الحج غزة
آخر تحديث 11-06-2025 17:04

أكمل حجاج بيت الله الحرام يوم الاثنين، 13 من ذي الحجّـة لسنة 1446هـ مناسك حجهم، مؤدين ما أوجب الله عليهم أداءه في فريضة الحج امتثالًا لقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا.

وعن الحج ومكانته وأهميته تحدث الأسبوع الفائت السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وتطرق في حديثه للمراحل السابقة وما اكتنفها من مشقات ومعاناة، وما هو قائم في الوقت الراهن خُصُوصًا مع تطور وتقدم وسائل المواصلات بأنواعها، التي من شأنها التيسير على حجاج بيت الله الحرام من مختلف أرجاء المعمورة، ومع كُـلّ ذلك لفت السيد القائد الانتباه إلى أن التقدم في وسائل المواصلات لم يكن له ذلك الأثر الإيجابي المرجو ليكون موسم الحج معبرًا عن الزيادة الكبيرة في أعداد من يرغبون في أداء هذه الفريضة، وليكون اجتماعًا مهيبًا، لكن المؤسف أن النظام القائم على إدارة شؤون الحج وضع من العوائق؛ ما يجعل رحلة الحج من أصعب وأعقد الرحلات في حياة من يرغب من المسلمين في أداء هذه الفريضة؛ بسَببِ الإجراءات والتعقيدات التي وضعها النظام القائم على إدارة شؤون الحج، باستثناء من تربطهم علاقات بهذا النظام، أما غيرهم فيخضعون لإجراءات متعددة شديدة التعقيد، لتمثل هذه الإجراءات الأشد والأقسى في طريق رحلة الحج!

ورغم الإمْكَانيات الهائلة المتوفرة للنظام القائم على إدارة شؤون الحج، فَــإنَّ مخاطرَ متعددة تتربص بحجاج بيت الله الحرام خُصُوصًا أُولئك الذين يرغبون في إعلان موقف البراءة من المشركين، فيمكن أن يتعرضوا للموت اختناقًا أَو تدافعًا أَو غيرها من الأسباب التي لا يقبلها عقل عاقل، وهو ما يعني أن النظام القائم على إدارة شؤون الحج لا يترك لحجاج بيت الله الحرام حرية الدعاء والمناجاة، وهم في بيت الله وفي ضيافة الله سبحانه وتعالى، خُصُوصًا في ما يتعلق بالأخطار المحدقة بالأمة، ليفرض عليهم أجندة سياسية محدّدة تضاف إلى ما سبق له أن فرضه من إجراءات وتعقيدات، تجعل من رحلة الحج أصعب رحلة في حياة المسلم، وليصبح تجمع العدد المحدود من الحجاج وغير المتناسب مع التعداد الكبير للأُمَّـة الإسلامية، مُجَـرّد تجمع شكليّ غير معبر عن وحدة الأُمَّــة، ومنفصل تمامًا عن قضاياها المصيرية، وكلّ ذلك خدمة لقوى الاستعمار الصهيوغربية.

وقد سبق وأن حذر السيد القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- من مكائد الأعداء في ما يتعلق بالحج ونظرتهم إليه؛ بوصفه المظهرَ الوحيد المتبقي من مظاهر وحدة الأُمَّــة الإسلامية، بعد أن تمكّن الاستعمار من تفريقها وتمزيقها بالحدود المصطنعة وبالخصومات وبالخصوصيات والحضارات والثقافات المتعددة لكل شعب، التي استدعاها من ماضي هذه الشعوب قبل الإسلام، ليعمل عملاء الاستعمار على تمجيدها وتغليبها على الحضارة والثقافة الإسلامية، وربط الشعوب بها بدلًا عن ربطها بحضارة الإسلام التي تسمو على كُـلّ الحضارات والثقافات القديمة والحديثة، وقد أكّـد السيد القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي –رضوان الله عليه- أن أعداء الأُمَّــة يعملون جاهدين للسيطرة على الحج، وبالطبع فهذه السيطرة لا يمكن أن تكون مباشرة من جانبهم، بل ستكون من جانب عملائهم من أبناء الأُمَّــة، الذين جنَّدوا أنفسهم وسخروا مقدرات شعوبهم في خدمة المخطّطات الاستعمارية.

وما نشاهده اليوم يمثل تجسيدًا حيًّا لتلك النظرة الثاقبة للسيد القائد الشهيد –رضوان الله عليه- قبل أكثر من عقدين من الزمان، ولم يكن الوضع حينها على ما هو عليه اليوم، وستكشف الأيّام القادمة بشكل واضح وجلي عمق تلك النظرة، فمحمد بن سلمان يتوعد مكة بمشاريع استثمارية عملاقة من شأنها أن تطمس تمامًا معالمها الدينية وتحولها إلى مُجَـرّد محطات ترفيه، ويتحول الحج ومناسكه إلى مُجَـرّد سياحة دينية، غايتها الأَسَاسية صرف الأُمَّــة عن مقومات وحدتها وتتويهها في فنادق ومنتزهات ابن سلمان ومن يعمل لحسابهم، وربما ضمن مخطّطاتهم المستقبلية منع علنية التكبير والأذان للصلوات؛ باعتبَار أن المدن السياحية الفندقية التي سيقيمها محمد بن سلمان ستكون من فئة الخمسة نجوم وستكون متاحة ليس للحجاج المسلمين فحسب، بل للسيَّاح بشكل عام، وسيكون حريصًا على عدم إقلاق راحتهم وهدوئهم بصوت الأذان والتكبير.

