التزاماتُ الكيان المحتلّ ومَـن أَحَـلَّه

الأصلُ أن منظَّمةَ
الأمم المتحدة هي الرقيبُ على مدى التزام الدول بالقانون الدولي وعدم انتهاكها
لأحكامه، تحديدًا ما يعد من الانتهاكات ماسًّا بحياة الأفراد وأمنهم وكرامتهم الإنسانية
وحقوق الطفولة والحقوق الأسرية عُمُـومًا، وغيرها من الحقوق التي أوجب القانونُ
الدولي الالتزام بها، في حالة الاحتلال الجُزئي أَو الكلي لجغرافية شعب من الشعوب،
وتتضاعف مسؤولية منظمة الأمم المتحدة بالنسبة لمراقبة مدى التزام كَيانِ الاحتلال
الصهيوني بأحكام القانون الدولي؛ باعتبَار أن المنظمة الدولية هي من أحل هذا
الكيان المجرم على أرض فلسطين العربية محل سكانها الأصليين الشعب الفلسطيني
بقرارها المشؤوم، الذي قضى بتقسيمِ الأرضِ العربية بين اليهود والفلسطينيين، لتقام
عليها دولتان متجاورتان فلسطينية عربية ويهودية صهيونية.
ومنذ ذلك الحين
وحتى اليوم، لم تقم قائمة لدولة عربية فلسطينية، والتهم الكيان الصهيوني الأرضَ
المخصَّصة لإقامة الدولة العربية الفلسطينية، ولم يكتفِ بذلك فحسب، بل هجّر سكانَها
قسريًّا، واقترف جريمةَ إبادة جماعية بحق من تمسك منهم بأرضه، وفرض مخطّطاتِ
التهجير، وهذه المخطّطات مُستمرّة حتى اليوم، وأفعال جريمة الإبادة الجماعية مُستمرّة
ومتتابعة كذلك حتى اليوم، على مرأى ومسمع من منظمة الأمم المتحدة، التي يمكن تشبيهُ
مسؤوليتها عن انتهاكات الكيان الصهيوني المجرم بمسؤولية الولي عن فاقد الأهلية،
حَيثُ يتحمَّلُ وليُّه المسؤولية عن كُـلّ فعل ألحق ضررًا بالآخرين، أَو مسؤولية
مالك الحيوان الشارد الذي سبّب بفعله أضرارًا كبيرة بالآخرين؛ ما يعني أن منظمة الأمم
المتحدة لا يمكنها -بحال من الأحوال- التنصل عن مسؤوليتها الناتجة عن جرائم وانتهاكات
الكيان الصهيوني للالتزامات الدولية، المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني؛ باعتبَار أن
هذه المنظمة هي السبب في وجود هذا الكيان المجرم، الذي يعد فاقدًا للأهلية اللازمة
لبقائه كدولة طبيعية بين دول العالم!
وفي هذا
الموضوع سنسلِّطُ الضوءَ على التزامات الكيان الصهيوني، بوصفِه كَيانًا محتلًّا
لأرض فلسطينَ العربية، وكما أكّـدت ذلك مؤخّراً محكمة العدل الدولية في رأيها
الاستشاري الصادر في شهر يوليو من العام الماضي، وكما أسلفنا فَـإنَّ مسؤوليةَ
منظمة الأمم المتحدة تتضاعف تجاه انتهاكات كيان الاحتلال الصهيوني؛ كون هذه
المنظمة هي من أقام دولة الاحتلال الصهيوني دون وجه حق على أرض فلسطين العربية، ومن
ثم فَـإنَّ انتهاكات هذا الكيان المجرم للالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق أبناء
الشعب الفلسطيني يمثل انتهاكًا لهذه الحقوق من جانب منظمة الأمم المتحدة ذاتها.
فما هي الالتزامات
التي أوجب القانون الدولي على كيان الاحتلال عُمُـومًا احترامها، وعدم انتهاك حقوق
الشعب المحتلّ المرتبطة بها؟ وما مدى تقيد كيان الاحتلال الصهيوني بالالتزامات
الدولية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني؟
أُولى الحقوق
التي أوجب القانون الدولي عدم المساس بها (حق السكان في البقاء في موطنهم)،
حَيثُ نصت المادة (49) من اتّفاقية جنيف الرابعة على أن (يحظر النقل الجبري
الجماعي أَو الفردي للأشخاص المحميين أَو نفيهم من الأراضي المحتلّة إلى أراضي
دولة الاحتلال أَو إلى أراضي أية دولة أُخرى، محتلّة أَو غير محتلّة، أيًّا كانت
دواعيه).
