شراكة الاعلام الناطق بالعربية في الإبادة الجماعية

خاص| 20مايو| د. عبد الرحمن المختار| المسيرة نت: ساهمت الماكينة الاعلامية للقوى الاستعماري الصهيوغربية بشكل كبير في تضليل الرأي العام، وصرفه عن حقيقة ما جرى ويجري في قطاع غزة من إبادة جماعية، مستخدمة في مسلكها التضليلي مصطلحات متعددة.
لكن هذا التضليل كان سيكون هينا فيما لو اقتصر الامر على الماكينة الاعلامية للقوى الاستعمارية الصهيوغربية، بل وجدت ماكينة إعلامية ضخمة ناطقة بالعربية موازية خاضت معركة تضليل الرأي العام الى جانب نظيرتها الصهيوغربية، على رأسها قنوات الجزيرة والعربية والحدث وغيرها من القنوات التي أنخرطت الانظمة التي تملكها وتمولها في شراكة مع القوى الاستعمارية الصهيوغربية في جريمتها بحق غزة وسكانها، ومن المصطلحات التي استخدمتها الماكينة الاعلامية الصهيوغربية ونظيرتها الناطقة بالعربية مصطلح (الحرب ).
فمنذ الفعل الاول من أفعال جريمة الابادة الجماعية كانت عناوين الوسائل الاعلامية الناطقة بالعربية (الحرب الاسرائيلية على غزة) (وحرب غزة) والقصد من استخدام الوسائل الاعلامية الناطقة بالعربية لمصطلح (الحرب) هو ترتيب نتائج وأثار هذا المصطلح وتكريسها في ذهنية الرأي العام، وتهيئته لتقبل ما بعد استكمال القوى الاستعمارية الصهيوغربية لفصول جريمة الابادة الجماعية، ذلك أن من أهم النتائج والاثار التي تترتب على تكريس مصطلح (الحرب) في ذهنية الرأي العام، حق أي دولة ليست طرفا في النزاع المسلح وفقا لاحكام القانون الدولي، أن تمد أحد طرفيه بالسلاح أو المواد التموينية أو تأييده بالمواقف السياسية، ولا مشكلة في ذلك طبقا لأحكام القانون الدولي.
ويعد تصوير وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لما جرى ويجري في غزة بأنه (حرب)، وتوصيفها للحالة فيها بأنها حالة (حرب)، وتعاطيها في تغطياتها المتواصلة وفقا لذلك، يعني أن ما سيتكرس في ذهنية الرأي العام أن ماجري ويجري في غزة هو نزاع مسلح بين طرفين، باعتبار أن حالة (الحرب) في توصيفها وتكييفها القانوني هي نزاع مسلح بين طرفين أو أكثر، وإذا ما تكرس هذا المفهوم في ذهنية الرأي العام فسوف تتكرس لديه قناعة أن ما يحدث في غزة هو نزاع مسلح بين طرفين، وسينتهي هذا النزاع كغيره من النزاعات المسلحة عندما يصاب طرفيه بالارهاق، غير أن هذا التوصيف الذي روجت له بشكل واسع وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لا ينطبق على الحالة في غزة، فليس في حالة غزة إلا طرف واحد مسلح في النزاع بمعنى التسلح الفعلي للدول، هذا الطرف هو الكيان الصهيوني وشركائه من الدول الاستعمارية الغربية وبعض الدول العربية والاسلامية.
وباعتبار أن أطراف النزاع دول يتوافر لكل منها الوسائل الهجومية والدفاعية بشكل متكافئ أو قريب من التكافؤ، فإن غزة وفقا لهذا المفهوم ليست دولة، حتى يمكن اعتبارها طرف في النزاع المسلح المصطلح على وصفه ( بالحرب)، فلا معسكرات في غزة، ولا قواعد عسكرية بحرية وجوية وبرية، وكل ما هو موجود في غزة مقاومة شعبية في مواجهة دولة احتلال، ومعلوم أن القانون الدولي يكفل للشعوب الواقعة تحت الاحتلال حق مقاومة المحتل، ويحظر القانون الدولي على دولة الاحتلال المساس بحق الشعب المحتل في مقاومة الاحتلال، سواء بوسائل سلمية أو مسلحة.
