فؤاد شكر.. الحاج محسن الذي خطَّ درب الدم والخلود
آخر تحديث 30-07-2025 22:16

المسيرة نت| خاص: في مساء الضاحية الجريحة، وتحديدًا في حارة حريك، لم يكن المشهد استثنائيًّا في طبيعته لدى أهلِ بيروت؛ فالطائرات الصهيونية لطالما خرقت سماءَ المدينة، وجابت الشوارع من علٍ.


لكن في مساء الثلاثين من يوليو 2024م، تغيّر كُـلُّ شيء، صوتُ الانفجار كان مختلفًا هذه المرة؛ لا لأنه الأعنف؛ بل لأنه اغتال ظِــلَّ القائد، وامتدّ إلى قلب الذاكرة المقاومة.

وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهادِه -رضوانُ الله عليه- في مثلِ هذا اليوم ارتأينا أن نضعَ بين يدي القارئ الكريم بعضًا من شذرات حياة الشهيد الحاج محسن، المجاهد الكبير فؤاد شكر.

وُلد المجاهد فؤاد شكر في بلدة النبي شيت البقاعية، لكن حياته الفعلية بدأت في الأزقة الفقيرة لحيّ الأوزاعي، حَيثُ عاش وأحَبَّ الناس البسطاء، هناك، في أحد المساجد الجوامع، انعقدت أولى حلقات السِّرّ؛ فتعرف إلى فتيةٍ نذروا أعمارَهم للمستحيل.

لم يكن قد بلغ الحادية والعشرين حين انفجرت بيروت بجراح الاجتياح الصهيوني عام 1982م، لكن قلبه سبق عمره بسنوات، وخرج إلى ميدان "خلدة"، سلاحُه الإيمان ورفاقه اثنا عشر قلبًا، واجهوا جحافلَ الاحتلال، ومن هُناك بدأت أُسطورة من نوع خاص.

في ذلك اليوم، سالت الدماء، وأُصيب "شكر" في جسده، لكن عقله ظلّ مشتعلًا بفكرة واحدة، هي كيف نحطِّم عنجهية العدو؟

من التخطيط لأسر الجنود الصهاينة في منطقة "الجية"، إلى تنفيذ عمليات اقتحام نوعية في الجنوب، ومن إرسال كوادر إلى "البوسنة"؛ دفاعًا عن المستضعفين، إلى بناء جيلٍ كاملٍ من القادة والمجاهدين في كُـلّ ساحات المواجهة، كان السيد فؤاد شكر هو العقل الهادئ خلف الكواليس، وهو الصوت الذي يتردّد في أروقة الجبهة، حتى وإن صمت.

في حرب يوليو 2006م، قاد التخطيط بصبر ودهاء، وكان من وضع حجر الأَسَاس لمعادلة "ما بعد بعد حيفا"، إلى جانب شهيد الإنسانية السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه.

وفي الاجتياح التكفيري الإجرامي لسوريا، قاتل على حدود لبنان؛ فكان يتنقل ما بين خطوط النار، جنديًّا مجاهدًا في ثوب قائد، لا يظهر كَثيرًا، لكنه إن حضر، حضر الحسم.

حين تحدّث السيد الشهيد حسن نصر الله عن "شُكر"، قال كمن يودّع قطعةً من قلبه: "كان على تواصل يومي معي، وكان صلتي المباشرة مع الميدان.. لم يكن مُجَـرّد قائد؛ بل رفيقَ لحظات القرار"، حينَها نشر الإعلام الحربي لحزب الله صورة جمعت السيد القائد نصر الله و"السيد محسن" فؤاد شكر، شيبٌ يعلو وجهَيهما، لكن العزم في العيون لا يشيخ.

أدرجته الولايات المتحدة على قائمة العقوبات منذ عام 2017م، وعرضت 5 ملايين دولار لمن يدل عليه، واتهمته بعمليات "إرهابية"، بينها تفجير "ثكنة المارينز" في بيروت عام 1983م.

أما هو؛ فلم يبدُ يومًا قلقًا، كانت ملامحه الصُّلبة لا تعترفُ بالرعب، بل تنظُرُ إلى العدوّ بعين التحدي، وبابتسامة تشبه الذين عرفوا طريقَ الخلود مسبقًا.

ومع انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، كان السيد شُكر في مقدّمة الجبهة، وبعودته إلى غرفة التخطيط والعمليات، أدار جبهة الإسناد من لبنان، ونسّق مباشرة مع القيادات العليا للمقاومة، وبدأ يشرف على تصعيد مدروس يربك كيان العدوّ الإسرائيلي ويخلط أوراقه.

