الأمانةُ في الولاية ركيزةُ العدل ومعراجُ الإصلاح فمِن جهاد الإمام علي والحسين إلى مقاومة الظلم اليوم
آخر تحديث 04-07-2025 16:33

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأماناتِ إلى أَهْلِها وَإذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)

فمن لزم الأمانة صلحت أعماله واستقامت أحواله، ومن أدّاها أطاع ربه، وصلح أمره. والأمانة هي كُـلّ ما يؤتمن عليه من أمر ونهي، وعبادة، وإدارة شؤون الحياة، وقد أثنى الله على من يؤدي الأمانة: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ).

والأمانة في الولايات عظيمة، فمن استعملها في ولايته عدل. وحينما حمل الإمام علي الأمانة في ولاية المسلمين عدل فيها. وجاء في رسالته للأشتر في عهده له عند توليته على مصر: "انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا، ولا تولهم محاباة وأثرة فَــإنَّها من شُعَبِ الجور والخيانة".

ومع ذلك، فقد واجه الإمام علي عليه السلام من مبغضيه - أهل الجور والنفاق - حربًا طاحنة أودت بالعشرات من المهاجرين والأنصار، وعشرات الآلاف من المسلمين وأدت إلى فك تلاحم الأُمَّــة، وتصدع وشائجها، وتحلل روابطها، وإراقة بعضِها دماءَ بعض. ومع رغبة الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حقن الدماء، واجتماع كلمة الأُمَّــة، فقد أخذ على معاوية العهدَ على الحُكمِ بكتاب الله وسُنة رسوله، وعدم اتِّخاذ ولي عهد من أهله، وإعادة الأمر والأمانة والشورى إلى أهلها، غير أن معاوية نكث عهده واستمر في بغيه. وقد أخبر عنه وعن فئته الباغية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه الذي قتلته الفئة الباغية، كما جاء في البخاري: "ويحُ عمار تقتلُه الفئةُ الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار" (حديث 447). وقتلت هذه الفئة أَيْـضًا خزيمة بن ثابت، -الذي جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهادتَه بشهادتين (البخاري حديث 2807) -، فقيل عنه: من شهد له خزيمة فهو حسبُه، والكثير الكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ومما زاد الطين بلة والأمر وحشة نكثُ معاوية لما صالح به الإمام الحسن، فنصَّب يزيد على رقاب المسلمين. فثار في وجهه الإمامُ الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ثالث أئمة أهل البيت، الذي كاتبه ودعا إلى بيعته أهلُ الكوفة بالعراق بما هو شبيهٌ ببيعة العقبة من قبل الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنهم لم يفوا بذلك، وقد اعترضه جيشُ بني أمية بكربلاء؛ فقاتلوه وقتلوه ظلمًا في ملحمة من البطولة والشجاعة والاستشهاد الذي أظهره الإمام الحسين وذهب إليه -رضي الله عنه- اتباعًا لمنهج رسول الله في مقارعة الظالمين. فجعلت الأُمَّــةُ من الإمام الحسين رمزًا لمن يقدم حياته إعلاءً لكلمة الله، وحربًا على الظالمين؛ باعتبَار أن في ذلك إنقاذًا للأُمَّـة من الظلم والاستبداد. فكان استشهاده الزاد الروحي والمعنوي الذي أكسب الفكر الإسلامي رصيدًا من المشاعر والأحاسيس برفض ظلم العباد، والتي جعلت عمر الإمام الحسين يمتد ويطول على مر العصور والدهور إلى يوم القيامة بإذن الله. فكم انقرضت من مذاهبَ ونِحَلٍ كانت أُسُسُها راسخةً في أرض الواقع، ولكن رسالة الإمام الحسين وصبره وجهاده بقي حيًّا، وسيبقى بإذن الله إلى أن تقوم الساعة، ويتبوأ الإمام الحسين الدرجات العُلى من الجنة.

