بعد فشل صفقة القرن.. كيف يعيد العدو الصهيوني هندسة المنطقة من الضفة المحتلة؟
آخر تحديث 10-11-2025 08:57

محمد الكامل | المسيرة نت: يمضي العدو الصهيوني في تنفيذ أخطر مشاريعه الاستيطانية، إذ تتسارع الخطى نحو ضمٍّ فعليٍّ للضفة المحتلة عبر أدوات سياسية وقانونية وأمنية معقّدة، تُخفي خلفها عملية إعادة هندسة شاملة للجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية. وبينما تنشغل الأنظار بعدوان الاحتلال المتواصل على غزة والجنوب اللبناني، تتكشّف ملامح "عدوان ضمٍّ صامت" يرسم خريطة جديدة للمنطقة تحت غطاء قانوني وإداري زائف.

تتحرك حكومة الاحتلال برئاسة المجرم نتنياهو بخطوات مدروسة لتكريس سيطرة استعمارية دائمة على الضفة المحتلة. فبعد فشل "صفقة القرن" في تحقيق شرعية دولية مزعومة للضم، انتقل العدو إلى خطة أكثر دهاءً، تتمثل في تحويل الوجود الصهيوني ومغتصبات العدو إلى واقع إداري وأمني لا رجعة فيه.

وتشير التقارير إلى أن وزارات الاحتلال المختلفة تعمل على دمج إدارة المغتصبات ضمن البنية الصهيونية المدنية، بحيث تُدار فعليًا كمناطق تابعة للاحتلال، في تجاوز واضح لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

ويصف الباحثون هذه الخطوة بأنها "ضمٌّ زاحف"، لا يُعلن رسميًا لكنه يتحقق يومًا بعد يوم عبر تشريعات جديدة، وموازنات مالية، وبنى تحتية تُرسِّخ الوجود الصهيوني.

وبحسب منظمات حقوقية، تجاوز عدد المغتصبين في الضفة المحتلة نصف مليون، بينما يجري العمل على مضاعفة هذا الرقم خلال السنوات الخمس القادمة عبر توسيع الكتل المغتصبة وربطها بطرق ومرافق تخدم المستوطنين فقط.

هندسة ميدانية صهيونية

تُعَدّ البنية التحتية أبرز أدوات الضم الصامت، فالعدو الصهيوني يُنشئ شبكة طرق التفافية جديدة تقطع أوصال القرى والمدن الفلسطينية وتحوِّلها إلى جزر معزولة، في مقابل ربط المغتصبات ببعضها وبالداخل المحتل في منظومة واحدة.

ووفق تقريرٍ لمركز أبحاث الأراضي، فإن أكثر من 250 كيلومترًا من الطرق الجديدة قيد الإنشاء في الضفة، تهدف إلى دمج المغتصبات الكبرى مثل "معاليه أدوميم" و"أريئيل" و"غوش عتصيون" في محيط الاحتلال الاقتصادي والأمني.

الهدف، كما يراه محللون، هو خلق تواصل جغرافي "استيطاني" يقابل تفكيك التواصل الفلسطيني، لتتحول "السلطة الفلسطينية" إلى إدارة محلية محدودة الصلاحيات في مناطق متقطعة لا تمتلك أي مقوِّمات للسيادة، وهو ما يصفه بعض الخبراء بأنه "أوسلو جديدة" تُفرض من طرفٍ واحدٍ أكثر خطرًا من سابقتها.

تحييد الوجود الفلسطيني والدور الأمريكي

يعتمد الاحتلال مزيجًا من التشريعات والسياسات الأمنية لقمع أي مقاومة لهذا المشروع الصهيوني. فعمليات الاقتحام اليومية في مدن الضفة، واعتقال المئات من الشبان والنشطاء، تأتي ضمن استراتيجية "تفريغ المقاومة" من الداخل، بالتوازي مع تشديد السيطرة الإدارية على الأرض.

