اللُّعبة الأمريكية وأبعادها السياسية والأمنية في العراق خلال الفترة المقبلة
آخر تحديث 06-11-2025 16:52

ما بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية علاقة معقّدة ومتأرجحة، ولم نشهد أنها ثبتت على حالة واحدة؛ فهي مبنيةٌ دائمًا على الهواجسِ ومكبَّلةٌ بالشكوك، طيلةَ الفترة التي رافقت النظامَ السياسي الحالي منذ عام 2003 وحتى هذه اللحظة.

وعلى ما يبدو، فَــإنَّ واشنطن حسمت أمرهَا مؤخّرًا على أن يكونَ لها رأيٌ آخر وتصرُّفٌ أكثر صرامة من ذي قبل، مع أركان السياق السياسي والأمني والاقتصادي في العراق بعد الانتخابات العراقية القادمة، وتحديدًا فيما يخص «النفوذ، القوة، توزيع المناصب المتعلقة بالوزارات السيادية، وصناعة القرارات».

ويبدو أكثر أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الحرب الأمريكي هيغسيث بنظيره العراقي ثابت العباسي من جانب، وما حمله بيان مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للعراق مارك سافايا من جانب آخر، يؤكّـد أن العلاقة بين البلدين لا يمكن أن تكون طبيعية أَو متوازنة أَو متماسكة، فهي معرضة في أية لحظة للاهتزازات الداخلية والخارجية، وتتمحورُ مشكلتُها الرئيسية حول «طهران والحشد الشعبي».

ومن المؤكّـد أن واشنطن ستسهم في تعزيز الانقسام السياسي والاجتماعي في المرحلة المقبلة بين قسمٍ عراقيٍّ غير خاضع لسيطرتها ولا يميل إليها كَثيرًا ويعتبرها دولة احتلال تسعى للسيطرة على العراق ونهب ثرواته، وبين قسمٍ آخر يراها بلدًا للتطوير والجودة والرخاء، ويرى أن بقاءها في العراق ضرورة لا خيار، وهو تيار الخاضعين لها.

ولكي تُبقيَ واشنطن على هذا الواقع، استخدم ترامب، وسيستخدم غيره، أدواتٍ لقياس تموضع بغداد بين طهران وواشنطن في المرحلة المقبلة، وذلك عبر ما يلي:

▪️ أولًا: التهديد الدبلوماسي

بالرغم من أن مارك سافايا لم يشغلْ أي منصب دبلوماسي سابقًا، ولم يتولَّ رتبةً وظيفيةً على مستوى العلاقات الدولية سواء في بلده الأُم العراق أَو البلد الذي هاجر إليه أمريكا، وكل ما يُعرف عنه أنه “تاجر ماريجوانا”، فَــإنَّ قدومه للعراق ليشغل مهام مبعوث الحكومة الأمريكية الخاص في البلاد يُعد أمرًا مباغتًا وغيرَ متوقَّع.

ومن الدلالات المؤكّـدة، البعيدة عن التخمين، ما حمله بيانُه الرسمي الأول منذ تكليفه بهذا المنصب، حولَ المسار السياسي في البلاد في المرحلة المقبلة، والذي شدّد فيه – في إطار «التهديد الدبلوماسي» – على ثلاث نقاط رئيسية:

1️ ضرورة تقليص التدخلات الخارجية، في إشارة إلى إيران.

2️ لا مكانَ لأية جماعات مسلحة في الحكومة العراقية المقبلة، في إشارة إلى الحشد الشعبي.

3️ فتح الأسواق العراقية أمام الشركات الأجنبية، في إشارة إلى الشركات التركية والخليجية وربما الإسرائيلية التي تحمل مسميات أُخرى.

4️ ربط أمن العراق بـ”تعاون الحكومة المركزية مع حكومة إقليم كردستان“، في إشارة إلى التواصل غير المباشر مع العناصر اليهودية والصهيونية داخل الإقليم بشأن مستقبل النفط العراقي المباع لكَيان الاحتلال الصهيوني عبر شركات وسيطة، وكذلك بشأن دعم التطبيع وتعزيز السلام مع (إسرائيل).

وهذا يعني أن مستقبل العراق “الأمن والمزدهر” مرتبط كليًّا بتنفيذ ما تقدم أعلاه.

▪️ ثانيًا: التهديد الأمني

بلهجةٍ تنطوي على الوعيد والتهديد، وإبداء العزم على إلحاق الضرر بالعراق، أوصل وزير الدفاع الأمريكي هيغسيث مجموعة رسائل إلى الحكومة العراقية خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع نظيره العراقي ثابت العباسي على مرأى ومسمع كبار القادة الأمنيين في البلاد، حول مستقبل العلاقة الأمنية بين البلدين.

وقد حذّر الوزير الأمريكي الحشد الشعبي وحركات المقاومة العراقية من مغبة التعرض للقوات الأمريكية خلال قيامها بعمليات في المنطقة.

