الإسناد اليمني لغزة... الجذور والأبعاد والسيناريوهات
آخر تحديث 10-10-2025 07:38

خاص| منصور البكالي| المسيرة نت: قالَ اللهُ تعالى: {الَّذِينَ قِيلَ لَهُمُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.

مُنذُ نَشأتِه، حَمَلَ المشروعُ القرآنيُّ اليمنيُّ المبارك، لأنصارِ اللهِ - الذين يَقودونَ اليمنَ اليومَ للوقوفِ معَ غزةَ ومحورِ المقاومةِ وكُلِّ الأمةِ ضد العدو الصهيوني الأمريكي – شعار الصرخة بعباراتِه: «اللهُ أكبرُ، الموتُ لأمريكا، الموتُ لإسرائيلَ، اللعنةُ على اليهودِ، النصرُ للإسلامِ»، بقيادة الشهيد القائد المؤسس السيد حسين بدرالدين الحوثي " رضوان الله عليه" كعلامةِ ثباتٍ ورَفضٍ لهيمنةِ المستكبرينَ، وكرمزٍ لمقاومةِ سياساتِ الإمبرياليةِ والصهيونيةِ والماسونية الاستعماريةِ لشعوبِ العالمِ الإسلاميِّ. 


لمْ تبقَ هذهِ الصرخةُ مُجرَّدَ كلماتٍ حبيسةَ جُدرانِ السُّجونِ التي زُجَّ بالمُكبِّرينَ الأوائلِ فيها، ولا على الخِرَقِ والإعلامِ والصُّدورِ وأغلفةِ الهواتفِ والخناجرِ، بلْ تحوَّلتْ إلى منهجٍ وسلوكٍ سياسيٍّ وميدانيٍّ.

 فحينَ مَنَحتهُ الظُّروفُ فرصةَ الفعلِ، صَدَقَتْ مبادئُها، ووَجَّهَتْ كلَّ طاقتِها في حمايةِ مُرَدِّدِيها من بَطشِ ووحيشةِ سلطةِ السفارةِ الأمريكيةِ مُنذُ عامِ 2004م إلى يومِ 21 سبتمبر 2014م، الذي فَجَّرَ ثورةَ الخلاصِ الشعبية من الهيمنةِ الأمريكيةِ على الشعبِ اليمنيِّ.

وحينَ جاءَ أقوى وأكبرُ تحالفٍ عسكريٍّ أمريكيٍّ سعوديٍّ وبمشاركةِ عَشراتِ الدُّولِ العربيةِ وغيرها، لثمانيةِ أعوامٍ، ثَبَتَ مُجاهدو اليمنِ وقيادتُهم القرآنيةُ، للذودِ عنِ اليمنِ وحمايتِه.

 وكانتِ الكرةُ الثالثةُ في إسنادِهِم لغزةَ عمليًّا - بالتعبئةِ الشعبيةِ وفعلٍ ميدانيٍّ في البحرِ والجوِّ - فصارَ الإيمانُ مرجعيةً لصياغةِ الموقفِ ولتصعيدِ الفعلِ دفاعًا عن المستضعفينَ.


هذا الشِّعارِ المُقدَّمِ للحلِّ الأمثلِ لخلاصِ المجتمعِ البشريِّ، وفي ظلالِ هذهِ الآيةِ، التي تُجسِّدُ ذُروةَ الثقةِ باللهِ وتَختصرُ جَوهرَ المنهجِ القرآنيِّ في مواجهةِ الطغيانِ، تتَبدَّى التجربةُ اليمنيَّةُ في نُصرتِها لغزةَ كأحدِ أبرزِ شواهدِ الإيمانِ العمليِّ في زمنِ الهيمنةِ والاستكبارِ.

