ترامب وشعورُ العظمة.. هروب إلى "الخارج" من فشل الداخل الأمريكي
آخر تحديث 29-06-2025 18:25

ترجمات| المسيرة نت: بينما سارع حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في جمع التبرعات لتسويق قمصان بقيمة 35 دولارًا تحمل صورته. تتعاظم الانتقادات الحادة لترامب، حَيثُ يمكن القول إنه ربما أصبح بين حجرَي رحى، حَيثُ يكسب التيار الصهيوني حربَه السياسية ضد ترامب داخليًّا بتأليب الرأي العام عليه وخارجيًّا، مع تنفيذه الأجندة الصهيونية المرتبطة بكيان العدوّ في ما يخُصُّ ضربَ منشآت إيران النووية.

في الشهر السادس من الرئاسة الأمريكية، يعلِّق ديفيد سميث، مدير مكتب صحيفة الغارديان البريطانية في واشنطن، في مقال له السبت، على تدهور شعبيّة ترامب؛ ففي الوقت الذي يسعى فيه ترامب إلى إظهار نفسه كزعيم عالمي، ثمة مؤشرات على وجود مشاكل في الداخل. فقد انخفضت شعبيتُه في استطلاعات الرأي الأمريكية، ويواجه حزبه صعوبة في إقرار تشريعه المميز. وقد خرج ملايين الناس إلى الشوارع؛ احتجاجًا عليه. يقول المنتقدون: إن الرئيس الذي يدّعي وضع أمريكا أولًا، إنما يضعها في الواقع في المرتبة الأخيرة. نرجسيته وشعور العظمة لديه لا يغذّيه سوى الهروب نحو أجندة الخارج لا الداخل الأمريكي.

وجد الرئيس الأمريكي ترامب نفسه أقل تقييدًا في مجال السياسة الخارجية مقارنة بالسياسة الداخلية، وهو ليس أول رئيس أمريكي يحظى بهذه الميزة، لهذا وجه مؤخّرًا، بصفته القائد الأعلى للقوات الأمريكية، بشن ضربات على مواقع نووية في إيران، فيما بقي الكونغرس الصاخب والقضاء القوي ووسائل الإعلام المتشككة مصدر إزعاج دائم له. ولكن نادرًا ما كانت الفجوة بين المواقف الرمزية في الخارج والسياسة الفوضوية في الداخل واضحةً إلى هذا الحد، وفق تشخيص الغارديان.

في مِلف الداخل الأمريكي، يبدو التقييد والصعوبة ماثلة في تعامل ترامب مع الشؤون الداخلية، حَيثُ ينقل سميث عن لاري جاكوبس، مدير مركز دراسات السياسة والحوكمة بجامعة مينيسوتا: "هناك رئاستان". ويضيف: "الرئاسة المحلية مُريعة وتتضمن مفاوضات مطوَّلة ومُخيِّبة للآمال مع الكونغرس، وهذا بالضبط ما يُشارك فيه دونالد ترامب الآن. ما سيخرج به الكونغرس لن يكون "عظيمًا" أَو "جميلًا" كما وعد" هذا الرئيس.

وينقل صورة مقابلة "في هذه الأثناء، هناك صورٌ مُذهلة لقنابل تُسقَط من السماء، ووصفٌ (مُبالغٌ فيه) لدونالد ترامب لما حقّقه في إيران وأُورُوبا. هذا هو (الأداء الهوليوودي) الذي يُريده دونالد ترامب. كما يصفه سميث.

 لقد استمر العرض الهوليوودي لترامب بعد محاولة تضخيم ما قامت به 125 طائرة و75 سلاحًا ــ بما في ذلك 14 قنبلة خارقة للتحصينات ــ لضرب ثلاثة أهداف في إيران لمنع البلاد من الحصول على سلاح نووي. ألقى ترامب ضمن سيناريو العرض المبالَغ فيه، خطابًا في البيت الأبيض، مُصمّمًا لإبراز صورة القوة كما رآه سميث، "لقد دمّـرت منشآت التخصيب النووي الرئيسية في إيران تدميرًا كاملًا"؟!!.

