صنعاء.. العاصمة الأقرب إلى القدس رغم بُعدها الجغرافي
آخر تحديث 26-07-2025 17:54

في جغرافيا الأُمَّــة الممتدَّة من المحيط إلى الخليج، قد تبدو صنعاءُ بعيدةً عن القدس آلافَ الكيلومترات، لكن في ميزان المواقف والمبادئ، تكادُ تكونُ الأقربَ إليها، والأكثرَ وفاءً لقضيتها.

صنعاءُ اليومَ ليست مُجَـرّدَ عاصمةٍ عربية تتضامن مع فلسطين في الشعارات، بل هي في قلب معركتها، في ميدان الفعل، تقاتلُ عسكريًّا وسياسيًّا وإعلاميًّا، وتفرضُ وقائعَ استراتيجية تتجاوز حدودَ اليمن إلى عمق فلسطين المحتلّة.

في زمن التواطؤِ الإقليمي والتطبيع المبتذل، تنهَضُ صنعاءُ كحالة نادرة، كعاصمة عربية حرّة في قرارها، شريفة في موقفها، جذرية في انحيازها؛ لم تساوم على فلسطين، ولم تهادن عدوها، بل جعلت من معركة غزة بوصلتها، ومن دعم المقاومة التزاما ميدانيًّا لا مُجَـرّد خطب موسمية.

منذُ عامين حتى اليوم، ورغم الجراح التي أنهكت اليمن، من عدوانٍ خارجي وحصارٍ خانق، تقف صنعاء كصخرة صلبة في وجه الهيمنة الصهيونية، بل وتقدّم نموذجًا نوعيًّا في مساندة الشعب الفلسطيني عسكريًّا، وآخرها الليلة الماضية، نفَّذت القواتُ المسلحة اليمنية أربعَ عمليات عسكرية استهدفت أربعة أهداف حساسة وحيوية للعدو الإسرائيلي في مناطق بئر السبع وأم الرشراش وعسقلان والخضيرة المحتلّة، في رسالة واضحة بأن اليمن حاضر في الميدان لا على الهامش.

هذه العمليات النوعية يمكن القول إنها أعادت صياغة معادلات الصراع في المنطقة.

فمنذ بَدء العدوان الصهيوني على غزَة بعد السابع من أُكتوبر 2023، لم تكتفِ صنعاء بإصدار بيانات الإدانة والتضامن، بل أطلقت – ولا تزال تطلق – سلسلة عمليات عسكرية استهدفت مصالح العدوّ في البحر الأحمر، وخليج عدن، والمحيط الهندي، والبحر العربي، وأهداف حيوية وحسّاسة في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة منها المطارات والموانئ.

وأعلنت – بوضوح – أنها في قلب المعركة، وأن المساس بغزة هو مساس بصنعاء.

هذه العمليات لم تكن رمزية، بل نجحت في فرض حصار جوي وبحري على الكيان الصهيوني، وشلّ خطوط الملاحة والتجارة التي يعتمد عليها في تصدير واستيراد البضائع؛ العالم كله رأى كيف تحوّلت السفن "الإسرائيلية" أَو المرتبطة بها إلى أهداف مشروعة للقوات اليمنية، وكيف اضطر الكيان إلى تغيير خطوط الملاحة البحرية، وتكبد خسائر اقتصادية ضخمة.

وفي ظل هذا المشهد، يظهر التناقض الفاضح بين صنعاء وغيرها من العواصم العربية.

فبينما ترسل بعض العواصم رسائل الود والتطبيع إلى "تل أبيب"، وتقيم معها حفلات الزيارات السرية والعلنية، وترحب بالمندوبين الصهاينة فوق أراضيها، كانت صنعاء ترسل صواريخها ومسيّراتها نحو البحر الأحمر ومواقع العدوّ الصهيوني، معلنة أن زمن الخنوع انتهى، وأن زمن المواقف المرتبطة بالعقيدة والكرامة قد بدأ.

إن ما يميز صنعاء ليس فقط تحرّر قرارها من التبعية، بل تجذّر الوعي الشعبي فيها.

ففي كُـلّ مليونية، وفي كُـلّ مظاهرة شعبيّة، يرفع اليمنيون أعلام فلسطين، ويهتفون للقدس، وينذرون أبناءهم ويسخرونهم للتضحية في سبيل هذه القضية.

وهذا الوعي الجمعي – الذي صيغ من خلال معاناة ومقاومة – هو ما يجعل من صنعاء العاصمة الوحيدة التي يمكن أن تقول بصدق: "نحن مع فلسطين بالفعل لا بالكلام".

وما الدعم العسكري الأخير إلا امتداد لموقف ثابت تبنته صنعاء منذ أن اختارت الاصطفاف مع قضايا الأُمَّــة دون تردّد، في زمنٍ كثُر فيه المتخاذلون.

