المستكبرون وموقفهم من الرسالة الإلهية
آخر تحديث 05-09-2019 20:05

رسالة الله في أصلها رسالة جذَّابة وعظيمة، مبادئها مبادئ عظيمة، والحق فيها واضح، والقيم والأخلاق التي تدعو إليها هي منسجمة مع الفطرة البشرية، دين الله هو دين الفطرة، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم: من الآية30]، ما الذي يؤثِّر على بعض المجتمعات فتتخذ المواقف السلبية التي تصل أحياناً ليس فقط إلى مستوى التنكر والنفور من تلك المبادئ والقيم الإلهية، والابتعاد عن الرسالة الإلهية، والتنصل عن النهوض بهذا الشرف العظيم، إنما إلى مستوى المحاربة لهذه الرسالة الإلهية، والسعي إلى القضاء على كلِّ من يحمل هذه الرسالة ويدعو إليها.

 رسالة الله في أصلها رسالة جذَّابة وعظيمة، مبادئها مبادئ عظيمة، والحق فيها واضح، والقيم والأخلاق التي تدعو إليها هي منسجمة مع الفطرة البشرية، دين الله هو دين الفطرة، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم: من الآية30]، ما الذي يؤثِّر على بعض المجتمعات فتتخذ المواقف السلبية التي تصل أحياناً ليس فقط إلى مستوى التنكر والنفور من تلك المبادئ والقيم الإلهية، والابتعاد عن الرسالة الإلهية، والتنصل عن النهوض بهذا الشرف العظيم، إنما إلى مستوى المحاربة لهذه الرسالة الإلهية، والسعي إلى القضاء على كلِّ من يحمل هذه الرسالة ويدعو إليها.

هناك مجموعة من العوامل في مقدِّمتها ثلاثة عوامل كانت بارزة إلى حدٍ كبير:

العامل الأول في تلك البيئة هو: الارتباط بالملأ المستكبر، الذي له دوافعه في الكفر بهذه الرسالة، والتصدي لهذه الرسالة الإلهية، ولهذا عندما قال الله "سبحانه وتعالى": {مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ}، الذين استكبروا هم الملأ في المقدِّمة، الملأ: البعض من القيادات السلطوية التي تتمتع بالمال والسلطة والنفوذ بين أوساط المجتمع، ورأت في الرسالة الإلهية أنها تؤثِّر على هذا النفوذ، لماذا تؤثِّر على هذا النفوذ؟ لأنه نفوذ استغلالي قائم على الظلم، على الطغيان، على الاستعباد، على الإذلال، على الممارسات الإجرامية؛ وبالتالي يتعارض بشكلٍ واضحٍ وصريح مع رسالة الله "سبحانه وتعالى" التي تحرر الإنسان، والتي تحمي هذا الإنسان من الاستعباد والاستغلال، والتي تبني المجتمع المسلم ليكون مجتمعاً حراً عزيزاً كريماً، والتي تبني واقع هذا المجتمع على أساسٍ من العدل، الرسالة الإلهية بمبادئها العظيمة وقيمها وأخلاقها المهمة، يرى فيها السلطويون المستكبرون مشكلة؛ فيتحركون للتصدي لها، والمحاربة لها.

عندما نتأمل مثلاً في واقع النبي "صلوات الله عليه وعلى آله" ما قبل البعثة بالرسالة والصدع بها، هناك نقطة من أهم النقاط التي يجب أن نستوعبها جيداً، رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" كان موحِّداً لله، كان يدين بالتوحيد، كان ابراهيمياً؛ وبالتالي لم يكن يشترك مع تلك البيئة وذلك المجتمع في عبادة الأصنام، والملأ في ذلك المجتمع والمجتمع بشكلٍ عام يعرفون هذه الحقيقة: أنَّ رسول الله هو من الموحِّدين لله، وهو لا يدين بالشرك كما هو حال الآخرين.

رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" قبل البعثة بالرسالة، منذ نشأته، منذ طفولته، ثم النشأة في مراحل الشباب، وصولاً إلى البعثة بالرسالة الإلهية والصدع بها، كان أيضاً ملتزماً ومستقيماً على مكارم الأخلاق، وكان معروفاً بتميزه في ذلك، فكانت أخلاقه هي مكارم الأخلاق، وكان مستقيماً وطاهراً وزكياً، ومبتعداً عن الرذائل والمفاسد، فمعروفاً أيضاً بالعفة، معروفاً بالأمانة، معروفاً بالصدق، فهو كان موحِّداً لله "سبحانه وتعالى"، وكان أيضاً على المستوى الروحي له عبادته والتي كثيرٌ منها هي حالة التفكر، وكانت له مواسم معينة يعتزل فيها للعبادة لله "سبحانه وتعالى"، فهو معروف في أوساط المجتمع بكل ذلك، وكل ذلك لم يكن سبباً لمشكلةٍ له مع قومه، يعني: لم ينزعجوا منه ويحاربوه بسبب كل هذا: بسبب أنه من الموحِّدين لله، أو بسبب أنه يتفرغ للعبادة لله "سبحانه وتعالى"، أو بسبب أنه يلتزم بمكارم الأخلاق، ومعروف بمكارم الأخلاق، ويتخلق بمكارم الأخلاق، وأنه يختلف عن ذلك المجتمع فيما هو عليه ذلك المجتمع من ممارسات وانحرافات وفساد، ولا يشاركهم تلك الخرافات وتلك الممارسات والسلوكيات السلبية، يختلف عنهم في كل ذلك، لم يكن هذا- في نفسه- يسبب مشكلةً للنبي "صلوات الله عليه وعلى آله" مع قومه، ويدخله معهم في صراع شديد، لكن عندما بُعث بالرسالة الإلهية حصلت المشكلة مع الملأ منهم، ومع الكثير من أتباع أولئك الملأ الذين ارتبطوا بهم وتأثَّروا بهم، لماذا؟

