لماذا استهدف اليمن مطار "رامون"؟ وما دلالات اختراق عمق العدوّ؟
آخر تحديث 09-09-2025 21:20

خاص| إبراهيم العنسي | المسيرة نت: لم يكد العدوّ الإسرائيلي يستفيقُ من الضربة اليمنية الأولى لمطار رامون، حتى تلقّى ضربةً ثانية للمطار نفسه؛ فما وراء استهداف هذا المطار؟ وما دلالاتُ هذا الاستهداف؟

من حيث الموقع والإمكانيات؛ يقع مطار رامون على بُعد نحو 18 كيلومترًا إلى الشمال من مدينة أم الرشراش "إيلات"، وهي البوابة الجنوبية لـ"إسرائيل"، كما أنه أول مطار دولي وداخلي يشمل نُظُمًا متطورةً للفحص الأمني، وبرجَ مراقبةٍ يصل ارتفاعُه إلى 45 مترًا، و60 موقِفًا للطائرات، ومركَزَ طاقةٍ متطوّر، وساحاتِ وقوفٍ للطائرات النفاثة المتوسطة وعريضة الجسم، وساحاتِ وقوفٍ لطائرات التوربو-بروب (Turboprop)، ومسلكَ نقلٍ، ومنظومةَ تصنيفٍ للحقائب بتكنولوجيا حديثة، ومحطةً لإطفاء الحريق، وكما يقول العدوّ: إنه محصن بسياج مرتفع للحيلولة دون استهداف الطائرات.

ومن حيث الأهمية فإن مطار "رامون" هو أحدُ المنشآت الاستراتيجية الصهيونية الأكثر تحصينًا، والذي أُنشئ بالأساس ليكون بديلاً استراتيجياً في حال تعطل أو استهداف مطار اللد "بن غوريون". مع ما يتمتع به من حماية كبيرة تشمل منظومة قبة حديدية ومنظومات حماية أُخرى أمريكية إسرائيلية. ولأن هذا المطار هو ثاني أهم مطارات الكيان، فإن استهدافه يقوم على حسابات دقيقة؛ تسعى لتعطيل نشاطه الكبير، إذ يساهم بما نسبته 15 % من حركة الطيران الصهيونية، حيث يستقبل قرابةَ مليونَي مسافر سنويًّا، إضافةً إلى أنه مطار حيوي يقدِّمُ خدماتٍ لوجستيةً عسكرية مهمة جِـدًّا للكيان المحتلّ.

ما وراء "رامون"؟

بالتركيز قليلًا على مسألة التهجير التي يسعى لها العدوّ الصهيوأمريكي منذ بدء طوفان الأقصى، وحتى ما قبل الطوفان، يمكن القول: إن استهداف اليمن لمطار رامون لا يرتبط فقط بالبُعد العسكري وتكبيد العدوّ خسائر اقتصادية، فهناك تركيز على التوظيف المعادي لهذا المطار وعلاقته بفكرة العدوّ لمحاولة ترحيل جوي لجزء من سكان غزة.

لقد كان الاحتلالُ الإسرائيلي يسعى لربط سكان غزة بهذا المطار لدواعي السفر ما قبل الحرب على غزة، وقتَها رفض الغزيون هذا الخيار الإجباري لما يترتب عليه من ترسيخ لفكرة الضم والإلحاق الناعم والمبكر لغزة بكيان العدوّ؛ ما يجعل هذه الضربات مَصَدًّا من مصدّات محاولات تهجير سكان غزة، ووسيلة لتعطيل البنية التحتية التي يمكن أن يستخدمها العدوّ في عمليات النقل والترحيل القسري، وإن كان هذا بحاجة لضمان تعطيل نشاط شركات الطيران باستهداف أجزاء رئيسية في هذه المطارات وتعميق الأثر مع تكرار استهدافها في أوقات مختلفة. في إبريل 2024م، نقل موقع "ذا كريدل" الأمريكي أن مطار "رامون" اُستُخدم ضمن ترتيبات إقليمية غير معلنة لنقل أعداد (محدودة) من الغزيين إلى دول ثالثة منها دول أُوروبية، مرة عبر مطار "رامون" جنوبي فلسطين المحتلّة، ومرة عبر مطار اللُّـدِّ المسمَّى صهيونيًّا "بن غوريون" في تل أبيب، وكانت الأخيرة موثقة بفيديو لعملية ترحيل.

