خبراء عسكريون لـ "المسيرة": الصواريخ الانشطارية تمثّل عاملَ ضغط إضافيًّا على العدوّ الإسرائيلي

المسيرة نت: ما الذي تفعلُه الصواريخ والطائرات المسيّرة التابعة لليمن في عمق كيان العدوّ الإسرائيلي في فلسطين المحتلّة؟ وإن كان هناك بعض الاعتراضات على هذه الهجمات، فهل يكفي هذا للكيان المؤقَّت ليعلنَ أنه تخلَّصَ من التهديد الذي يخترق مجالَه الجوي، بينما تنطلق صفارات الإنذار في كُـلّ مكان حوله؟

بشكل أَسَاسي، كُـلّ صاروخ أَو طائرة مسيرة تُطلِقها القوات المسلحة اليمنية تترك أثرًا مباشرًا وغير مباشر على العدوّ، يتصل هذا الأثر بالاستراتيجية وما قد يترتب عليه من تداعيات داخل المجتمع في مغتصبات العدوّ.

وفي تحليل له على قناة "المسيرة"، يؤكّـد اللواء محمد الصمادي، الخبير العسكري الأردني، أن "الأهم في العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية هو تأثيرها النفسي والسياسي أكثر من تأثيرها العسكري".

ويعبّر عن وجهة نظره بالقول: إن "إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة يزيد من تعقيد الأزمة الاستراتيجية لدى كيان العدوّ"، موضحًا أنه "عندما تنطلق صفارات الإنذار في القدس، وحتى مع وجود أكثر من 300 صاروخ، فَــإنَّه حتى في حالة التصدي الناجح، يتم استعمال العديد من الصواريخ الاعتراضية؛ مما يتطلب موارد كبيرة، وهذا يعكس استنزاف قدرات جيش الاحتلال الإسرائيلي".

ويرى اللواء صمادي أن هذه النوعية من العمليات غير التقليدية لا تزال تشكل تحديًا كَبيرًا للكيان الإسرائيلي، الذي يواجه وضعًا صعبًا؛ مما يدل على تغيير ملحوظ في موازين الردع في المنطقة.

ولإدراك اليمن أن كُـلّ صاروخ يمثل عامل ضغط على مجرم الحرب نتنياهو، يتم توجيه كُـلّ صاروخ ومسيّرة ضمن "قائمة أهداف محدّدة لدى القوات المسلحة اليمنية، فتلك الطائرات المسيرة والصواريخ تُطلَقُ وفق جدول زمني محدّد ومواقع تُحدّد من قبل القيادة اليمنية، حَيثُ الهدف منها، استمرار الضغط على نتنياهو وحكومته المتطرفة؛ إذ إنهم يعيشون في حالة من الخوف والرعب".

هذا الوضع الذي يشير إلى أن "هناك تحولًا في ميزان القوى، يمكّن اليمن -بحسب الصمادي- من "التأثير على الاقتصاد الصهيوني، حَيثُ تفرض العمليات اليمنية حظرًا جويًّا، يؤدي إلى توقف نشاط مطار اللُّد "بن غوريون"، وتعليق الرحلات الجوية، إضافة إلى شعور المواطنين الإسرائيليين بالخوف والقلق".

وبمُجَـرّد سماع قطعان المستوطنين لصفارات الإنذار، فَــإنَّ هذا يعزز حالة للذعر المتكرّر لدى أُولئك وهذا "له تأثيره العميق مع مرور الوقت واستمرار العمليات".

 وبحسب تحليل اللواء الصمادي فَــإنَّ "مسألة دخول الصهاينة إلى الملاجئ ليس أمرًا عشوائيًّا، بل يحدث وفق خطوات مدروسة ليكون التأثير ملموسًا ويخلق حالة من الرعب، ويستمر هذا الشعور بالقلق والترقب"، مُشيرًا إلى أن "إطلاق صاروخ واحد من اليمن يضع المغتصبين تحت ضغط كبير".

في ظل المعطيات التي تمنح اليمن أفضلية، حَيثُ خيارات استهدافه للعدو الإسرائيلي في العمق متعددة وواسعة..؛ ما يعني "بإيجاز أن اليمن قادر على الاستمرار في استنزاف العدوّ بعكس ما يفعله العدوّ نفسه".

ومع امتلاك اليمن لأسلحة الردع، بما فيها امتلاكه صواريخ فرط صوتية، وصواريخ انشطارية، فَــإنَّ هذا يعني، وفق تعبير الخبير الصمادي، "تحديًا إضافيًّا لمنظومات الدفاع الجوي لدى العدوّ، حَيثُ إن الصواريخ الاعتراضية تنفجر في الفضاء وتشكِّل تهديدًا للأجسام الطائرة، فكيف سيكون الحال عند محاولة اعتراض صواريخ انشطارية؟

ويخلص اللواء الصمادي للقول: "يمكننا أن نؤكّـد أن الصواريخ الانشطارية ستزيد من صعوبة تعامل أنظمة الدفاع الجوي للعدو وستؤدي إلى استنزاف أكبر للموارد؛ فتكلفة إطلاق الصواريخ الاعتراضية تكون مرتفعة جِـدًّا؛ ما يعزز من مستوى التحدي والاستنزاف، وقد يؤدي إلى إمْكَانية حدوث أضرار كبيرة وزيادة نطاق الحظر الجوي الشامل فوق المطارات الصهيونية".

مرحلة جديدة 

وتثبت الصواريخ والمسيرات اليمنية أنها ذات قدرات ودقة كبيرة، بتخطِّيها لكل الحواجز وُصُـولًا إلى أهدافها بدقة.

