التحَرُّكُ الغادر

لبنان دولةٌ بمسمّى الجمهورية
اللبنانية، والأصل أن تكون السلطة السياسية – بوصفها الركن الثالث من أركان الدولة
– موجَّهة لحماية الأرض والشعب، وتوظيف كافة الموارد والعلاقات لخدمته. والأصل أن
تكون السلطة السياسية مستقلة ذات سيادة، لا تخضع مطلقًا لأية دولة أجنبية أَو جهة
خارجية في تحَرّكها لحماية أرضها وشعبها وخدمته. إلا أن المؤسف أن ممثّلي السلطة
السياسية في دولة لبنان – بفرعيها: رئاسة الدولة والحكومة – خرجوا، وبشكل علني، عمّا
يجب أن تتصف به من سيادة واستقلال.
وكان عنوان الاجتماع المشترك لرئاسة
الدولة والحكومة يوم الثلاثاء الماضي مناقشة ما سُمّي بالورقة الأمريكية المقدَّمة
من ممثلها المدعو "توم براك"، وهي الورقة التي تطالب فيها الإدارة الأمريكية
السلطة السياسية في الدولة اللبنانية بالعمل على نزع سلاح حزب الله، تحت عنوان حصر
السلاح بيد الدولة. وكان الأصلُ أن يكون ردُّ السلطة
السياسية في لبنانَ على الطلب الأمريكي بأنه غيرُ مقبول من حَيثُ المبدأ، بوصفِه
يمثّل تدخُّلًا سافرًا وفَجًّا في الشؤون الداخلية للجمهورية اللبنانية.
لكن المؤسف أن السلطة السياسية في
لبنان استجابت للطلب الأمريكي وتفاعلت معه بشكل لافت، وكأنه وسيلة ناجعة وفرصة
نادرة لن تتكرّر لتحرير الأرض اللبنانية من احتلال الكيان الصهيوني. وتحَرّكت
السلطة السياسية اللبنانية – وبشكل معلن – للعمل في هذا الاتّجاه، وخرج الاجتماع
المشترك لفرعي هذه السلطة بقرار مضمونه تكليف الجيش اللبناني بتقديم خطة مزمنة
لنزع سلاح حزب الله، وإن كان ذلك بعنوان حصر السلاح بيد الدولة. وقد تزامن هذا التحَرّك
للسلطة السياسية في لبنان مع تحَرّك مماثل لنظيرتها في كيان الاحتلال الصهيوني، التي
كلّفت بدورها الجيش بتقديم خطة مزمنة لاحتلال كامل النطاق الجغرافي لقطاع غزة!
ومن المؤسف القول إن السلطة السياسية
في لبنان لم تُقم، في تحَرّكها المستجيب للإملاءات الأمريكية، أي اعتبار لمصلحة
لبنان، ولم تُقم أي اعتبار لما يمكن أن يترتب على انصياعها للأمريكي من مخاطر
حقيقية على الشعب اللبناني، ولم تُقم أي اعتبار – وهي تهرول مسرعة لتلبية الطلب الأمريكي
– لكل التضحيات التي قدّمها حزب الله دفاعًا عن الدولة اللبنانية خلال العقود
الماضية، والتي أجبرت كيان الاحتلال الصهيوني على مغادرة الأراضي اللبنانية التي
كان يحتلها!
وما هو واضح ومعلن أن هناك انزعَـاجًا
أمريكيًّا صهيونيًّا من سلاح حزب الله؛ لما يمثّله هذا السلاح من عامل قوة وردع
بيد الدولة اللبنانية في مواجهة الكيان الصهيوني. ولا يوجد أي انزعَـاج لبناني
فعلي وحقيقي من خطورة سلاح حزب الله على الداخل اللبناني. وطالما أن الأمر كذلك، فَــإنَّ
التحَرّك لنزع سلاح حزب الله – تحت عنوان حصر السلاح بيد الدولة – غير مبرّر. ولقد
سبق أن أوضحنا في مقال سابق أن السلاح الذي بيد حزب الله هو – بالنتيجة – بيد
الدولة اللبنانية؛ باعتبَار أن حزبَ الله مكوّن لبناني خالص، والمجاهدون المنضوون
تحت لوائه جزءٌ من الشعب اللبناني، وتقع على عاتقهم مسؤولية الإسهام في الدفاع عن
لبنان.