وبهذا الترويج للحالة في غزة بأنها حالة (حرب) تهيئ وسائل الاعلام الناطقة بالعربية الرأي العام لتقبل الاثار والنتائج المترتبة على هذه الحالة، وأهمها أن (الحرب) حل غير مرغوب فيه، وأنه يترتب على هذا الحل أضرار تلحق بالمدنينين والاعيان المدنية، وأهم أثر سيكون الرأي العام مستعدا لتقبله هو أن من تسبب في الحرب يتحمل نتائجها، وبالطبع فوسائل الاعلام الناطقة بالعربية أبرزت بشكل واضح أن السابع من اكتوبر هو سبب ما تسمية (الحرب) على غزة، وباعتبار أن حماس هي من خطط ونفذ عملية السابع من اكتوبر فعليها أن تتحمل تبعاتها ونتائجها.
وكل ماسبق من ترويج هو تضليل للرأي العام، فما جرى ويجري في قطاع غزة جريمة ابادة جماعية،وليس نزاعا مسلحا بين دول كاملة السيادة يتوافر لكل منها وسائل الدفاع والهجوم بشكل متكافئ أو قريب من ذلك، فغزة كما أسلفنا ليست دولة ولا ينطبق عليها وصف طرف في نزاع دولي مسلح( حرب) فغزة جزء من أرض فلسطين المحتلة، ولا يستطيع أحد أن يزعم أن غزة دولة مستقلة ذات سيادة في مواجهة دول العالم، يتوافر لها ما يتوافر لغيرها من الدول من المقومات السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية، فاقتصادها مرتبط باقتصاد دولة الاحتلال، والعملة التي يجري التعامل بها فيها هي عملة دولة الاحتلال(الشيكل).
وليس لغزة تمثيل رسمي سياسي ودبلوماسي لدى الدول والمنظمات الدولية، ولا يوجد في غزة مطار دولي يربطها بدول العالم، ولا ميناء دولي تديره بشكل مستقل عن دولة الاحتلال، فغزة كما أسلفنا جزء من أرض فلسطين المحتلة، تمكنت مقاومتها الشعبية المسلحة من طرد المحتل خارجها، ومع ذلك لا يمكن وصف غزة ومقاومتها بأنها دولة وبأنها طرف في نزاع مسلح( حرب).
وكل ذلك الاصرار من جانب الماكينة الاعلامية للقوى الاستعمارية الصهيو غربية، ووسائل الاعلام الناطقة بالعربية على توصيف ما جرى ويجري في قطاع غزة بأنه حالة (حرب) الهدف منه صرف الانظار عن جريمة الابادة الجماعية، التي يقترف أفعالها بشكل متتابع ومستمر منذ سنة وسبعة اشهر كيان الاجرام الصهيوني وشركائه من القوى الاستعمارية الغربية، وعدد من الانظمة الوظيفية العربية والاسلامية، وإذا كان من أهم مترتبات حالة (الحرب) وفقا لاحكام القانون الدولي حق الدول غير الاطراف فيها امداد أطرافها بالمواد التموينية والذخيرة والتأييد السياسي، فإن تثبيت وصف ما جرى ويجري في قطاع غزة بأنه جريمة أبادة جماعية يترتب عليه أن أي دولة تؤيد سياسيا الدولة المقترفة لأفعال الابادة الجماعية، أو تمدها بالمواد التموينية أو بالذخيرة، فإنها تكون في كل هذه الاحوال شريك في جريمة الابادة الجماعية، بل إن صمت الدول الاطراف في اتفاقية منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها لسنة 1948م وتنصلها عن واجباتها الواردة في هذه الاتفاقية، وكذلك تنصل المنظمة الدولية يجعل الجميع شركاء في جريمة الابادة الجماعية وفقا لاحكام هذه الاتفاقية.