ولا يحتاج انتهاك
كيان الاحتلال الصهيوني لهذا الحق إلى أي إيضاح أَو تفصيل؛ فالواقع يفصح بجلاء عن
حجم انتهاك الكيان المجرم لهذا الحق، ولا يحتاج الأمر إلى إبلاغ منظمة الأمم
المتحدة من جانب أيٍّ من الدول الأعضاء فيها بوقائع الانتهاك لهذا الحق؛ باعتبَار اتصال
علم هذه المنظمة بوقائع الانتهاك لهذا الحق وبشكل مباشر وتفصيلي؛ فما تعرض له
ويتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من نقل قسري فردي وجماعي من كافة مناطق قطاع غزة،
يتم تحت سمع وبصر المنظمة الدولية، وبهدف واضح ومعلَن وهو الوصول إلى حالة التهجير
للسكان طوعيًّا، كما دعا لذلك ترامب كبيرُ مجرمي الإدارة الأمريكية، أَو التهجير
قسريًّا من خلال المعاناة الشديدة؛ بسَببِ الظروف المعيشية، التي وضع فيها الاحتلال
وشركاؤه أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع، بل الأفظع من ذلك أن منظمة الأمم
المتحدة تدرك يقينًا أن الظروفَ التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لا
تهدف إلى الوصول لحالة التهجير طوعيًّا كان أَو قسريًّا فحسب، بل إلى إفناء سُكان
القطاع، بوصف ذلك فعلًا متعمَّدًا من أفعال جريمة الإبادة الجماعية، التي يقترفها
الكيان الصهيوني وشركاؤه منذ أكثرَ من تسعةَ عشرَ شهرًا.
وثاني حقوق أبناء
الشعب الفلسطيني التي انتهكها كيان الاحتلال الصهيوني هو الحق في (حماية
الطفولة) وقد ورد هذا الحق في الفقرة الأولى من المادة (77) من
البروتكول الإضافي الملحَق باتّفاقية جنيف الرابعة التي نصَّت على أن (يجب أن
يكونُ الأطفالُ موضعَ احترام خاصٍّ، وأن تكفل لهم الحماية ضد أية صورة من صور خدش
الحياء، ويجب أن تهيِّئَ لهم أطرافُ النزاع العناية والعَون اللَّذَين يحتاجون
إليهما، سواء بسَببِ سِنِّهم، أم لأي سبب آخر).
وهذا النص في إطاره
النظري، يقرّر حماية خَاصَّة معتبَرة للأطفال، يلتزم بتوفيرها كيانُ الاحتلال، بما
يكفل عدم تعريضهم لأي أفعال من شأنها المساس بشرفهم وكرامتهم؛ فلا يتعرضون لأية
صورة من صور السلوكيات المهينة، التي تمُسُّ أعراضهم أَو تخدِشُ حياءَهم، وهذا الالتزام
الذي قرّرته الفقرة السابقة، لم يجد له أي صدى على أرض الواقع في قطاع غزة؛ فانتهاك
كيان الاحتلال الصهيوني لم يقف عند حماية خصوصية الأطفال وكرامتهم، بل تجاوز ذلك
وبعلم منظمة الأمم المتحدة إلى تمزيق أشلائهم وحرق أجسادهم في حفلات شواء صهيونية
بشكل يومي، وفي كافة النطاق الجغرافي لقطاع غزة، مشمولين وبشكل متعمد من جانب هذا
الكيان المجرم بأفعال جريمة الإبادة الجماعية، التي يقترفها بحق أبناء الشعب
الفلسطيني في قطاع غزة.
