ترامب وسلامُ القوة الغاشمة
آخر تحديث 18-06-2025 18:06

منذ أن أوصلت الانتخابات الأمريكية ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، وهو يستعرض وباستمرار مواهبه في صنع وإحلال السلام بدلًا عن النزاعات المسلحة، التي غطت مساحات شاسعة من جغرافيا الكرة الأرضية؛ بسَببِ غياب ترامب عن السلطة في البيت الأبيض، وغالبًا ما كان يرجع أسباب النزاعات المسلحة بين الدول إلى هذا الغياب، وأنه لو كان موجودًا في السلطة ما اندلع النزاع المسلح بين روسيا وأوكرانيا! وأنه لو كان موجودًا في السلطة ما كان للسابع من أُكتوبر أن يحدث! فالمهم أن يكون ترامب على رأس السلطة في البيت الأبيض فوجوده هو المانع لنشوب النزعات المسلحة على مستوى العالم!

وما إن استقر ترامب على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض حتى اتضح مفهومه للسلام، الذي سبق الترويج بأنه يسعى إلى تحقيقه، فترامب غيرُ معنيٍّ تمامًا بإصلاح ما فسد من علاقات الدول وأدى إلى النزاعات المسلحة، وغير معني بإحلال الوفاق الدائم في ما بينها، بل إنه في هذا الجانب أسوأ من أسوأ مشايخ بلادنا خلال عقود ما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، حين كانوا يعتاشون على ما يثيرونه من نزاعات بين الأفراد، وليظهروا بمظهر الحريص على إصلاح شأن المتنازعين بمقابل متعارف عليه في مثل هذه الحالات (أُجرة الشيخ) وكانت أغلب النزاعات تنتهي بفقدان المتنازعين لمحل النزاع، سواءٌ أكان منزلًا أَو أرضية أَو جِربة زراعية أَو سلاحاً أَو وسيلة مواصلات أَو حتى ثورًا أَو قطيعًا من الأغنام، لينتهيَ كُـلّ ذلك إلى ملكية الشيخ نظير جهوده التي قد تمتد لأشهر أَو لسنوات!

وهكذا هو ترامب، بل هو أسوأ! فهو عندما تحدث عن عزمه إحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا اشترط على أوكرانيا مقابل ذلك بشكل صريح وواضح ووقح أن توقع اتّفاقًا تمنح بموجبه لإدارته جزءًا كَبيرًا من مواردها الاقتصادية المعدنية، ومصالح أُخرى سيحصل عليها من روسيا، وهذا الأُسلُـوب في تحقيق السلام بالنسبة لمن هم على ملته، أما غيرهم تحديدًا العرب والمسلمين فَــإنَّ السلام الذي يقصده ترامب هو الاستسلام، وما يترتب عليه من استباحة كاملة لحقوق وحريات وكرامة وموارد الشعوب العربية والإسلامية، وهو ما يسميه ترامب ومجرمو إدارته [تحقيق السلام عن طريق القوة]؛ بمعنى أن ترامب وإدارته طالما أن بيدهم القوة، فلا بدَّ من الاستفادة منها في إخضاعِ الشعوب العربية والإسلامية للسطوة الأمريكية، ونهب ثرواتها ومواردها.

وإن لم تتوافر الذرائع والمبرّرات اللازمة لاستفادة ترامب وإدارته من القوة التي بأيديهم فَــإنَّهم سيعملون على إيجادها، ومن ثم توظيفها لفرض مخطّطاتهم الانتهازية، ولن يعدموا أبدًا الذرائع التي تمكّنهم من الاستيلاء على موارد الشعوب العربية والإسلامية، والواضح أن ترامب ومجرمي إدارته يسيل لعابهم على ما تتمتع به شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية من موارد اقتصادية متنوعة، وقد تحدث ترامب في بداية رئاسته قائلًا: (إنه لا بدَّ من الاستفادة مما تحت أقدامنا من موارد)! ويبدو أن البعض حصر كلام ترامب على النطاق الجغرافي للولايات المتحدة الأمريكية، لكن الذي اتضح لاحقًا أن ترامب يقصد ما هو موجود من موارد تحت أقدام الجنود الأمريكيين في أي نطاق أَو نقطة جغرافية على سطح الكرة الأرضية.