وهذا التوصيف من شأنه إذا ما تعاطت معه وسائل الاعلام بشكل مهني أن يحرك الرأي العام للضغط على الدول والمنظمات الدولية المعنية، لإثارة المسؤولية الجنائية في مواجهة مقترف جريمة الابادة الجماعية وشركائه فيها، ومعلوم دور الادارة الامريكية في الجريمة، ودورغيرها من القوى الاستعمارية الغربية، ابتداء بالتحريض على لسان رؤساء الدول والحكومات الغربية الذين تقاطروا على دولة الاحتلال وأعلنوا تأييد دولهم الكامل لما سيتخذه الكيان المحتل من إجراءات تحت عنوان حق الدفاع عن النفس، وليس ذلك فحسب، بل تواجدت هذه الدول بقواتها البحرية والجوية حول مسرح الجريمة، لتوفير الحماية للكيان الصهيوني المنفذ المباشر لافعال جريمة الابادة الجماعية، ولم تكتف بذلك بل قامت بارسال ألاف الاطنان من القنابل والصواريخ والمعدات العسكرية، التي فتكت بسكان غزة، اضافة الى شراكة القوى الاستعمارية الغربية في الجريمة بصور اخرى متعددة، منها التمويل والمواقف السياسية المؤيدة والمدافعة عن الكيان المجرم في المؤسسات الدولية، وكل هذه الصور تستوجب ملاحقة المجرمين جنائيا بوصفهم وبلدانهم شركاء في الجريمة.
وروجت وسائل الاعلام الناطقة بالعربية في تناولاتها وتغطياتها لعبارة ( وقف إطلاق النار) لتثبّت بهذا الترويج حالة (الحرب) في ذهنية الرأي العام، لصرفه عن أفعال الابادة الجماعية، ولتنصرف بهذا الترويج المنظمة الدولية عن واجباتها وفقا لأحكام اتفاقية منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها، وكذلك الحال بالنسبة للدول الاطراف في هذه الاتفاقية، وسيتكرس في ذهنية الجميع أن المسألة مسألة تبادل اطلاق نار بين طرفين متكافئين، وأن العمل جاري من خلال المفاوضات لوقف اطلاق النار، بمعنى تصوير الحالة في غزة بأنها مثل غيرها من حالات تبادل إطلاق النار بين طرفين متنازعين، وطالما المفاوضات مستمرة فسيتم التوصل الى وقف اطلاق النار إن عاجلا أو أجلا.
وهذا ما روجت له وسائل الاعلام الناطقة بالعربية، رغم أن الواقع يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ما جرى ويجري في قطاع غزة ليس نزاعا مسلحا بين طرفين متكافئين، سيتوقف بوصول المتفاوضين الى اتفاق لوقف اطلاق النار، ما جرى ويجري في غزة جريمة ابادة جماعية للاطفال والنساء وكبار السن، ليس اطلاق نار بين الكيان الصهيوني وشركائه من جهة، وفصائل المقاومة تحديدا بحيث لا يتعرض غيرهم للاستهداف، بل على العكس من ذلك الاستهداف موجه للاطفل والنساء وكبار السن، وهو ما يؤكد أن ما يسمى بالنزاع المسلح ليس كما يتم تصويره في وسائل الاعلام الناطقة بالعربية بأنه نزاع بين طرفين، بل هو استهداف متعمد من طرف واحد مكون من فاعل مباشر وعدد من الشركاء، توصيفه القانوني لا يخرج عن (جريمة أبادة جماعية) وفقا لاتفاقية منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها لسنة 1948 التي يعد الكيان الصهيوني وشركائه أطرافا فيها.
