المولد النبوي بين المعنى القرآني والبُعد التحرّري في خطاب السيد القائد

خاص| عباس القاعدي | المسيرة نت: قدّم السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في خطاب فعالية المولد النبوي الشريف -على صاحبه وآله أفضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم- مقاربةً متكاملةً جمعت بين المعنى القرآني والبُعد التاريخي والتوصيف الميداني، ليصوغَ منها خارطةَ تموضُعٍ لليمن في قلب معركة الأُمَّة.
وبدأ الخطاب بلُغةٍ مختلفة، فهو ليس استذكارًا روحيًّا فقط، ولا احتفالًا بالطقوس والابتهالات، وإنما إعلان موقف استراتيجي يرسم بدقة حدود الصراع وطبيعة الاصطفاف، ويكشف عن حجم التحدي وخيارات المواجهة. فمنذ الاستهلال الأول حين وصف إحياء اليمنيين لهذه المناسبة بأنه الإحياء الذي لا مثيل له في كُـلّ أنحاء الأرض، وضع السيد القائد المناسبة في إطارها العملي.
ويشير السيد القائد إلى أن اليمن هو
ساحة الإيمان والحكمة وميدان الولاء الصادق لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
ومنطلق الفعل الجهادي في زمن الصمت العربي المخزي.
وفي هذا السياق، يقول أُستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور عبدالملك محمد عيسى: إن "خطابَ السيد القائد -يحفظه الله- الأخير لم يكن مجرد تزيين لفظي أو استشهادًا متقطعًا، بل جاء ليؤسِّسَ من جديد لرؤية عملية؛ حيث قدّمه السيد القائد كمعيار تشغيل سياسي وعسكري، فهو الذي يحدّد طبيعة العدوّ ويصفُ مكامنَه ومكرَه، ويبيّن أدوات المواجهة وأفقها. ومن خلال الاستشهاد بسور الصف والمائدة والأحزاب والإسراء، وُضع كَيانُ العدوّ الصهيوني في مكانه الطبيعي ككيان مفسد مآلُه الهزيمة على يد عباد الله أولي البأس الشديد".
حضور قوي للقضية الفلسطينية
ويضيف: "هنا لم يكن الأمر وعظًا
أو تلاوة، بل تحديد قواعد اللعبة: لا خلاصَ للأُمَّة إلا بالعودة للقرآن، ولا نجاة
من الهوان إلا بالتشبث برسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي أسقطت طواغيتَ
الجاهلية الأولى".
ويلفت الدكتور عيسى إلى أن القضية
الفلسطينية قد حضرت بقوة في متن خطاب السيد القائد، ليس كقضية تضامن رمزية بل كاختبار
صدق للأُمَّة جمعاء؛ حيث قدّم السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي توصيفًا
دقيقًا لما يحدث في غزة منذ ما يقارب السبعمئة يوم من قتل وتجويع وإبادة، حتى بلغ
عدد الشهداء والجرحى والمفقودين أكثر من 234 ألفًا. غير أن الرقم لم يُقدَّم بوصفه
إحصاءً باردًا، بل جرى ربطُه بفضيحة العار العربي والإسلامي، حيث يقف البعض
متفرجًا وكأن المأساة لا تعنيه، بينما يتواطأ البعض الآخر صراحة مع القاتل والمجرم
العدوّ الصهيوني.
وهنا يخرج الخطابُ من حدود الرثاء
الإنساني إلى محاكمة سياسية وأخلاقية –بحسب الدكتور عيسى– مؤكّدًا أن الأُمَّةَ
الإسلامية تُدان اليوم بتخاذلها، وأن معيار الشرعية الحقيقي لم يعد في المؤتمرات
ولا في بيانات الشجب، بل في الموقف العملي من غزة. وتتضح أهميّة هذه الإشارة حين
نقرأها في ضوء مشروع ما يسمى "إسرائيل الكبرى" الذي تطرق إليه السيد
القائد بوضوح، محذّرًا من أن العدوَّ الصهيوني لا يتوقف عند حدود فلسطين، بل يسعى
لإعادة تشكيل المنطقة بأكملها تحت مصطلح ما يسمى "الشرق الأوسط".