لكن منذ ذلك الحين، أُثيرت شكوك حول هذه الرواية بتوقيع "النيويورك تايمز"، بعد تقرير استخباراتي مُسرّب أشار إلى أن العملية أعاقت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط. وسَرعانَ ما انتقل إلى الضفة الأُخرى، وتحوّل ترامب إلى دور صانع السلام، مستخدمًا موقع "تروث سوشيال" مجدّدًا للإعلان عن "وقف إطلاق النار" بين إيران و(إسرائيل)؛ ما دفع الجمهوريين إلى المطالبة بفوزه بجائزة "نوبل للسلام".

وفي هذا الجو أصبح رئيس أمريكا في وضع يفترض فشله في المسارَين الداخلي والخارجي، في الداخل يسحق إنجازات مفيدة للمواطن الأمريكي باسم التغيير "الجذري"، وهذا في صالح تيار الصهيونية العولمي، إلى جانب سخط الجمهور الذي صوَّت لترامب تحت شعار "أمريكا أولًا". وفي الخارج يواجه تشكيكًا متعمَّدًا مع تأكيد فشله في التعامل مع مِلف إيران النووي سلمًا وحربًا. وقد شبّه البعض سلسلة خطابات ترامب وتفاعلاته مع الصحفيين ومنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي حول الشرق الأوسط بـ "مسلسل يومي"، يسيطرُ على انتباه الأمريكيين ويصرفُ انتباهَهم عن مشروع القانون الجميل الكبير، وهي خطة الميزانية التي تهدّد بتقليصِ (شبكة الأمان الاجتماعي) التي يعتمد عليها العديدُ من مؤيديه.

وبحسب تحليلات الداخل الأمريكي فَــإنَّ ما سيصدر عن الكونغرس سيضرّ كَثيرًا ناخبيه والمواطن الأمريكي ككل. وستكون هناك تخفيضات معروفة -وفقًا للغارديان- في برامج شائعة الاستخدام، مثل الرعاية الصحية لبرنامج ميديكيد، ولن يكون هناك شكٌّ في المسؤول عنها. هذه عواقبُ واضحةٌ وجليةٌ لدونالد ترامب.

وفي ظل هذه الأجواء تقدِّمُ صحيفة (الغارديان) البريطانية، صورة مقرَّبة لقياس شعبيّة ترامب، الساعي لتحوُّلات عميقة داخل أمريكا. هذا الاستطلاع في الأَسَاس يصُبُّ في صالح مناهضي ترامب وهم الأكثر تأثيرًا في سياسة أمريكا على الأقل إلى وقتنا هذا. ويشير قياسُ توجّـهات الرأي الأمريكي، إلى أنه "بعد مرور ستة أشهر على رئاسته الثانية، انتهى شهرُ العسل المحلي لترامب. وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة جون زغبي ستراتيجيز، وشمل 1006 ناخبين محتملين على مستوى البلاد، يومَي 24 و25 يونيو/حزيران، انخفاض نسبة تأييد الرئيس بثلاث نقاط مئوية إلى 45 %. يوافق حوالي 49 % من الناخبين على تعامله مع الهجرة، بينما يعارضه 47 %، أما فيما يتعلق بالاقتصاد، فقد وافق عليه 43 % وعارضه 54 %. وعند سؤالهم عمّا إذَا كانوا يتوقعون أن تُحسّن رئاسة ترامب وضعهم المالي أم تُفاقم تدهوره، أجاب 40 % بالأفضل، بينما قال 50 % بالأسوأ.

 وعلّق زغبي قائلًا: "هناك قلق كبير على الصعيد المحلي، وفي المقام الأول بشأن الاقتصاد. الناس في حيرة من أمرهم ويشعرون بعدم الأمان. الأرقام في انخفاض مُستمرّ".

وتراجعت ثقة المستهلك بشكل غير متوقع في يونيو، في إشارة إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي؛ بسَببِ الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترامب. وشمل القلق الذي أفاد به مجلس المؤتمر مختلفَ الأطياف السياسية، وكان الانخفاض الأشد بين الجمهوريين. وكانت نسبةُ المستهلكين الذين يرون أن الوظائف متوفرة هي الأدنى منذ مارس 2021.