فالموقفُ اليمنيُّ لم يكُنْ رَدَّ فعلٍ عاطفيًّا أو انفعالًا سياسيًّا مؤقَّتًا، بلْ ثمرةَ مسارٍ إيمانيٍّ وقرآنيٍّ عميقٍ جَعَلَ من الثقةِ باللهِ مُنطلقَ القوَّةِ، وسلاح من الوعيِ الرِّساليِّ أساسً للفعلِ الجهادي المُقاوِمِ، الذي تعرض للتشوية الكثيف، والفاشل.

وحَوَّلَ اليمنُ مرجعيَّتَهُ القرآنيةَ، ودماءَ شُهداءِ المسيرةِ القرآنيةِ - قادةً وأفرادًا - مِن مصدرِ إلهامٍ رُوحيٍّ إلى منظومةٍ فكريَّةٍ واستراتيجيةٍ توجِّهُ القرارَ والموقفَ والميدانَ، فغَدَتْ نُصوصُ القرآنِ خارطةَ طريقٍ لصناعةِ القوَّةِ، وتفعيلِ سُنَنِ النصرِ في واقعِ الأمةِ.

 بهذا الفهمِ، لمْ تَعُدْ نُصرةُ فلسطينَ في الوعيِ اليمنيِّ تعبيرًا عن تَعاطُفٍ أو تَضامُنٍ، بلْ واجبًا إيمانيًّا ومُمارسةً عمليَّةً تستمدُّ شَرعِيَّتَها من قولِه تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ}.


فالإيمانُ هنا ليسَ وِجْدانًا صامتًا بلْ فعلًا واعيًا يصنعُ المُعادلاتِ ويُغيِّرُ موازينَ القُوى، ويَستهدِفُ ويَهزمُ البوارجَ، وحاملاتِ الطائراتِ، والأساطيلَ الأمريكيةَ والغربيةَ في البحرِ ويُجبرها على الفِرارِ والهربِ، ويُدمِّرُ الطائراتِ المتطوِّرةَ من على أسطُحِها، ويُسقطُ تاجَ السلاحِ الإمبرياليِّ في البحرِ والبَرِّ.

ومن هذا المُنطلَقِ، بَرَزَتِ التجربةُ اليمنيَّةُ بوصفِها نموذجًا فريدًا في تفعيلِ الإيمانِ كقوَّةٍ استراتيجيةٍ، استطاعتْ أن تدمجَ بينَ الرُّوحِ القرآنيةِ والعملِ السياسيِّ والعسكريِّ، وأنْ تُحوِّلَ القِيَمَ الإيمانيةَ إلى منهجِ دولةٍ ومجتمعٍ، يُمارسُ فِعلَهُ المقاومَ في البحرِ والجوِّ والميدانِ.

وهكذا، جاءتِ الذكرى الثانيةُ لطوفانِ الأقصى لتؤكِّدَ أنَّ الثقةَ باللهِ حينَ تتجذَّرُ في وعيِ أُمَّةٍ، تتحوَّلُ إلى طاقةِ رَدعٍ ومَشروعٍ تحرُّريٍّ يَصنعُ التاريخَ ويُسقِطُ مشاريعَ الطُّغاةِ.

السياقُ العامُّ ومُعادَلةُ الصُّمُودِ

مُنذُ السابعِ من أكتوبرَ 2023م، مَثَّلَ طوفانُ الأقصى نُقطةَ تحوُّلٍ مَفصليَّةً في الوعيِ العربيِّ، إذِ انتقلَ الفعلُ الفلسطينيُّ المجاهد، مِن موقعِ الدفاعِ المحدودِ إلى الهجومِ المُباغِتِ الذي أعادَ تعريفَ القُدراتِ الكامنةِ للمقاومةِ.

ورغمَ حَجمِ الدمارِ الهائلِ الذي خلَّفَهُ العدوانُ الصهيونيُّ المَدعومُ أمريكيًّا وغربيًّا، إلا أنَّ النتيجةَ الميدانيةَ والسياسيةَ بعدَ عامينِ جاءتْ مُعاكسةً لتوقعاتِ العدوِّ: فشلٌ في تحقيقِ الأهدافِ المُعلَنةِ، وعَجْزٌ في فَرْضِ واقعٍ جديدٍ داخلَ القطاعِ أو في الإقليمِ.