ومع كُـلّ ذلك، ومع إدراك منظمة الأمم المتحدة
لحجم المخاطر التي تعرض لها ولا يزال يتعرض لها أطفال قطاع غزة، إلا أنها لم تحَرّك
ساكنًا، ولم تتخذ إجراءً معتبرًا من شأنه أن يوفر الحماية؛ ليس لخصوصية الأطفال ولكرامتهم،
بل لحمايتهم من أفعال جريمة الإبادة الجماعية! وباعتبار هذه الجريمة تستغرق ما سبق
فلسنا بحاجةٍ هنا لتفصيل ما تعرض ويتعرض له أطفال قطاع غزة من مساسٍ بإنسانيتهم
وكرامتهم من جانب كيان الاحتلال والإجرام الصهيوني وهم يتضورون جوعًا وعطشًا، ولا
يجدون ما يسدُّون به رمقَهم ويروون به شدةَ ظمأهم؛ فذلك واضح تماماً لمنظمة الأمم
المتحدة وبشكل يغني عن أي إيجاز أَو تفصيل، وهو ما يجعل من هذه المنظمة شريكًا
مباشرًا في الجريمة؛ بسَببِ تنصلها عن واجباتها والتزاماتها الدولية تجاه ما يتعرض
له أبناء قطاع غزة عُمُـومًا وأطفالُه خُصُوصاً من انتهاكات جسيمة.
وثالثُ الحقوق
التي أوجب القانون الدولي على دولة الاحتلال عدمُ المساس بها ما يتعلق بـ (الحقوق
العائلية) فوَفْقًا للفقرَتَين الأولى والثانية من المادة (25) من اتّفاقية
جنيف الرابعة، يقع على عاتق الاحتلال، السماح لأي شخص مقيم في أراضٍ محتلّة، إبلاغ
أفراد عائلته أينما كانوا بأخباره ذات الطابع العائلي المحض، وتلقي أخبارهم، ويجب
أن تنقل المراسلات منه وإليه بسرعة، ودون إبطاء لا مبرّر له، وَإذَا تعذر أَو استحال
نتيجةً لظروف قاهرة، تبادل المراسلات العائلية بواسطة البريد العادي، وجب على كيانِ
الاحتلال المعني، أن يلجأ إلى وسيط محايد لتقل الرسائل، كما هو الحال بالنسبة
للصليب الأحمر أَو الهلال الأحمر.
ويتضح من خلال
ما سبق، حرصُ النصوص الواردة في الاتّفاقية، على إلزام الاحتلال بأمور تفصيلية، في
ما يتعلق بالجوانب العائلية، في المناطق الواقعة تحت الاحتلال؛ نظرًا لاعتبارات
تتعلق بطمأنة العائلات على أفرادها، وطمأنة الأفراد على عوائلهم، وبمراجعة سلوكيات
كيان الاحتلال الصهيوني المعلومة تفصيليًّا لمنظمة الأمم المتحدة، نجد أن تلك
السلوكيات لا تقتصر على مُجَـرّد تفريق العائلات أَو حرمانها من التواصل مع
أعزائها المعتقلين أَو المخفيين قسريًّا، بل تجاوز سلوك كيان الاحتلال الصهيوني
ذلك بمراحلَ، حَيثُ إن سلوك هذا الكيان الإجرامي لا يقتصر على مُجَـرّد المنع أَو الحرمان
المؤقَّت، بل الحرمان الأبدي للعائلات الفلسطينية في قطاع غزة من أبنائها وأحبائها،
بل ومحو عائلات بكاملها من سجل الإنسانية ومن الوجود!
وليس عنا ببعيد قصة الطبيبة الفلسطينية الغزاوية
آلاء النجار، التي أباد كَيانُ الاحتلال والإجرام الصهيوني تسعةً من أبنائها دفعة
واحدة، وأصاب بجراح خطيرة زوجها وابنها العاشر، ومصاب هذه الطبيبة ليس مصابها
وحدها فحسب، وليس مأساة بالنسبة لها فحسب، بل مصاب ومأساة للإنسانية بأسرها، يوجب
على منظمة الأمم المتحدة أن تتحَرّك بشكل فاعل وعاجل لوقف هذه المأساة، التي سبق
لهذه المنظمة أن وصفتها في أربعينيات القرن الماضي بالآفة، التي تستوجب تضامنًا دوليًّا
لتخليص الإنسانية منها، وكان ذلك بمناسبة مناقشة اتّفاقية منع الإبادة الجماعية
والمعاقَبِ عليها، وهي تتباكى على ما تعرض له اليهودُ من محرقة [ربما مزعومةٍ
وأسطورة فقط] على أيدي النازية! وهي ذاتُها هذه المنظمة صاحبة ذلك الوصف، تتفرج اليوم
على المحرقة النازية العنصرية، والمأساة الإنسانية، التي يقترف أفعالها الصهاينة
المجرمون منذ أكثر من تسعة عشر شهرًا، ولم تحَرّك ساكنًا بشأنها؛ ما يجعل من هذه
المنظمة شريكًا مباشرًا إلى جانب كيان الإجرام الصهيوني وشركائه في تغوُّل هذه الآفة!