ولو أن وسائل الاعلام الناطقة بالعربية في تعطياتها وتناولاتها التزمت بالتوصيف القانوني للحالة في غزة بأنها (إبادة جماعية) واستمرت بالمناداة بوقف أفعال جريمة الابادة الجماعية المستمرة والمتتابعة، وليس الترويج (لوقف اطلاق النار) لتحرك الرأي العام العربي والاسلامي، وحرك الرأي العام العالمي من خلال الضغط على مصالح القوى الغربية في البلدان العربية والاسلامية، ولترتب على التزام وسائل الاعلام الناطقة بالعربية بالتوصيف الحقيقي للحالة في غزة تحرك الدول الاطراف في الاتفاقية الدولية، لمنع أفعال الابادة الجماعية وقمع مقترفها وشركائه، لكن ما حدث العكس، تضليل ترتب عليه تثبيط للشعوب وللدول التي استشعرت واجبها القانوني والانساني منذ البداية، كما هو الحال بالنسبة لدولة جنوب أفريقيا، التي أثارت مسؤولية الكيان الصهيوني عن جريمة ابادة جماعية في قطاع غزة.
ولو أن وسائل الاعلام الناطقة بالعربية كان لها دورا ايجابيا مساندا للشعب الفلسطيني، ومشنعا بالكيان الصهيوني بوصفه المباشر لأفعال جريمة الابادة الجماعية، وبشركائه في الجريمة، لتشكل رأيا عاما دوليا معاديا للكيان الصهيوني وشركائه، وضاغطا لمقاطعة هذا الكيان المجرم والدول المتورطة معه في الجريمة، ولكان عار جريمة الابادة الجماعية قد لبس هذه الدول، وتلاحقها تبعاتها، لكن المؤسف حقا أن الادارة الاميركية بوصفها شريك في جريمة الابادة الجماعية بصور متعددة، توصف بأنها وسيط ووكم روجت وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لأهمية وساطة الادارة الاميركية، ولا تناقش هذه الوسائل أبدا فرضية هذه الوساطة للادارة الاميركية مع حال كونها شريك في جريمة الابادة الجماعية، من خلال توفير الحماية الميدانية للمباشر لافعال الجريمة، وامداده بالاف الاطنان من القنابل والصواريخ ومليارات الدولارات، والتأييد بالمواقف السياسية المساندة في مختلف المحافل الدولية!
ولو أن وسائل الاعلام الناطقة بالعربية اضطلعت بواجبها بمهنية، واستشعرت مسؤوليتها الاخلاقية والانسانية تجاه أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لشجع ذلك شعوبا ودولا ليس للوقوف المباشر مع الشعب الفلسطيني، لكن للنهوض بمسؤوليتها وفقا لاتفاقية منع الابادة الجماعية والمعاقية عليها من خلال إثارة مسؤولية منظمة الامم المتحدة لمنع الابادة الجماعية وقمع مقترفها، وإثارة مسؤولية كيان الاحتلال الصهيوني بوصفه المباشر لأفعال جريمة الابادة الجماعية، واثارة مسؤولية شركائه في الجريمة، غير أن تضليل وسائل الاعلام الناطقة بالعربية ادى مع الاسف الشديد ليس الى تثبيط الشعوب العربية والاسلامية فحسب، بل الى تثبيط الدول الاخرى، التي أبدت مواقف مستنكرة تجاه مقترف الجريمة وشركائه، لكن بعد تضليل وسائل الاعلام الناطقة بالعربية وتسطيحها للجريمة وتلطيفها لافعالها من خلال تناولاتها الزائفة بوصف تلك الافعال بما أسمته (اطلاق النار) يبدو أن تلك الدول رأت أنه ليس بوسعها أن تكون عربية أكثر من العرب، الذين تمثلهم وسائل الاعلام الواسعة الانتشارالناطقة بلسانهم!
وروجت وسائل الاعلام الناطقة بالعربية منذ بداية أول فعل من أفعال جريمة الابادة الجماعية لمصطلح (الطرفين) للايهام بأن النزاع المسلح في قطاع غزة الموصوف بأنه حالة (حرب) إنما يجري بين طرفين متكافئين أو قريبين من حالة التكافؤ، ولو أن وسائل الاعلاوم الناطقة بالعربية كانت واقعية وموضوعية ومهنية، لأدركت يقينا أن الحالة في غزة ليست حالة (حرب)، بل جريمة أبادة جماعية لا تحتمل وصفا أخر مطلقا، ولأدركت يقينا أن هذه الجريمة نفذ ولا يزال ينفذ أفعالها بشكل مباشر كيان الاحتلال والاجرام الصهيوني، وتشترك معه القوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسها الادارة الامريكية، وعدد من الانظمة العربية والاسلامية، وأن غزة أطفالا ونساء وشيوخا هم الطرف الاخر، الذي ضللت وسائل الاعلام الناطقة بالعربية على مدى تسعة عشر شهرا بوجوده في النزاع المسلح!