وخلالَ تلك الفترةِ، حافظتِ المقاومةُ الفلسطينيةُ على تَماسُكِها التنظيميِّ والعملياتيِّ، ونَجَحتْ في نَقْلِ المعركةِ إلى العُمقِ الصهيونيِّ وإرباكِ المؤسسةِ العسكريةِ والسياسيةِ للعدوِّ.

 وهذا الصُّمودُ لم يكُنْ معزولًا عن بيئتِه الإقليميةِ، إذ شَهِدَتِ المنطقةُ بُروزَ مِحورِ إسنادٍ يتجاوزُ الدعمَ الخِطابيَّ إلى الفعلِ المباشرِ، وكانتِ اليمنُ في مُقدِّمتِهِ من حيثُ الزخمُ الشعبيُّ والاستعدادُ القتاليُّ والموقفُ المَبدئيُّ.

سياسيًّا: أعادَ الخطابُ اليمنيُّ الرسميُّ والشعبيُّ مُنذُ اليومِ الأولِ لطوفانِ الأقصى تعريفَ العلاقةِ مع القضيةِ الفلسطينيةِ بوصفِها قضيةَ الأمةِ المركزيةَ لا قضيةً جغرافيةً محصورةً، فالموقفُ اليمنيُّ لم يَنطلقْ من حساباتٍ دبلوماسيةٍ ضيِّقةٍ، بلْ من مُنطلقٍ قرآني إيماني عَقائديٍّ ووطنيٍّ يرى في تحريرِ فلسطينَ امتدادًا لمَعركةِ التحرُّرِ العربيِّ والإسلاميِّ من الهيمنةِ الأمريكيةِ.

تَجَلَّى ذلكَ في بياناتِ وزارةِ الخارجيةِ اليمنيةِ التي أكَّدَتْ مِرارًا أنَّ من صَمَدَ أمامَ العدوِّ الصهيونيِّ المدعومِ أمريكيًّا لما يقاربُ العامينِ هو المُنتصِرُ الحقيقيُّ، وأنَّ وَقفَ العدوانِ ورَفعَ الحصارِ يُعَدُّ اعترافًا بفشلِ المشروعِ الصهيونيِّ في كَسرِ إرادةِ المقاومةِ.

 كما تبنَّتْ مؤسساتُ الدولةِ والإعلامِ اليمنيِّ خطابًا مُتماسكًا يربطُ بينَ العدوانِ على غزةَ والعدوانِ على اليمنِ بوصفِهِما وَجهَينِ لمُخطَّطٍ واحدٍ يَستهدِفُ حُريَّةَ الشُّعوبِ واستقلالَ قرارِها.

عسكريًّا وميدانيًّا: بَرَزَ الدورُ اليمنيُّ بوضوحٍ عبرَ العملياتِ البحريةِ التي استهدَفَتْ سُفُنًا مرتبطةً بالكيانِ الصهيونيِّ أو داعمةً له أو حاميةً لملاحتِه في البحرِ الأحمرِ وخليجِ عدنَ، في إطارِ إسنادِ غزةَ، معَ توسُّعِ العملياتِ الجويةِ الباليستيةِ والمسيَّرةِ والمُتطوِّرةِ في عُمقِ فلسطينَ المحتلَّةِ. 

خلالَ عامينِ، نَفَّذَتِ القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ أكثرَ من 1800 عمليةٍ عسكريةٍ نوعيةٍ، منها عملياتٌ بحريةٌ بطائراتٍ مُسيَّرةٍ وصواريخَ باليستيةٍ، أَثَّرتْ مُباشرةً على حركةِ الملاحةِ المرتبطةِ بالعدوِّ وأَجبَرتْ شركاتٍ دوليةً كُبرى مثلَ ميرسك وإم إس سي على تغييرِ مساراتِها أو تعليقِ رِحلاتِها عبرَ البحرِ الأحمرِ.

