لبنان أمام منعطفٍ خطير.. ما بعد اغتيال الجهادي الكبير هيثم الطبطبائي؟
آخر تحديث 24-11-2025 22:56

خاص/ المسيرة نت:

يشكّل اغتيال الجهادي الكبير في حزب الله هيثم تحولاً نوعياً في الصراع مع العدو الإسرائيلي، وهو يفتح الباب أمام مصراعيه لاحتمالات كثيرة لا تستقر تداعياتها عند هذا الحدث الهام.
ويعكس اختيار المكان والتوقيت انتقالاً صهيونياً إلى مرحلة أكثر جرأة في الاستهداف المباشر داخل العمق اللبناني، في ظل توسع الغارات خلال الأسابيع الأخيرة على مناطق في البقاع والجنوب قبل وصولها إلى قلب الضاحية، وما تمثله من رمزية ودلالة لحزب الله وللمقاومة اللبنانية بشكل عام.
ووجّه كيان العدو الإسرائيلي أكثر من رسالة إلى حزب الله وإلى الدولة اللبنانية، من أبرزها أنه لا مكان محظور على الكيان المؤقت، وأن "إسرائيل" قد تهاجم في أي وقت تقرره إذا تأكدت من وجود ما يقتضي تدميره أو قتله، كما أن الضاحية الجنوبية ليست بمنأى عن هذه الهجمات، وأنها لن تقتصر على الجنوب والبقاع، وإنما على الجغرافيا اللبنانية بأكملها، وهذا ينسف أي اتفاق سابق لوقف إطلاق النار في لبنان.
ويذكّرنا هذا الإجرام بالاغتيالات السابقة لكيان العدو التي طالت مسؤولين وقيادات رفيعة في حزب الله، بدءاً باغتيال الجهادي الكبير فؤاد شكر، ووصولاً إلى اغتيال سماحة الأمين العام للحزب شهيد الإنسانية السيد حسن نصر الله –رضوان الله عليه– والآن، فإن كل المؤشرات تدل على أن العدو الإسرائيلي قد اخترق كل الاتفاقات، وهو يعمل وفق خطة محكمة تسعى للقضاء على حزب الله كي لا تقوم له قائمة، ولذلك، سواء ردّ حزب الله على هذه الجريمة أو استمر في مواصلة الصمت، فإن الكيان الصهيوني يتحضر للحرب، وربما لما هو أكبر ضد لبنان.
وتتضمن الاستراتيجية للعدو الإسرائيلي عدم السماح لحزب الله اللبناني بالنهوض، وهنا يأتي اغتيال الطبطبائي بوصفه جزءاً من مسار تصعيدي أوسع، إذ أعلن المجرم نتنياهو أن بلاده "لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قوته أو تشكيل تهديد جديد"، في حين رفعت القيادة العسكرية الصهيونية الجهوزية تحسباً لأي رد.
ولهذا يتواصل الضغط الأمريكي–الصهيوني على الحكومة اللبنانية والرئاسة لإجبار الحزب على تسليم سلاحه بالطرق السلمية، ما لم فإن الحزب سيظل تحت دائرة الضغط المتواصل، سواء كان عسكرياً أو دبلوماسياً أو اقتصادياً، فخلال الأشهر الماضية تعرض لبنان لهزّات متعددة، منها التصريحات الفجّة للمبعوثين الأمريكيين، إضافة إلى الضغط على الاقتصاد اللبناني، واستمرار خروقات العدوان الصهيوني، وكلها تصب في خانة واحدة هدفها إخراج حزب الله من المعادلة اللبنانية.

استباحة متواصلة للأجواء اللبنانية

ويُعد اختراق أجواء لبنان على مدار الساعة من قبل طائرات الاستطلاع الأمريكية والصهيونية، إضافة إلى تكثيف الغارات على الجنوب اللبناني، أحد أبرز مؤشرات التصعيد، فهذه الطلعات التجسسية تقوم بجمع المعلومات عن تحركات حزب الله وقيادته، ثم اتخاذ القرار بتنفيذ عمليات الاغتيال، وهذا كان من ضمن الخطوط المحرمة قبل عملية طوفان الأقصى، ولهذا فإن الشهيد الطبطبائي كان تحت مراقبة لصيقة منذ سنوات، بحكم دوره العسكري وخبرته التي جعلته هدفاً دائماً لملاحقة العدو الإسرائيلي.
ومنذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر من العام الماضي ظل حزب الله يعتمد نهجاً يقوم على الوقوف خلف الدولة اللبنانية، محاولاً إقناع الجمهور اللبناني بحقيقة نوايا الكيان المؤقت الاستعمارية تجاه لبنان، وسواء كان حزب الله موجوداً أو لم يكن، فإن العدو يهدف إلى احتلال لبنان وضمها تحت السيطرة الصهيونية، غير أن هذا الصمت له ثمن كبير يدفعه الحزب، ولا يمكن أن يستمر طويلاً، كما يؤكد أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطاب سابق.
ويضع هذا الاغتيال لبنان أمام تداعيات كثيرة، فالرد من قبل حزب الله –حتى إن كان محسوباً– سيحفظ هيبته، لكن من يضمن ألا يقود ذلك إلى حرب شاملة، وهو ما تسعى إليه "إسرائيل" بدعم وتأييد أمريكي، وقد تستغل هذا الحدث للقيام بقصف جوي مكثف على بيروت، فيضع الحزب في موقف محرج مع اللبنانيين.