إلى جانب هذه الأهداف هناك تركيز يمني على أهميّة التشويش على مسار إمدَادات السلاح والمعدات وما يصل إلى الكيان، قادمًا من الخليج، من السعوديّة والإمارات، وربما قطر عبر القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم". فبحسب تقارير غربية فإن جزءًا كبيرًا من المعدات القادمة من هذه الدول يصل إلى هذا المطار، الذي يتمتع ببنية متكاملة تسمح بالاستقبال والتخزين والتوزيع. أواخر أغسطس وصلت طائرة شحن عسكرية إماراتية تحمل الرقم FY4942 إلى مطار رامون، ثم طائرةُ نقلٍ عسكرية أُخرى Il-76، سلكت مسارًا عبر ممرات تسيطر عليها السعوديّة أَو مصر وصولًا إلى هذا المطار.

دلالات الاختراق اليمني

بالأمس خرج الإعلامُ الإسرائيلي بكثير من التحليلات والتساؤلات، منها ما كان مؤشرًا على حالة من التخبط التي انتابت الكيان فتناقضت معها تحليلاته مع بعضها، فيما غالبها كان يؤكّـد انتهاج القوات المسلحة اليمنية لتكتيكات معقدة، اعتمدت على فهم كثير من تفاصيل المراقبة والدفاع الصهيونية، وهي تفاصيل مهمة لتوجيه ضربات دقيقة وناجحة، بينما لمّح محللون اليوم إلى استخدام اليمن لطائرات مسيَّرة شبحية.

حاولت القناة الـ 12 العبرية توصيف ما جرى على أنه "خلل" في تعامل وحدات الرصد مع المسيرات التي اخترقت الأجواء الفلسطينية المحتلّة، وافترضت أن الرادارات خلطت بين المسيّرات اليمنية وسربٍ من الطيور... لكن هذا الطرح الساذج لم يكن مقبولًا من الناحية العسكرية؛ فعمليات الرصد يمكن التأكيدَ على وجه السرعة خَاصَّةً وأن الأجواء الصهيونية في حالة تأهب واستنفار مُستمرّ منذ أُكتوبر 2023م.

غير أن القناة الـ 14 الإسرائيلية أشَارَت بصراحة إلى اختراق يمني كبير ومعقد، فقالت: إن اليمنيين في الفترة الأخيرة اختاروا مسارات طيران أكثر تعقيدًا، حيثُ فتحت ضربة اليومين الأخيرين لمطار رامون مسارات جوية جديدة لإطلاق عمليات جوية يمنية موجعة لكيان العدوّ.

بالأمس كانت افتتاحية صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية قد تحدثت بأن الهجوم اليمني الأخير استخدم أساليب مُعقَّدة للتشتيت والمفاجأة لتحقيق أهدافه. وأضافت: "هذا هو جوهر المسألة. راقب عدوٌّ صبورٌ روتيننا، وانتظر إشارة الإذن، ثم استغلّ ثغرةً بين اليقظة والوضع الطبيعي. الدرس إجرائي، وليس تقنيًّا فحسب".

وتابعت: "أُطلقت عدةُ طائرات مُسيّرة من اليمن، واعترضت اثنتان منها خارجَ الأراضي المحتلّة. وكانت صفارات الإنذار قد انطلقت في وقتٍ سابق قرب الحدود المصرية. وأنهت قيادة الجبهة الداخلية هذا الإنذار في غضون دقائق، ثم تسلَّلت طائرةٌ مُسيّرةٌ أُخرى وضربت مطار رامون دون إطلاق صفارات الإنذار".

لكن التحقيق الأولي الذي أجراه سلاح جو العدوّ الإسرائيلي كان نقطة فاصلة لتضارب التحليلات، وتأكيدًا على شيء جديد قام به اليمن في توجيه ضرباته في عمق العدوّ. وبحسب التحقيق الصهيوني فإن "أنظمة الكشف المبكر" لم ترصد الطائرة المسيّرة التي ضربت مطار رامون إطلاقًا، وبالتالي، لم يُفعّل أي إنذار في المطار ولم تُجرَ أية محاولات لاعتراضها.

وفي قراءة أُخرى لهذا الاختراق اليمني للعمق الصهيوني، أظهرت عمليات اليومين الماضيين إشاراتٍ قوية إلى قدرات تقنية وتكنولوجية متقدمة للقوات المسلحة اليمنية في ما يتعلق بالتَّخَفٍّ والتشويش والتشتيت لدفاعات العدوّ، بدءًا من تجاوز منظومات الدفاع الأمريكية في البحر الأحمر، مُرورًا برادارات ومنظومات العدوّ شمال البحر الأحمر، وتجاوز طائرات اليمن المسيّرة المنظومات الأكثر تطورًا في العالم من الثاد، الباتريوت، إيجيس، نظام فيلينكس سي أي دبليو إس، وقذائف المدفعية الموجهة بالرادار، وأنظمة الحرب الإلكترونية، وصولًا إلى منظومات الدفاع رباعية الطبقات في الكيان الإسرائيلي، في اختراق كشف هشاشة منظومات الدفاع الغربية الإسرائيلية، والمصنفة كأحدث تقنيات ومنظومات الدفاع في العالم.

