النكبة الكبرى
آخر تحديث 18-05-2025 16:15

خاص| 18 مايو| د/ عبد الرحمن المختار| المسيرة نت: اختزل الأعراب ما تعرض له أبناء الشعب الفلسطيني قبل 77 سنة على أيدي العصابات الإجرامية من إبادة جماعية وتهجير قسري تمهيداً لإعلان قيام الدولة الصهيونية في ذكرى سنوية سُميت بذكرى النكبة،

 وتم إسقاط كلّ ما ترتب عليها على أبناء الشعب الفلسطيني، باعتبار أن هذه النكبة إنما حلت عليهم فحسب، ولا علاقة للأنظمة والشعوب العربية بها، فنظام آل سعود في عهده الغابر وباعتراف مؤسسه الهالك لا اعتراض لديه في أن تكون أرض فلسطين وطناً قوميًّا لليهود المساكين - حسب وصفه لهم- وذهب أبناؤه وأحفاده أبعد من مذهبه، وكذلك الحال بالنسبة لغير نظام آل سعود من أنظمة الخليج الوراثية، وغيرها من أنظمة العار العربية.

لا مشكلة أبدًا في أن تتعرض الشعوب والأمم لنكبات، فذلك أمر وارد عمليًّا فقد يطرأ عليها الضعف بسبب انحطاط حكامها، لكنها سرعان ما تتعافى وتتغلب على أسباب ضعفها وانحطاطها طالما لا تزال الحياة تدب في جسدها؛ فالشعوب والأمم قد تتعرض للهزائم والنكبات لكنها تنهض من جديد بعد أن تستعيد قواها وتعالج نقاط ضعفها خلال عقد من الزمان أو عقدين على الأكثر، المهم أن تأخذ بالأسباب وهذه حقيقة سبق أن أثبتها القران الكريم قال الله تعالى: ﴿ألم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

وهذا يعني أن الأمم والشعوب الحية إذا ما أخذت بالأسباب، فلا بدَّ أن يتغير واقعها ولا بدَّ أن تنتصر على عدوها، وحين تحل ذكرى نكبة سنة 1948م يتم إسقاطها على الشعب الفلسطيني فحسب ولو تُرك الشعب الفلسطيني وشأنه منذ ذلك التاريخ لكان قد أنجز مشروع تحرره واستعاد أرضه وأعاد  المحتل الغاصب من حيث أتى؛ فالشعب الفلسطيني شعب  ينبض بالحياة، وهو لا يبخل في سبيل عزته وكرامته بتقديم التضحيات الجسام، لكن المؤسف أن الأنظمة العربية التي نصبتها القوى الاستعمارية الصهيوغربية بالتزامن مع إعلان دولة الكيان الصهيوني وقبل إعلانها وبعد إعلانها، لم تكتف هذه الانظمة بخذلان الشعب الفلسطيني، بل إنها تآمرت عليه ووقفت إلى جانب  القوى الاستعمارية الصهيوغربية، وإن كان لها مواقف علنية شكلية إلا أنها لم تكن تتعدى الدور الوظيفي المرسوم لها في إسناد القوى الاستعمارية وكيانها الصهيوني المزروع في أرض فلسطين العربية.

ولن يجد المتابع أي صعوبة في تقييم مواقف الأنظمة العربية الوظيفية فيكفي إسقاط موقفها اليوم مما جرى ويجري في قطاع غزة على سابق مواقفها خلال العقود السبعة الماضية، ولا حاجة أبداً للفحص والتتبع للأحداث فموقفها في الظرف الراهن هو صورة مكبرة لمواقفها خلال العقود الماضية من الخذلان للشعب الفلسطيني والتآمر على قواه المقاومة الحية، ولولا هذه الأنظمة وتآمرها لكان الشعب الفلسطيني قد أنجز مشروع تحرره؛ فالنكبة إذن لا تقتصر على الشعب الفلسطيني، بل يمكن القول إن نكبة الشعب الفلسطيني صُغرى وهينة مقارنة بنكبة الأمة الكبرى، ذلك أن الشعب الفلسطيني حي يقاوم الاحتلال منذ سنة 1948 وحتى اليوم، في حين أن الأمة ميتة لا حياة فيها، فلا يمكن لأمة حية أن تقبل أن يحكمها عدوها، ويتحكم في حاضر شعوبها ومستقبلها، ويرسم لها خط سيرها تسير فيه مرغمة مهما كان منحرفًا بها عن جادة الصواب.