ورابع الالتزامات
التي يتوجب على الاحتلال وَفْقًا لأحكام القانون الدولي تجنب انتهاكها (عدم
تعريض السكان في الأراضي المحتلّة لأعمال ماسَّة بالشرف والكرامة) ولا تقتصرُ
سلوكياتُ كيان الاحتلال والإجرام الصهيوني على مُجَـرّد قطع صلات الأفراد
بعائلاتهم بإخفائهم أَو بقتلهم، بل إن هذا الكيان المجرم يعرِّضُ من سَلِمَ منهم
من أفعال جريمة الإبادة الجماعية والإخفاء القسري للمساس بكرامتهم وشرفهم ودينهم
وعاداتهم وتقاليدهم، وكل ذلك بعلم منظمة الأمم المتحدة، ودونَ أي اعتبار لسِنِّهم
وحالتهم الصحية، حَيثُ يتم تجريدهم من ملابسهم وعرضهم أمامَ شاشات التلفزة الدولية،
في انتهاكٍ صارِخٍ لكل القيم الأخلاقية والإنسانية، ولا تستثني السلوكياتُ الإجرامية
لكيان الاحتلال النساءَ؛ فعددٌ منهن تعرضن وبشكل متكرّر للاعتداء على شرفهن، وهتك
أعراضهن واغتصابهن، من جانب جيش الإجرام والاحتلال الصهيوني، ولم يقتصر الأمر على
ما سبق، بل إن أفعال الإبادة الجماعية شملت عددًا كبيرًا من النساء.
وخامسُ الالتزامات التي يتوجب على الاحتلال عدم
المساس بها وَفْقًا لأحكام القانون الدولي (تجنُّبُ أعمال التعذيب والأعمال
الماسَّة بالحق في الحياة)، حَيثُ توجب الفقرة الأولى من المادة (3)، من اتّفاقية
جنيف الرابعة، على كَيانِ الاحتلال (التزامَ المعاملة الإنسانية، للأشخاص الذين
لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية،...) ورغم أن منظمة الأمم المتحدة على
علم تام بما تعرض له ولا يزال يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني -أطفالًا ونساءً
وشيوخًا- من معاملة تمس كرامتهم الإنسانية؛ فالجميع في قطاع غزة دون استثناء يخضعون
لظروف معيشية قاسية، ومعاملة مهينة ليس لهم فحسب وإنما للإنسانية بأسرها، التي
تتحدث منظمة الأمم المتحدة باسمها.
ولا يقتصر
سلوك كيان الاحتلال الصهيوني الإجرامي على مُجَـرّد تعريض السكان في قطاع غزة
لمعاملة غير إنسانية، بل إن الهدف المعلَن -وبشكل وقح وسافر من جانب الكيان
الصهيوني وشركائه- هو إبادة كافة سكان القطاع؛ بسَببِ رفضهم خطة التهجير الطوعي، التي
سبق أن أعلنها ترامب كبير مجرمي البيت الأبيض، ورغم إدراك المنظمة الدولية يقينًا
لهدف الكيان الصهيوني من المعاملة الوحشية لجميعِ سكان قطاع غزة؛ فَـإنَّ هذه
المنظمة لم تحَرّك ساكنًا تجاه الكَيانِ المجرم وشركائه في الجريمة؛ ما يمكنُ
القولُ معه أن تنصل منظمة الأمم المتحدة عن واجباتها القانونية والأخلاقية والإنسانية،
يجعلها شريكًا مباشرًا مع كيان الإجرام الصهيوني وشركائه في الجريمة.