ولو أن وسائل الاعلام الناطقة بالعربية عملت على ابراز ما هو موجود في قطاع غزة بأنه مجرد مقاومة شعبية في مواجهة الاحتلال الصهيوني، والمقاومة حق مكفول لكل الدول الواقعة تحت الاحتلال بموجب أحكام القانون الدولي، وأنه لا يمكن بحال من الاحول أن تمثل هذه المقاومة والحال هذه دولة يمكن وصفها بأنها طرف في نزاع مسلح مع الكيان الصهيوني بمفرده، نأهيك أن تكون طرفا في نزاع مسلح طرفه الاخر الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسها الادارة الاميركية وبشراكة عدد من الانظمة العربية والاسلامية!
وحين روجت وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لمصطلح( الطرفين) كان هدفها صرف الرأي العام عن أي تعاطف مع مظلومية الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي تعرض وما يزال لجريمة ابادة جماعية أفعالها مستمرة ومتتابعة، وسيتكرس في ذهنية الرأي العام مفهوم مصطلح (الطرفين) بأنهما يتبادلان الاستهداف بالاستهداف وكل منهما سيؤثر على الاخر وسيرهقه، كما هو الحال بالنسبة لكل النزاعات المسلحة، وسينتهي الامر بالجلوس على طاولة المفاوضات! وعكس ذلك تماما عندما تقدم وسائل الاعلام الكيان الصهيوني للرأي العام، بأنه يقترف جريمة ابادة جماعية، وأن أفعاله لا يقبل أي وصف أخر، هذا سيكون له أثر كبير ناهيك عن تقديم وسائل الاعلام الكيان الصهيوني للرأي العام وتقديم القوى الاستعمارية الغربية وعدد من الدول العربية والاسلامية بوصفهم جميعا شركاء في جريمة الابادة الجماعية بصور متعددة!
وروجت وسائل الاعلام الناطقة بالعربية كذلك لمصطلح ( الدعم) في توصيف زائف ومضلل لشراكة شركاء الكيان الصهيوني في جريمة الابادة الجماعية، وغالبا ما تتحدث وسائل الاعلام الناطقة بالعربية في تعاطيها وتغطيتها مع ما جرى ويجري في قطاع غزةعن ( الدعم الغربي) أو ( الدعم الامريكي) بهدف التغطية على شراكة القوى الاستعمارية الغربية في جريمة الابادة الجماعية، ذلك أنه يصح كما اسلفنا وصف مواقف الدول ومساعداتها بأنه دعم لاحد طرفي النزاع المسلح في حالة (الحرب) القائمة بين أطراف توصف بأنها دول كاملة السيادة وفقا لاحكام القانون الدولي، أما في حالة الابادة الجماعية فلا يمكن مطلقا بأي حال من الاحوال وصف ما تقدمه أي دولة من الدول للمباشر لأفعال جريمة الابادة الجماعية بأنه (دعم)، بل إن ذلك يوصف وفقا لاتفاقية منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها بأنه شراكة في الجريمة، سواء كان ذلك (الدعم) في شكل مواقف سياسية مساندة أو تقديم مواد تموينية مدنية، أو أموال ، أو تقديم معدات عسكرية، أو أسلحة وذخائر، كل ذلك يندرج ضمن أفعال الشراكة في الابادة الجماعية.
