اليمن.. أُسطورة العصر في الماضي والحاضر والمستقبل
آخر تحديث 05-07-2025 17:32

حسين محمد الكاف

ما حدث في اليمن من تحوُّلاتٍ جيوسياسية لربما من أبرز ما يلفت أنظار العالم إلى هذا اليوم: بدءًا من تغيير السياسة التبعية لدولة أُخرى مجاورة ومُرورًا بتكريس دولة مستقلة أَو كيان مستقلٍّ واجه حربًا ضروسًا شنته نفس الدولة المجاورة ومعها بعض دول المنطقة وَالغرب لأكثرَ من ثماني سنوات وَانتهاءً إلى صيرورته قوةً إقليميةً ساندت القضية الفلسطينية بما أوتوا له من قوة لتردع جبروت أمريكا وَ(إسرائيل).

وفي كُـلّ هذه التحولات قدّم الشعب اليمني البطولات والتضحيات وَالمواسات الخارقة ومنقطعة النظير، ولا أبالغ إذَا وصفتُه كما ذكرتُ في عنوان المقالة بأنه أُسطورة العصر. وإعجابي وَإعجاب كثير من الناس للشعب اليمني يتجدد كلما تمر الأحداث المصيرية عليه وَعلى المنطقة بشكل عام، وأصبح اليمن الآن بدون أدنى شك دولةً مستقلةً ذات سيادة بكل ما للكلمة من معنى وقوة إقليمية وعالمية.

في الحقيقة أن تلك البطولات والتضحيات وَالمواسات وَما شابهها التي مثّلها الشعب اليمني لم تكن وليدة اليوم بل كانت من الشيم اليمنية التي عهدناها منه منذ القرون ما قبل الإسلام، فَــإنَّها قد امتزجت وَترسخت وَتجذرت وتوحدت في دمائه وَعروقه حتى لا يُعرَفُ إلَّا بها وَليس لها من صاحب إلَّا ه. وَما ذكرت عن شيمِه هذه لا عن تحليل مُنَظِّر وَلا عن قراءة مُفكر بل هو مُجَـرّد إفصاح ما جري في يومياته من الوقائع وَإسدال ما سطع من خفاياه من اللوامع، وليس لمن له قلب وَبصيرة إلَّا الاعتراف بأن هذا الشعب اقتنى تلك الشيمَ بجدارة.

ففي هذه السطور إلمامٌ خاطفٌ وَسريع عن هذا الشعب العظيم الذي لا تزيدُه عظمةً؛ لأَنَّه عظيمٌ بإيمانه وَحكمته فَـ"الإيمَـانُ يمانٍ وَالحكمة يمانيةٌ".

 

اليمن في الماضي:

المعروف عند العرب أن شعب اليمن هم عرب أقحاح، وهم الذين شيَّدوا السَّدَّ العملاق، سد مأرب، وقد خلَّد ذكرَه القرآنُ الكريم "لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ"، كما أنهم في الزراعة محنكون. وعند ما جاء الإسلام سارع اليمنيون في مهجرهم يثرب - وهم الأوس والخزرج - إلى اعتناق الإسلام وَبايعوا النبي صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ قبل غيرهم من العرب على السمع وَالطاعة، فصاروا له أنصارَ صدق ووفاء، وواسوا إخوانَهم المهاجرين بجود وَسخاء، وبذلوا مِن أجلِ الدين الغالي وَالنفيس فقال الله تعالى عنهم: "الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنفسهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ". وكانت العلاقة النفسية بينهم وَبين النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ شديدةً وَبلغت إلى حَــدِّ استاءوا من فُراقه بعد فتح مكةَ؛ ظَنًّا منهم أن النبيَّ لا يرجع معهم إلى المدينة، وَفهم النبي ذلك من وجوههم الكئيبة فقال مخاطبًا اياهم:

"ألَا تَرضَوْنَ يا مَعشَرَ الأنصار أن يَذهَبَ الناسُ بالشاءِ والبعيرِ، وتَرجِعون برسولِ اللهِ إلى رحالِكم؟ فوالذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ، لَمَا تنقلِبون به خيرٌ ممَّا ينقلِبون به، ولولا الهجرةُ لكنتُ امرئًا مِن الأنصار، ولو سلَك الناسُ شِعْبًا وواديًا، وسلَكتِ الأنصار شِعْبًا وواديًا، لسلَكْتُ شِعْبَ الأنصار وواديَها، الأنصار شِعارٌ، والناسُ دِثارٌ، اللهمَّ ارحَمِ الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار"، فبكى القومُ حتى أخضَلُوا لِحاهم، وقالوا: "رَضِينا برسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ - قِسْمًا وحظًّا"، ثم انصرَف رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ – وتفرَّقوا.

ثم بعد فترة التحق بالأنصار اليمنيين إخوانُهم من بني همدان اليمني مسلمين ومسالمين بيد الإمَـام علي بن أبي طالب -عليه السلام- بلا سيف يُشهر ولا دم يُهدر، وولاؤهم للإمَـام علي عليه السلام بعد النبي صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم غنيٌّ من أن يُذكر، فسُرَّ بذلك النبي صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ وقال: "السلام على همدان، السلام على همدان". ثم جاء بقيةُ قبائل اليمن إلى المدينة مسلمين ومسالمين فرحَّب بهم النبي صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ وَقال كلمته المشهورة: "أَتَاكُمْ أهل الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ".