هذه مسألة تفيدنا - أيها الإخوة والأخوات- حتى الآن في نظرتنا إلى الإسلام، في نظرتنا إلى الرسالة الإلهية كيف هي؛ لأن البعض من المحرِّفين والمنحرفين يحاولون أن يقزِّموا الرسالة الإلهية، وأن يفرِّغوها من محتواها المهم، ومن لُبِّها الحقيقي كمشروع إلهي يحرر الإنسان، يبني الحياة على أساس منهج الله "سبحانه وتعالى"، يحاولون أن يبعدوا عن هذه الرسالة تلك الأسس المهمة والعظيمة والرئيسية التي يرون فيها مشكلة مع المستكبرين في كل زمن، ثم يحاولون أن يقدِّموا شكلاً آخر للرسالة الإلهية وللإسلام، وكأنها مجرد طقوس عبادية، وكأن الإسلام أيضاً مجموعة من الأخلاق الطيِّبة التي يلتزم بها الإنسان كسلوك، هذا جزء من الإسلام، جزء من الدين الإلهي، جزء من الرسالة الإلهية، لكنه ليس كل الإسلام، ليس كل الرسالة الإلهية، مع الجانب الروحي مع العبادات الروحية إذا فُصل هذا وذاك عن جوهر هذه الرسالة كمنهج للحياة، إذا فصل عن جانب العدل في هذه الرسالة، عن المبادئ التي تحرر الإنسان من العبودية للطواغيت، عن المبادئ التي تحمي هذا الإنسان من استغلال المستكبرين والظالمين والمتسلطين؛ تصبح تلك الطقوس وتلك الأخلاقيات مفصولةً عن تأثيرها الفعلي في واقع هذه الحياة، غير مجدية في واقع هذه الحياة، ذات تأثير محدود وبسيط جداً في واقع هذه الحياة، ولذلك كان بالإمكان أن يتأقلم المشركون في مكة مع النبي "صلوات الله عليه وعلى آله" في حالة أن كان اهتمامه على ما كان عليه ما قبل البعثة بالرسالة الإلهية، ينحصر في طقوس عبادية معينة، ويستمر في برنامجه: يخلوا في غار حراء للتعبد والتفرغ والتفكر، ويتنسك لله "سبحانه وتعالى"، ويختلف معهم في مسألة الشرك والتوحيد، ويتميَّز عنهم في أخلاقه الكريمة، كانت مسألة يمكن أن يتحمَّلوها، ولكن البعثة بالرسالة الإلهية بمبادئها العظيم، بجوهرها ولُبِّها الرئيسي كان بالنسبة لهم مزعجاً جداً، فلم يتحملوا ذلك أبداً.

 العامل الأول- كما قلنا- يعود إلى المستكبرين، والمستكبرون انزعجوا لماذا لم يكن الرسول واحداً منهم، واحداً من أولئك المستكبرين، يتصورون المسألة مجرَّد زعامة، مجرَّد سلطة، مجرَّد مركز اجتماعي ومنصب معين للتمتع من خلاله بالسلطة والنفوذ والتأثير والمصالح والاستغلال الذي يعيشونه، فكانت كلمتهم المعروفة التي نقلها لنا القرآن الكريم: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا}[ص: من الآية8]، هذه عندهم مشكلة كبيرة: كيف ينزل هذا الذكر (يعني: القرآن الكريم، والرسالة الإلهية) إلى رسول الله محمد "صلوات الله عليه وعلى آله" الذي لم يكن واحداً من أولئك الملأ المتسلِّطين، الأثرياء، الذين يمتلكون السلطة والثروة وذلك النفوذ المبني على ذلك: المبني على سلطة وثروة مادية هائلة.