وفي وقت بات فيه كثير من الزعماء العرب يتخوفون من مُجَـرّد ذكر "الكيان الصهيوني" صراحة، تقف صنعاء لتقولها بصوت عالٍ: نحن لا نعترف بهذا الكيان، ولا نرى له شرعية، وواجبنا تحرير الأرض والمقدسات، لا التعايش مع المحتلّ.

لقد أصبحت اليمن، وعاصمتها صنعاء تحديدًا، في نظر الشعوب العربية والإسلامية نقطة ضوء في ظلام الخِذلان، وشوكة في حلق الكيان الصهيوني.

لم تعد حدودُها الجغرافية تقفُ عائقًا أمام انخراطها الفعلي في معركة الأُمَّــة الكبرى، بل تجاوزت حدودها لتعيد تعريف مفهوم "النصرة" و"التحالف العربي"، وتجعل من موقعها – الجغرافي والسياسي – قاعدة اشتباك مع العدوّ الصهيوني.

ولعل أهم ما يُستخلَص من التجربة اليمنية في دعم فلسطين، هو أن القرار الحر، والسيادة الوطنية، والاستقلال السياسي، هي شروط لا بد منها كي تكون الأُمَّــة في موقع الفعل لا التبعية.

وما لم تتحرّر بقية العواصم العربية من عباءة "الريموت كنترول" الصهيوني، ستظل أسيرة خطاب الإنشاء، بعيدة كُـلّ البعد عن معارك الشرف والكرامة.

فبينما تتحكَّمُ "تل أبيب" اليوم بسياساتِ كثيرٍ من الأنظمة العربية عبر الوصاية أَو المساومة، تقف صنعاء لتؤكّـدَ أن قرارهَا ليس للبيع، وبندقيتها ليست للإيجار، والمعركة؛ مِن أجلِ القدس ليست خيارًا تكتيكيًّا بل التزاما استراتيجيًّا طويل الأمد.

وختامًا، في زمن التشوهات السياسية، والاختراقات الصهيونية، والخيانات الرسمية، تبقى صنعاء عنوانًا صادقًا لما يجب أن تكون عليه العواصم العربية:

قلبًا نابضًا بالقضية، وعقلًا حرًّا في القرار، وساعدًا ممدودًا إلى القدس بالسلاح والموقف معًا.

الكونغرس يقر زيادة ضخمة في موازنة الدفاع بعد استنزاف البحر الأحمر
أقرت لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ الأمريكي مشروع الإنفاق الدفاعي لعام 2026 بسقف يقارب 852 مليار دولار، مع تخصيص زيادة خاصة قدرها 7.3 مليارات دولار لحسابات الذخائر، حيث ربطت اللجنة هذه الزيادة بشكل مباشر بـ"دروس معركة الاستنزاف في البحر الأحمر وتعقيدات التصدي لهجمات القوات المسلحة اليمنية.
3 حالات وفاة منهم طفلان جراء المجاعة في غزة خلال 24 ساعة
متابعات | المسيرة نت: أعلنت وزارة الصحة أن مستشفيات قطاع غزة سجلت خلال الـ24 ساعة الماضية 3 حالات وفاة جديدة، بينها طفلان، نتيجة المجاعة وسوء التغذية.
خارجية العدو الصهيوني تطالب موظفي بعثاتها بسرعة مغادرة الإمارات
متابعات| المسيرة نت: كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية اليوم، أن وزارة خارجية كيان العدو الصهيوني طلبت من معظم موظفي سفارتها في أبو ظبي وقنصليتها في دبي، بالإضافة إلى أفراد عائلاتهم، مغادرة دولة الإمارات بشكل فوري.
الأخبار العاجلة
  • 09:07
    الدفاع المدني بغزة: 18 شهيدا منذ الصباح بينهم 13 تم انتشالهم من المناطق الشرقية لمدينة غزة نتيجة قصف العدو
  • 08:36
    مصادر طبية: وفاة طفل بسبب سوء التغذية في مستشفى الحلو بمدينة غزة
  • 08:18
    مصادر فلسطينية: آليات العدو تطلق النار صوب منتظري المساعدات شمال غربي رفح
  • 08:18
    مصادر فلسطينية: جيش العدو ينسف مبان سكنية في محيط حي الأمل شمالي مدينة خانيوس
  • 08:17
    مصادر طبية فلسطينية: 12 شهيدا ومصابون من طالبي المساعدات قرب محور "نتساريم" وسط قطاع غزة
  • 05:50
    مصادر فلسطينية: قوات العدو الإسرائيلي تعتقل شابًا خلال اقتحام مدينة قلقيلية