قالت إليزابيث وارن، عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية، في خطاب ألقته هذا الأسبوع: إن "ترامب أخلَّ بوعده بخفضِ التكاليف منذ اليوم الأول". وأضافت: "العائلات الأمريكية لا تحتاج إلى حرب أُخرى - بل تحتاج إلى وظائفَ جيدة وأسعار أقل، وهذا ما يجب أن نركز عليه".

سردت وارن عشرَ طرق قد يرفع بها "مشروع قانون واحد كبير وجميل" تكاليف الأسر، بدءًا من الإيجار ووُصُـولًا إلى أسعار المواد الغذائية والأدوية الموصوفة، وحذّرت من أنه سيحرم أكثر من 16 مليون شخص من الرعاية الصحية. ويواصل الجمهوريون في مجلسَي النواب والشيوخ الجدلَ حول محتوى مشروع القانون مع اقتراب الموعد النهائي في 4 يوليو/تموز.

قالت نيرا تاندن، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمركز التقدم الأمريكي والمستشارة السابقة للرئيس جو بايدن في السياسة الداخلية، أمام جمهور يوم الخميس: "هذا التشريع هو أعظمُ تشريع عكسي رأيته في حياتي. إنه يخفِّض الرعاية الصحية للطبقة العاملة ويستخدم هذه الأموالَ لتمويل تخفيضات ضريبية لأغنى الأمريكيين".

في هذه الأثناء، يتصاعد السخطُ تجاه قضية الهجرة، التي تُعدّ من أبرز قضايا ترامب، حتى بين بعض ناخبيه. وقد أثارت مقاطع فيديو تُظهِر أشخاصا يُختطَفون من الشوارع أَو يُضرَبون على يد عناصر إدارة الهجرة والجمارك (Ice) استياءً واسعَ النطاق.

كانت هناك أَيْـضًا حالات مثل حالة مينغ لي هوي، الموظَّفة المشهورة في مطعم بريف ميسوري، التي اعتُقلت وسُجنت بانتظار ترحيلها. صرَّحت صديقتها فانيسا كوارت لصحيفة نيويورك تايمز: "صوّتُّ لدونالد ترامب، وكذلك فعل الجميع هنا تقريبًا. لكن لم يصوّت أحد لترحيل الأُمهات. كنا جميعًا نعتقد أننا نتخلِّصُ من العصابات، أُولئك الذين وفدوا إلى هنا بأعداد كبيرة".

في هذه الأثناء، تُلحِق مداهمات أماكن العمل العدوانية الضررَ بالفنادق والمطاعم والمزارع وشركات البناء وشركات تعبئة اللحوم، بما في ذلك في الولايات المحافِظة. وقد وصل ناقوس الخطر مؤخّرًا إلى ترامب، الذي أقرّ بأن بعضَ المهاجرين غير الشرعيين كانوا في الواقع "عمالًا ممتازين وقدامى"، وأمر بوقف مؤقت، ثم رضخ للمتشدّدين في إدارته.

قالت ويندي شيلر، أُستاذة العلوم السياسية بجامعة براون في بروفيدنس، رود آيلاند: "في المطاعم، إذَا فقدت طُهاتَك، فلن تتمكّن من خدمة الناس وستخسر المال. أما إذَا كنت تعمل في مصنع، حَيثُ قبضت شرطة الهجرة والجمارك على العمال، فستضطر إلى بذل المزيد من الجهد".

هذا يُلقي بعبء أكبر على نفس الأشخاص الذين كان من الممكن أن يصوِّتوا لدونالد ترامب - عمال المصانع من ذوي الدخل المنخفض أَو المتوسط، أَو العاملين في مجال تجهيز اللحوم. إنهم يشعرون بآثار هذه الحملة على الهجرة بطرق لم تتوقعها الإدارة.

