اليمن يزدانُ بملايين المحتفلين في ذكرى المولد النبوي الشريف
آخر تحديث 06-09-2025 15:44

المشاهد التي شهدتها المحافظات اليمنية في ذكرى المولد النبوي الشريف لم تكن عادية، ولم تكن مُجَـرّد فعالية دينية تقليدية كما يحاول البعض تبسيطها أَو حصرها. لقد كانت لوحة إنسانية وإيمانية غير مسبوقة، مشهدًا لا يمكن أن تختصره الصور مهما التقطت من زوايا، ولا تستطيع عدسات الكاميرات أن تحيط بجلاله واتساعه.

ملايين اليمنيين خرجوا من بيوتهم وقراهم ومدنهم، ليملؤوا الساحات والشوارع، ويصنعوا مشهدًا استثنائيًّا لم يعرف له التاريخ الحديث مثيلًا في العالم الإسلامي.

من صعدة إلى صنعاء، ومن الحديدة إلى إب وذمار وتعز، ومن المحويت إلى حجّـة وعمران وصنعاء القديمة، كانت الجموع البشرية تتدفق كأنهار خضراء، ترتفع فيها الرايات وتتردّد الأصداء بالتكبير والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

لم يكن الأمر مُجَـرّد مهرجان أَو تجمع عابر، بل كان تعبيرًا عميقًا عن هوية أُمَّـة بكاملها، عن شعب يرى في ارتباطه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصدر عزته وكرامته وسبب صموده في مواجهة أعتى التحديات.

ما يميز هذه المناسبة في اليمن ليس حجم الحشود وحده، على الرغم من أنه بحد ذاته حدث مذهل، بل الروح التي تسري بين تلك الجموع.

وجوه باسمة تتلألأ بأنوار المحبة، عيون دامعة تفيض بالشوق إلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، قلوب تخفق بصدق الولاء، وأصوات تملأ الأفق بالمدائح والصلوات.

إنها لحظة تتحول فيها الأرض إلى محراب كبير، يجتمع فيه الملايين على قلب واحد ولسان واحد: "اللهم صلِّ على محمد وآل محمد".

إن خروج الملايين في بلد محاصر، يعاني ويلات العدوان والحصار والفقر والجوع، يكتسب معنى أعمق ودلالة أوضح.

فاليمنيون الذين يخرجون للاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليسوا في فراغ من المعاناة، ولا في رخاء يسمح بمثل هذه الفعاليات الضخمة، بل هم يعيشون أصعب الظروف وأشدها قسوة.

ومع ذلك، فَــإنَّهم يعلنون للعالم أن محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تحدها الظروف ولا تكسرها المعاناة.

بل لعل تلك المعاناة تجعل الارتباط بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم أشد وأصدق وأعمق.

هذه المناسبة، إذن، ليست مُجَـرّد ذكرى تاريخية، بل هي تجديد للعهد مع النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتأكيد على السير في نهجه، واستلهام من مواقفه وصبره وجهاده.

فكما وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وجه قوى الشرك والطغيان، يقف اليوم الشعب اليمني في وجه تحالف العدوان والاستكبار.

وكما صبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وواجه الأذى والتكذيب، يصبر اليمنيون ويواجهون القصف والحصار والخِذلان.

إنها سيرة متجددة، وحضور حيّ للرسالة في واقع معاصر.

ولعل الرسالة الأبرز التي تبعثها هذه الملايين هي وحدة اليمنيين في حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رغم محاولات العدوان تكريس الانقسام الطائفي والمذهبي والمناطقي.

فحين تكتظ الساحات بملايين المحتفلين، لا يُرى شمال ولا جنوب، ولا زيدي ولا شافعي، ولا مدينة ولا قرية، بل يُرى شعب واحد، أُمَّـة واحدة، تصطف في حضرة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم.

وهذه الوحدة ليست شعارًا سياسيًّا، بل حقيقة حية تُترجم في أكبر الحشود البشرية التي يشهدها بلد في المنطقة.