وكان المجتمع أيضاً من حولهم ينظر إليهم هم من موقعهم في السلطة، والثروة، والنفوذ، والاستغلال، ينظر إليهم على أنهم هم الكبار الذين يتَّبعهم، الذين يتأثَّر بهم، يقتنع بما هم عليه، يلتزم بما هم عليه، يقتنع بأقوالهم، بأفكارهم، بسياساتهم، يسير وفق توجهاتهم، هذه كانت نظرة مؤثِّرة على المجتمع في نفس الوقت، وأثَّرت إلى حدٍ كبير، حتى كان المعيار المادي هو المعيار المؤثِّر في أوساط الكثير من أبناء المجتمع آنذاك، يعني: ينظرون إلى الإنسان كعظيم بقدر ما يمتلك من ثروة ونفوذ وتأثير وسلطة، وليس بقدر ما هو عليه من الحق، وما يمتلكه من قيم، وما يتخلق به من أخلاق، الرصيد الأخلاقي والقيمي لا يمثِّل بالنسبة لهم وزناً في أوساط المجتمع، ينظرون في مسألة الاتباع، في مسألة التأثر، في مسألة القناعة إلى تلك الفئة المستكبرة، بالرغم من أنها فاقدة للمبادئ والقيم، يأتي شخص معين يمتلك ثروةً، يمتلك سلطةً، يمتلك نفوذاً في أوساط المجتمع مبنياً على تلك السلطة والثروة، ينظرون إليه مهما كان مفلساً على مستوى المعرفة، على مستوى المبادئ، مهما كان منحطاً على المستوى الأخلاقي، ومفلساً على المستوى الإنساني والأخلاقي، لا يلتفتون إلى ذلك، ينظرون إليه إلى أنه كبير بقدر ما لديه من ثروة وسلطة ونفوذ؛ فينشدون إليه، ويتأثَّرون به، ويتَّجهون في الاتجاه الذي هو عليه، وهذه حالة سلبية جداً، لا يزال تأثيرها يمتد في واقع الناس، في الواقع البشري إلى اليوم، ولم يزال كذلك في حالة من الامتداد، لا ينقذ الناس من هذا التأثر إلَّا الاستيعاب للقيم والمبادئ الإلهية، والاهتداء بهدى الله "سبحانه وتعالى".
 سلسلة محاضرات الهجرة النبوية 1441هـ للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي - المحاضرة الثانية

اليوسفي للمسيرة: العمليات اليمنية تُسقط مشاريع التطبيع وتعزز صمود المقاومة.
خاص | 22 مايو | المسيرة نت: اعتبر الكاتب والباحث الصحفي فهمي اليوسفي أن "استهداف ميناء حيفا قرار استراتيجي تقدم عليه اليمن إسناداً لغزة".
الكاتب الصحفي أيوب للمسيرة: العمليات اليمنية تُعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية دولياً
خاص | 22 مايو | المسيرة نت: وصف الكاتب الصحفي سمير أيوب جبهة الإسناد اليمني بالفاعلة والأكثر حضوراً في معادلة الردع الاستراتيجي، لافتاً إلى أن استهداف الموانئ الإسرائيلية يعزز كلفة الاحتلال ويعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية دولياً.
ناشيونال إنترست: استهداف ميناء حيفا يفاقم الخطورة على كيان العدو
خاص | 21 مايو | المسيرة نت: أكدت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية أن استمرار الهجمات اليمنية على مطار اللد سيشل اقتصاد كيان العدو الإسرائيلي، مشيرة إلى أن استهداف ميناء حيفا سيفاقم الخطورة على إسرائيل إذ يمثل أكثر من 36% من حركة البضائع وعائداته تتجاوز 92 مليار دولار.
الأخبار العاجلة
  • 02:43
    مصادر فلسطينية: شهداء وإصابات في قصف العدو الإسرائيلي نازحين قرب حاووز المياه في منطقة البركة بدير البلح وسط قطاع غزة
  • 02:43
    مصادر فلسطينية: إصابات إثر قصف للعدو الإسرائيلي قرب حاووز المياه في منطقة البركة بدير البلح
  • 02:42
    مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تعتقل الأسير المحرر ضمن صفقة التبادل الأخيرة إبراهيم عطية من قلقيلية
  • 02:21
    مصادر فلسطينية: إصابة 3 أطفال وفتاة إثر قصف العدو الإسرائيلي منزلًا في منطقة مخيم 1 بالنصيرات وسط قطاع غزة
  • 02:20
    مصادر فلسطينية: العدو الإسرائيلي ينفذ عمليات نسف للمنازل في بلدة القرارة شمال شرق مدينة خان يونس
  • 02:20
    مصادر فلسطينية: شهيدان وإصابات إثر قصف العدو الإسرائيلي خيمة بمخيم الصداقة جنوبي مدينة دير البلح وسط قطاع غزة
  • 02:20
    منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر: 14 ألف رضيع في غزة سيموتون خلال 48 ساعة ما لم تصل إليهم المساعدات
  • 02:19
    منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر: الوضع في غزة كارثة إنسانية متنامية تواجه الفلسطينيين وخاصة الأطفال
  • 02:19
    مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد الشهداء إلى 5 مع وجود إصابات إثر غارة للعدو الإسرائيلي على منزل بمنطقة الصفطاوي شمالي مدينة غزة
  • 02:19
    مصادر فلسطينية: 4 شهداء إثر غارة للعدو الإسرائيلي على منزل بمنطقة الصفطاوي شمالي مدينة غزة