 هذا الأداءُ العسكريُّ لم يكُنْ مُجرَّدَ استعراضٍ تَضامُنيٍّ، بلْ مُمارسةً استراتيجيةً هدَفَتْ إلى رَفعِ كُلفةِ العدوانِ الصهيونيِّ من خلالِ تعطيلِ شرايينِهِ التجاريةِ، وتحويلِ البحرِ الأحمرِ إلى ورقةِ ضَغطٍ سياسيةٍ لإجبارِ القُوى الكُبرى على مُراجعةِ حساباتِها تجاهَ الحربِ، وترسيخِ الردعِ الإقليميِّ عبرَ إظهارِ قُدرةِ اليمنِ على التأثيرِ في أمنِ الملاحةِ الدوليةِ دونَ الانخراطِ المباشرِ في الجبهاتِ البريَّةِ.

مُجتمعيًّا وتعبويًّا: بالتوازي معَ الموقفِ الرسميِّ، شَهِدَ الداخلُ اليمنيُّ حِراكًا تعبويًّا مُستمِرًّا تمثَّلَ في تنظيمِ مئاتِ المسيراتِ الجماهيريةِ وجَمعِ تبرُّعاتٍ ماليةٍ وعينيةٍ ضخمةٍ دَعمًا للمقاومةِ، وخُروجٍ شَعبيٍّ كُلَّ جمعةٍ، وخُطَبٍ للقيادةِ كُلَّ يومِ خميسٍ حولَ آخرِ الأحداثِ والمستجدَّاتِ في غزةَ والمنطقةِ، ورَسمِ مُوجِّهاتٍ وخططٍ للمواجهةِ حَظِيَتْ باهتمامٍ ومُتابَعةٍ واسعةٍ.

 كما أُعلِنَ عن تدريبِ وتأهيل، ما يزيدُ على مليونِ مُتطوِّعٍ ضمنَ قوَّاتِ طوفانِ الأقصى، في رسالةٍ رمزيةٍ تؤكِّدُ الجاهزيةَ القتاليةَ للشعبِ اليمنيِّ دفاعًا عن فلسطينَ.

ويُعَدُّ خطابُ السيدِ القائدِ عبدِ الملكِ الحوثيِّ_ يحفظه الله_ في الذكرى الثانيةِ لطوفانِ الأقصى وثيقةً سياسيةً واستراتيجيةً بامتيازٍ، يَجمعُ بينَ الرؤيةِ الفكريةِ والإطارِ العمليِّ، ويمكنُ قراءةُ الخطابِ عبرَ ثلاثةِ مستوياتٍ مُترابطةٍ:

المستوى القِيَمِيُّ والرُّؤيَوِيُّ: يُؤكِّدُ أنَّ الموقفَ من فلسطينَ ليسَ خيارًا سياسيًّا بلْ واجبًا دينيًّا وإنسانيًّا، وقرآنياً، ما يُعيدُ بناءَ مفهومِ الأمنِ القوميِّ اليمنيِّ والعربي والإسلامي بوصفِهِ أمنًا مُرتبطًا بمَصيرِ الأمةِ جمعاءَ، وارتباطها بالله ورساله وكتابه، والذين أمنوا، وعترة آل البيت "عليهم السلام".

المستوى الاستراتيجيُّ: يُشيرُ إلى أنَّ الردعَ البحريَّ اليمنيَّ جُزءٌ من مَعركةِ التحرُّرِ الكُبرى، وأنَّ عملياتِ البحرِ الأحمرِ ستتواصلُ ما لمْ يُرفَعِ الحصارُ عن غزةَ، مما يَعكسُ انتقالَ اليمنِ من مَوقعِ التَّضامُنِ إلى مَوقعِ الاشتباكِ الاستراتيجيِّ المشروطِ.

