الموقع والأهمية الاستراتيجية.. قناة بنما جوهرة تحت جمر الأطماع الأمريكية
آخر تحديث 21-01-2025 09:48

تقارير | 21 يناير | محمد الحاضري ـ المسيرة نت: ظهرت إلى الواجهة من جديد الأطماع الأمريكية في قناة بنما، بعد تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب بشأن السيطرة على القناة بذرائع ضمان الأمن الاقتصادي للولايات المتحدة، وخضوع هذا الممر البحري للنفوذ الصيني، ملوحا باستخدام القوة العسكرية لتحقيق غايته.

وهذه الأطماع الأمريكية ليست جديدة فقد خضعت منطقة القناة التي كانت جزءا من أراضي الدولة الكولومبية للاحتلال العسكري الأمريكي المباشر منذ بدايات القرن العشرين، نظرا للأهمية الاستراتيجية هذا الممر المائي اقتصاديا وعسكريا على المستوى الدولي، ولم يخرج الاحتلال الأمريكي إلا بعد نضالات شعبية استمرت لعقود حتى بداي القرن الحادي والعشرين.

الموقع والأهمية الاستراتيجية

تقع قناة بنما في دولة بنما، وتمتد بطول 82 كيلومترا، تربط ما بين المحيطين الأطلسي والهادي، وتقسم بين قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية، وهي ثاني أهم القنوات المائية الاصطناعية في العالم، بعد قناة السويس.

وتمتد من خليج ليمون في المحيط الأطلسي إلى خليج بنما على المحيط الهادي، ويبلغ أضيق جزء من القناة عند معبر جيلارد بعرض 150 مترا، وأوسع جزء منها عند بحيرة جاتن بمساحة إجمالية تبلغ 422 كيلومترا مربعا.

وتأتي أهمية القناة من كونها تربط بين اثنين من أكبر المحيطات، وتعد بوابةً ومركزاً رئيسياً للنقل التجاري والعسكري في العالم، تصل بين الأميركيتين الشمالية والجنوبية، وبين أوروبا وغرب أمريكا، وكذلك توصل الصين مع شرق أمريكا، وتسهل عبور التجارة البحرية بين دول العالم.

وتقلص القناة رحلة السفن حول الأميركيتين من 21 ألف كيلومتر إلى 8 آلاف، بفارق 13 ألف كيلومتر، وأتاحت الربط بين 160 دولة و1700 ميناء حول العالم، ويمر عبرها حوالي 5% من حجم التجارة العالمية.

ويصل عدد السفن التي تمر بها سنويا إلى 14 ألف سفينة، في مقدمتها الأمريكية والصينية واليابانية، إلى جانب نقل 70 ألف حاوية أسبوعيا، ومن السلع الاستراتيجية التي تنقلها السفن عبر القناة هي منتجات النفط والسيارات والحبوب والفحم، وبعد توسيع القناة عام 2016، استوعبت سفنا أضخم من أجل زيادة كمية البضائع المنقولة ما بين المحيطين الأطلسي والهادي.

وتمر عبر القناة الطرق الرئيسة البحرية التي تربط بين الساحل الشرقي للولايات المتحدة وآسيا الشرقية، وكذلك الساحل الشرقي للولايات المتحدة والساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، كما تربط أوروبا مع الساحل الغربي لأمريكا الشمالية، والساحلان الشرقي والغربي للولايات المتحدة، بالإضافة إلى ربط أوروبا وأستراليا.

تاريخ تأسيس القناة

ظهرت أول المقترحات من أجل إنشاء قناة تعبر برزخ بنما سنة 1543م عندما أمر كل من ملك إسبانيا، وكارلوس الخامس بدراسة مسار بنما من أجل تسهيل عملية التجارة البحرية من إسبانيا إلى البيرو وبالعكس، ولتوفير ناحية عسكرية تكتيكية للإسبان ضد البرتغال.

وفي القرن الـ18، طرح فكرة إنشاء القناة الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون إذ اعتبرها طريقة أفضل وأكثر أمانا لسفنهم مقارنة بالإبحار حول الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية، لكنها لم تطبق.