أما الالتزام السادس من الالتزامات التي يتوجَّبُ
على كَيانِ الاحتلال الالتزام بها فهو (عدمُ المساس بحق أبناء المناطق المحتلّة
في الغذاء والدواء) بموجب أحكام القانون الدولي يقعُ على عاتق الاحتلال،
وَفْقًا للمادة (55) من اتّفاقية جنيف الرابعة، (العمل وبأقصى ما تسمح به
وسائلها، على تزويدِ السكان بالمؤن الغذائية والإمدَادات الطبية، ومن واجبها على
الأخص أن تستوردَ ما يلزمُ من الأغذية والمهمات الطبية وغيرها، إذَا كانت مواردُ
الأراضي المحتلّة غيرَ كافية وتلتزم [دولة] الاحتلال، بمراعاة احتياجات السكان
المدنيين من المؤن الغذائية والإمدَادات الطبية).
ومع أن هذا
النَّصَّ -ومن الناحية النظرية- يجسّدُ القيمَ الإنسانية في أبهى صورها، غير أنه
وعلى أرض الواقع يمثّل سقوطًا مدوِّيًا للإنسانية بأسرها، قيميًّا وأخلاقيًّا وإنسانيًّا،
وعلى الأخص منظمةَ الأمم المتحدة الرقيب على مدى التزام الدول أَو انتهاكها لأحكام
القانون الدولي، لكنها ومع إدراكها أن كيان الإجرام الصهيوني يمنع دخول المواد
الغذائية والأدوية، ويتعمد إحراق ما هو متوفرٌ من غذاء ودواء، ليفاقمَ الحالةَ الإنسانية
لسكان القطاع ويزيد من مستوى معاناتهم، مع كُـلّ ذلك لم تتحَرّك هذه المنظمة ولم تحَرّك
ساكنًا في مواجهة إجرام الكيان الصهيوني وشركائه.
وتوجب المادة
(56) من اتّفاقية جنيف الرابعة على [دولة] الاحتلال أن (تعملَ بأقصى ما تسمح به
وسائلها، على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات، وكذلك الصحة العامة، والشروط
الصحية في الأراضي المحتلّة، وبوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية
اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة، ويسمح لجميع أفراد الخدمات
الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم).
وبعلم ومعرفة
منظمة الأمم المتحدة دمّـر كَيانُ الاحتلال والإجرام الصهيوني جميعَ المستشفيات في
قطاع غزة، وكل ما له علاقةٌ بتقديم الخدمات الطبية والصحية لأبناء القطاع، حَيثُ تعمد
ولا يزال يتعمَّدُ استهدافَ المستشفيات والمركِز الصحية بالقنابل والصواريخ ذات
القوة التدميرية الهائبة، وكأنه يستهدف ثكناتٍ أَو قواعدَ عسكريةً، ومع ذلك لم تتحَرّك
منظمة الأمم المتحدة رغم استمرار كيان الاحتلال الصهيوني في هذا السلوك الإجرامي
على مدى أكثر من تسعة عشر شهرًا، حَيثُ تكتفي المنظمةُ الدوليةُ بالتعبير عن حُزنها
وأسفِها وقلقِها من النتائج الكارثية لانهيار النظام الصحي في قطاع غزة؛ بسَببِ استهدافِ
المستشفيات!
وبعلم منظمة
الأمم المتحدة تعقّب كَيانُ الإجرام الصهيوني الكوادر الطبية والصحية واعتقل البعضُ
منهم وأخفاهم قسريًّا وأعدم بشكل مباشر ومتعمَّدٍ عددًا كَبيرًا منهم! ودون أن تحَرّك
المنظمة الدولية ساكنًا، رغم أن ميثاقها والقانون الدولي يخوِّلُها اتِّخاذُ إجراءات
متعدِّدة في مواجهة الدولة المنتهِكة سواءٌ بالمقاطعة السياسية أو الاقتصادية أَو الإجراءات
العسكرية القمعية وغيرها من الإجراءات، لكن كُـلّ هذه الإجراءات لم تجد لها طريقًا
إلى الواقع العملي، لمعاقبة كَيان الاحتلال الصهيوني، في حين وجدت طريقَها بالنسبة
لدول أُخرى، لا مجالَ لمقارنة انتهاكاتها مطلقًا بانتهاكات كيان الإجرام والاحتلال
الصهيوني!