وليس هناك من خطورة أَو مشكلة داخلية
أن يكون بيد حزب الله سلاح، مهما كان حجمه؛ فحزب الله لم يحاول يومًا الاستيلاء
على السلطة بالقوة والانفراد بها دون غيره اعتمادا على ما بيده من قوة. فحزب الله
– وكما يعلم جميع أبناء الشعب اللبناني وأبناء الشعوب العربية والإسلامية وشعوب
العالم – سلاحه موجّه صوب الكيان الصهيوني المحتلّ، وهذه ميزة قلّ أن توجد في
البلدان الأُخرى، التي تبذل فيها الحكومات جهودًا كبيرة لتجنيد متطوّعين للقتال
إلى جانب الجيش النظامي في حال النزاعات المسلحة.
والأصل أن تقدّم السلطة السياسية
اللبنانية الشكر والتقدير لحزب الله، ولكل المنضوين في صفوفه، على وطنيتهم وإخلاصهم
وإصرارهم على الإسهام في الدفاع عن بلدهم في مواجهة المحتلّ الغاصب، لا أن تتحَرّك
بناءً على إملاءات خارجية لنزع سلاح حزب الله، رغم ما يحيط بهذا التحَرّك من مخاطر
على الأمن الداخلي للشعب اللبناني. ولم تكن السلطة اللبنانية معنية بالنظر في
الطلب الأمريكي، بل كان الأجدر بها التوضيح أن حزب الله – وإن كان قوة غير نظامية (ميليشيا)
– إلا أنه في نهاية المطاف لبناني الهوى والهُوية، وواجبه إسناد الجيش اللبناني في
الدفاع عن الأراضي اللبنانية في مواجهة كيان الاحتلال الصهيوني.
وكان على
السلطة السياسية اللبنانية تذكيرُ الأمريكي بأن دستورَ بلاده أقرّ بوجود
الميليشيات في كُـلّ ولاية منذ أكثرَ من مِئتينِ وخمسين سنة، ولم يؤدِّ التطوُّرُ
المتلاحِقُ في جميع المجالات إلى حظرِ الميليشيات الأمريكية أَو نزع سلاحها،
بل إنها في حال النزاعات المسلحة تكون تحت إمرة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بوصفها
صنفًا من أصناف القوة المسلحة الأمريكية. وكان على السلطة السياسية اللبنانية أن
تسأل الإدارة الأمريكية عن سرّ احتفاظها بميليشيات مسلّحة، ودور هذه الميليشيات في
الإسهام بواجب الدفاع عن البلاد تحت قيادة رئيس الدولة في حال النزاعات المسلحة مع
دول أُخرى.
وكان يمكن للسلطة السياسية في لبنان
– إن كانت مضطرَّةً للرد على الطلب الأمريكي – أن تقول إن حزبَ الله وسلاحَه سيتم
دمجُه في القوات المسلحة اللبنانية عقبَ انتهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي
اللبنانية، وهذا شأن داخلي سيتم معالجته بما يحفظ سلامة وأمن الشعب اللبناني، ولتكون
هذه المعالجة مشروطة بانتهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي اللبنانية. أما مع استمرار
الاحتلال، فَــإنَّ الواجب يتطلب تعزيز قوة وقدرة الجيش اللبناني والقوة المساندة
له، سواء تمثّلت هذه القوة في حزب الله أَو غيره من مكوّنات الشعب اللبناني، فالجميع
عليهم واجب الإسهام في الدفاع عن الدولة اللبنانية.
وليس ما حصل ويحصل في سوريا عن
السلطة السياسية في لبنان ببعيد، وعليها أن تستوعب الدرس جيِّدًا؛ فنزع سلاح حزب
الله سيعني الخطوة التالية، وهذه الخطوة ستكون مهاجمة الكيان الصهيوني لمقومات
الجيش اللبناني المتواضعة، وليصبح بعد ذلك لبنان منطقة مستباحة يعربد فيها الكيان
الصهيوني كيفما يشاء ومتى يشاء، كما يفعل في سوريا دون اعتبار لجيشها أَو سلطتها. وعلى
السلطة السياسية في لبنان أن تدرك أن المقصود بنزع سلاح حزب الله هو استباحة
الدولة اللبنانية، فحزب الله هو من تصدّى ويتصدّى للعدوان الصهيوني على لبنان، ولا
دور للجيش اللبناني في ذلك في ظل سلاح حزب الله، أما بعده فسيكون لبنان مستباحًا
فعلًا، ولن يختلف دور الجيش اللبناني عن دور الجيش السوري في ظل حكم الوافدين
الجدد على السلطة في سوريا.
