ترامب والحذر الاستراتيجي الجديد.. اعتراف غير مباشر بقوة الردع اليمنية

في احتفالٍ رمزيٍّ بذكرى تأسيس البحرية الأمريكية، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يتحدث بلغةٍ يغلب عليها طابع التحفّظ والحذر، قائلًا أمام جنوده: "لا نريد أن نرسلَكم إلى المعركة إلّا إذا كان ذلك ضروريًا".
لقد أصبح واضحًا أن الإستراتيجية الأمريكية التقليدية القائمة على التفوّق التكنولوجي والوجود الضخم لم تعد كافيةً في مواجهة إرادةِ شعبٍ يدفع من دمه وعرقه ثمنًا لكرامته وحقه في الدفاع عن أشقائه في غزة. فما نشهده اليوم هو تحوّلٌ في بيئة الصراع ذاتها، حيث لم تعد القوة التقليدية هي الحكم الوحيد في المعركة.
لقد اختارت واشنطن -لسنواتٍ طويلة- أن تتعامل مع المنطقة بمنطق القطب الواحد، على قاعدة "المدرسة التدخلية الحازمة" التي تؤمن بأحقية التدخل العسكري المنفرد للولايات المتحدة حسب رغبتها، ولا تقيم وزنًا فعليًا لدور الأمم المتحدة أو حتى لحلف الناتو إذا لم يتفقا مع ما تعتبره المصلحة الأمريكية الخاصة.
لكن هذه المقاربة بدأت تُظهر علامات الإعياء والتراجع، فالتقنياتُ العسكرية الأمريكية المتطورة، بما فيها حاملات الطائرات والمدمرات، وجدت نفسها في مواجهة تكتيكاتٍ جديدةٍ وغير تقليدية، حيث إن "الولايات المتحدة الأمريكية تدخل في حربٍ ما وتنسحب منها، ثم تعود مجددًا.. ليس لأن لديها خطة، بل لأن الفوضى التي خلّفتها سياساتها تجبرها على العودة".
لقد تحوّل البحر الأحمر -تحت سيطرة البحرية اليمنية- من بحيرةٍ أمريكية إلى ساحة اشتباكٍ مفتوح، تتعرض فيها السفن الأمريكية والبريطانية لضرباتٍ دقيقة، كما حصل مع حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" التي استهدفتها البحرية اليمنية وأجبرتها على الانسحاب إلى شمال البحر الأحمر، في عملياتٍ لم تكن مجرد ردود فعلٍ آنية، بل كانت جزءًا من إستراتيجيةٍ مدروسةٍ نقلت المعركة من شواطئ غزة المحاصَرة إلى عمق البحر الأحمر، لتضرب خطوط الإمداد وتقطع شريان الدعم اللوجستي عن الكيان الصهيوني.
لقد أثبتت القوات المسلحة اليمنية أنها قادرةٌ على تطوير أدواتها ووسائلها بشكلٍ متسارع، فبعد أن كانت عملياتها في البداية تقتصر على التحذير والاعتراض، تطورت إلى عمليات إغراقٍ مباشرٍ للسفن المعادية، كما حدث مع السفينتين "ماجيك سيز" و"إترنيتي سي" وسفينةٍ ثالثةٍ يونانية في خليج عدن، في ضرباتٍ تعكس تجدد الاتساع في خارطة الرد اليمني ضمن معادلة "الحصار مقابل الحصار".
لقد أصبحت صنعاء تمتلك منظومةً متكاملةً من الإرادة والتقنية والجرأة، تجعل من أيّة مغامرةٍ بحريةٍ أمريكيةٍ جديدةٍ محفوفةٍ بمخاطرَ يصعب احتواؤها، وهو ما يفسر تحوّل الخطاب الأمريكي من لغة التهديد والوعيد إلى لغة الحذر والتردد.
إن تصريح ترامب يأتي في سياق تحوّلٍ استراتيجيٍّ أوسع في التفكير العسكري الأمريكي، حيث لم تعد واشنطن قادرةً على تحمّل تبعات وجودها العسكري المكثف في المنطقة. فكما يشير تحليلٌ لموقع "كسيون"، فإن "الانكفاء الأمريكي لا يمكن فهمه فقط في ضوء الإخفاقات الإقليمية، بل أيضًا ضمن إطارٍ أوسع من التراجع النسبي في القوة الأمريكية الشاملة، والضغط الداخلي لإعادة توزيع الموارد نحو آسيا والداخل الأمريكي".