وسابع الالتزامات الواجب على الاحتلال عدم المساس بها وَفْقًا لأحكام
القانون الدولي (حرية العقيدة وحقوق العمل والملكية الخَاصَّة) وبعلم تامٍّ
من جانب منظمة الأمم المتحدة بعدم توفير كيان الاحتلال الإجرامي الصهيوني لا لحرية
عقيدة ولا للحق في العمل ولا للملكية الخَاصَّة؛ فالمساجد مثلها مثل غيرها من الأعيان
المدنية تعرضت للاستهداف والتدمير الكامل، ولم يتبقَّ لسكان قطاع غزة، وبعلم
المنظمة الدولية من مجال للعمل، ولم يتبق للملكية الخَاصَّة أي أثر فكل سكان غزة
بلا عمل، ولا ملكية خَاصَّة لهم، ومثلما هم معرَّضون لجريمة إبادة جماعية، فقطاع
غزة تعرض لتدمير شامل لكل مقومات الحياة الإنسانية، ورغم كُـلّ ذلك لم تتحَرّك
منظمة الأمم المتحدة، ولم تستخدم أيًّا من الوسائل التي خوَّلها ميثاقها والقانون
الدولي، بل إن أصواتًا تصدح من قوىً صهيونيةٍ معارضة للجريمة ومنتقدة لاستمرار أفعالها،
تعد أكثرَ فاعليةً وإنسانية من منظمة الأمم المتحدة ذاتها!
الالتزام
الثامن الذي يتوجَّبُ على الاحتلال احترامَه وعدمِ المساس به هو (عدمُ انتهاك
حق الشعب في مقاومة المحتلّ)؛ لأَنَّ الاحتلال يمثّل قيدًا على حرية
الشعوب، يمنعُها من النهوض واللِّحاق بِرَكْبِ الدول المتقدمة، وتظل الشعوب المحتلّة
عبارةً عن مادة خام، تستفيد من مواردها قوى الاحتلال، وفي ذات الوقت سوقًا
لمنتجاتها، ولا يعني أبدًا احتلال دولة من الدول لشعب دولة أُخرى، أن تستمرَّ
الدولةُ المحتلّة في احتلالها إلى ما لا نهاية، ويظل الشعب المحتلّ خانعًا، وإن وُجِدَ
في هذا الشعب من يؤيد الاحتلال، ويعمل على تنفيذ أجنداته، خلافًا لما تفرضه رابطةُ
المواطنة من واجب تجاه الوطن، والدفاع عنه في مواجهة الغراة المحتلّين.
ويقدِّمُ لنا
التاريخُ نماذجَ لشعوب تعرضت للاحتلال، لفترات طالت أم قَصُرَت، لكن في نهاية
المطاف انتفضت تلك الشعوب، ونفضت عن كاهلها غُبارَ الذل والمهانة، وقاومت الاحتلالَ
حتى أجبرته على الرحيل عن أرضها، بعد تضحياتٍ جِسامٍ قدمها الأحرار، أوقدت دماؤهم
مشاعلَ الحرية والاستقلال، وخلَّد التاريخُ أسماءَ المجاهدين الأبطال، الذين وقفوا
في وجه الاحتلال وأعلنوا مقاومتَه بقوة السلاح.
ورغمَ سطوة
وهيمنة القوة الغاشمة لبعض الدول، التي استخدمتها في قهرِ وإخضاع الشعوب المستضعَفة،
ونهبت مواردها، إلَّا أن مقاومةَ الاحتلال تنامت وأصبحت موضوعًا مهمًّا من موضوعات
القانون الدولي، لم يكن في وِسْعِ الدول والمنظمات الدولية إلَّا الاعتراف بحق
الشعوب في مقاومة الاحتلال ونيل حقها في الحرية والاستقلال، وهذا الاعتراف لم يأتِ
إلَّا بفضل تضحيات جسيمة، قدّمها الأحرار في مواجهة الاستعمار على مستوى شعوب
العالم، أوجدت قناعاتٍ لدى الجماعة الدولية، بضرورة تكريسِ الحماية القانونية في
الوثائق الدولية، لحق الشعوب المحتلّة في مقاومة الاحتلال.