وقد بدأ ترامب بدول الخليج العربي التي تتواجد بها عشرات القواعد العسكرية الأمريكية ولتصبح الموارد العربية وفقًا لنظرة ترامب ضمن ما تحت أقدام الأمريكيين، ويتوجب عليهم الاستفادة منها، وما قصة الاستثمارات الخليجية بتريليونات الدولارات وزعم مشاركة مشايخ الإمارات في برامج استكشاف الفضاء إلَّا عناوين يتم استنادًا لها إفراغ خزائن دول الخليج من موارد شعوبها، التي عاد ترامب إلى بلاده مثقلًا بها، ولولا القوة التي يعمل من خلالها ترامب على تحقيق السلام المزعوم؛ لما تمكّن من إرغام الوافدين الجدد على كراسي السلطة في سوريا من منح الأمريكيين امتيَازات اقتصادية كبيرة؛ فالقوة بيد ترامب وإدارته بوصفها وسيلة لتحقيق السلام، هي التي جلبت لأمريكا تريليونات الدولارات من دول الخليج.

وليس سِرًّا ما تحدَّثَ به ترامب عن رغبته في أن يرى إيران غنية وهو فعلًا يراها بلدًا غنيًّا ويسيل لُعابُه هو وإدارته على ما يتمتع به هذا البلد المسلم من موارد هائلة ومتنوعة، لكن ما يراه ترامب أَيْـضًا أن وصوله إلى هذه الموارد ممتنع، وأنه غير قادر على الاستفادة من كُـلّ تلك الموارد؛ بسَببِ نظام الحكم الحر المستقل القائم على شؤون هذا البلد، وهو غير قادرٍ على فرض سطوة إدارته القائمة على سلام القوة التي طبقها في البلدان الخليجية المجاورة لإيران والتي استباح بها موارد هذه البلدان وحرية وكرامة شعوبها.

ولتطبيق نظرتِه القائمة على مفهوم سلام القوة، ولتجسيد غايته الإجرامية الانتهازية في السيطرة على موارد الجمهورية الإسلامية ونهب ثرواتها، لم يتكلف كَثيرًا في البحث عن ذرائع ومبرّرات فالذريعة جاهزة ومثارة، وهي البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية، الذي سبق له أثناء ولايته السابقة إعلان انسحاب بلاده من الاتّفاق الموقع مع الجمهورية الإسلامية سنة 2015م، الذي تعترف فيه الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا بحق إيران في التقنية النووية السلمية، ولم تسعف ترامب المدة المتبقة من فترة ولايته تلك لإثارة المشاكل للجمهورية الإسلامية، وفرض أجندته الانتهازية، ولم يوفق في ترشحه للدورة الانتخابية التالية، غير أنه عندما تمكّن من العودة إلى البيت الأبيض مؤخّرًا كان البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية في سلم أولوياته، حَيثُ بدأ من الأيّام الأولى لولايته الراهنة إثارة ذريعة البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية لفرض مخطّطه الشيطاني الرامي إلى الاستيلاء على موارد الشعب الإيراني، وكان من مقدمات ذلك دعوته للتفاوض مع إدارته بشكل مباشر حول البرنامج النووي ولإثبات حسن النية، وسلمية البرنامج النووي قبلت الجمهورية الإسلامية بالتفاوض بشكل غير مباشر وتم عقد خمس جولات، وبالتزامن مع ذلك ولإدراك ترامب وإدارته بعدم جدوائية الاتّفاق مع الحكومة الإيرانية والاعتراف بحقوقها في التقنية النووية؛ فقد عملت إدارة ترامب مع القوى الاستعمارية الغربية على إدانة الجمهورية الإسلامية عن طريق منظمة الطاقة الذرية بانتهاك التزاماتها الدولية في شأن سلمية برنامجها النووي!

ولو أن الجمهورية الإسلامية وافقت على اتّفاق نووي يقيد حقها في تخصيب اليورانيوم في الداخل الإيراني للاستخدام السلمي للتقنية النووية، أَو قبلت بنسبة صفر تخصيب، لعملت القوى الاستعمارية الغربية على اختلاق ذريعة أُخرى للعدوان، ولتجسدت هذه الذريعة في الصواريخ البالستية بعيدة المدى، ولو أن الجمهورية الإسلامية تخلت عن برنامج الصواريخ البالستية كلية، لكانت الذريعة البديلة للعدوان عليها هي دور الجمهورية الإسلامية الإقليمي، الموصوف من جانب القوى الاستعمارية الصهيوغربية بأنه تخريبي ومزعزع للاستقرار، ولو أن الجمهورية الإسلامية أقرت بمثل هذا الدور وتخلت عنه، فَــإنَّ الذريعة البديلة التي سترفعها القوى الاستعمارية الصهيوغربية وعلى رأسها الشيطان الأكبر الإدارة الأمريكية ستكون انتهاك النظام لحقوق الشعب الإيراني، وأنه لا بدَّ من إسقاطه وإقامة نظام بديل على غرار نظام دمشق ما بعد الأسد!