ولم يذكر – بحسب تصريح العباسي – نوع ووقت ومكان تلك العمليات، ولا الجهة المستهدفة فيها: هل هي إيران، أم اليمن، أم حزب الله اللبناني، أم الحشد الشعبي نفسه؟

كما لم تُعرف طبيعة القواعد والإملاءات التي ستفرضها واشنطن على بغداد من خلالها.

وربما يرتبط الأمر بالانتخابات العراقية القادمة وتقويض وزن الأجنحة السياسية المرتبطة بالحشد الشعبي وفصائل المقاومة العراقية، والتأثير في نتائجها لصالح جهات أُخرى تراها واشنطن مناسبة لها.

وتدل مؤشرات التبليغين الواردين للعراق – في بيان سافايا واتصال هيغسيث – على احتمال تجدد المواجهة، سواء مع إيران أَو أي طرف من أطراف محور المقاومة، بشكل أكثر ضراوة وأوسع امتدادًا.

وفي السياق نفسه، فَــإنَّ البُعدَ الأمني الذي انخرطت فيه واشنطن في المنطقة الإقليمية يجعلها ملزمة بتحييد العراق ونقله سياسيًّا وأمنيًّا من طهران إلى واشنطن، ونزع سلاح الحشد الشعبي، ذلك المسعى الذي بدا واضحًا جِـدًّا في حكومتي الكاظمي والسوداني، وسيُستكمل في الحكومة المقبلة، حتى وإن كانت مكرهة عليه.

وهناك دلائل أُخرى تقع في السياق ذاته، منها:

انسحاب بعض القوات الأمريكية من قواعدها في العراق يمثل جزءًا من التحضيرات الأمريكية لتجدد المواجهة مع أحد أطراف محور المقاومة لاحقًا، وغالب الترجيحات تشير إلى طهران أَو حزب الله اللبناني.

التدخلات الأمريكية لمنع إقرار قانون الحشد الشعبي رغم إرادَة البرلمان والحكومة العراقية.

مقترح “قانون تحرير العراق من إيران” المقدم من النائب الأمريكي جو ويسلون، والذي يهدف إلى تقليص نفوذ إيران في العراق.

وفي الختام:

إن الموقف العراقي الرسمي “الصامت” حتى هذه اللحظة تجاه كُـلّ ما سبق، إنما يمارس لعبة إدارة التوقيت والتقاط الإشارات لترحيل الأزمة إلى الحكومة القادمة، التي ستجد نفسها أمام خيارين أحلاهما مرّ: الحياد أَو الانخراط في خضم هذه المعيقات الداخلية والخارجية.

لذلك، ستكون المرحلة المقبلة صعبة للغاية، ولا يُعتقد أنها ستمر بسلام.

* كاتب عراقي -ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الاستراتيجية في البصرة

وقفة قبلية في مديرية الرجم بالمحويت وفاءً للشهداء وتأكيدا على الجاهزية
المحويت| المسيرة نت: شهدت مديرية الرجم بمحافظة المحويت اليوم الأحد، وقفة قبلية مسلحة وفاءً لتضحيات الشهداء وتأكيدا على الجاهزية للدفاع عن الوطن.
حماس: زيارة "هرتسوغ" لزامبيا والكونغو محاولة صهيونية لاختراق المواقف الأفريقية الداعمة لفلسطين
متابعات: المسيرة نت: اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس الزيارة المُزمَعة للرئيس الصهيوني يتسحاق هرتسوغ إلى كلٍّ من زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية محاولةً صهيونيةً لاختراق المواقف الإفريقية الأصيلة الداعمة لحق الشعب الفلسطيني في الحرية وإزالة الاحتلال.
رئيس كولومبيا: ما يحدث في غزة اختبار وحشي للسلطة في العالم
المسيرة نت| وكالات: أكّد الرئيس الكولومبي "غوستافو بيترو"، أنَّ ما يجري في غزة يمثل "تجربة وحشية للسلطة في العالم"، في تصريحٍ جديد يهاجم فيه الولايات المتحدة وكيان العدوّ الإسرائيلي على خلفية الحرب المستمرة في القطاع.
الأخبار العاجلة
  • 21:13
    الصحة اللبنانية: شهيد في استهداف مسيّرة للعدو سيارة في بلدة حومين الفوقا جنوب لبنان
  • 21:13
    البيان الختامي للمؤتمر القومي العربي: يجب ملاحقة قادة العدو على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة
  • 21:13
    البيان الختامي للمؤتمر القومي العربي: نؤكد على ضرورة المساهمة في إعمار غزة ودعم التكافل الاجتماعي
  • 21:13
    البيان الختامي للمؤتمر القومي العربي: نؤكد ضرورة ضمان عدم عودة الحرب في قطاع غزة
  • 21:12
    البيان الختامي للمؤتمر القومي العربي: نرفض أي وصاية على قطاع غزة والشعب الفلسطيني
  • 21:12
    البيان الختامي للمؤتمر القومي العربي: يجب اتباع استراتيجية لمواجهة المخاطر الإسرائيلية والغربية
الأكثر متابعة