المستوى السياسيُّ الإقليميُّ: شَدَّدَ على ضرورةِ بناءِ جَبهةِ إسنادٍ مُوحَّدةٍ تَجمَعُ فصائلَ المقاومةِ والقُوى الحُرَّةَ في المنطقةِ لمواجهةِ المشروعِ الأمريكيِّ-الصهيونيِّ الممتدِّ من فلسطينَ إلى البحرِ الأحمرِ والقَرنِ الإفريقيِّ، وهو ما يُظهِرُ تجاسُرَ الإرادةِ اليمنيةِ في لَعبِ دَورٍ مِحوريٍّ داخلَ محورِ المقاومةِ إلى جانبِ دُوَلٍ أخرى.

دلالاتٌ استراتيجيَّةٌ وأبعادٌ إقليميَّةٌ

يُمكنُ قراءةُ التحوُّلِ اليمنيِّ في إطارِ ثلاثِ دلالاتٍ رئيسيةٍ: "التحوُّلُ من التلقِّي إلى المُبادرةِ: لمْ يَعُدِ اليمنُ يَنتظرُ نتائجَ المعاركِ الفلسطينيةِ ليُعبِّرَ عن التَّضامُنِ بلْ أصبحَ شريكًا فاعلًا في رَسمِ ملامحِ المعركةِ الإقليميةِ".


إضافة إلى إعادةُ تعريفِ ميزانِ الرَّدْعِ الإقليميِّ: من خلالِ قُدراتِهِ البحريةِ والصاروخيةِ التي أدخلَتِ الكيانَ الصهيونيَّ في مُعادَلةِ تهديدٍ جغرافيٍّ مُمْتَدٍّ تُربِكُ حساباتِهِ الاستراتيجيةَ، وحسابات امثاله والمطبعين الموالين له، وحاميه في المنطقة.

وإرساءُ نموذجٍ جديدٍ في التَّضامُنِ المقاوِمِ: يَجمعُ بينَ الوعيِ الشعبيِّ والعملِ المؤسَّسيِّ والميدانيِّ والمسؤوليات الإيمانية المقدسة، والولاء المطلق والصادق لآل البيت "عليهم السلام" مما يُعزِّزُ مَناعةَ المجتمعاتِ أمامَ مشاريعِ التطبيعِ والتفكيكِ، والغزة الفكري والثقافي والحروب الناعمة، وتجنب الولاية للذين كفروا من اليهود والنصارى، فتضرب الأمة من قبل الله.

وعلى صعيدِ الابعاد فالبعد الإقليميِّ، أَدَّى الدورُ اليمنيُّ إلى إعادةِ إحياءِ فِكرةِ محورِ المقاومةِ كمفهومٍ واقعيٍّ، فأصبحتْ جَبهاتُ الإسنادِ من لبنانَ والعراقِ واليمنِ تُشكِّلُ طَوقَ ضَغطٍ على الكيانِ الصهيونيِّ من اتجاهاتٍ متعدِّدةٍ، ما جَعَلَ أيَّ عدوانٍ مُستقبليٍّ على غزةَ مُكلِّفًا للغايةِ، كما ساهَمَ الموقفُ اليمنيُّ في تعزيزِ مَكانةِ صنعاءَ كقُطبٍ داعمٍ في مسار الفعل الجهادي العسكري المقاوم.

على الصعيدِ الدوليِّ: أربكَتِ العملياتُ اليمنيةُ حِساباتِ القُوى الغربيةِ، ولا سيَّما الولاياتِ المتحدةِ وبريطانيا، اللَّتينِ اضطُرَّتا إلى تشكيلِ تحالفٍ بحريٍّ لحمايةِ السُّفُنِ، لكنَّه لمْ يَنجحْ في تأمينِ الملاحةِ بصورةٍ فعالةٍ.