إن يزيد بن معاوية الذي اشتهر بظلمه وفسقه، وقتله لسيد شباب أهل الجنة، واستباحته لمدينة رسول الله، وقتله لأبناء المهاجرين والأنصار في يوم الحرة.. كل هذه الأحداث الخطيرة جعلته بمكان بعيد عن الإنسانية والإسلام. وساهم ذلك مباشرة في انقسام أُمَّـة عريقة وتشرذمها إلى أحزاب وشِيَعٍ يقاتل بعضها بعضًا. وهي أُمَّـة قريبة عهد بالاجتماع والتوحد، وكانت لا تزال نعرة الجاهلية تطن في آذان البعض من أبنائها، ولا يزال البعض ممن تحملهم الأهواء عالقين في شِراكها إلى يومنا هذا. مع أنه قد صرح بعض العلماء بلعن يزيد، فقال ابن تيمية: "أما من قتل الحسين ورضي به فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". وسئل الإمام أحمد: أتحب يزيد؟ فقال: "وهل يحب يزيدًا أحدٌ يؤمن بالله واليوم الآخر؟"... إلخ. فمن وجد من هؤلاء ممن لا يزال منحرفًا عن العدل في عصرنا هذا مع أنه يزعم أنه من أتباع هؤلاء العلماء، فهو بعيد كُـلّ البُعد عنهم وعن منهج العدل والمنهج الإسلامي المستقيم. فهو يزيّن لنفسه الأمورَ على خلاف ما هي عليه؛ لضَعف بصيرته في الدين، وقلة معرفته بحقائقه، أَو لجهله بمكائد الشيطان، وغلبة هوى النفس عليه، وركونه إلى أمانيها وخداعها. فالغرور مصدرُ الشرور، وفي القرآن الحكيم: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّـهِ الْغَرُورُ) [فاطر: 5]. (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) [الكهف: 103-104].

وقال سبحانه في وصف بعض المغترِّين: (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أنفسكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأمانيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّـهِ الْغَرُورُ) [الحديد: 14].

وهَـا هو نتنياهو يعيد المشهدَ اليوم فيقتل أبناء غزة على مرأى ومسمع من العالم فكأنه يزيد هذا الزمان، والمتخاذلون في هذا العصر هم من يتفرج على إبادة الأبرياء في غزة ولم يحركوا ساكنا. وهَـا هو قرار مجلس الأمن (٢٤٢) لا يزال حبرًا على الورق، فلا اللاجئون عادوا إلى ديارهم، ولا (إسرائيل) انسحبت من أرضهم، فكما واجه الإمام الحسين انقلابًا على بيعة الحق وامارة الصدق تواجه اليوم فلسطين انقلابًا على مواثيق الأمم المتحدة واحتلالًا يكرس ظلم الظالمين، والأمم المتحدة ومجلس الأمن لا يتخذ أي إجراء إزاء هذه الفئة الظالمة من قوى الاحتلال، وحقوق الشعب الفلسطيني في انتظار سواعد الرجال لتحرير الأرض المقدسة والتسليح النووي الذي لا تزال تشهر سلاحه قوى الغدر ضد الجمهورية الإسلامية في إيران إنما يعني في مفهومه استكمال قدرة الدولة على مواجهة أي عدوان، وتأمين حماية مُستمرّة للأراضي والسكان والثروات المعدنية، فهو حق من حقوق دولة إيران يحميه القانون الدولي، ويمليه مبدأ المساواة بين الدول، غير أن التسلح النووي ما يزال وَقفًا على الدول الكبرى، وما صدر من اتّفاقات تحد من انتشار السلاح النووي لكأن الغرض من ذلك هو إبقاء التسلح النووي حكرًا على دول بعينها، وذلك ما لا ينبغي التسليم به لأمريكا ومن كان على شاكلتها. فقد أثبت الواقع استخدام أمريكا هذا السلاح وظلم البشرية وما استخدامها للسلاح النووي في اليابان عن الأنظار ببعيد.

فإذا أرادت الأُمَّــة العزة والفلاح والتقدم والنجاح، فما عليها إلا أن تقتفي أثر الإمام الحسين، وترفع علم الجهاد الذي رفعه، غير ملتفتة إلى أهل الخيانة والنفاق والكبرياء والفساد ممن يكيدون للإسلام ويحاربون أهله في السر والعلن، ويمدون أيديهم إلى الكفار والمنافقين: (لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) [النحل: 23].

فالتاريخ يتشابه، وها هم أتباع يزيد ممن يسيرون على منهج التغلب يؤيدون الصهيونية المعتدية على أرض فلسطين، ويمارسون الفساد والبغي علنًا: (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الأرض إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 77].

أما أتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي وأئمة الهدى فَــإنَّهم يشكلون في محور المقاومة حجر الزاوية؛ لأَنَّهم يحبون الله ورسوله، ويحبون أبناء فلسطين الذين يجاهدون في سبيل الله، ويُقتلون في غزة، ويسعون إلى إنقاذ الأقصى الشريف والجهاد في صفوف الفلسطينيين.

