تحَرّكات متسارعة للجولاني في مسار التطبيع.. كيف تحول إلى أدَاة أمريكية لضرب الأُمَّــة؟

ترجمات| المسيرة نت: يثار جدلٌ واسعٌ حول شخصية أحمد الشرع وسلوكياته، التي تدل على عدم ارتباطه بأي مشروع عربي أَو إسلامي، سواءٌ أكان سنيًّا أَو شيعيًّا للمقاومة، حَيثُ يبدو أن توجّـهاته بعيدة عن الواقع في المنطقة.

لقد برز سؤال واضح أثناء متابعة تصرفات هذا الرجل الذي جاء من خلال بوابة الحركات الجهادية، التي استغلها الغرب لضرب مشاريع الأُمَّــة العربية والإسلامية، فبعد مرور أشهر قليلة، بدا للولايات المتحدة وكيان العدوّ الإسرائيلي أن الشرع هو شخصية يمكن العمل معها في إطار خطة تطويع المنطقة، والآن يستخدمونه كوسيلة ضغط على الدول العربية المجاورة له!

هناك من يَسأل مباشرةً الجولاني "الشرع": ما هي الصلة بينك وبين الكيان الإسرائيلي وواشنطن، لتصبح خلال 7 أشهر فقط أدَاة طيِّعة لهم؟!

وعلى الرغم من نفي نظام الجولاني أي تقارب مع الكيان المؤقت واتباعه لأجندة أمريكا، فَــإنَّ هناك من جانب العدوّ تصريحات تشير إلى التفاؤل بعلاقة سورية جديدة مع كيان العدوّ الإسرائيلي، بل وهناك حديث عن توجّـه حقيقي نحو تطبيع مقبل، وهو ما لمحت إليه واشنطن؛ فما سبب كُـلّ هذا التفاؤل الإسرائيلي بنظام الشرع اليوم؟!

نشر معهد دراسات الأمن القومي "الإسرائيلي" السبت، تحليلًا شاملًا يتناول بدقة التحولات الحاصلة في السياسة "الإسرائيلية" تجاه سوريا.

وتشير كاتبة التحليل كرميت فالنسي في موضوعها المعنون بـ "من جهادي في الخلافة الإسلامية إلى شريك محتمل"، إلى أن المعلومات الواردة حول المحادثات الجارية بين سوريا وَ"إسرائيل" تعكس "تحولًا أَسَاسيًّا" في سياسة [تل أبيب] تجاه دمشق؛ مِمَّـا يدل على دخول مرحلة جديدة في علاقاتها مع النظام السوري الحالي.

وتضيف: "لقد شهدنا تحولًا في الطريقة التي تتفاعل بها "إسرائيل" مع هذه الجماعة وقائدها في غضون فترة قصيرة، وذلك بعد أن تم اتّهامه بأنه جهادي لم يتخلَّ عن مواقفه المتطرفة، حيثُ إن كيانَ العدوّ الإسرائيلي يتعامل مع جماعات جهادية متطرفة انتقلت ببساطة من إدلب إلى دمشق، كما صرح بذلك وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في يناير 2025.

وبعد قول كاتس: "الحكومة الجديدة في سوريا يقودها إرهابي جهادي من مدرسة القاعدة"، سَرعانَ ما تقلص الهجوم السياسي على هذه الجماعة منذ الشهر الثالث لوجودها على رأس النظام والحديث عن اتصالات بينها وبين كيان العدوّ بوساطة إماراتية؛ تُعرف بأنها بوابة تنسيق الصهيونية في المنطقة، ثم فجأة انتقلت جماعة الجولاني إلى محادثات مباشرة جرى التأكيد أنها تجاوزت التنسيق الأمني المحدود.

انقلابُ الصورة.. الجولاني خائن للأُمَّـة:

ومع توالي الأحداث، بدت مؤشرات خيانة النظام السوري الجديد للأُمَّـة، في سياق زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى الرياض؛ فهناك جرى الحديث عن إمْكَان انضمام سوريا إلى (اتّفاقات أبراهام)، وبدت الصور التي عرضت أجواء اللقاء بما يوحي برضوخ الشرع لمتطلبات القبول ضمن المحور الأمريكي "الصهيوني"، في سياق الاصطفاف على خط الرياض أبو ظبي، وضمن مسار التطبيع، حَيثُ الجزرة الأمريكية الصهيونية بانتظار هذه الجماعة التي لم تعد متطرفة أَو إرهابية في وقت قياسي.

وخلال العدوان الصهيوني على إيران، عمل الكيان المؤقَّت بحُريةٍ تامة في الأجواء السورية فحلقت طائرات العدوّ الإسرائيلي في سماء البلد في طريقها لتنفيذ عدوان على إيران، بينما قامت منظومة الدفاع الجوي السورية باعتراض مسيرات وصواريخ كانت في طريقها إلى كيان العدوّ "إسرائيل".