تأثرت ولايةُ ترامب الثانية بشكل أكبرَ بقيام ملياردير التكنولوجيا، إيلون ماسك بقيادة "وزارة كفاءة الحكومة" (دوج)، والتي فصلت آلافَ الموظفين الفيدراليين لكنها لم تحقّق هدفَها في خفض التكاليف قبل رحيل ماسك وسط توترات. وأدَّت هجماتُ الرئيس الاستبدادية على المؤسّسات الثقافية ومكاتب المحاماة والمؤسّسات الإعلامية والجامعات إلى تأجيج احتجاجات "لا للملوك" التي شارك فيها أكثرُ من 5 ملايين شخص في أكثر من 2100 مدينة وبلدة في جميع أنحاء البلاد في 14 يونيو/حزيران.

في هذا السياق، ربما لا يكونُ من المستغرَبِ أن يستمتعَ ترامب بالساحة العالمية، حَيثُ لا يفصلُه عن أي زعيم عالمي سوى مكالمة هاتفية، ويُحتفَى به الآن كرجلِ دولة وأب روحي. لقد ثبت أن قصفَ إيران أَو الضغطَ على الناتو للموافقة على زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري أسهلُ من ترويض توماس ماسي، الجمهوري المتمرِّد من كنتاكي الذي يتحداه بشأن إيران ومشروع قانون الإنفاق.

وَأَضَـافَت شيلر: "صحيحٌ أن كُـلّ رئيس، جمهوريًّا أكان أم ديمقراطيًّا، عندما تسوء الأمور داخليًّا، يلجأ إلى الشؤون الخارجية".

ومع شعور ترامب، بأنه أقوى على الساحة العالمية مما يشعر به في محاولته إقناعَ الكونغرس بفعل ما يريده. يُضايقه "الجمهوريون" في مجلس النواب، وكذلك في مجلس الشيوخ. إنه منزعج من هذا؛ لذا يقول: حسنًا، نحن قوة عسكرية عالمية"، حسنًا ما الذي تغيَّر؟! على خارطة العالم مع كُـلّ الجلبة التي أحدثها ترامب. يمكن القول إنه مع الضربة العنيفة التي تلقاها العدوّ الإسرائيلي قد تبخَّرت كثيرٌ من أحلام الهيمنة والتي حتمًا سترتبط بتداعياتٍ متوسطة وبعيدة المدى، ويعزز ذلك أن الغربَ غير مستعد للتضحية بقوة؛ مِن أجلِ اليهود رغم تأثيرهم الواضح على القرار الغربي. ومع هذا الإخفاقِ الخارجي لترامب فَــإنَّ سجلَّه مليءٌ بالخيباتِ التي تتعلَّقُ بحياة الأمريكيين في الداخل. لهذا سيبقى مستقبلَه السياسيَّ على المحك مع كُـلّ ما يتمتعُ به من قوة.


لقاء موسّع للعلماء بتعز يدعو لنصرة الأقصى وغزة
دعا لقاء موسّع للعلماء بمحافظة تعز اليوم جميعَ المسلمين للتحَرّك صفًّا واحدًا لنصرة غزة وفلسطين والمسجد الأقصى.
كيان العدوّ على صفيح ساخن.. ونتنياهو يهرب من القضاء نحو المجهول
خاص| المسيرة نت: وسط تسريبات إعلامية تتحدث عن سيناريوهات محتملة تتراوح بين تطبيعٍ مفاجئ، وزيارةٍ طارئة إلى واشنطن، وتوسيع الحرب.. وُصُـولًا إلى احتمال اندلاع مواجهة إقليمية مفتوحة.
الأخبار العاجلة
  • 00:08
    مصادر طبية فلسطينية: 4 شهداء وعدد من الجرحى جرّاء قصف للعدو الإسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة
  • 23:58
    مصادر فلسطينية: شهداء وجرحى في قصف طيران العدو مجموعة مواطنين على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة
  • 23:58
    مصادر فلسطينية: طيران العدو يشن غارة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة
  • 23:45
    مصادر فلسطينية: قوات العدو تقتحم ضاحية اكتابا شمالي طولكرم
  • 23:26
    مصادر طبية: 68 شهيدا في غارات العدو المتواصلة على قطاع غزة منذ فجر اليوم
  • 23:26
    مصادر طبية: 4 شهداء و15 جريحا في قصف العدو مدرسة تؤوي نازحين بجباليا البلد شمال قطاع غزة