 كما أَظهرَ اليمنُ قُدرةً على إدارةِ حربِ استنزافٍ بحريةٍ محدودةِ الكلفةِ وعاليةِ التأثيرِ، مُتسبِّبةً في ارتفاعِ تكاليفِ التأمينِ البحريِّ وتَراجُعِ حركةِ النقلِ بنسبةٍ وصلتْ في بعضِ الأشهرِ إلى أكثرَ من أربعينَ بالمئةِ عبرَ الممرَّاتِ المرتبطةِ بالكيانِ الصهيونيِّ.

التحدياتُ الرَّاهنةُ والآفاقُ المُستقبليةُ

يُعوِّلُ العدوُّ الصهيونيُّ وأدواتُهُ الوظيفيةُ في المنطقةِ على تحريكِ الأدواتِ العميلةِ وإحياءِ التحدياتِ الداخليةِ، والتلاعبِ بقنواتٍ إقليميةٍ، والتهرُّبِ من الاتفاقياتِ والالتزاماتِ السابقةِ لإضعافِ زخمِ الإسنادِ الطويلِ الأَمَدِ وعرقلةِ الملفَّاتِ الإنسانيةِ والاقتصاديةِ.

سياسيًّا: يتجلَّى التحدِّي في ضرورةِ إدارةِ التوازنِ بينَ مواجهةِ الأدواتِ المحليةِ والتصدِّي لمُحاولاتِ استهدافِ اللُّحمةِ الداخليةِ، وبينَ استثمارِ عاملِ الوقتِ لصالحِ إضعافِ برامجِ الحصارِ والتعبئةِ ضدَّ اليمنِ وشعوبِه.

أمنيًّا: تؤكِّدُ الحقائقُ تَصاعُدَ الضغوطِ الغربيةِ والاستهدافَ الصهيونيَّ المُتكرِّرَ للمواقعِ اليمنيةِ، ما يَزيدُ من أهميةِ التحصينِ والجهوزيةِ الدفاعيةِ.

وعن الآفاق المستقبلية يُمكنُ رَسمُ ثلاث مساراتٍ مُحتملةٍ: ترسيخُ مُعادلةِ الرَّدعِ: عبرَ استمرارِ حالةِ هُدنةٍ هَشَّةٍ معَ تعزيزِ قُدراتِ المقاومةِ وإبقاءِ جبهةِ الإسنادِ اليمنيةِ في وضعِ الاستعدادِ.

وتوسُّعُ الاشتباكِ الإقليميِّ: في حالِ فَشلِ التسويةِ أو تجدُّدِ العدوانِ، ما قدْ يُؤدِّي إلى اتساعِ نِطاقِ العملياتِ اليمنيةِ في بابِ المندبِ والبحرِ الأحمرِ والبحرِ العربيِّ ورُبَّما العُمقِ الصهيونيِّ وأهدافٍ في دُوَلِ التطبيعِ عبرَ وسائطَ غيرِ تقليديةٍ.

والانتقالُ إلى مَعركةِ ما بعدَ الإعمارِ: حيثُ يَسعَى اليمنُ إلى لَعِبِ دَورٍ إنساني وإيماني وإخلافي  في إعادةِ تأهيل وتسليح المقاومة في غزة، ومدها بكل ما يتمكن من عناصر القوة المعنوية والثقافية المعززة للثقة بالله، وتثبيتِ حُضورِهِ ضمنَ استشعاره للمسؤولية التي حملها الله، أمام، عباده، وتوسيعِ تأثيرِهِ الثقافيِّ والإيمانيِّ لدى شُعوبِ الأمةِ، من منطلق الرحمة والواجب الديني والأخوي.

خُلاصَةٌ واستِشرافٌ

بعدَ عامينِ من طوفانِ الأقصى، تحوَّلَتِ المسألةُ الفلسطينيةُ من قَضيةِ مُقاومةٍ مَحليةٍ إلى مِحورٍ لإعادةِ تشكيلِ ميزانِ القُوى في المنطقةِ.