وحاول كثير من المكتشفين والدول، مثل أسكتلندا وبريطانيا، وضع خطط وتنفيذ مشاريع لبناء القناة، لكنها لم تنجح، وفي النهاية، تبنى الفرنسيون المشروع مستفيدين من خبرتهم السابقة في بناء قناة السويس في مصر.

وبدأ الفرنسيون أولى محاولات بناء القناة، في عام 1878 بتوقيعهم معاهدة مع الحكومة الكولومبية لبناء قناة عبر بنما التي كانت آنذاك (بنما) مقاطعة تابعة كولومبيا، وانطلقت أعمال حفر القناة عام 1881م.

واجه الفرنسيون صعوبات مادية وتقنية، وعانوا من التضاريس شديدة الصعوبة في المنطقة بما في ذلك ارتفاع منسوب الأنهار وما تبعه من ظهور الثعابين والحشرات والأمراض الاستوائية كالملاريا والحمى الصفراء التي زادت الأمر تعقيدا وأودت بحياة آلاف العمال.

قررت فرنسا التخلي عن المشروع بعد أن خسرت مبلغ 287 مليون دولار في ذلك الحين، وخسارة أكثر من 22 ألف شخص كانوا يعملون في حفر القناة بسبب الأمراض والانهيارات الصخرية، لتنتهي أحلام فرنسا في بناء القناة بإعلان الشركة المكلفة ببناء القناة إفلاسها في15 عام 1889م، لتخيم بعد عقد من الزمن الأطماع الأمريكية على المشروع.

 

الاستحواذ الأمريكي وانفصال بنما

قوبلت الأطماع الأمريكية في السيطرة على المنطقة وإنشاء قناة تربط بين المحيطين الهادي والأطلسي برفض من الحكومة الكولومبية والتي كانت بنما جزءً لا يتجزأ منها

ففي عام 1902م قام مجلس الشيوخ الأمريكي بمناقشة رغبة الولايات المتحدة في بناء قناة تخترق الجنوب الأمريكي لتسهيل نقل البضائع التجارية، فأبدى البعض منهم رأياً ببناء قناة جديدة تمر عبر قناة نيكاراغوا، وأبدى البعض الآخر رأياً بالاستحواذ على مشروع قناة بنما.

وفي 19 يونيو 1902م صوت مجلس الشيوخ الأمريكي على الخيار البنمي، وخلال الستة الأشهر التالية تحديدا في 22 يناير 1903م قام وزير الخارجية الأمريكية جون هاي، ووزير الخارجية الكولومبي توماس هيران بتوقيع اتفاقية أولية عُرفت "هاي هيران"، مكنت الولايات المتحدة من استئجار القناة بعقد قابل للتجديد للأبد، لكن الشروط الأمريكية كان مجحفا لأصحاب الأرض الذين رفضوا العرض.

بعد الرفض الكولومبي استخدمت واشنطن الخيار العسكري واحتلال البلاد، فقد قام الرئيس روزفلت بإرسال سفن حربية إلى مدينة بنما على المحيط الهادي ومدينة كولون على المحيط الأطلسي بذريعة دعم الأصوات المطالبة بالانفصال عن كولومبيا، لتعلن بنما انفصالها عن الوطن الأم في الثالث من نوفمبر 1903، بمساحه بنما تبلغ حوالي 87.200 كلم مربع.

 وفي غضون أسبوعين فقط من إعلان الانفصال وقّعت "بنما" الدولة الوليدة اتفاقا يمنح الولايات المتحدة شريطًا من الأرض بعرض 10 أميال إلى أجل غير مسمى مقابل 10 ملايين دولار تدفع دفعة واحدة.

أضف إلى ذلك استحوذت واشنطن على الآلات والحفريات الفرنسية بما في ذلك سكة حديد بنما عام 1904، وفي العام نفسه بسطت يدها على مشروع القناة بالكامل.

وبعدها بدأت واشنطن على الفور العمل في استكمال بناء القناة وفي 15 أغسطس 1914 تم الانتهاء من بناء القناة وعبرت أولى السفن القناة التي انقلبت إلى مصدر للتوتر بين الدولتين بسبب الشروط المجحفة للاتفاقية ولاسيما بعد إقامة واشنطن قواعد عسكرية لحماية القناة ومنعها رفع العلم البنمي.