لقد فهم الموقف السوري لنظام الشرع على أنه تغاضٍ متعمّد، أَو أنه تنسيقٌ صامتٌ ومتفَقٌ عليه بين الطرفين.

الآن يزورُ الشرعُ أذربيجان، وقد رافق الزيارة تسريبات عن لقاءاته وجماعته بمسؤولين صهاينة، وكان هذا التوجّـه مِمَّـا سيثير سخط ورفض الشارع السوري المصدوم بتوجّـه الجماعة "العميلة"، ثم ساقت صحيفة "الوطن" السورية، عن مصادر رسمية نفيها القاطع لمشاركة الشرع في أي لقاء مع وفود "إسرائيلية" في أذربيجان، وبرّرت لقاءات الخيانة على أنها ليست إلا "تهدئة، لا تطبيع".

فتح مكتب تنسيق "إسرائيلي" في دمشق:

غير أن موقع i24NEWS العبري، قد نقل عمن وصفه بالمصدر السوري المطّلع بأن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع حضر "اجتماعًا مباشرًا واحدًا" على الأقل، السبت، مع مسؤولين صهاينة في العاصمة الأذربيجانية، باكو، وأن اللقاء كان جزءًا من سلسلة من اجتماعين أَو ثلاثة عُقدت بين الطرفين، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ومنسق الحكومة السورية للاجتماعات الأمنية مع كيان العدوّ الإسرائيلي أحمد الدالاتي.

هذه الاجتماعات بحثت "اتّفاقيةً أمنية" محتملةً بين سوريا والكيان المؤقت، تتناول مِلفات الوجود الإيراني في سوريا ولبنان، وأسلحة "حزب الله"، والفصائل الفلسطينية، والمخيَّمات في لبنان، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين المهجَّرين من غزة، بالإضافة إلى إمْكَانية فتح مكتب تنسيق إسرائيلي في دمشق دون طابع دبلوماسي.

ولأنها تناولت هذه المِلفات فقد كان الواقع يشير إليها صراحة.. ما سوّقه إعلامُ الشرع عن استراتيجية "تهدئة لا تطبيع مع كيان العدو"، سَرعانَ ما تحولت على عجل إلى تهديدٍ كبير وفعلي؛ حَيثُ باتت تشمل تهديدًا سوريًّا للبنان من بوابة أمريكا، ضمن محاولات ابتزاز يقودُها مبعوث أمريكا إلى لبنان "توماس باراك"، ومحاولة وضعه لبنانَ بين خيارَي نزع السلاح أَو مواجهة مع جماعة الشرع وإن لم يتم التصريحُ بها مباشرةً.

 لكن هذا بات واقعًا منذ مجيء هذا الشخص وجماعته المثيرة للكثير من ريبة الشارع العربي والإسلامي. لقد بدت دعواتُ مبعوث ترامب إلى لبنان "باراك"، وتهديدات الشرع للبنانيين وكأنهما خرجتا من بوتقة واحدة ثم تسيران في خط واحد.

وفيما يَخُصُّ المِلَفَّ الفلسطيني، كان مجيء الشرع وجماعته نكبةً للفلسطينيين، فبعد استهداف العلويين يتمُّ اليوم تجريدُ هؤلاء من الجنسية السورية واعتبارهم أجانبَ، مقابل تجنيس العناصر الأجنبية القادمة مع الجولاني.

في الوقت الذي تتفاوضُ فيه جماعةُ الشرع مع الصهيوني مباشرةً في أذربيجان؛ مِن أجلِ اتّفاق وتعاون أمني بين البلدَين تقومُ في نفس اللحظة بإصدار مرسوم لتغيير هُوية اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من مواطن (فلسطيني سوري) له كامل حقوق المواطنة إلى (مقيم أجنبي) يمكن ابتزازُه وطردُه لأتفه مخالفة لقوانين الإقامة، أَو تسليمه إلى الكيان المؤقت بمُجَـرّد طلب الأخيرة ذلك وفقًا لـ "التعاون الأمني" الذي سيعلَنُ عنه قريبًا.

ما يعني أن سورية الجولاني تعزز فرضية أن تلك الجماعات لا علاقةَ لها بمشاريعِ العرب والمسلمين في مواجهة الهيمنة والإخضاعِ الأمريكي الغربي الصهيوني، وإنما هي امتدادٌ لجماعات أشَارَت إليها "هيلاري كلنتون" على أنها صنيعةٌ أمريكيةٌ صهيونية، وعصا بيد القوى الإمبريالية في مواجهة المشروع العربي الإسلامي المقاوم. وما يتم تغطيتُه عن دور هذه الجماعات الوظيفية، سَرعانَ ما ينكشفُ في أقرب محطة من محطات مواجَهة المشروع الصهيوني الامبريالي.