ولو تأملنا في تغطيات وتناولات وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لوجدناها لا تخرج في توصيفها لما قدمته ولا تزال تقدمه القوى الاستعمارية الغربية للكيان الصهيوني من أسلحة ومعدات وأموال ومواقف سياسية كل ذلك تصفه هذه الوسائل بالدعم الغربي، وهي لا تكاد تذكر ما يتلقاه كيان الاجرام الصهيوني من دعم اقتصادي ومالي من عدد من الدول العربية والاسلامية! رغم أن ذلك يندرج أيضا ويصنف قانونا ضمن الاشتراك في جريمة الابادة الجماعية!
واستخدمت وسائل الاعلام الناطقة بالعربية أيضا في تغطياتها الاخبارية وتناولاتها المختلفة مصطلح (الوسطاء) وهي تقصد بذلك تحيديدا الادارة الاميركية ومصر وقطر، وبهذا الاستخدام لهذا المصطلح إنما تصور الشركاء في الجريمة بأنهم وسطاء وحمائم سلام ، فالادارة الاميركية توصف بأنها وسيط رغم أنها تطالب حماس بتسليم سلاحها، بل الابعد من ذلك تطالب الشعب الفلسطيني بالهجرة الطوعية، وترك غزة ليقيم فيها الوسيط الاميركي منطقة سياحية (ريفيرا الشرق) وقبل ذلك وفوق تحريض هذا الوسيط على الابادة الجماعية، بعنوان حق اسرائيل في الدفاع عن النفس، والامداد بالمال ومختلف أنواع السلاح الفتاك والمعدات العسكرية المتطورة، والمواقف السياسية المساندة، ومع كل ذلك تقدم وسائل الاعلام الناطقة بالعربية الادارة الاميركية للراي العام بأنها ( وسيط) محايد بين طرفين في نزاع مسلح لا علاقة تربطها بأحد طرفيه ولا مصلحة لها من احد طرفيه!
وعملت الوسائل الاعلامية الناطقة بالعربية كذلك على تقديم مصر للرأي العام أنها (وسيط) رغم أن نظامها متأمر مع الكيان الصهيوني على غزة، بل ومحرض له على اقتراف جريمة الابادة الجماعية، فالسيسي سبق له أن أعلن موقفا صريحا طالبا من كيان الاحتلال الصهيوني نقل من أسماهم بالمدنين من قطاع غزة الى صحراء النقب، حتى يكمل مهمته الاجرامية بالقضاء على من اسماهم الارهابيين أو فصائل المقاومة في القطاع، وهذا الموقف يعد وفقا لأحكام اتفاقية منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها صورة من صور الاشتراك في الجريمة، كما أنه يتناقض مع أحكام القانون الدولي، الذي كفل حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال في مقاومة المحتل سلميا أو بغير ذلك من الوسائل، التي من شأنها اجبار الاحتلال على إنهاء احتلاله، ومع ذلك تصف الوسائل الاعلام الناطقة بالعربية النظام المصري بأنه (وسيط) محايد.
وينطبق ذات القول على قطر التي تصفها وسائل الاعلام الناطقة بالعربية بأنها ( وسيط) رغم أن الواضح أن قطر تؤدي دورا وظيفيا أوكلته لها الادارة الاميركية، فعندما تكون الادارة الاميركية أو الكيان الصهيوني في مأزق توعز الى قطر بالتحرك للدعوة لجولة أخرى من المفاوضات بين الوسطاء الثلاثة، وذلك بهدف تخطي المأزق من خلال توفير المزيد من المساحات الزمنية، تتمكن خلالها الادارة الاميركية والكيان الصهيوني من التصرف وفقا للمعطيات والمستجدات الميدانية، ونحن نشاهد في بعض الأوقات الخارجية القطرية، وقد انبرى متحدثها الرسمي مرتديا ريش الطاووس يشطح وينطح متباهيا بما حققته وساطة بلاده من إنجازات وسرعان ما يخفت ذلك الصوت، ويتحول الناطق الى نعامة تدس رأسها في الرمال ولا يُسمع له صوتا بمجرد تجاوز الادارة الاميركية لمأزقها وانقلابها على ما سبق إعلانه من انجازات وهكذا دواليك!
