يمن الحادي والعشرين من سبتمبر المتغير الاستراتيجي بوجه الصهيونية

لم تعد اليمن مجرد ساحة صراع إقليمي، بل تحولت إلى لاعب استراتيجي يفرض نفسه على خارطة المواجهة مع الكيان الصهيوني.

فمنذ ثورة 21 سبتمبر 2014، التي أطاحت برموز الوصاية الأجنبية، كان الموقف الصهيوني تجاه اليمن واضحاً منذ البداية، حيث لم يخفِ الإعلام العبري ومسؤولوه قلقهم من التغيير، وسارعوا إلى شيطنة الثورة وتصويرها كتهديد استراتيجي يهدد أمن المنطقة بأسرها.

قبل بدء العدوان على اليمن في مارس 2015، كانت الدوائر الصهيونية تراقب بقلق ما يجري في اليمن، في ذلك الوقت، اعتبر الكيان أن هذه التحولات تمنح إيران "نقطة خنق ثانية" على مضيق باب المندب، مما يشكل تهديداً على إمدادات النفط والملاحة العالمية.

بعد العدوان، لم تتوقف "إسرائيل" عن مراقبة الوضع، بل عملت على هندسة خطاب إعلامي يخدم مصالحها، فبدأت في ترويج مصطلحات مثل "وكلاء إيران" و"السيطرة على باب المندب" من خلال أبواقها الناطقة بالعربية، بهدف تبرير العدوان وإخفاء مصالحها الحقيقية في العدوان على اليمن.

مع مرور السنوات، لم يضعف الموقف اليمني، بل ازداد قوة وفاعلية، أدرك الكيان الصهيوني أن أي إنجاز لليمن في مواجهة تحالف العدوان يعني اقترابًا من مواجهة مباشرة معها، هذا الإدراك دفعها إلى تعزيز منظومتها الدفاعية، خاصة بعد الهجوم المنسق بالطائرات المسيرة وصواريخ كروز على منشآت النفط في السعودية عام 2019.

ومع انطلاق "طوفان الأقصى" في غزة، تجلّى الموقف اليمني الثوري بشكل غير مسبوق، فجأة، وجد الكيان نفسه محاصر في البحر الأحمر بفعل العمليات العسكرية اليمنية التي استهدفت السفن المتجهة إلى الموانئ المحتلة.

هذا الموقف أدى إلى شل حركة ميناء أم الرشراش، المسمى اسرائيلياً "ايلات"، وأثبت أن اليمن أصبحت قوة فاعلة قادرة على الرد وفرض الحصار على الكيان الصهيوني.

اليمن وبعد مرور ما يقرب من عقد من الزمن على ثورة 21 سبتمبر، شكلت صفعة استراتيجية للمشروع الصهيوني، وخلطت أوراق المنطقة بشكل كامل.

لقد أظهرت المواقف اليمنية المتلاحقة أن البلاد اختارت مواجهة "الشيطان" (إسرائيل) مباشرة، وليس "قرنه" (وكلائه الإقليميين)، هذا التحول الجذري في الموقف أكد أن اليمن أصبح جزءًا لا يتجزأ من محور المقاومة، مما يجعله متغيرًا استراتيجيًا لا يمكن تجاهله في أي حسابات مستقبلية.