ورغم حساسية وخطورة الوضع في لبنان
في حال تنفيذ تحَرّك السلطة السياسية، لم نسمع أي اعتراض من جانب الجيش على ما
كُلّف به من السلطة السياسية، بعكس الحال بالنسبة لجيش الكيان الصهيوني؛ إذ اعترض
رئيس الأركان على قرار السلطة السياسية مبرّرا اعتراضه بما يمكن أن يتعرّض له
الجيش من مخاطر في حال تنفيذ خطة السلطة السياسية باحتلال قطاع غزة بالكامل. وتناقلت
وسائل الإعلام المختلفة الخلاف بين الجانبين المدني والعسكري في كيان الاحتلال
الصهيوني على هذا التكليف، وناقشته وسائل الإعلام الصهيونية بشكل واسع.
ورغم أن الأصل – كما ذكرنا آنفًا –
ألا تقبل السلطة السياسية في لبنان بمناقشة الطلب الأمريكي ولو سرًّا، ناهيك عن
مناقشته علنًا، وأن يعلن رئيس الحكومة بشكل واضح وصريح أنه سيتم استكمال مناقشة
الورقة الأمريكية يوم الخميس! وبالفعل وافقت السلطة السياسية اللبنانية – بفرعيها:
رئاسة الجمهورية والحكومة – على أهداف الورقة الأمريكية، وتم التأكيد على التكليف
السابق للجيش بتقديم خطة حصر السلاح إلى السلطة السياسية للموافقة عليها!
والأصل ألا يقبل الجيش اللبناني
إقحامه من جانب السلطة السياسية بمهمة تدمير لبنان نيابة عن الأمريكي والكيان
الصهيوني! وكان الأصل أن يأتي رد الجيش اللبناني بشكل عاجل وفوري وعلني، بأن
معالجة وضع سلاح حزب الله – إن كان يشكل خطورة حالّة ومحقّقة على لبنان – لا تتم
من خلال تكليف الجيش، وإنما من خلال اتّفاق سياسي؛ باعتبَار أن الأدوات التي
يملكها الجيش في التعامل مع سلاح حزب الله أدوات خطرة وغير آمنة، وستتسبب في مخاطر
حقيقية على الشعب اللبناني لا يمكن التكهن بحجمها ومداها.
وكان الأولى بالجيش اللبناني أن يكون
أكثر حرصًا من الجيش الصهيوني، ليس على ما يمكن أن يصيب الجنود اللبنانيين فحسب، بل
على الشعب اللبناني والدولة اللبنانية. وكان على الجيش اللبناني أن يحيط السلطة
السياسية علمًا بخطورة تحَرّكها واستجابتها للطلب الأمريكي، إن كانت هذه السلطة لا
تدرك حقيقة تلك الخطورة، أَو أن رئيس الاجتماع – رئيس الجمهورية القائد السابق
للجيش اللبناني – قد أنسته ربطة العنق المخاطر المترتبة على إقحام الجيش لتقديم
حلول لمشاكل الأصل أن تكون أدوات حلها سياسية، لا باستخدام أدوات الجيش العنيفة!
وعلى السلطة السياسية اللبنانية أن
تدرك أن التاريخ يسجّل وقائع الاستجابة للقوى الخارجية للإضرار بالواقع الداخلي
للدولة، وتظلّ الوقائع المسجّلة وصمة عار في جبين من سُجّلت ضده، تتناقلها الأجيال.
فلقد سجّل التاريخ في ثلاثينيات القرن الماضي ما سُمّي بـ"الصرخة
الغادرة" التي أطلقتها بعض قوى المعارضة الفرنسية في وجه حكومة
"بلوم" في حينه، ومضمونها: (هتلر خير لنا من بلوم).