فكيف لعاقل مدرك أن يصدق أن كل من الاميريكي والمصري والقطري ( وسيط) محايد؟ ويرتبط بترويج وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لمصطلح (الوسطاء ) الترويج لمصطلح أخر وهو (التفاوض) فما يتم عقده والدعوة اليه من جولات تفاوضية لا تعدو عن كونها مجرد مساحات زمنية إضافية يوفرها الوسطاء للكيان الصهيوني المباشر لأفعال جريمة الابادة الجماعية ولشركائه في اقترافها، تمكنهم جميعا من استكمال فصولها.
وتكرر وسائل الاعلام الناطقة بالعربية الحديث عن مصطلح ( الضغوط) في إشارة منها الى مواقف الادارة الاميركية من الكيان الصهيوني المباشر لافعال جريمة الابادة الجماعية، تلك المواقف التي تبدو أحيانا متناقضة وغير مفهومة، بينما هي في حقيقتها مجرد أدوار تؤديها الادارة الاميركية بعد تقييمها لمعطيات الواقع واستخدام ما هو متاح من بدائل، تصور استخدامها لها بأنها ضغوط على الكيان الصهيوني وسرعان ما تتلقفها وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لتكرسها في ذهنية الرأي العام كمواقف إيجابية انسانية من جانب الادارة الاميركية!
وروجت وسائل الاعلام الناطقة بالعربيةلمصطلح (المجاعة أو التجويع) لسكان قطاع غزة،وبهذا الترويج بسّطت وسطّحت هذه الوسائل الاعلامية ما جرى ويجري في قطاع غزة، باعتبار أنه مجرد وسيلة ضغط يستخدمها الكيان الصهيوني لتحقيق مكاسب سياسية في المفاوضات، أو فرض خيارات استسلامية على فصائل المقاومة، والحقيقة أن مثل هذا الترويج يمكن أن يكون مقبولا فقط في حالة (الحرب) القائمة بين طرفين دوليين أو أكثر، بمعنى أن هناك نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر وتمكن أحد طرفي النزاع من استخدام الحصار والتجويع كسلاح في المعركة لتحقيق مكاسب عسكرية أو سياسية.
أما في قطاع غزة الذي تعرض وما يزال يتعرض لجريمة ابادة جماعية، فلا يصح قبول الترويج السابق ذلك أن مجرد إخضاع السكان لظروف معيشة قاسية، يعد ذلك بحد ذاته فعل ابادة جماعية كما ورد في اتفاقية منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها التي نصت الفقرة (ج) من المادة (2) منها على أن( إخضاع الجماعية عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا أو جزئيا)، وهذه الظروف لا تحتاج الى توصيف، فالواقع ينطق بما لا ينطق به الناطقون، ويقدم وصفا للظروف المعيشية لا يمكن أن يقدمها الواصفون، ومواقف الصهاينة المجرمين من أخضاع سكان غزة لهذه الظروف المعيشية القاسية المتعمدة موثقة ولاتحتاج الى بيان.
إن ترديد وسائل الاعلام الناطقة بالعربية لمصطلحات متعددة، وتعمد استخدامها والترويج لها على غير حقيقتها، إنما تقصد من ذلك زحزحت تبعات جريمة الابادة الجماعية وعارها عن كيان الاجرام الصهيوني والقوى الاستعمارية الغربية، وعن الانظمة العربية والاسلامية الشريكة له في الجريمة، فما جرى ويجري في غزة ليس (حربا)، بل جريمة ابادة جماعية تختلفت التزامات الدول وواجباتها تجاهها تماما عن التزاماتها وواجباتها تجاه حالة (الحرب) ولا نزاع مسلح في قطاع غزة بين طرفين، بل جريمة إبادة جماعية المباشر لأفعالها الكيان الصهيوني بشراكة القوى الاستعمارية الغربية وعدد من الدول العربية والاسلامية، وما تثيره وسائل الاعلام الناطقة بالعربية عن وقف لإطلاق النار، ليس إلا زيفا وتضليلا، والاصل أن يرتفع صوت الاعلام عاليا مطالبا بوقف أفعال الابادة الجماعية، التي يقترفها طرف واحد! وليس الترويج لوقف إطلاق النار الذي لا يكون الا متبادلا بين طرفين متكافئين!
