أمريكا في مهمة القيادة من الخلف.. الدور الخفي لواشنطن في العدوان على إيران

خاص| محمد ناصر حتروش| المسيرة نت: تتحكّم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمسار المعركة وتوجّـه صفعاتٍ مؤلمةً في عمق كيان العدوّ في فلسطين المحتلّة خلال الأيّام الماضية.

لا يستطيع كيان العدوّ أن يخفيَ خسائرَه، كما أن مشاهد الدمار والخراب والحرائق في قلب كيان العدوّ تثبت أن الضربات التي تلقاها ليست محدودة، وإنما تنبئ عن مصير قاتم للصهاينة في حال طال أمدُ الحرب، ووصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة.

ويصف الخبير والمحلل العسكري اللواء خالد غراب، هجمات الرد الإيراني على العدوّ الصهيوني الليلة الماضية بـ "الموجة النارية"، معتقدًا أن إيران انتقلت من مرحلة استخدام السلاح التقليدي إلى السلاح النوعي النموذجي، (سلاح الجيل الخامس) في إطار الردع الإيراني للعدو الصهيوني.

ويوضح غراب في تصريح خاص لقناة "المسيرة" أن الصواريخ التي استخدمتها إيران الليلة الماضية، في ضرب عمق الكيان مختلفة، حَيثُ كانت قوية وكسرت عظم العدوّ بشكل واضح، مؤكّـدًا أن الأهداف التي تم قصفها بالصواريخ النوعية كانت منتقاة بعناية، وبغاية الحساسية والأهميّة في "حيفا" و"النقب" وغيرهما من المناطق التي تم استهدافها.

ويشير إلى أن "قيام العدوّ الصهيوني بمحاولة التعتيم الإعلامي وعدم تناول أية أخبار عن الأماكن التي طالتها الصواريخ الإيرانية، والسعي إلى إلقاء القبض على كُـلّ من ينشر صورة أَو فيديو لمكان القصف، هو تأكيد آخر على أهميّة وحساسية الأهداف الصهيونية"، مجدّدًا التأكيد على أن الكيان الصهيوني بدأ يترنح، لا سِـيَّـما أنه طلب المساعدة من الأمريكي، منوِّهًا إلى أن "العدوان على إيران هو عدوان أمريكي وأن "إسرائيل" مُجَـرّد أدَاة لتنفيذ الرغبات والمصالح الأمريكية.

وفي حين تواصل الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية دك الأهداف الحيوية والحساسة في مختلف جغرافيا الأراضي الفلسطينية المحتلّة، تقف منظومات الدفاع الجوي التابعة لكيان العدوّ عاجزة عن اعتراض الصواريخ والتصدي لها؛ الأمر الذي يعكس فشل تلك المنظومات في توفير الحماية الكاملة كما كان يروج لها الكيان والأمريكيون".

ويرى الخبير في الشؤون العسكرية العميد مجيب شمسان أن "التصعيد الأخير الذي شهدته المنطقة بين إيران والكيان الصهيوني شكل نقطة تحول استراتيجية"، مُشيرًا إلى أن "الضربات الإيرانية الدقيقة أظهرت ضعف المنظومات الدفاعية لكيان العدوّ وكشفت عن إخفاق الكيان في تأمين عمقه الأمني".

وفي حديثه لقناة "المسيرة" يؤكّـد شمسان أن "إيران قدّمت "ردًّا مدروسًا على كافة المستويات"، وتمكّنت من فرض معادلات جديدة، غير متوقعة لتحالف العدوان الأمريكي–الصهيوني–البريطاني"، موضحًا أن "الجمهورية الإسلامية استهدفت مواقع بالغة الحساسية في قلب الكيان، من بينها "تل أبيب" وحيفا، عبر صواريخ ذات قدرة تدميرية عالية، أبرزها صاروخ "خرمشهر" الذي يصل رأسُه المتفجرُ إلى طُنين من المواد شديدة الانفجار".

وعلى الرغم من حجم الدمار الهائل الذي ألحقته الصواريخُ الإيرانية بالمغتصبات الصهيونية، إلا أن تصريحات القادة الإيرانيين حول استخدام الجزء اليسير من ترسانتهم الحربية يكشف بأن هناك أَيَّـامًا مأساوية سيشهدها الكيان مستقبلًا.