ويشير الخبير والمحلل العسكري العميد عابد الثور إلى أن هذه القدرات "دليل واضح على عجز دفاعات العدوّ الجوية في التصدي لها، حَيثُ فشلت أنظمته الدفاعية بشكل كامل في مواجهتها"، متسائلًا: "كيف سيكون الحال مع المفاجآت القادمة ومع استخدام اليمن للصواريخ متعددة الرؤوس الانشطارية؟"، مجيبًا بقوله: "هذا يضع العدوّ في موقف محرج"!

وبهذا تكون اليمن قد تمكّنت، بحسب العميد عابد الثور، من إيصال رسالة مفادها أن العدوّ الإسرائيلي ليس القوة الفاعلة في المنطقة، كما يروج لذلك؛ فالصواريخ اليمنية حقّقت نجاحًا مُستمرًّا، وتضعُه في موقف محرج للغاية"، مستدركًا بقوله: "هذا ونحن لا زلنا في المرحلة الخامسة، فكيف إذَا ما انتقلنا إلى مرحلة متقدمة؟".

وينوّه إلى أن "القوات المسلحة اليمنية تعلن أنها تطلق صواريخ باليستية فرط صوتية، دون تسمية الصاروخ؛ ما يدل على أننا دخلنا مرحلة جديدة من المواجهة".

ووفق لتعبير الثور يمكن القول: إن "العدوّ الإسرائيلي يواجه صعوبة بالاستمرار في مواجهة اليمن؛ بسَببِ البُعد الجغرافي، كما أنه يعاني من الصواريخ الفرط صوتية التي يطلقها اليمن، وهذا يؤثر على معنويات جيشه، وعلى الوضع الداخلي في مغتصباته"، مؤكّـدًا أن "نجاح اليمن في هذا الظرف والتوقيت له دلالاته".

استنزاف لقدرات العدو

بدوره يشير الخبير والمحلل العسكري أكرم سيروري، إلى "أهميّة العمليات العسكرية اليمنية، على اعتبار أنها تتوزع في جانبين اثنين:- الأول هو الجانب العسكري المباشر، حَيثُ يتم استنزاف القدرات الدفاعية للعدو الإسرائيلي؛ لأَنَّه عندما يتم إطلاق عدد كبير من الصواريخ الاعتراضية للتصدي لصاروخ يمني، يُصيب ذلك الصهاينة بالذعر ويعطِّل حركة المطار، وهذا يظهر ضَعفَ الكيان المؤقت، التي لا يمتلك استراتيجية فعالة لمواجهة التهديدات القادمة من اليمن، حَيثُ يظهر غيرَ قادر على ردع اليمن، أَو منع إطلاق الصواريخ؛ مما يترتب عليه تأثير عسكري مباشر.

أما الجانب الثاني، فيتعلق بالمفاوضات ومحاولات محاصَرة حركة حماس، وإظهارها كطرف مذنِب كما يعبِّر عن ذلك مبعوث ترامب (ويتكوف)؛ أي أنه لا يوجد ضغط على "إسرائيل" سوى من اليمن، وهذه العمليات تُلزِمُ العدوّ على التنازل"، منوِّهًا إلى أن إطلاق الصواريخ اليمنية والعمليات العسكرية اليمنية "يؤثر على مجريات المفاوضات ووقف العدوان؛ ما يُعد أمرًا حيويًّا للمقاومة في غزة؛ إذ إن نجاح اليمن في تكثيف عملياته سيجبر العدوّ على تقديم التنازلات".

ويرى أن "انطلاق الصاروخ اليمني دون أن يتم اكتشاف مساره، يمثل تحديًا كَبيرًا لكيان العدوّ، كما أنه يستنزف قدراته".

وبخصوص استخدام اليمن للصواريخ الانشطارية، فَــإنَّه "اليمن سيضع العدوّ الإسرائيلي في موقف صعب؛ لأَنَّه عندما يقترب صاروخٌ انشطاري من هدفه، سينطلق منه عددٌ من القذائف؛ ما سيجعل الدفاعات الجوية تواجه تحديًا حقيقيًّا، وبدلًا عن التصدي لصاروخ واحد، سيكون على تلك المنظومة الدفاعية التصدي لعدة صواريخَ في آن واحد، وبالتالي، نحن أمام وضع بالغ الأهميّة، حَيثُ تعتبر اليمن الوحيدة في المنطقة التي تمتلك صواريخ انشطارية، باستثناء إيران".

وفي سياق الحدث يؤكّـد المحلل العسكري العميد مجيب شمسان أن "الولايات المتحدة وكيان العدوّ الإسرائيلي يمثِّلان وجهَينِ لعُملة واحدة".

ويرى في حديثه لقناة "المسيرة" أن "اليمن في هذه اللحظات، يسعى لتعزيز موقفه من المفاوَضات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وَإذَا استمر العدوّ في تصعيد أفعاله، فَــإنَّ اليمن سيقوم بتصعيد خطواته بشكل أكبر؛ لإجبار العدوّ على تلبية مطالب المقاومة، وهذا ما يتضح من خلال تصريحات الرئيس المشَّاط ووزارة الدفاع؛ ما سيعزز دور اليمن في دفع المفاوضات للأمام، وتعزيز موقف المقاومة الفلسطينية"، منوِّهًا إلى أن "العدوَّ من المحتمل أن يرضخَ مع زيادة الضغط لمطالِبِ اليمن المرتبطة بالمقاومة الفلسطينية".