ويوضح عيسى أن ما يسمى "إسرائيل الكبرى" ليس شعارًا إعلاميًّا، بل مشروع عدواني ممنهج يجد في التخاذل الرسمي العربي أرضية خصبة للتمدد. وهنا يبرز السؤال الذي يطرحه السيد القائد ضمنًا: إذا كان بعض العرب يبرّرون صمتَهم بأن القضية تخص الفلسطينيين، فهل سيبرّرون صمتَهم حين يطرق المشروع أبواب عواصمهم؟ بهذا المنطق يتحول الخطاب إلى جرس إنذار إقليمي: من يفرّط في غزة يفرّط في نفسه، ومن يستسلم لليهود اليوم سيجدهم غدًا في قلب بلده.
استفتاء شعبي على خيار النصرة
ويقدّم اليمنُ نفسَه، من خلال خطاب
السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-، كنقيض تامٍّ لهذا التخاذل؛
حيث يؤكّدُ عيسى أن الملايين الذين خرجوا في شوارع صنعاء وصعدة والحديدة وتعز
وغيرها لم يكونوا مجرد جماهيرَ محتفلة بمناسبة دينية، بل كانوا يعرضون للعالم أعظم
استفتاء شعبي على خيار النصرة.
ويشير إلى أن الحشود المليونية في
مختلف الساحات المحمدية تحولت إلى مصدر شرعية سياسية وإلى قوة ردع بحد ذاتها، وهذا
ما يفسِّرُ لماذا حرص السيد القائد على شكر الأجهزة الأمنية ووسائل النقل
والمتطوعين؛ فالقدرة على تنظيم هذه الملايين وحمايتها في زمن الحرب والعدوان
الإسرائيلي هي رسالة تقول: اليمن ليس مجرد حركة احتجاجية بل دولة متماسكة تستطيع
إدارة نفسها في السلم والحرب.
ولم يغفل السيد القائد عبدالملك بدر
الدين الحوثي عن البُعد التاريخي في خطابه؛ إذ استدعى محطات السيرة النبوية
الكبرى: من الهجرة إلى المدينة، إلى غزوة الأحزاب، إلى مواجهة اليهود والروم،
ليؤكد أن الإسلام لم يكن يومًا دين استكانة أو مشروع انهزام، بل دين انتصار ومشروع
مقاومة.
لذا يوضح الدكتور عيسى أن هذه العودة إلى السيرة ليست حنينًا للماضي، بل صياغة قواعد اشتباك معاصرة: وضوح الولاء والبراء، الجمع بين القوة المعنوية والعملية، ورفض أية علاقة بالمنافقين والمتواطئين. وهو بذلك يربط بين سلوك النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مواجهة أعدائه، وبين سلوك اليمن اليوم في مواجهة الطغيان الصهيوني والأمريكي.
تكريس معادلة جديدة
ولعل أهم ما يميز خطاب السيد القائد
–بحسب عيسى– أنه لم يكتفِ بالتحليل ولا بالشجب، بل ربط القول بالفعل؛ فالتأكيد على
رفع راية الجهاد جاء متزامنًا مع عمليات نوعية نفذتها القوات المسلحة اليمنية: فرض
الحظر البحري على ميناء حيفا وأُمِّ الرشراش، واستهداف مبنى الأركان في يافا
المحتلة المسمَّاة تل أبيب، وضرب محطة كهرباء الخضيرة وميناء أسدود، واستهداف
السفينة "MSC ABY".
ويؤكد أن هذا التلازم بين الكلمة
والميدان هو ما يمنح الخطاب قوته ويجعله مختلفًا عن خطابات عربية كثيرة تقف عند
حدود البلاغة؛ أما في اليمن فيتحول الشعار إلى فعل، والمناسبة إلى إشارة ردع
عملياتية. موضحًا أن الخطابَ حمل رسائلَ متعددة الاتجاهات: فللأُمَّة الإسلامية
كانت الرسالةُ واضحة: معيار الصدق هو الفعل، ومن يتخلف عن نصرة فلسطين فهو خارج
سياق الأُمَّة.
ولأهل الكِتاب كانت هناك دعوة إلى كلمةٍ سواءٍ، تفتح الباب أمام تحالف إنساني عابر للأديان ضد الإبادة الصهيونية. وللغرب جاء الخطاب ليؤكد أن المشكلة ليست في اليهود كتحريف ديني، بل في المؤسسة الصهيونية كمشروع يهودي مفسد، بما يسحب من تحت أقدام اللوبيات الصهيونية حججها الجاهزة عن معاداة السامية. أما للداخل اليمني، فقد كان التأكيد أن الجهاد ليس خيارًا ثانويًّا، بل واجبًا مقدَّسًا يحفظ القسطَ ويدفع الفساد، وأن الحشودَ الشعبية ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لتثبيت خيار المقاومة.