وفي هذه الجزئية يقول شمسان: "إيران لم تستخدم حتى اللحظة كاملَ قدراتها أَو منظومتها الصاروخية الدقيقة والمدمِّـرة"، موضحًا أن "معظم الضربات في الأيّام الأولى نُفذت باستخدام صواريخَ استراتيجية ممزوجة بصواريخ فرط صوتية ورؤوس متفجرة متقدمة".

ويشير إلى أن "الضربات الإيرانية استهدفت البنية الاقتصادية للكيان في الصميم، مثل مصفاة حيفا وشركة رافائيل للصناعات الدفاعية، وأظهرت أن استهداف المنشآت المدنية والاقتصادية الإيرانية سيقابله استهداف مباشر لمنشآت الاحتلال الحيوية"، لافتًا إلى أن "المشاهد التي وثَّقت الأضرارَ الجسيمة التي لحقت بقاعدة "نيفين الجوية"، تعكسُ الإخفاقات التقنية في تشغيلِ منظومات الدفاع نتيجةَ الضغط الكثيف والضربات الموجّهة بدقَّة.

ويؤدي ارتفاعُ وتيرة العمليات العسكرية الإيرانية في مختلف جغرافيا الأراضي الفلسطينية المحتلّة إلى تكبيدِ الكيان الصهيوني خسائرَ جسيمةً يصعُبُ معالجتُها لسنين طويلة من الزمن".

ويكشف العميد شمسان أن "استمرارَ الضربات الإيرانية يضع الكيان الصهيوني أمام "أزمة استنزاف استراتيجي"، سواء على مستوى الذخائر أَو القدرة على التعويض والإمدَاد، في ظل الضربات المتواصلة التي تستنزف المخزون الدفاعي الصهيوني".

ويلفت إلى أن اليمن، انطلاقًا من مبدأ "وحدة الساحات"، لا يزال حاضرًا بفاعلية إلى جانب محور المقاومة، سواء في غزة أَو إيران، مُشيرًا إلى أن "ما تتعرض له إيران اليوم من عدوان وخسائر كان يجب أن يتحمله العرب أولًا؛ دفاعًا عن القضية الفلسطينية".

ويرى أننا اليوم "أمام مرحلة فارقة في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني؛ فإيران ترسم معادلة ردع جديدة، وستسقط أُسطورة الأمن المطلق التي بناها الكيان، وتضع المنطقة أمام مستقبل مختلف لا مجال فيه للعودة إلى الوراء".

تورط أمريكي مع الكيان:

ومع ارتفاع وتيرة المواجهة العسكرية بين كيان العدوّ الإسرائيلي والجمهورية الإسلامية الإيرانية، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تقديم نفسها وكأنها طرف محايد لا علاقة له بالعدوان الصهيوني الغادر على إيران.

ومن وجهة نظر المحلل السياسي زكريا الشرعبي فَــإنَّ الولايات المتحدة الأمريكية تعد "المحرك الأَسَاسي والدينامو الفعلي للعدوان الصهيوني على طهران"، لافتًا إلى "وجود خطة شاملة تستهدف إيران الثورة والعقيدة قبل أن تستهدف برنامجها النووي".

وفي حديث خاص لقناة "المسيرة" يقول الشرعبي: "الحديث المتكرّر من المجرم بنيامين نتنياهو عن تدمير البرنامج النووي الإيراني ليس سوى واجهة لعدوان أوسعَ تشارك فيه واشنطن بشكل مباشر، سواء من خلال الدعم العسكري، أَو عبر التخطيط والتنسيق في غرف العمليات".

ويوضح أن "ما رُصد خلال الأيّام التي سبقت التصعيد، من تحَرُّكات لطائرات نقلٍ عسكرية أمريكية من طراز C-17 تنقل الأسلحة إلى داخل الأراضي المحتلّة، يكشف بوضوح حجم الانخراط الأمريكي".

ويبيِّنُ أن "كيان العدوّ الإسرائيلي لا يمكنُه القيامُ بأي عمل عسكري بهذا الحجم من دونِ الغطاء والدعم الأمريكي الكامل"، مشدّدًا على أن "الدور الأمريكي يتجاوزُ الدعم السياسي والإعلامي، ليصل إلى المشاركةِ اللوجستية والعسكرية الكاملة، تمامًا كما حدث في العدوان على اليمن".