المقاومة عصية على الانكسار

نخلص مما سبق، أن هذه الجريمة ليست حدثاً أمنياً عابراً، وإنما هي خطوة في مسار تصعيدي عنوانه إعادة تشكيل البيئة اللبنانية بما يخدم مشروع تفكيك "حزب الله"، فالحكومة اللبنانية والرئاسة، وقوى حزبية متعددة داخل لبنان، يفضلون هذا التوجه ويرغبون به، في حين يرى الحزب أن ما يحدث هي مؤامرة تستهدف وجوده وانهاء تاريخه الجهادي والمقاوم ، والتسليم لهذا الأمر ستكون له تداعيات خطيرة جداً على جنوب لبنان أولاً وعلى مشروع المقاومة، وهو ما لا يمكن قبوله، حتى وان استدعى الأمر خوض حرباً "كربلائية" كما أكد على ذلك الشيخ نعيم قاسم سابقاً.

وتبقى الساعات والأيام المقبلة حبلى بالمتغيرات، فلبنان اليوم يقف على عتبة فصل جديد من الصراع، قد تتبدل فيه قواعد الاشتباك وتتسع فيه رقعة المواجهة، وبقدر ما يحمل اغتيال الطبطبائي رسائل عدوانية واضحة، فإنه يعيد التذكير بأن العدو لم يتخلّ يوماً عن مشروعه القائم على تفكيك المنطقة وإضعاف حركات المقاومة، ومع ذلك، فإن التجارب السابقة تؤكد أن لبنان لم يسقط تحت وطأة الضغوط، وأن بيئة المقاومة التي أنجبت قادة كباراً ستظل قادرة على التصدي لكل عدوان، مهما عظمت التحديات وتشابكت خطوط النار.

ويدخل لبنان مرحلة أشد خطورة يتداخل فيها الاستهداف العسكري مع محاولة إعادة صياغة المشهد السياسي والأمني بأكمله، وما بين مشروع صهيوني يسعى لإسقاط حزب الله من الداخل والخارج، وضغط أمريكي لتجريده من قوة الردع، يجد لبنان نفسه أمام لحظة مصيرية قد تحدد شكل توازنات المنطقة لسنوات طويلة، وفي هذا المفصل الدقيق، تبدو أي خطوة سواء اتجهت نحو الرد أو نحو الترقب قادرة على إشعال مواجهة واسعة، ما يجعل الأشهر المقبلة اختباراً حقيقياً لقدرة لبنان على منع الانهيار وتماسك معادلة الردع التي شكّلها حزب الله طوال العقود الماضية.

 


الأخبار العاجلة
  • 01:21
    مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تقتحم حي الضاحية شرق نابلس و بلدة بيت أمر شمال الخليل جنوب الضفة الغربية
  • 00:53
    مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تداهم منازل الأهالي خلال اقتحامها مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية
  • 00:21
    قناة آي 24 نيوز الصهيونية: الممر سيشمل أيضا كوابل اتصالات وأنابيب لنقل الطاقة إلى جانب خطوط السكك الحديدية
  • 00:18
    قناة آي 24 نيوز الصهيونية: القطار سيسهم في ربط حركة التجارة بين دول الخليج و"إسرائيل" ضمن ممر اقتصادي سيحول "إسرائيل" إلى محور تجارة مركزي
  • 00:17
    قناة آي 24 نيوز الصهيونية: خط القطار البري بين الإمارات وحيفا واصل البناء بسرية خلال الحرب وقد وصل إلى مرحلة متقدمة من التجهيزات
  • 23:57
    مصادر فلسطينية: العدو الإسرائيلي ينسف منازل المواطنين شرقي جباليا شمالي قطاع غزة
الأكثر متابعة