وكانت الضاحية الجنوبية واحدة من خطوط الدفاع المقدّسة التي جعل منها شكر مِنصةً نارية وسياجًا للقدس، لكن الاحتلال قرّر أن يستهدفَ القلب؛ فأسقط المبنى الذي دخله شُكر بعد زيارة تفقدية للمجاهدين؛ فغاب الجسد، لكن الحضور اشتد، هنا، شهيدٌ كأنه جبهة، واسمٌ كأنّه لواءٌ كامل.

حين تنظر إلى جبهات الجنوب، أَو تقرأ عن عمليات "الوحدة الرادعة" في الحزب، أَو تشاهد تلامذتَه يديرون الساحاتِ بأعصاب فولاذية؛ فأنت تقرأُ من فصول كتابِ فؤاد شكر.

كان يقول: "نحن الخمينيون.. نقاتل لأننا نؤمن، ونستشهد لأننا نحب"؛ إذ لم يكن رجل معارك فقط؛ بل فكر استراتيجي، يعرف خريطةَ العدوّ، ويحفظُ خرائط الأُمَّــة الداخلية؛ فكان قلبًا يضبطُ إيقاعَ المعركة، وعينًا لا تنام حتى تنامَ فلسطين على كتف التحرير.

استشهاد الحاج محسن لم يكن مفاجئًا له، ولا لحزب الله؛ فهو الذي أمضى حياته على قائمة الاغتيال، عاش متقدمًا على رصاص الغدر بخطوة، حتى قرّر أن يتوقف قليلًا، لا ليستسلم، بل ليكون الشاهد الأخير الذي يضيء الدرب لمن بعده.

هكذا تُولد القامات من رمادها، وهكذا لا تنطفئ جذوة المقاومة؛ لأن رجالاتها يشبهون الجبال، لا تهوي؛ بل ترفع من يأتي من بعدها.

سلامٌ عليك يا فؤاد، سلامٌ عليك يا سيد المحسنين في الجهاد، سلامٌ على الذين لا يهادنون، ويعلموننا دائمًا، أن الدمَ هو الطريقُ إلى النصر، وأن الشهادةَ ليست غِيابًا؛ بل إعلانُ حضورٍ أبدي.

السيد القائد: الأطفال والنساء في صدارة مأساة الشعب الفلسطيني في غزة
خاص| المسيرة نت: سلط السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- الضوء على أبعاد المأساة الإنسانية في قطاع غزة، وعلى حجم التوحش الصهيوني، وعلى واجب الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء في مواجهة هذا الظلم غير المسبوق.
شهيدان جراء المجاعة بغزة والحصيلة ترتفع إلى 159 شهيدًا
متابعات | المسيرة نت: أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم الخميس، عن تسجيل حالتي وفاة جديدتين خلال الساعات الـ24 الماضية، جراء المجاعة وسوء التغذية، من بينهما طفل.
الرئيس الإيراني: أمريكا تدّعي حقوق الإنسان وتسلّح كيان العدو لارتكاب المجازر في غزة
متابعات| 31 يوليو| المسيرة نت: قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أنه رغم جميع الضغوط والتهديدات ألحقت قواتنا المسلحة الهزيمة بالكيان الصهيوني.
الأخبار العاجلة
  • 18:14
    مراسلتنا في لبنان: طيران العدو يستهدف بثلاث غارات منطقة المحمودية جنوب لبنان
  • 18:06
    لجان المقاومة في فلسطين: سنبقى حاملين لأمانة الشهداء ولنهج الشهيد القائد الكبير أبو العبد هنية" لن نحيد قيد أنملة وسنواصل مشواره الجهادي المقاوم
  • 18:06
    لجان المقاومة في فلسطين: أبو العبد هنية كان جداراً ودرعاً وحصناً لنهج المقاومة والجهاد وسنظلّ أوفياء لهذا النهج الجهادي الإسلامي الأصيل
  • 18:04
    لجان المقاومة في فلسطين: القائد الإسلامي الكبير الشهيد إسماعيل هنية "أبو العبد" سيبقى رمزاً وأيقونة خالدة في قلب ووعي أحرار الأمة والعالم
  • 17:50
    كتائب القسام: استهدفنا آلية صهيونية "باقر" بقذيفة "تاندوم" في محيط مدرسة دار الأرقم شرق حي التفاح شرق مدينة غزة
  • 17:50
    كتائب القسام: قنص جندي صهيوني يعتلي دبابة ميركافا ببندقية الغول القسامية ودك محيط المكان بقذائف هاون شرق حي التفاح بمدينة غزة