 

البُعدُ التاريخي لاحتفاء اليمنيين بالمولد

الاحتفالُ بالمولد النبوي في اليمن ليس أمرًا طارئًا أَو مستحدثًا، بل هو تقليد متجذر في وجدان اليمنيين منذ مئات السنين.

تشير المصادر التاريخية إلى أن اليمنيين كانوا من أوائل الشعوب الإسلامية التي أحيت ذكرى المولد النبوي الشريف، وأن الفعاليات المرتبطة بهذه المناسبة كانت تقام في قصور الحكام كما في مساجد العامة، وتمتزج فيها الأناشيد والمدائح بالأهازيج الشعبيّة.

وقد ازدهرت هذه العادة في العصور الإسلامية المختلفة، لا سِـيَّـما في عصر الدولة الرسولية، حين كانت المدن اليمنية الكبرى – مثل تعز وزبيد وصنعاء – مراكز للاحتفالات الدينية والعلمية.

وكانت قصائد المدائح النبوية تتلى في المساجد والمدارس، وتوزع الصدقات والهبات على الفقراء والمساكين، في صورة تؤكّـد أن المولد لم يكن مُجَـرّد طقس ديني، بل مناسبة اجتماعية جامعة تعكس روح التكافل والتراحم.

حتى في الفترات التي ضعفت فيها الدول وتفرقت فيها السطوة السياسية، ظل المولد حاضرًا في الذاكرة الشعبيّة.

في الأسواق والقرى، كانت تُضاء المشاعل وتُرفع الرايات، وكان الأطفال يحفظون الأناشيد البسيطة التي تمجد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

لقد أصبح المولدُ جزءًا من هُوية اليمن الثقافية والدينية، حتى أن الأجيال تتوارثُه كما تتوارثُ الأرض والعادات.

 

البُعدُ الروحي والاجتماعي

ما يميِّزُ احتفالاتُ المولد في اليمن اليوم هو المزج الفريد بين الروحانية العميقة والهُوية الاجتماعية الجامعة.

فالمولد ليس مناسبة تنحصر في النخب الدينية أَو الفقهية، بل هو موسم جماعي يشارك فيه الجميع: الفلاحون والطلاب، التجار والجنود، الرجال والنساء، الشيوخ والأطفال.

هذا الطابع الشعبي الشامل يمنح المناسبة قوة إضافية.

إنها ليست فعالية تُفرض من فوق، بل هي شعلة تخرج من القلوب لتضيء الساحات.

ولذلك فَــإنَّها تتحول إلى قوة جامعة، تذيب الفوارق، وتوحّد المشاعر، وتجعل الأُمَّــة كلها صفًا واحدًا في حضرة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم.

 

البُعد السياسي والرسالي

لا يمكن قراءة المشهد اليمني في المولد النبوي الشريف بعيدًا عن السياق السياسي.

فاليمن بلد يتعرض لعدوان وحصار منذ سنوات، ومع ذلك يخرج الملايين للاحتفال بالمولد.

هذا بحد ذاته موقف سياسي ورسالة للعالم.

إنه إعلان أن الشعب الذي يستمد قوته من النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يُقهر، وأن محبته لرسوله أقوى من كُـلّ مؤامرات الأعداء.

إنها رسالة بأن اليمنيين لا يرون في المولد مُجَـرّد مناسبة دينية، بل محطة رسالية يجددون فيها العهد بمواجهة الطغيان، واستلهام الصبر والثبات من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

في عالم تتقاذفه رياح التطبيع والانحراف عن الهوية، يظل اليمن ثابتًا في موقعه، حارسًا للرسالة، متمسكًا بالمبادئ المحمدية الأصيلة.

 

اليمن.. القلب النابض للأُمَّـة

لقد أثبتت هذه الحشود أن اليمن ليس مُجَـرّد بلد على هامش الأُمَّــة، بل قلب نابض لها.

ففي الوقت الذي تنشغل فيه بعض البلدان بمظاهر الترف والاستهلاك، أَو تنزلق إلى علاقات مذلة مع العدوّ الصهيوني، يخرج اليمنيون ليقولوا: نحن أُمَّـة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، نحن الأمناء على رسالته، ونحن الباقون على عهده.