وبحسب كثير من التحليلات، هناك إشارة إلى استخدام اليمن لطائرات مسيرة "شبحية" ذات تصميم متقدم ومتطور جِـدًّا، يقوم على تقليل البصمة الرادارية وامتصاص إشارات رادارات العدوّ. هذا النوع من الطائرات يعتمدُ على تصميم جسم الطائرة بطريقة تُقلل انعكاس إشارات الرادار، مثل استخدام زوايا منحرفة وتشكيلات هندسية معقدة، أَو استخدام موادَّ مركَّبة مثل الكربون فايبر والبوليمرات المدعمة بالألياف لتقليل الوزن وزيادة المتانة، مع تمتعها بتقنيات وتكنولوجيا تَخَفٍّ متقدمة جِـدًّا، ومحرِّكٍ مصمم بطريقة تقلِّل من الانبعاثات الحرارية والضوضاء، يعملُ بوقود هيدروجيني، إضافةً إلى طلاءاتٍ خَاصَّة لهيكل الطائرة تمتصُّ الإشاراتِ وتضعف انعكاسها؛ ما يساهم في إضعاف كشف الطائرة.

ختامًا من المفيد إدراك أن العملية الأخيرة تأتي بعد أَيَّـام فقط من إطلاق القوات المسلحة اليمنية صاروخًا برأس حربي انشطاري على كَيان العدوّ، ما يضع استهداف رامون ضمن مساحةٍ أوسع من التصعيد اليمني الممنهج.

وبالنظر إلى الصورة العامة لمشهد الاختراق اليمني الأخير لمنظومة دفاع العدوّ، فقد أظهرت الضربات اليمنية لمطار "رامون"، ومطار اللُّـدِّ، وأهدافٍ متعددة من الشمال إلى الوسط إلى الجنوب، قدرةً استراتيجية ومهارةً عسكرية عالية، وانتقال الفعل ورد الفعل اليمني من مستوى تكتيكي إلى مستوى استراتيجي حقيقي، عكس تأثير القوة العسكرية اليمنية في المشهد الدولي، وراكم مستوىً عالٍ من التحديات التي يواجهها العدوّ الإسرائيلي أمام التكتيكات المتقدمة والمتغيرة والفاعلة. ولا ننسى تصريحاتِ صنعاء أن الرد اليمني لم يأتِ بعد.

ناطق الجهاد: اليمن أصبح حجة على كل العالم ومواقفه تزيدنا فخرًا وقوة وعزة
خاص | المسيرة نت: أكد المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، محمد الحاج موسى، أن المواقف اليمنية المتلاحقة تزيد المقاومة الفلسطينية عزًا وفخرًا وهمّة.
سياسي بحريني: ترامب خدع دول الخليج بأكذوبة الحماية وأخذ التريليونات منها بلا مقابل
خاص | المسيرة نت: أكد سياسي بحريني أن جريمة العدو الصهيوني في الدوحة كشفت أن الرئيس الأمريكي المجرم دونالد ترامب خدع دول الخليج وأخذ منها تريليونات الدولارات بلا حماية أو مقابل.
أسطول الصمود العالمي: تعرضنا لاعتداء بـ"مُسيّرة" وسنواصل حتى كسر الحصار الصهيوني
متابعات | المسيرة نت: أعلن ما يعرف بـ"أسطول الصمود العالمي" عن تعرّض إحدى سفنه لعدوان غادر بطائرة مُسيّرة.
الأخبار العاجلة
  • 03:21
    المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيز: الأدلة المصوّرة تشير إلى أن طائرة مسيّرة بلا إضاءة أسقطت جسما أشعل حريقا في سطح قارب "ألما"
  • 03:21
    المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيز: الهجوم الثاني على أسطول الصمود خلال يومين بينما ما زال في المياه التونسية
  • 03:21
    مصادر فلسطينية: العدو الإسرائيلي يفجر مدرعة مفخخة بين المنازل السكنية بمحيط بركة الشيخ رضوان بمدينة غزة
  • 02:58
    مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تقتحم بلدة سنيريا جنوب قلقيلية وقرية العساكرة شرق بيت لحم ومدينة الظاهرية جنوب الخليل
  • 02:32
    أسطول الصمود العالمي: نواصل مهمتنا السلمية لكسر الحصار عن غزة ونؤكد أن رحلتنا ماضية قدماً بعزم وإصرار تضامناً مع الشعب الفلسطيني
  • 02:32
    أسطول الصمود العالمي: هذا الهجوم الثاني خلال يومين ويأتي في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة كمحاولة منسقة لصرف الانتباه عن مهمتنا وإفشالها