لقد حاولت الولايات المتحدة تعويض هذا التراجع باللجوء إلى ما يُسمّى "باستراتيجية الردع المرن" و"الوجود الذكي" و"القيادة من الخلف"، والتي يعترف الأدميرال تشارلز كوبر بأنها تقوم على "تعزيز قدرة الشركاء المحليين على تنفيذ المهام، مما يقلل الحاجة إلى وجود الأمريكيين"، ولكن هذه الإستراتيجية الجديدة تُظهر فشلها الذريع في البحر الأحمر، حيث لم يستطع أيٌّ من الحلفاء المحليين أن ينفّذ الأجندة الأمريكية كما تريدها واشنطن. بل إن محاولات ترامب ونتنياهو لإعادة تشكيل الشرق الأوسط باستخدام القنابل -كما يذكر تحليلٌ في "الغارديان"- ليست فاشلةً فحسب، بل "كارثية".
لقد نجحت القوات المسلحة اليمنية في تحويل البحر الأحمر من منطقة نفوذٍ أمريكيٍّ مطلق إلى ساحة اشتباكٍ مفتوحٍ لصالح قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مما أجبر الولايات المتحدة على إعادة تموضع أسطولها ووقف اعتداءاتها المباشرة على اليمن.
وهذا النجاح لم يكن نصرًا عسكريًا فحسب، بل تحوّلًا في موازين الردع الإقليمي، حيث أثبت اليمن أنه قادرٌ على فرض معادلاتٍ جديدةٍ تُحيِّد قوة العدو مهما كان حجمها.
ختامًا، لم يكن تصريح الرئيس الأمريكي سوى انعكاسٍ لحقيقةٍ ميدانيةٍ لم يعد ممكنًا إنكارها: أن زمن الهيمنة الأمريكية على البحار في المنطقة العربية قد وَلّى، وأن اليمن -بصلابته العسكرية وبصيرته السياسية وموقفه الإيماني والإنساني مع فلسطين- أصبح اليوم رقمًا ثابتًا في معادلة الردع، وحارسَ البحر الأحمر الذي غيّر حسابات القوى الكبرى، وجعل من الحذر الأمريكي عنوانًا لمرحلةٍ جديدةٍ من الوعي الاستراتيجي في واشنطن، بعد أن كان محلَّ تباهٍ بالهيمنة والسطوة على المنطقة والإقليم.
لقد أثبتت الموجة اليمنية أنها قادرةٌ على إغراق هيمنة واشنطن البحرية، وجعلت من كل ميلٍ بحريٍّ مسافةً للتهديد لا للأمان، محققةً بذلك ما عجزت عنه الجيوش العربية والدول الإقليمية لعقودٍ من الزمن. إنها معادلةٌ جديدةٌ بالكامل، حيث لم يعد البحر ساحةً للهيمنة، بل أصبح مجالًا للتحرر والمقاومة.

منتسبو جامعة المحويت: طوفان الأقصى كشف الوجه الحقيقي للعدوان الصهيوني الأمريكي على غزة
المحويت| المسيرة نت: نظم منتسبو جامعة المحويت اليوم الأربعاء مسيرتين حاشدتين للتعبير عن الدعم والإسناد لفلسطين وقطاع غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر.
الاحتلال الصهيوني يواصل استباحته لسوريا ويتوغل باتجاه "الصمدانية" بريف القنيطرة
المسيرة نت| متابعات: في سياق مسلسل الاستباحة الصهيونية للأرض والسيادة السورية؛ توغلت قوة الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم، باتجاه قرية "الصمدانية" الشرقية وبلدة "العجرف" بريف محافظة القنيطرة.
زعيم المعارضة الصهيونية: الكيان يعاني من أزمة أمنية وسياسية واقتصادية شديدة
أكد زعيم المعارضة الصهيوني، يائير لابيد، أن الكيان يواجه أزمة متعددة الأبعاد تهدد استقرارها الداخلي والخارجي.-
21:32مصادر سورية: 3 إصابات جراء الانفجار في منطقة المطاحن في بلدة السبينة في ريف العاصمة دمشق
-
21:15مراسلنا في غزة: 8 شهداء نتيجة جرائم العدو الإسرائيلي في قطاع غزة منذ فجر اليوم
-
21:09مصادر سورية: انفجار ثانٍ في منطقة المطاحن ببلدة السبينة في ريف العاصمة دمشق
-
21:08مفوضية الأمم المتحدة ومجموعة الحماية تحذران من تصاعد غير مسبوق لمشروع الاستيطان الإسرائيلي وعنف المغتصبين في الضفة الغربية ما يهدد موسم قطف الزيتون ومعيشة آلاف الفلسطينيين
-
20:59وزارة الخارجية: ما يهدد الملاحة في البحر الأحمر هو الوجود العسكري الأجنبي وعسكرة البحر الأحمر ومن يقوم بتحركات وتحالفات مشبوهة تخدم الاحتلال الصهيوني ومصالحه
-
20:59وزارة الخارجية: البيان يُظهر صنعاء وكأنّها الطرف المعرقل لعملية السلام في حين أنها كانت وما تزال تمد يدها للسلام وتقدّم المبادرات، لكن أمريكا من وضعت العراقيل ولا تزال