وبحسب بيانات صادرة عن مؤسسات حقوقية، نفّذ جيش الاحتلال أكثر من 9000 عملية اقتحام منذ مطلع العام، تركزت في جنين ونابلس وطولكرم، فيما تُظهر الإحصاءات أن العام الجاري هو الأكثر دموية منذ الانتفاضة الثانية، نتيجة التصعيد المنهجي الذي يستهدف كل من يعارض مشروع الضم.

أما في ما يعرف بالكنيست الصهيوني، فقد دفعت أحزاب اليمين المتطرف باتجاه تشريعات تمنح المغتصبين حقوقًا مدنية كاملة داخل الضفة المحتلة، بينما يُحرَم الفلسطينيون من أبسط حقوقهم، في خطوة تُكرّس نظام فصلٍ عنصريٍّ متكامل الأركان.

ووفق مراقبين، فإن هذه الإجراءات تحوِّل الاحتلال من مجرد سلطة عسكرية مغتصبة إلى "سيادة مدنية كاملة" داخل الضفة، وهي الترجمة العملية لمفهوم الضم دون إعلان رسمي.

وتجري كل هذه التطورات وسط تواطؤٍ أمريكي وغربيٍّ صريح، فالإدارة الأمريكية تموِّل مشاريع بنية تحتية ومساعدات أمنية تُسهم في تثبيت السيطرة الصهيونية. وقد أشار تقريرٌ لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى أن الدعم الأمريكي للجيش الصهيوني في الضفة المحتلة بلغ 1.2 مليار دولار سنويًا، تُصرَف معظمها على تدريب وحدات التنسيق الأمني والتكنولوجيا الميدانية لمراقبة الفلسطينيين.

ويقول المحلل الصهيوني عكيفا إلدار إن واشنطن "تتغاضى عن الوقائع الجديدة" لأنها ترى في مشروع الضم ضمانة لأمن الكيان واستمرارية نفوذها في المنطقة. في المقابل، تلتزم الأنظمة العربية التطبيعية صمتًا مطبقًا، بل وتشارك اقتصاديًا في مشاريع استثمارية تخدم المغتصبات تحت لافتات التعاون الإقليمي.

البعد الإقليمي وموقف المقاومة

ولا يقتصر الضم الصهيوني على جغرافيا فلسطين فحسب، بل يحمل بعدًا إقليميًا استراتيجيًا. فبحسب تقارير بحثية، يعمل الاحتلال على تحويل الضفة المحتلة إلى مركزٍ اقتصاديٍّ أمنيٍّ متقدم يربط البحر المتوسط بالأردن والخليج عبر خطوط نقلٍ واستثمارٍ جديدة. وتأتي هذه المشاريع ضمن ما يسميه خبراء الاحتلال "الشرق الأوسط الجديد"، حيث تشكِّل الضفة القلب الجغرافي لممرات التجارة والطاقة التي تخدم الاقتصاد الصهيوني.

ويرى مراقبون أن الضم بهذا المعنى هو جزء من إعادة هندسة المنطقة، إذ يسعى الاحتلال لترسيخ تفوقه الإقليمي من خلال السيطرة على الممرات والمعابر والموارد الطبيعية.

ويُتوقع أن يُعلن خلال الأعوام القادمة عن مشاريع ضخمة للسكك الحديدية والطاقة تمر عبر الضفة وتصل إلى الموانئ الصهيونية، بما يدمجها اقتصاديًا في منظومة الاحتلال ويقضي على فكرة الانفصال الفلسطيني نهائيًا.

في مقابل هذا الزحف الصهيوني المتصاعد، تقف ما يسمى بالسلطة الفلسطينية في الضفة عاجزة عن أي ردٍّ سياسيٍّ فعّال، مكتفية بتصريحاتٍ دبلوماسيةٍ باهتة. لكن الرهان هو على المقاومة الفلسطينية الحرة بكل فصائلها، حيث تتوسع خلايا المقاومة المسلحة في جنين ونابلس وطولكرم، معلنةً أن الضفة لن تُسلَّم دون قتال.