ولأن لموسم الحج هذا العام خصوصية مختلفة؛ بسَببِ الظروف الراهنة، تستوجب إبراز ما لهذا الركن العظيم من أهميّة كبيرة في وحدة الأُمَّــة ومناصرة قضاياها، وعلى رأسها قضية فلسطين وما يتعرض له المسجد الأقصى من تدنيس من جانب الصهاينة، في تحدٍّ صارخ للأُمَّـة الإسلامية، التي يتعرض أبناؤها في قطاع غزة لجريمة إبادة جماعية أفعالها مُستمرّة ومتتابعة منذ عشرين شهرًا بشكل يومي وعلى مدار الساعة، وباعتبار أن التجمع الكبير يضم أبناء الإسلام من جميع أنحاء المعمورة، فالواجب على أقل تقدير أن يُظهر المسلمين في هذا التجمع في موقف موحد مما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من أفعال إبادة جماعية.

وليمثل هذا الموقف رسالة واضحة في وجه المجرمين أن هذه الأُمَّــة وإن تمكّنت قوى الاستعمار والاستكبار من تمزيقها وتشتيتها، إلَّا أنها أُمَّـة حية واحدة موحدة، دينها واحد، ونبيها واحد ومصيرها واحد، وأن من هم في هذا الاجتماع الكبير في موقف واحد موحد من نصرة إخوانهم في قطاع غزة في مواجهة المجرمين الظالمين، ذلك هو الأصل في موقف من هم حاضرون اليوم في هذا التجمع الكبير، لكن المؤسف أن غزة خُصُوصًا وفلسطين عُمُـومًا لم يكن لها أي حضور معلن في اجتماع المسلمين في بيت الله الحرام؛ باعتبَار أن النظام القائم على إدارة شؤون الحج يمنع تمامًا إعلان أي موقف مناصر لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لا بشكل جماعي ولا بشكل فردي، وأن أي موقف من هذا القبيل سيعرض صاحبه للمساءلة والعقاب.

 كُـلّ تلك الإجراءات في مواجهة الحجاج رغم أن الله سبحانه وتعالى، قد أمر بإعلان البراءة من المشركين في هذا التجمع الكبير، حَيثُ قال جل من قائل: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأكبر أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ.

ومع ذلك فالنظام القائم على إدارة شؤون الحج أولويته أن يعمل لإرضاء أعداء الله وأعداء الأُمَّــة، وإن أغضب الله سبحانه وتعالى، وعطل ما أوجبه على المسلمين في مواجهة الأعداء، وذلك هو دأب المنافقين في كُـلّ زمان ومكان، ولا سبيل لتجاوز هذه الحالة إلَّا بمواجهة الأُمَّــة للمنافقين كما تواجه الكافرين وفي وقت متزامن، وذلك ما أمر الله به نبيه محمداً -صلى الله عليه وآله وسلم- في قوله جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ.

وإذا كانت آيات القرآن الكريم هي من فضح المنافقين في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَــإنَّ الواجب اليوم على نخبة الأُمَّــة الإشارة بشكل واضح وصريح إلى من تنطبق عليهم هذه الآيات في هذا الزمان، ليمثل ذلك الخطوة الأولى في جهاد المنافقين من أبناء الأُمَّــة إلى جانب جهاد أعدائها؛ باعتبَار أن المنافقين قد عطَّلوا عواملَ وحدة الأُمَّــة، وسخروا مواردها في خدمة أعدائها لإذلالها واحتقارها وسفك دماء أبنائها كما هو حاصل اليوم ومنذ عشرين شهرًا في قطاع غزة، وكان الواجب أن تقترن حالة غزة بتلبية الحجيج منذ خروجهم من ديارهم وفي مناسك حجهم في بيت الله الحرام وحتى عودتهم؛ ليكون عنوان الحج لدى كُـلّ المسلمين (غزة) تعبيرًا عن وحدة الأُمَّــة، وإن تفرقت الأنظمة الحاكمة لشعوبها.


الأخبار العاجلة
  • 21:57
    القناة 12 الصهيونية: إيران أطلقت ما بين 150 إلى 200 صاروخا نحو "إسرائيل" حتى الآن
  • 21:57
    القناة 12 الصهيونية: إيران أطلقت ما بين 150 إلى 200 صاروخا نحو "إسرائيل" حتى الآن
  • 21:55
    إعلام العدو: إيران استهدفت مقر وزارة "الدفاع" للمرة الثانية
  • 21:53
    اللجنة المنظمة في العاصمة صنعاء تحدد ساحة غرب حديقة الثورة للنساء للاحتفاء بيوم الولاية عصر غد السبت
  • 21:52
    حرس الثورة الإسلامية في إيران يعلن تنفيذ عملية "الوعد الصادق 3" بضرب عشرات الأهداف والمراكز العسكرية والقواعد الجوية للكيان الصهيوني
  • 21:44
    إعلام العدو: صافرات الإنذار تدوي في حيفا وغرب القدس
الأكثر متابعة