لقد سبق في علم الله أن هناك من سيرتد عن دين الإسلام ويتابع الصهيونية اللئام الذين يحتلون فلسطين، فقد أخبر عنه سبحانه أنه سيأتي بمن ينصر هذا الدين ممن يحب الله ورسوله وأهل بيته: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) [المائدة: 54].

إن الإصلاح - الذي سعى إليه الإمام الحسين، وجاهدَ مِن أجلِه أنصار الله في اليمن بقيادة قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وحزب الله في لبنان والعراق، وأبناء الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي، ومن سار على هذا الدرب المقدس - سيشق طريقه إلى النصر وهو حريص على نشر الإسلام، وصيانة مقدسات الأُمَّــة، وتحريرها من دنس الظالمين.

إن دروس الأمانة والعدل من كربلاء إلى فلسطين تدفع أحرار الأُمَّــة لبناء وجهة الحق التي توحِّد المسلمين تحت شعار لا ظلم ولا اغتصاب للسلطة والأرض.

إن من أحرار هذه الأُمَّــة من قدموا أنفسهم فداء لأمتهم وإرضاءً لربهم وعلى رأس هؤلاء الأحرار السيد إسماعيل هنية والسيد فؤاد شكر والمناضل الجسور السيد قاسم سليماني وقائد حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله والسيد يحيى السنوار والسيد الرئيس صالح الصماد وغيرهم الكثير ممن اقتفى أثر الإمام الحسين وسار على دربه وحظي بالشهادة والسعادة والفخر والريادة إلى يوم القيامة.

إن عصر العلم والمعرفة، ونشر المحبة والوئام، والعزة والكرامة لبني الإنسان كافة قادم لا محالة. وسيبقى الإمام الحسين رمزًا لوحدة الأُمَّــة، ورمزًا للمحبة والإخاء وحب العدل والمساواة، والاستقلال، ورمزًا للجهاد.

وسيتحول العزاء والأسى في ذكرى استشهاد الإمام الحسين، واستشهاد أبناء المهاجرين والأنصار في يوم الحَرَّة، إلى نصر عظيم للمؤمنين وفتح مبين، وإلى ثورة تملأ الأرضَ عدلًا ووفاءً ومحبةً وإخاءً بفضل من الله العزيز الحكيم: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء: 227].


مكون الحراك: يوم عاشوراء كان وسيظل ملهما لأحرار الأمة لمواجهة قوى الغطرسة والطغيان
أدان مكون الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار الوطني الموقع على اتفاق السلم والشراكة، جرائم الابادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني وشريكه في الإجرام العدو الامريكي، بما في ذلك تحويل مراكز المساعدات والاغاثة إلى مصائد موت للفلسطينيين في غزة، الباحثين عن الغذاء والدواء.
كاتب فلسطيني: كيان العدو الصهيوني يسابق الزمن والمفاوضات تواجه ثلاث عقد مفصلية
خاص| المسيرة نت: أكّد الكاتب والباحث الفلسطيني صالح أبو عزة، أن كيان العدوّ الصهيوني يصعّد عدوانه على قطاع غزة بشكل متعمد وممنهج، في محاولة لتحقيق أكبر قدر من التدمير قبل الوصول لأي اتفاق لوقف إطلاق النار.
حزب الشعب الفلسطيني يعلن دعم رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار
أعلن حزب الشعب الفلسطيني "أحد أعضاء منظمة التحرير" اليوم السبت عن دعمه وترحيبه بالرد الإيجابي الذي قدمته حركة "حماس" بشأن مقترح وقف إطلاق النار.
الأخبار العاجلة
  • 11:52
    الصحة اللبنانية: جريحان في استهداف مسيرة للعدو سيارة في بلدة شقرا جنوب لبنان
  • 11:40
    مدير المستشفيات الميدانية في غزة لوسائل إعلامية: الوضع في مستشفيات القطاع كارثي بسبب نقص الوقود
  • 11:40
    مصادر لبنانية: إصابات جراء قصف طيران العدو المسير سيارة في بلدة شقرا جنوب لبنان
  • 11:40
    لقاء قبائل العُر والقهرتين وآل محمد بصعدة: نتبرأ من عملاء أمريكا وإسرائيل وثابتون على موقفنا مع غزة حتى يتوقف العدوان والحصار
  • 11:39
    لقاء مسلح لقبائل العُر والقهرتين وآل محمد بمديرية منبه في صعدة إعلانا للنفير العام وتطبيقا لوثيقة الشرف القبلي
  • 11:27
    مصادر إعلامية: 8 شهداء وأكثر من 40 جريحا برصاص قوات العدو قرب مركز توزيع المساعدات شمال مدينة رفح