ولقد اُبتليت شعوب الأمة العربية، وفي فترات متعاقبة، بأنظمة عميلة للقوى الاستعمارية الغربية،  تابعة ومرتهنة لها، عملت على رهن مصير ومستقبل شعوب الأمة لتلك القوى، التي عملت بدورها وبشكل حثيث، على تكريس حالة الضعف والارتهان والتبعية، حتى أصبحت الأنظمة مجرد أدوات بيدها، تحركها بالاتجاه الذي تريد، بما يخدم مصالحها، وفوق ذلك استخدمتها في قمع أي حركات أو تحركات شعبية، مناهضة لهيمنة القوى الاستعمارية الغربية على مجمل مظاهر حياة شعوب الأمة العربية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل لقد استخدمت القوى الاستعمارية الغربية الأنظمة الحاكمة تحديدًا الخليجية في حصار ومواجهة أي حكومة عربية أو إسلامية، تتبنى مناهضة الهيمنة الخارجية، وحياكة المؤامرات ضدها، وافتعال الأزمات وتأجيج الأوضاع الداخلية، والعمل على إسقاطها في نهاية المطاف.

والغريب في الأمر أن تبعية وارتهان الأنظمة العربية تحديدًا الخليجية للقوى الاستعمارية الغربية لم يكن ناتجًا عن نقص في الأموال اللازمة لإدارة هذه الأنظمة لشؤون الحكم في شعوبها، بل إن اتساع الرقعة الجغرافية للأمة العربية، قد نتج عنه احتواء هذه الجغرافيا على ثروات هائلة، وموارد طبيعية متنوعة، من شأنها أن تنهض بشعوب الأمة العربية إلى مصاف الأمم المتقدمة، وتحقق لها نمواً متسارعاً في مختلف المجالات، غير أن القوى الاستعمارية الغربية عملت جاهدة، على تحييد أي دور إيجابي لثروات وموارد الأمة العربية، في تحقيق التقدم والتطور والحياة الكريمة لشعوبها، بل الأبعد من ذلك عملت القوى الاستعمارية الغربية على تحويل ثروات الأمة العربية ومواردها الطبيعية من نعمة إلى نقمة، ومن عامل مهم من عوامل قوتها إلى من أهم عوامل ضعفها وانحطاطها!

وها هو مجرم الإدارة الأمريكية البلدوزر ترامب يجرف تريليونات من الدولارات من خزائن شعوب الأمة العربية التي بخلت أنظمتها في استخدام ولو نسبة ضئيلة من هذه التريليونات لنجدة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذين يتضورون جوعًا ويموتون عطشًا، وليس مستغرباً أن تؤدي وفرة المال والثروة الهائلة إلى اصطناع قوة ومنعة ومكانة مصطنعة لأصحابها في مواجهة الآخرين، لكن المستغرب فعلاً أن تؤدي الوفرة المالية والثروة الهائلة الى إهانة أصحابها وإذلالهم في مواجهة الآخرين! إنه حال أنظمة الخليج التي سبق لبلدوزر الإدارة الأمريكية وصفها بالبقرة الحلوب، وغيرها من الأوصاف، وها هو اليوم بعد حلبها يتمنن عليها بالقول إنه يحميها ويذود عنها الطامعين، كلّ ذلك بعد أن أفرغ خزائنها! فماذا بقي لغيره من مطمع فيها؟

إن أمة واحدة وصفها ربها جل وعلا بقوله: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾  وأمرها بتوحيده وعبادته وحده لا شريك له، دينها واحد لا يقبل الله منه غيره ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وقال تعالى: ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ  وأمر الله سبحانه وتعالى الأمة بالاعتصام بحبله المتين واجتناب الفرقة والتناحر فقال عز من قائل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.

إن أمة لغتها التي تمثل وسيلة التفاهم بين شعوبها واحدة، ولا يجد الفرد أي صعوبة في التخاطب والتفاهم مع غيره من أبناء الشعوب العربية في أي مكان لم ترع نعمة الله عليها، خصوصاً أن لغتها هي اللغة التي أنزل الله بها القران تكريماً منه سبحانه وتعالى لهذه الأمة، ليمثل ذلك عامل جذب للأمم الأخرى الأعجمية  التي تدين بالدين الإسلامي. وإن أمة تاريخها ومصيرها واحد، لن يختلف وإن صوره لها أعدائها بغير ذلك، فالأمر لا يعدو عن كونه مرحليًّا؛ فالمرحلية يستخدمها أعداؤها للاستفراد بها لهي أمة في سبات عميق بل أمة ميتة! وباعتبار أن سبب العداء لهذه الأمة ليس طارئًا، وإنما هو أصيل ومتجذر في نفوس أعدائها، فقد حذرها القران الكريم من شدة عداوة الأعداء، خصوصاً اليهود والنصارى، فقال تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ٍۗ﴾.

ومع ذلك فنحن نشاهد اليوم حكام أنظمة الخليج تغمرهم الفرحة حين يصارحهم بلدوزر البيت الأسود ترامب بحبه لهم، ونسوا أن الله سبحانه وتعالى قد كشف مشاعر أولئك الأعداء، حين أوضح القران الكريم بجلاء، حقيقة مشاعرهم، تجاه الأمة، فقال تعالى: ﴿هَا َنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.