عودة القناة إلى بنما

الشروط الظالمة التي فرضتها واشنطن دفعت أصحاب الأرض للثورة ضد السيطرة الأمريكية، وبعد سنوات من الاحتجاجات الشعبية أبرمت بنما والولايات المتحدة اتفاقا جديدا عام 1977 اعترفت بموجبه واشنطن بسيادة بنما على القناة ونقلت إدارتها إلى لجنة مشتركة مقابل امتيازات وتعهدات أمنية تخولها استخدام القوة العسكرية لإبقاء القناة مفتوحة ومواجهة أي تهديد لحيادها.

وفي نهاية عام 1999 سلمت واشنطن القناة بالكامل للسلطات البنمية التي عمدت إلى توسيع القناة لتسهيل عبور سفن الشحن الكبيرة وزيادة إيراداتها المالية التي ناهزت 5 مليارات دولار في عام 2023.

وفي يناير من العام 2025 عادت الأطماع الأمريكية في القناة إلى الواجهة حيث أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أن تستعيد الولايات المتحدة قناة بنما، وهي الأطماع التي رفضتها على الفور بنما، بشكل قاطع، مؤكدة أن القناة "كانت وستظل تابعة لبنما، وستظل إدارتها تحت السيطرة البنمية مع احترام حيادها الدائم".

وترسم تصريحات ترامب بداية لحلقة جديدة من محاولات السيطرة على مقدرات الشعوب وفرض هيمنة الولايات المتحدة على البحار والمضائق المائية، وفي المقابل ستفتح صفحة جديدة من نضالات الشعوب في القارة اللاتينية ضد الأطماع الأمريكية.

وزارة الخارجية تدين اقتحام المجرم نتنياهو لجنوب سوريا وتحذر من استمرار الاعتداءات الصهيونية على المنطقة
متابعات| المسيرة نت: حذر القائم بأعمال وزير الخارجية والمغتربين عبدالواحد أبوراس من العربدة المستمرة لكيان العدو الصهيوني في فلسطين لبنان وسوريا، معتبرّا ذلك انتهاكاً صارخاً لسيادة لبنان وللقانون الدولي واتفاق وقف العدوان على غزة.
العدو الصهيوني يوسّع سيطرته في شمال الضفة بمصادرة 1,800 دونم في سبسطية
متابعات | المسيرة نت: تستعد سلطات العدو الإسرائيلي، لمصادرة نحو 1,800 دونم من أراضي الفلسطينيين في سبسطية وبرقة شمال الضفة الغربية، بذريعة تطوير الموقع الأثري، في خطوة تطال آلاف أشجار الزيتون.
إيران تنهي الاتفاقية مع وكالة الطاقة الذرية وتؤكد أنها منحازة لأمريكا والترويكا
متابعات | المسيرة نت: أعلنت الخارجية الإيرانية اتخاذ خطوة حاسمة تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد قرارها الأخير ضد إيران الذي يعبر عن "انحياز واضح" لصالح الغرب.
الأخبار العاجلة
  • 16:43
    رويترز عن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية: نندد بالضربات الإسرائيلية في جنوب لبنان
  • 16:07
    محافظة القدس: 378 مغتصبا صهيونيا اقتحموا باحات المسجد الأقصى المبارك اليوم
  • 16:06
    وزير الخارجية الإيراني: الترويكا الأوروبية وواشنطن تجاهلت حسن نوايا طهران وقوضت مصداقية واستقلالية الوكالة
  • 16:05
    وزير الخارجية الإيراني: تفاهم القاهرة فقد عمليا دوره كأساس للعلاقة بين إيران والوكالة
  • 16:01
    وزير الخارجية الإيراني: أرسلنا رسالة رسمية للوكالة الدولية للطاقة الذرية لإنهاء اتفاقية التعاون الموقعة في القاهرة ردا على قرار الوكالة الأخير
  • 15:59
    وزير الخارجية الإيراني: أرسلنا رسالة للوكالة الدولية لطاقة الرياح لتعاون الطلاب الموقع في القاهرة ردا على الوكالة الأخيرة