ولما سبق فَــإنَّ ما تتعرض له الجمهورية الإسلامية اليوم من جريمة عدوان وتآمر من جانب القوى الاستعمارية الصهيوغربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية لا علاقة له مطلقًا ببرنامجها النووي السلمي؛ فهذا البرنامج أول من وضع لبناته الأَسَاسية هم الأمريكان في ستينيات القرن الماضي في عهد الشاه، الذي كان يدين بالولاء والتبعية للإدارة الأمريكية؛ فالأمر إذًا متعلق بالموارد الاقتصادية للشعب الإيراني التي يسيل عليها لُعاب مجرم الإدارة الأمريكية ترامب، ولو كان البرنامج النووي السلمي هو السبب لكان الأولى بالإدارة الأمريكية أن تتحَرّك في مواجهة الكيان الصهيوني، الذي يمتلك مئات القنابل القذرة وكذلك دول أُخرى منها ما يقع على الحدود مع الجمهورية الإسلامية.

وببساطة شديدة سبب جريمة العدوان الموارد الاقتصادية للشعب الإيراني، والمشروع الفكري الذي تحمله قيادة الجمهورية، والذي سبق لمؤسّس نظامها الإسلامي الإمام الخميني –رضوان الله عليه- وصف الإدارة الأمريكية بالشيطان الأكبر قبل أكثر من أربعة عقود من الزمان، ووقف القائمون على هذا النظام منذ ذلك الحين وإلى اليوم في مواجهة تسلط وطغيان مجرمي الإدارة الأمريكية المتعاقبين على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض.


اليمن وإيران شعب وقيادة في خندق واحد لمواجهة العدوان
خاص | المسيرة نت: شدد مدير مركز "سونار" للإعلام، الأستاذ حسين مرتضى، على أهمية التحركات الشعبية المساندة لقضايا الأمة، ولا سيما تحرك الشعب اليمني، معتبرًا أن هذه المواقف أصبحت من الثوابت التي تُسجل في تاريخ الشعوب المقاومة.
خبير فلسطيني: المساعدات أداة لقتلنا ببطء والصمت العربي يمنح العدو شرعية الإبادة
خاص | المسيرة نت: أعتبر الخبير في شؤون كيان العدو الصهيوني، عادل شديد، أن ما يُقدَّم من مساعدات إنسانية لغزة ليس سوى جزء من مشروع أكبر يستهدف استكمال أدوات الحرب والتجويع، مشددًا على أن هذه المساعدات تأتي كخيار مُرّ أمام الفلسطينيين، إما الموت جوعًا أو الموت أثناء التزاحم على ما يسدّ الرمق.
إيران قلبت الموازين وأثبتت قدرتها على إدارة المواجهة سياسياً وعسكرياً
خاص | المسيرة نت: أكد الخبير السياسي والعسكري رضاء إسكندر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنذ انطلاق الثورة الإسلامية، أثبتت أنها دولة ذات بنية استراتيجية متماسكة، قادرة على تحويل الأزمات إلى فرص، ومواصلة الحضور الفاعل على الصعد السياسية والعسكرية والأمنية.
الأخبار العاجلة
  • 05:39
    بي بي سي عن الرئيس السابق للقوات الدفاعية الأيرلندية: التحركات الأمريكية قد تكون جزءًا من سياسة أوسع نطاقاً تقوم على "الغموض الاستراتيجي" لدفع إيران لتقديم تنازلات
  • 05:35
    بي بي سي عن خبراء في الأمن والدفاع: هذه التحركات تشير إلى أنّ الولايات المتحدة تضع خطط طوارئ "لدعم عمليات قتالية مكثّفة" في المنطقة
  • 05:34
    بي بي سي: مراصد ملاحية أظهرت توقف 7 طائرات على الأقل من طراز "كاي سي-135" في قواعد جوية أمريكية في إسبانيا واسكتلندا وإنجلترا
  • 05:34
    بي بي سي: جميع الطائرات المنقولة من أمريكا إلى أوروبا هي طائرات نقل عسكرية أمريكية تُستخدم لتزويد المقاتلات والقاذفات بالوقود
  • 05:34
    بي بي سي: بيانات تتبّع الرحلات الجوية تظهر نقل ما لا يقل عن 30 طائرة عسكرية أمريكية من قواعد في أمريكا إلى أوروبا بين السبت والثلاثاء
  • 05:20
    الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو: لم يتوقع الصهاينة حجم القدرات العسكرية التي أظهرتها إيران والعالم يعلم أنها تفوقت عسكريًا على "إسرائيل"