وهذا التحذير ليس مقتصراً على فئة دون أخرى، أو شعب دون آخر من شعوب الأمة العربية، بل هو تحذير شامل لكل شعوب الأمة، يوضح بشكل لا لبس فيه ولا غموض، أن أعداء الأمة يستهدفونها بشكل عام، وإن أظهروا بعض الود لبعض شعوبها، فذلك هدفه تمزيقها وإضعافها، ليسهل لهم السيطرة عليها مفرقة ضعيفة، لإدراك الأعداء أن وحدة الأمة العربية قوة لها، ومانع من السيطرة عليها، مهما كانت قوة الأعداء وعدتهم.

 ولذلك استخدم الأعداء في عدائهم التاريخي للأمة العربية - وكما يفعل ترامب اليوم- أساليب التفرقة بين الشعوب العربية، وإيهام كلّ شعب بالحرص على الصداقة معه، وعلى المصالح المشتركة، والمنافع المتبادلة من هذه الصداقة، وفي المقابل الإيهام بوجود عداء وصراع وجودي، بين الشعوب العربية ذاتها وبينها وبين الشعوب الإسلامية، ويعمل الأعداء باستمرار على إدارة هذا الصراع وتغذيته.

إن أمة دينها واحد ونبيها واحد والتزاماتها الدينية تجاه ربها واحدة، ولغة التفاهم في ما بينها واحدة وتاريخها ومصيرها واحد، وجغرافيتها واحدة، أودع الله سبحانه وتعالى فيها من الخيرات والنعم التي لا تعد ولا تحصى، ما يمكنها من خلالها سيادة العالم بالعدل وإخضاعه لخالقه جل وعلا، ومع ذلك فالراهن الماثل للعيان هو حالها، عدوها يذلها بثرواتها، ويسفك دماء أبنائها بمالها، ويتحكم في حاضرها ومآلها إنها أمة في (نكبة كبرى).


 

 


الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان تعلن دعمَها لقرار الحظر على ميناء حيفا
متابعات | 20 مايو | المسيرة نت: أكّـد تحالف الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان، دعمَه الكامِلَ لقرار القوات المسلحة اليمنية "فرضَ حظر على الملاحة المتجهة إلى ميناء حيفا"، في فلسطين المحتلّة.
حماس: تصعيد العدوان وارتكاب المجازر يفضح المجرم نتنياهو الرافض لإيقاف العدوان على غزة
متابعات| المسيرة نت: حملت حركة المقاومة الإسلامية حماس كيان العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن إفشال مساعي التوصّل إلى اتفاق لوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.
السيد الخامنئي: إيران لا تنتظر الإذنَ من أحد لتخصيب اليورانيوم
اعتبر قائد الثورة الإسلامية في إيران، السيد علي الخامنئي، الحديث الأمريكي الأخير بشأن عدم التخصيب "تطاوُلًا مرفوضًا".
الأخبار العاجلة
  • 22:06
    البرلمان الإسباني يصدق على النظر في مقترح حظر تجارة الأسلحة مع "إسرائيل"
  • 21:31
    ذا ماركر الصهيونية: شركتا الخطوط الجوية الفرنسية وترانسافيا تمددان إلغاء الرحلات الجوية من وإلى مطار "بن غوريون" حتى 24 مايو
  • 21:14
    إعلام العدو: انهيار جزء من مبنى في قطاع غزة أدى إلى إصابة 3 جنود وصفت حالة 2 منهم بالخطيرة
  • 20:24
    الإعلام الحكومي بغزة: 58 حالة وفاة بسبب سوء التغذية و 242 حالة وفاة بسبب نقص الغذاء والدواء، معظمهم من كبار السن
  • 20:23
    الإعلام الحكومي بغزة: الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مستويات كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى
  • 20:22
    الإعلام الحكومي بغزة: سياسة التجويع التي يفرضها العدو الإسرائيلي تؤدي إلى وفاة 326 حالة بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء والدواء
  • 20:06
    وكالة الأنباء الهولندية: هولندا حشدت ما يكفي من الدعم لمقترحها بمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل"
  • 19:45
    وزارة الصحة الفلسطينية: 3 إصابات برصاص العدو وصلت إلى مجمع فلسطين الطبي من بلدة بيتللو غرب رام الله
  • 19:45
    سرايا القدس: استهدفنا بقذيفة (RPG) دبابة ميركافا صهيونية توغلت في محيط ملعب أبو رجيلة بمنطقة خزاعة شرق خان يونس
  • 18:35
    حماس: اتساع دائرة المواقف الدولية الرافضة للعدوان والحصار، يُعدّ إدانة جديدة لسياسات العدو ودعمًا متزايدًا لمطالب شعبنا العادلة