ويرى محللون أن تصاعد العمليات الفردية والهجمات ضد مواقع الاحتلال هو ردٌّ طبيعي على سياسة الضم الممنهجة، وأن استمرارها يعني فشل كل رهانات الاحتلال على "تدجين الضفة" بصورةٍ أخطر من أي عدوانٍ مفتوح، ونكبةٍ تُصاغ بلغة الضم بوسائل إدارية صامتة لا شرعية لها، لكنها محاولةٌ صهيونية لإعادة رسمٍ كاملٍ للجغرافيا الفلسطينية، تمحو الوجود الفلسطيني خطوةً خطوة، وتحوِّل الأرض إلى مستعمرةٍ كبيرةٍ بلا مقاومة.

القائم بأعمال رئيس الوزراء يحتفي بالعرسان وأبناء الشهداء الخريجين
أكد القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء، العلامة محمد مفتاح، أن الدولة تسعى بكل ما لديها من إمكانات للوفاء بمشروع الشهداء والدفاع عن مسيرة الحرية والاستقلال للأمة.
الشيخ للمسيرة: واشنطن تغسل سجل "الجولاني".. وتحوّله إلى خادمٍ للمشروع الصهيوأمريكي
خاص | المسيرة نت: قدّم رئيس مركز شمس للدراسات الاستراتيجية المتقدمة، الدكتور محمد الشيخ، قراءة معمّقة تكشف جوهر التحوّلات الخطيرة التي تديرها السياسة الأمريكية على الساحة السورية، وفي مقدّمتها عملية إعادة تدوير الإرهابي المدعو "أبي محمد الجولاني" وتحويله من “مطلوب عالمياً” إلى “ضيف مرحَّب به” في واشنطن، في خطوة اعتبرها الشيخ مؤشراً صارخاً على الارتباط الوظيفي بين الجماعات المسلحة والعدو الإسرائيلي تحت الرعاية المباشرة للإدارة الأمريكية.
زيارة رئيس البرلمان الإيراني لإسلام آباد.. رسائل سياسية واقتصادية تعزّز مسار الشراكة الاستراتيجية
خاص| المسيرة نت: في توقيتٍ دقيق تشهده المنطقة، تتواصل مسارات تقارب الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع باكستان، بخطوات متقدمة تعكس رؤية استراتيجية ثابتة لدى الطرفين، حيث وصل رئيس البرلمان الإيراني الدكتور محمد باقر قاليباف إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، في زيارة وُصفت بأنها ذات رسائل سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الأهمية، وتمثّل امتداداً لمسار الحوار والتنسيق الذي تصاعد خلال الأشهر الأخيرة بين البلدين.
الأخبار العاجلة
  • 11:40
    طه جران: ماضون مع من يمد العون لأسر الشهداء في كافة مجالات الرعاية لنبادل وفاء الشهداء بوفاء لأبنائهم وأسرهم
  • 11:40
    رئيس الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء طه جران: هؤلاء الكوكبة من أبناء الشهداء هم اللبنات الأساسية في مسار بناء وطنهم وخدمة شعبهم بصدق وإخلاص
  • 11:40
    العلامة مفتاح: أبناء الشهداء هم الامتداد الأصيل والحقيقي لمسيرة الشهداء التي كلما جادت بالدماء زادت ألقا وحضورا
  • 11:40
    القائم بأعمال رئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح: هذه الفعالية التكريمية لأبناء الشهداء تعكس جانبا من مبادلة وفاء وتضحيات الشهداء بوفاء واهتمام ورعاية لأبنائهم وأسرهم
  • 11:40
    الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء تقيم مهرجانا تكريميا لأبناء الشهداء الخريجين من الجامعات والكليات والمعاهد وتحتفي بعرس 1000 من أبناء الشهداء
  • 11:39
    مصادر فلسطينية: استشهاد طفل إثر انفجار جسم من مخلفات العدو بمدينة خان يونس
الأكثر متابعة