أنشأته الحالةُ
المستجدةُ في غزة منذ ما يقرب من عامين، فهذا الموقفُ سابقٌ على الحالة في غزة.
فمنذ سبعينيات القرن الماضي، وقّع النظامُ المصري اتّفاق
سلامٍ مع الكيان الصهيوني المجرم، على حساب القضية الفلسطينية، واستمرَّ الخذلانُ
والتآمرُ في مختلف المراحل، ولم يكن ليتغيرَ هذا الموقفُ حتى مع تغير الممسكين
بالسلطة سنة 2012، حين انتقل الحكم إلى تنظيم الإخوان المسلمين، الذي ظل متمسكًا باتّفاق
السلام مع الكيان الصهيوني، ومعاديًا لكل صوتٍ وطنيٍّ حرٍّ مناهضٍ لذلك الاتّفاق.
ولقد كانت مواقفُ رأس النظام المصري
(مرسي) معلنةً واضحةً ومحدّدةً في حينه من القوى العربية المناهضة للكيان الصهيوني،
سواء ما تعلق منها بحزب الله، أَو بمساندة المجموعات الإرهابية المناهضة للنظام
السوري.
ولقد مثلت مذبحةُ الشيخ حسن شحاتة وأولاده في أواخر شهر
يونيو 2013م اختبارا عسيرًا لنظام الإخوان المسلمين، الذي غض الطرف عن تلك الجريمة
البشعة، لاعتباراتٍ مذهبية، وباعتقادي أن بشاعة تلك الجريمة كانت سببًا في معاجلةِ
العقوبةِ الإلهية لنظام الإخوان الوافدِ على السلطة في مصر.
ولو أن ذلك النظام استمر حتى الوقت الراهن، لما تغير
موقفُه من جريمة الكيان الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولكان
موقفُه مماثلًا لما هو عليه حالُ موقف النظام الإخواني الحاكم في تركيا.
وكذلك الحال بالنسبة للنظام السعوديّ،
فموقفُه المتخاذل عن نصرة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والمتآمرُ ضدهم
لصالح الكيان الصهيوني، هذا الموقفُ ليس طارئًا ولا مرتبطًا بالحالة المستجدة في
غزة منذ ما يقرب من عامين؛ بمعنى أن هذا الموقفَ لم ينشأ كردةِ فعلٍ لعدم رضا
النظام السعوديّ عن حماس، بل إن حالةَ غزة النازفة كشفت عن موقف النظام السعوديّ
القائم فعلًا منذ عقودٍ من الزمن.
فقد سبق لمؤسّس نظام آل سعود الإقرار، دون وجه حق، لليهود
باستحقاق أرض فلسطين، دون اكتراث بمصير سكانها الأصليين!
والقول ذاته ينطبق على الدول العربية
المحيطة بغزة والبعيدة عنها، فمواقفُ هذه الدول المتخاذلة والمتآمرة لم تنشأ حديثًا
بفعل عدم رضاها عن حماس وغيرها من فصائل المقاومة الإسلامية، بل إن مواقفَ هذه
الدول، سواء كانت من المطَبِّعة المتآمرة، أَو غير المطَبِّعة المتخاذلة، هي
مواقفُ سابقةٌ متأصلةٌ لدى الأنظمة الحاكمة لهذه الدول من قبل أن تنشأ حالة غزة، التي
اقتصر أثرها على الكشف عن حقيقة هذه المواقف.
ولعل الأنظمة الحاكمة في بعض الدول العربية المتآمرة
تحديدًا، والمطبعة أَو السائرة في ذات الطريق، تتمنى على الكيان الصهيوني والقوى
الاستعمارية الغربية الشريكة له في الجريمة، سرعةَ إسدالِ الستار على آخر فصلٍ من
فصولها، حتى ولو بإبادة جميع سكان غزة دفعةً واحدة؛ باعتبَار أن إطالةَ أمد
الجريمة قد تترتب عليه آثارٌ غير مرغوبةٍ على هذه الأنظمة، إذَا ما استُنهضت
الغيرةُ والنخوةُ في الشعوب الخاضعة لحكمها.
أما الوافدون الجدد على السلطة في
سوريا، فلم يكن لحالة غزة من أثرٍ لكشف سابق مواقفهم؛ باعتبَار أن حلولَهم في
مناصب السلطة في سوريا لاحقٌ لنشوء حالة غزة بأكثر من عامٍ كامل.
وقد تولوا بأنفسهم كشفَ موقفِهم المخزي من إسناد أبناء
الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حين أعلنوا، بمُجَـرّد استيلائهم على السلطة في
العاصمة دمشق، استعدادهم للتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، ومبادرتَهم لإثبات
حسن نواياهم لهذا الكيان المجرم، باستهداف مكاتب فصائل المقاومة المتواجدة منذ
عقود على الأراضي السورية.

عاصم للمسيرة: سقوط غزة مقدمة لسقوط أنظمة عربية أخرى كالأردن ومصر والسعودية
خاص | 23 يوليو| هاني أحمد علي: أشار حميد عاصم، عضو الأمانة العامة للتنظيم الوحدوي الناصري، إلى دور الأنظمة العربية والإسلامية في تعميق الوضع الإنساني الحاد داخل قطاع غزة.
عشرات الصهاينة يدنسون المسجد الأقصى وسط إجراءات مشددة
متابعات | المسيرة نت: اقتحم مستوطنون صهاينة، صباح اليوم الأربعاء، المسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة، بحماية مشددة من قوات العدو الصهيوني.
المجلس النرويجي للاجئين: الكيان الصهيوني يمنع دخول مئات شاحنات الإغاثية منذ 145 يوماً
متابعات| المسيرة نت: أوضح المجلس النرويجي للاجئين أن كيان العدو الصهيوني يمنع دخول مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ أكثر من 145 يوماً، محذراً من تفاقم الجوع ونفاد المياه وتدهور الأوضاع المعيشية بشكل غير مسبوق.-
10:24حماس: ما يجري في غزة هو لحظة فاصلة في الضمير الإنساني لنصرة غزة ووقف حرب الإبادة والتجويع
-
10:24حماس: ليهتف العالم كله (أوقفوا جريمة التجويع) ولتكن الأيام القادمة صرخة مدوية في وجه العدو الإسرائيلي وعارا في جبين الصامتين
-
10:21حماس: ندعو جماهير أمتنا وكل أحرار العالم إلى أوسع حراك شعبي وجماهيري في كل عواصم ومدن العالم أيام الجمعة والسبت والأحد القادمة
-
10:16مصادر فلسطينية: 17 شهيدا نتيجة قصف العدو الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم
-
10:14مصادر فلسطينية: 10 شهداء بينهم جنين في حصيلة جديدة لقصف طيران العدو شقة سكنية في حي تل الهوا غرب مدينة غزة
-
09:52مصادر فلسطينية: طيران العدو يقصف منزلا لعائلة الصباغ في منطقة الزرقا بحي التفاح شمال شرق مدينة غزة