في جبال مقبنة.. مبادرة مجتمعية تشق طريقًا طال انتظاره منذ الثمانينات

خاص| المسيرة نت: في منطقة جبلية وعرة بمديرية مقبنة غرب محافظة تعز، يتحقق حلم طال انتظاره لعقود، عبر مبادرة مجتمعية خالصة أطلقتها سواعد أبناء المنطقة، لشق طريق ظل مغلقًا منذ الثمانينات، حارمًا آلاف المواطنين من الوصول بسهولة إلى قراهم ومزارعهم وحتى الخدمات الأساسية.

 طريق بين الصخور والهمم

يقول المواطنون إن الطريق كان يُعتبر شبه مستحيل بسبب وعورته الشديدة، إذ لم يكن بالإمكان السير فيه إلا عبر مسالك ضيقة وخطرة، مما تسبب بمعاناة يومية، خاصة للمرضى وكبار السن والنساء، كما أثر بشكل مباشر على حركة التجارة والزراعة ونقل المواد الأساسية.

[

🔵 مجتمع العطاء | شق طريق في جبال مقبنة في محافظة #تعز #نوافذ#مجتمع_العطاء pic.twitter.com/i0Cb0rk1Rv

— قناة المسيرة (@TvAlmasirah) August 23, 2025

]

 "كنا نقطع المسافة على الأقدام، نواجه الصخور والانهيارات، وكنّا نحلم فقط بأن يكون لدينا طريق مثل باقي المناطق، وكانت الحمير والحمل على الرؤوس والظهور البديل الوحيد امامنا"، يقول أحد أهالي المنطقة.

مبادرة مجتمعية كسرت الحصار التنموي

المبادرة انطلقت بعد سنوات من تجاهل السلطات السابقة، حيث لم تُنفذ أي مشاريع خدمية تذكر في هذه المناطق. ومع ذلك، أثبت المجتمع المحلي أن الإرادة أقوى من الإهمال، وأن التعاون هو السبيل الوحيد للتغيير.

وفي حديثه لقناة المسيرة، قال عبد الرحمن سنان، مدير عام مديرية مقبنة: "النظام السابق لم يلتفت لمعاناة المواطنين في هذه المناطق، لكن عندما بدأت المبادرات المجتمعية، تغيّر الواقع. شق الطريق تم على مراحل وبجهود ذاتية خالصة، ويمثل واحدة من 54 مبادرة مجتمعية نُفذت خلال 4 إلى 5 أشهر فقط".

وأكد سنان أن ما يميز مديرية مقبنة هو التفاعل الشعبي الواسع مع المبادرات، وهو ما سهّل عملية التنفيذ رغم الظروف الصعبة والتضاريس الجبلية.

دور الجهات الداعمة

وأشار مدير المديرية إلى أن وحدة التدخلات التنموية المركزية لعبت دورًا مهمًا في دعم المبادرات المجتمعية، خصوصًا من خلال توفير مادة الأسمنت اللازمة لأعمال التوسعة والرصف، وذلك بالتنسيق مع السلطة المحلية في المديرية والمحافظة، مما ساعد في تجاوز كثير من العقبات.

كما دعا الجهات المعنية إلى استكمال ما تبقى من مراحل الطريق وتوفير الاحتياجات الفنية والهندسية، مؤكداً أن تعاون المجتمع المحلي مع الجهات المختصة وفاعلي الخير هو مفتاح النجاح.

انعكاسات خدمية وتنموية واضحة

لا تقتصر أهمية المشروع على مجرد فتح طريق، بل يمتد أثره إلى: "تسهيل تنقل المواطنين، خاصة في الحالات الطارئة، وتعزيز النشاط الزراعي والتجاري، وتمكين الطلاب من الوصول إلى المدارس بسهولة، وربط القرى النائية بالمراكز الخدمية الرئيسية".

 وفي السياق يؤكد أحد المواطنون "أن المبادرة لم تكن لتنجح لولا الروح الجماعية والإيمان بأهمية العمل التطوعي".

بدورة يقول أحد المشاركين في المبادرة   "هذا الطريق هو شريان حياة لنا، اليوم نحن نعيش واقعًا جديدًا بفضل تضافر جهود الجميع".

دعوة للتعميم والتعاون

ويأمل أبناء المديرية أن تكون هذه المبادرة نموذجًا يُحتذى به في بقية المديريات، مطالبين بدعم أكبر للمشاريع المجتمعية التي تُلبّي احتياجات المواطنين في ظل غياب المشاريع الحكومية المركزية.

وأثبتت هذه التجربة أن المجتمع اليمني، رغم المعاناة والحصار، لا يزال قادرًا على صنع الفارق متى ما توفرت النية الصادقة والتكاتف الشعبي.