وأظهرَتِ التجربةُ أنَّ الإيمانَ عندَ اليمنِ لمْ يكُنْ فقطْ مَوقفًا فرديًّا أو خِطابيًّا، بلْ مشروعًا حضاريًّا عمليًّا، ومشروعاً عالمياً فيه نجاة وفلاح ورحمة العالمين، يُحوِّلُ النصَّ القرآنيَّ إلى استراتيجيةٍ للحياةِ والسياسةِ والجهاد في سبيل الله دون أي خنوع او خضوع وخوف لأحد غيره.

 إنَّ صُمودَ غزةَ واستدامةَ الإسنادِ اليمنيِّ لمْ يَعُدَا حَدثَينِ عابرينِ، بلْ جُزءًا من مسارٍ تَحرُّرِيٍّ مُتصاعِدٍ يُعيدُ تعريفَ مَفاهيمِ القوَّةِ والهيمنةِ في القرنِ الحادي والعشرينَ.

 وبينما يَنشغِلُ العدوُّ بمُراجعةِ هزائِمِهِ، تُواصِلُ الشعوبُ الحُرَّةُ كتابةَ مُعادلتِها الجديدةِ على أنقاضِ مشروعِ التطبيعِ والانكسارِ، وتتَحضَّرُ كُلَّ لحظةٍ لخوضِ مَعركةِ التحريرِ الكُبرى، مُستَمِدَّةً قُوَّتَها من الله خالقها وناصر جنوده وانصاره المؤمنين، القوي الجبار المنتقم، والالتزامِ والعملِ المَنهجيِّ المبنيِّ على مرجعيةٍ قُرآنيةٍ عمليةٍ.

الوادعي: طرح السيد القائد ارتقى إلى مستوى المواقف التاريخية الخالدة
تطرق الكاتب والصحفي إبراهيم الوادعي، إلى خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، مؤكداً أن التعثر الذي واجهه العدو الصهيوني في غزة ليس إلا فترة استراحة، وأن المرحلة الحالية يجب أن تكون محطة للبناء استعداداً لجولة جديدة من المواجهة.
السلطة الفلسطينية تطرق أبواب دول خليجية لمنع الإفراج عن مروان البرغوثي
كشف المحلل العسكري الإسرائيلي، يوسي يهوشع، أن السلطة الفلسطينية تبذل جهودًا كبيرة عبر دولة خليجية للضغط من أجل منع الإفراج عن الأسير مروان البرغوثي ضمن صفقة التبادل مع حركة حماس.
ميرسك تتراجع مع توقعات عودة الشحن عبر البحر الأحمر بعد اتفاق غزة
تراجعت أسهم شركة ميرسك الدنماركية للنقل البحري بنسبة 1.96% أمس الخميس، مع ارتفاع التوقعات بعودة حركة شحن الحاويات عبر البحر الأحمر وقناة السويس بعد إعلان المرحلة الأولى من اتفاق وقف العدوان بالصهيوني على غزة.
الأخبار العاجلة
  • 12:01
    مصادر فلسطينية: مصابون بجراح خطيرة جراء استهداف العدو لمدرسة تؤوي نازحين في جباليا النزلة شمال قطاع غزة
  • 12:01
    وزارة الداخلية بغزة: سنبدأ بالعمل على استعادة النظام ومعالجة الفوضى التي سعى العدو لنشرها على مدى عامين
  • 11:49
    اللجنة الدولية للصليب الأحمر: سندعم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة عبر إعادة الأسرى
  • 11:33
    مصادر فلسطينية: زوارق حربية للعدو تطلق نيرانها تجاه المواطنين على شارع الرشيد وسط قطاع غزة
  • 10:12
    مصادر فلسطينية: استشهاد شاب بعد إصابته بطلق ناري في منطقة الإقليمي في مواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة
  • 10:12
    مصادر فلسطينية: شهيد جراء استهداف جيش العدو طواقم بلدية غزة بحي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة
الأكثر متابعة