وبغض النظر عن أوجه الاختلاف
والدوافع والمبرّرات بين فرنسا في ذلك الحين ولبنان اليوم، فَــإنَّ التاريخ الذي
سجّل وصمة عار في جبين بعض قوى المعارضة الفرنسية – التي رأت أنها ستفقد بعض
مصالحها؛ بسَببِ إجراءات حكومة بلوم الإصلاحية – فأطلقت ما عُرف حينها
بـ"الصرخة الغادرة"، التي سجّلها التاريخ ولا تزال تتناقلها الأجيال حتى
اليوم، والتي عُدّت استجابة لإملاءات قوى خارجية، فَــإنَّ التاريخ سيسجّل تحَرّك
الحكومة اللبنانية اليوم باتّجاه نزع سلاح حزب الله تحت عنوان حصر السلاح بيد
الدولة، بوصفه خطيئة كبرى، كما وصف ذلك الشيخ نعيم قاسم –نائب الأمين العام لحزب
الله-.
وسيكون ذلك التحَرّك الغادر وصمة عار ستتناقلها الأجيال؛ كونه جاء استجابة للإملاءات الأمريكية، ليس من جانب قوى معارضة للحكومة فقدت مصالحها، بل من جانب الحكومة ذاتها. وهذا بحد ذاته أمر مهين ومخزٍ، خُصُوصًا أن هدف الإدارة الأمريكية واضح ومعلن، وهو – كما صرّح بذلك وزير خارجيتها "روبيو" – دولة لبنانية قوية قادرة على مواجهة حزب الله ونزع سلاحه. فـالمطلوب – وفقًا للورقة الأمريكية – دولة لبنانية مساندة للكيان الصهيوني على إزالة العوائق التي أخّرت ولا تزال تؤخر إعلان (إسرائيل الكبرى)!

محافظ الحديدة: صمود اليمنيين في وجه العدوان يتكامل مع نصرة غزة
أكد محافظ الحديدة عبدالله عطيفي، أن صمود اليمنيين في وجه العدوان، وتضحياتهم في مختلف الجبهات، يتكامل مع مواقفهم المشرفة في نصرة الشعب الفلسطيني، موضحاً أن ما يجري في غزة من حصار وتجويع وقتل ممنهج يضع على الأمة مسؤولية تاريخية وأخلاقية.
قوات العدو تنفذ اعتقالات واعتداءات بالضفة الغربية
متابعات | المسيرة نت: شنت قوات العدو الصهيوني، اليوم الاحد، حملة اعتقالات، ومداهمات في أنحاء متفرقة بالضفة الغربية تخللها اقتحام المنازل والاعتداء على أصحابها.
عمال ميناء جنوة الإيطالي يعترضون سفينة سعودية محملة بالأسلحة لـ"إسرائيل" ويفرضون حصارًا على عبورها
متابعات| 10أغسطس| المسيرة نت: نشر موقع الاشتراكية العالمية "WSWS": أن عمال ميناء جنوة الإيطالي يعترضون السفينة السعودية "بحري ينبع" المحملة بالأسلحة لـ"إسرائيل" ويفرضون حصارًا على عبورها.-
09:02مصادر لبنانية: الطيران الحربي الصهيوني يخرق أجواء محافظة بعلبك - الهرمل ويحلّق على علو منخفض
-
09:01مصادر فلسطينية: استشهاد شاب فلسطيني متأثرا بإصابته برصاص جيش العدو قبل أيام في منطقة موراج جنوبي قطاع غزة
-
09:01مصادر فلسطينية: آليات العدو تحاصر طالبي مساعدات بالقرب من "هابي سيتي" جنوب مدينة خان يونس جنوبي القطاع
-
08:55مصادر لبنانية: الطيران الحربي الصهيوني يخرق أجواء محافظة بعلبك - الهرمل ويحلّق على علو منخفض
-
08:55مصادر فلسطينية: استشهاد شاب فلسطيني متأثرا بإصابته برصاص جيش العدو قبل أيام في منطقة موراج جنوبي قطاع غزة
-
08:54مصادر فلسطينية: آليات العدو تحاصر طالبي مساعدات بالقرب من "هابي سيتي" جنوب مدينة خان يونس جنوبي القطاع