ولا زال شعب اليمن مؤمنين بالنبي صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ بعد وفاته وموالين للإمَـام علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يرتدُّوا من الإسلام على خلاف ما رُوّج من ارتداد بعض قبائلهم على يد العنسي. ففي حربَي الجمل وَالصفين كانت قبائلُ اليمن وفي طليعتها بنو همدان انضموا إلى صف الإمَـام علي بن أبي طالب عليه السلام فكانت لهم اليد الطولى في نصرته كما لهم ذلك في مؤازرة النبي صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ.

 

اليمن في الحاضر:

وإذا كان الصدقُ وَالوفاء وَالولاء من شعب اليمن في الماضي مسجلةً في طيات كتب التاريخ وَالحديث -وكفى بذلك شاهدا ودليلا- فما جري في هذا العصر ما يؤكّـد -والأصح ما يصدّق- سجلات تاريخهم المجيد. والآن ونحن وَالعالم أجمع نشاهد كُـلَّ تلك الشيم تتجلى فيهم، وكلنا منبهر إعجابًا مما قدَّموا لإخوانهم في غزة الأليمة وَالجريحة من مساندة غير محدودة بحيث لا يفعلها غيرهُم، وهم في حالةٍ غير محسود عليها اقتصاديًّا وَسياسيًّا وَأمنيًّا، كما وكُلُّنا نعلمُ أن مساندةَ غزة عسكريًّا تعتبر عملًا انتحاريًّا لما عَوَّدت (إسرائيل) على شعوب المنطقة طيلةَ القرن الماضي من غطرسة غاشمة وَبغطاء الغرب عيانًا وَجهارًا، وفعلت (إسرائيل) ما فعلت على دول المنطقة ما تشاءُ بلا رادع.

وشعب اليمن وقفوا أعزاء شامخين ومنتصرين أمام (إسرائيل) وَبعضِ دول الغرب ليردعوا غطرستَهم، وَكانوا قبل هذا نجحوا في إرغام الجهةِ المعتدية عليهم وتلقين درس الإباء من الإملاءات طيلةَ عشر سنوات وأكثر فخرجوا منتصرين مرفوعي الرؤوس.

 

اليمن في المستقبل:

وانطلاقًا مما سُجّل في كتب الحديث والتاريخ عن هذا الشعب وَما قدموه من إسناد غزة في عصرنا هذا، فليس من التكهنات إذَا قلنا إنهم في المستقبل سوف يتابعون أسلافهم في مناصرة الحق، وذلك بحُكم سليقتهم -أو ما يُعبَّرُ عنه في المصطلح العصري الجينية - التي كما قيل إنها لا تزول؛ لأَنَّها توارثت أبًا عن جد.


حركات المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الصهيوني على اليمن وتؤكد واحدية المعركة
متابعات | المسيرة نت: أدانت حركات الجهاد والمقاومة الفلسطينية العدوان الصهيوني على الحديدة، مجددةً تضامنها مع اليمن قيادةً وجيشاً وشعباً.
حركات المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الصهيوني على اليمن وتؤكد واحدية المعركة
متابعات | المسيرة نت: أدانت حركات الجهاد والمقاومة الفلسطينية العدوان الصهيوني على الحديدة، مجددةً تضامنها مع اليمن قيادةً وجيشاً وشعباً.
عراقجي لقادة "بريكس": ليدرك الجميع فظاعة انتهاك العدوان على إيران للقانون الدولي وتبعاته المدمّـرة
الأخطر في العدوان الضربة المميتة التي وُجّهت إلى الدبلوماسية وحكم القانون ونظام عدم الانتشار النووي.
الأخبار العاجلة
  • 06:47
    حركة المجاهدين: الشعب اليمني العظيم يدفع ضريبة وقوفه التاريخي المشرف نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم
  • 06:46
    حركة المجاهدين: نشيد بالرد اليمني السريع الذي استهدف عمق الكيان الغاصب وأضاف فشلاً جديدا للمنظومات الدفاعية الصهيونية
  • 06:45
    حركة المجاهدين الفلسطينية: نعتبر ذلك امتداد للعدوان على شعبنا وأمتنا ونجدد تضامننا وقوفنا مع أهلنا في الشعب اليمني المجاهد
  • 06:44
    حركة المجاهدين الفلسطينية: ندين بشدة العدوان الصهيوني الجديد الذي استهدف مواقع ومنشآت مدنية في اليمن
  • 05:58
    ترامب: أي دولة تنضم إلى سياسات مجموعة بريكس المناهضة لأمريكا ستفرض عليها رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% ولن تكون هناك استثناءات
  • 05:52
    مصادر طبية فلسطينية: 6 شهداء و15 جريحا في استهداف العدو عيادة الرمال التي تؤوي نازحين وسط مدينة غزة