ميثاق نصرة متجدد
وتكشف القراءة المتأنية لهذا الخطاب
عن معادلة جديدة يريد الشعب اليمني تكريسها: أن المولد النبوي لم يعد طقسًا
شعائريًّا يُحيْا بالمدائح والأهازيج، بل صار ميثاق نصرة يتجدد كل عام. في هذا
الميثاق تُعاد صياغة الهوية اليمنية على أساس الولاء لرسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم، وتُعاد تعريف الشرعية السياسية على أساس الموقف من فلسطين المحتلة،
وتتحول الحشود الشعبية إلى مصدر قوة وردع، وتتحول البيانات العسكرية إلى ترجمة
عملية لهذا الولاء. وبذلك يثبت اليمن أنه لا يكتفي بالشعارات، بل يحوّل المناسبات
إلى وقود مواجهة وإلى عناوين استراتيجية لمشروع أُمَّة لا تريد أن تُهزم.
وكون هذا التحول اليمني يجري في لحظة
تاريخية فارقة، يوضح عيسى أنه من خلال هذه اللحظة تتكشف حقيقة الأنظمة الرسمية
العربية في خنوعها وعجزها، بينما تبرز الشعوب كفاعل أصيل في صناعة المستقبل. وإذا
كانت معظم العواصم قد ارتضت التطبيع والاصطفاف مع واشنطن وكيان العدوّ، فإن صنعاء
تقول اليوم بوضوح: هنا ثمة خيار آخر؛ خيار لا يقوم على التبعية، بل على التحرر
والاستقلال؛ خيار لا يعرف الاستكانة، بل يعرف التضحية والجهاد.
ويمكن القول إن خطاب السيد القائد
-يحفظه الله- في ذكرى المولد النبوي الشريف لم يكن خطاب احتفال، بل وثيقة سياسية إيمانية
تؤسس لمرحلة جديدة في معركة الأُمَّة: مرحلةٍ عنوانُها القرآنُ مرجعية، وفلسطين
معيار، وما تسمى "إسرائيل الكبرى" مشروع عدواني لا بد أن يُكسر.
وبين الحشود المليونية في صنعاء والصواريخ التي تتجه نحو كيان العدوّ في يافا وحيفا وأسدود، يثبت الشعب اليمني مرة أخرى أنه اختار أن يكون في صف التاريخ الصحيح، وأن يكون صوت القرآن في زمن الصمت، وراية النصرة في زمن الخِـذلان.



10 عمليات يمنية تضربُ العمقَ الصهيونيّ بطائرات شبحية لم يُكشَف عنها
المسيرة نت | عبدالقوي السباعي: كثّـفت القواتُ المسلحة اليمنية من عملياتها الهجومية المتمثلة بإطلاق الطائراتِ المسيّرة الانقضاضية، خلال الساعات الـ 48 الماضية؛ إذ تمكّنت من خِداع منظومةِ الرادارات الصهيونية المتطورة وإرباكها، وأصابت أهدافها بدقة.
العصابات اليهودية تواصل تدنيسها للمسجد الأقصى الشريف
متابعات | المسيرة نت: اقتحمت عصابات من المغتصبين اليهود، باحات المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الثلاثاء، وسط أداء طقوس تلمودية بحماية مشددة من قوات العدو الإسرائيلي.
طائرة مسيّرة تستهدف إحدى السفن التابعة لأسطول الصمود في ميناء سيدي بوسعيد بتونس
متابعات | المسيرة نت:-
09:56مصادر فلسطينية: مستوطنون يهاجمون منازل فلسطينيين في قرية جوريش جنوبي نابلس ويرسمون شعارات عنصرية
-
09:55مصادر فلسطينية: شهيد وأكثر من 25 مفقودا جراء استهداف العدو منزل في الشاطئ الشمالي شمال غربي مدينة غزة
-
09:28مصادر فلسطينية: 5 شهداء في قصف للعدو الإسرائيلي استهدف منطقة المساعدات الأميركية جنوبي خان يونس
-
09:08وزارة الصحة بغزة: نحذر من كارثة إنسانية تهدد حياة آلاف المرضى والجرحى
-
09:07وزارة الصحة في غزة: نطالب بتوفير الحماية الفورية للمستشفيات والطواقم الطبية وفتح طرق آمنة للوصول إليها في محافظة غزة
-
09:06وكالة الأنباء اللبنانية: مسيرة للعدو الإسرائيلي تستهدف سيارة قرب بلدتي الجية وبرجا في إقليم الخروب بمحافظة جبل لبنان