إن المشهد اليمني في المولد النبوي الشريف ليس حدثًا محليًّا فحسب، بل رسالة عالمية.

هو نداء يذكّر الأُمَّــة كلها أن العودة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي الطريق إلى النصر، وأن الوحدة حوله هي السبيل إلى الخلاص، وأن محبته ليست عاطفة عابرة، بل قوة تغيير وبناء وصمود.

في الختام، يمكن القول إن المشهدَ اليمني في ذكرى المولد النبوي الشريف هذا العام لم يكن مُجَـرّد حدث عابر، بل محطة تاريخية في مسيرة هذا الشعب.

محطة تقول للعالم: هنا يمن لا يُهزم، يمن يستمد من نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم القوة والعزيمة، ويجعل من ولائه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضمانة لبقائه وانتصاره.

إنها لوحة ستظل محفورة في ذاكرة الأُمَّــة، لتشهد أن اليمن كان وما يزال قلبًا نابضًا بالرسالة المحمدية، ونورًا متوهجًا في سماء الأُمَّــة الإسلامية.

ومن يتأمل هذا المشهد يدرك أن الأُمَّــة بخير ما دامت قلوب أبنائها تهتف بحب نبيها، وأن المستقبل مشرق ما دامت الملايين تصطف على نهجه وتتمسك بسنته وتحيي ذكرى مولده الشريف بكل هذا الإيمان والوفاء.

الخارجية ترفض قرار مجلس الأمن تجديد العقوبات على اليمن وتعده انعكاسا للأجندة الأمريكية
صنعاء| المسيرة نت: رفضت وزارة الخارجية اليمنية قرار مجلس الأمن بتجديد العقوبات على اليمن، وعدته انعكاسا للأجندة الأمريكية.
العدو الصهيوني يعتقل 46 سورياً ويتوغل في مزيد من الأراضي وسط تواطؤ سلطات الجولاني
خاص | المسيرة نت: كشفت مصادر سورية عن ارتفاع عدد المعتقلين السوريين من القنيطرة لدى قوات العدو الصهيوني إلى أكثر من 46 مواطناً، وذلك منذ سيطرة الاحتلال على أجزاء منها، في ظل تصاعد سياسات الاحتلال الرامية إلى إحكام قبضته على الجنوب السوري عبر التوغلات وبسط النفوذ والاعتقالات والمداهمات المنظمة.
إسلامي للمسيرة: العدوان الذي تعرضت له منشآتنا النووية حدثٌ غير مسبوق في التاريخ
أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أن العدوان الذي استهدف منشآت إيران النووية يُعد حدثًا غير مسبوق في تاريخ استهداف القدرات العلمية للدول.
الأخبار العاجلة
  • 00:04
    مصادر فلسطينية: غارات للعدو الإسرائيلي وقصف مدفعي وإطلاق نار مكثف من الدبابات خلف الخط الأصفر شرقي مدينة غزة
  • 23:35
    الفصائل والقوى الفلسطينية: أي ترتيبات تخص غزة يجب أن تستند إلى الإرادة الفلسطينية الحرة ووحدة الأرض والشعب والقضية
  • 23:34
    الفصائل والقوى الفلسطينية: النموذج العربي–الإسلامي المقترح لإدارة القطاع يمثل الخيار الأكثر قبولاً
  • 23:34
    الفصائل والقوى الفلسطينية: ندعو لوضع آليات رقابية دولية لمحاسبة “إسرائيل” على انتهاكاتها وتحميلها مسؤولية سلامة المدنيين وتجويعهم
  • 23:31
    الفصائل والقوى الفلسطينية: نرفض أي وصاية أو وجود عسكري أجنبي أو إقامة قواعد دولية داخل قطاع غزة
  • 23:30
    الفصائل والقوى الفلسطينية: نرفض أي بند يتعلق بنزع سلاح غزة أو المساس بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة والدفاع عن نفسه
الأكثر متابعة