ووَفْقًا لذلك
فالمقاومةُ المسلحة، التي تناضل بها الشعوب ضدَّ التسلط الاستعماري، والاحتلال الأجنبي،
وضد الأنظمة العُنصرية، تلك المقاومة التي تسعى الشعوبُ من خلالها لتقرير مصيرها، كما
ورد في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي، الخَاصَّة
بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول، هي مقاومةٌ مشروعةٌ ومحمية بموجب أحكام
القانون الدولي.
وإذا كانت
تضحياتُ الشعوب المقاوِمة للاحتلال قد أجبرت الجمْعيةَ الدوليةَ على الاعترافِ
بهذا الحق وكفالته في الوثائق الدولية، فَـإنَّ مقاوَمةَ الشعب الفلسطيني وما قدَّمه
من تضحياتٍ في مقاومته للمحتلّ الصهيوني الأصلُ أن تدفعَ منظمةَ الأمم المتحدة
للوقوف إلى جانب تلك التضحيات وأن تعمل المنظمة الدولية -وبشكل حثيث وبكل إمْكَانياتها-
لتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقه في الحرية والاستقلال، بعد كُـلّ تلك التضحيات
الجِسام على مدى ما يقرُبُ من ثمانية عقود من الزمن في مواجهة الاحتلال الإجرامي
الصهيوني، وما سبق ذلك من احتلالٍ للأراضي الفلسطينية، وعلى منظمة الأمم المتحدة
أن تكفِّرَ عن خطيئتِها وجريمتِها بحق الشعب الفلسطيني، ما لم فَـإنَّ هذه المنظمة،
وكما كانت شريكةً للكيان الصهيوني بصمتِها وتجاهلها لانتهاكاته كَافَّةَ الالتزامات
الدولية، التي تكفلُ الحقوقَ المشروعة للشعب الفلسطيني، فَـإنَّ هذه المنظمة تكون
شريكةً في احتلال الأراضي الفلسطينية، وأنه لا تحريرَ للأراضي المحتلّة إلَّا بالعملِ
وبكافة الوسائل المتاحة على إسقاطِ كَيانِ هذه المنظمة ماديًّا، بعد سقوطِها في
غزة قيميًّا وأخلاقيًّا وإنسانيًّا.

مفتي عمان: قوى الطغيان في العالم طأطأت رأسها لليمن
متابعات | 04 يونيو | المسيرة نت: أكّد مفتي سلطنة عمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، اليوم الأربعاء، أن قوى الطغيان والجبروت في العالم طأطأت رأسها أمام اليمن، داعياً أنظمة الانبطاح إلى الاقتداء باليمن في مواجهة أعداء الأمة.
جماعة الجولاني تسترضي العدوّ الإسرائيلي وتنفي علاقتَها بالصواريخ
بيانُ خارجية سوريا الجولاني: ما حصل في إطار محاولة بعض الأطراف زعزعةَ الاستقرار بين الجانَبين
خامنئي: إيران تواصل تعزيز قدراتها الشاملة وتحدي الهيمنة الأمريكية والصهيونية
متابعات| المسيرة نت: أعلن قائد الثورة الإسلامية في إيران، السيد علي الخامنئي، أن الجمهورية الإسلامية مصممة على تعزيز قوتها في جميع المجالات.-
23:43الهلال الأحمر الفلسطيني: إصابة 7 مواطنين جرّاء هجوم المغتصبين اليهود على قرية دير دبوان شرق رام الله بالضفة المحتلة
-
23:14مصادر فلسطينية: مغتصبون يحرقون سيارات وحضائر أغنام وخيول وممتلكات مواطنين خلال هجوم واسع على قرية دير دبوان في رام الله
-
23:13مصادر فلسطينية: مغتصبون يهود يهاجمون ويحرقون مزرعة أغنام وإسطبل خيول في قرية دير دبوان في رام الله بالضفة المحتلة
-
23:13هيومن رايتس ووتش: واشنطن قدّمت دعما عسكريا مباشرا إلى التحالف بقيادة السعودية منذ مارس 2015 والكثير من هجمات التحالف انتهكت قوانين الحرب
-
23:13هيومن رايتس ووتش: الولايات المتحدة ضالعة في انتهاكات لقوانين الحرب في اليمن
-
23:13هيومن رايتس ووتش: يمرّ نحو 70% من واردات اليمن التجارية و80% من المساعدات الإنسانية عبر ميناء رأس عيسى