ولا وجود لشيء أسمه (وسطاء) على أرض الواقع، فما هو موجود شركاء في جريمة الابادة الجماعية ولا شيء سوى ذلك! ولا وجود حقيقي لشيء اسمه (جولات تفاوض)، بل ألية لتوفير مساحات زمنية لاستكمال فصول جريمة الابادة الجماعية، ولا وجود لشيء على أرض الواقع يمكن وصفه بأنه (دعم غربي) أو (دعم أمريكي) أو (دعم عربي) للكيان الصهيوني، بل ما هو موجود حقيقة شراكة في جريمة ابادة جماعية!، ولا وجود لشيء اسمه (ضغوط أمريكية)، فما هو موجود هو تقييم للمعطيات الميدانية على أرض الواقع واختيار للبدائل المناسبة، والايعاز من ثم لوسائل الاعلام الناطقة بالعربية للتعاطي معها بوصفها ضغوط على الكيان الصهيوني من جانب الادارة الاميركية.
ولا وجود (للخلافات) التي تروج لها وسائل الاعلام الناطقة بالعربية بين الادارة الاميركية والكيان الصهيوني، فما هو موجود فعلا مجرد تبادل أدوار بين الشركاء في جريمة الابادة الجماعية، وإلا بماذا يمكن تفسير ارتفاع وتيرة أفعال الابادة من جانب مقترفها المباشر في حضرة وجود ترامب وأكابر مجرمي الادارة الامريكية بجوار مسرح الجريمة، ولا وجود (لتجويع) لتحقيق أهداف عسكرية ميدانية أو سياسية في المفاوضات أو فرض خيارات استسلامية على فصائل المقامة ، بل أن ذلك (التجويع) ذاته فعل من أفعال الابادة الجماعية!
ولا وجود لوسائل إعلام عربية (حرة ومستقلة ومهنية ومحايدة ونزيهة) في ظل أنظمة عميلة ومرتهنة، بل إن ما هو موجود منها هي وسائل اعلام ناطقة بالعربية، غارقة في دماء أبناء الشعب الفلسطيني، وشريكة في جريمة الابادة الجماعية، تبعا لشراكة الانظمة الوظيفية المالكة والراعية والممولة لها! ولا شيء سوى ذلك.

استشهاد صيادَين يمنيين وإصابة ثالث بنيران البحرية الإرتيرية
متابعات | 20 مايو | المسيرة نت: استشهد صيادان يمنيان وجُرح ثالث، بنيران البحرية الإرتيرية التي استهدفتهم أثناء ممارستهم الصيد في المياه الإقليمية اليمنية بالبحر الأحمر.
حماس: تصعيد العدوان وارتكاب المجازر يفضح المجرم نتنياهو الرافض لإيقاف العدوان على غزة
متابعات| المسيرة نت: حملت حركة المقاومة الإسلامية حماس كيان العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن إفشال مساعي التوصّل إلى اتفاق لوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.
السيد الخامنئي: إيران لا تنتظر الإذنَ من أحد لتخصيب اليورانيوم
اعتبر قائد الثورة الإسلامية في إيران، السيد علي الخامنئي، الحديث الأمريكي الأخير بشأن عدم التخصيب "تطاوُلًا مرفوضًا".-
22:06البرلمان الإسباني يصدق على النظر في مقترح حظر تجارة الأسلحة مع "إسرائيل"
-
21:31ذا ماركر الصهيونية: شركتا الخطوط الجوية الفرنسية وترانسافيا تمددان إلغاء الرحلات الجوية من وإلى مطار "بن غوريون" حتى 24 مايو
-
21:14إعلام العدو: انهيار جزء من مبنى في قطاع غزة أدى إلى إصابة 3 جنود وصفت حالة 2 منهم بالخطيرة
-
20:24الإعلام الحكومي بغزة: 58 حالة وفاة بسبب سوء التغذية و 242 حالة وفاة بسبب نقص الغذاء والدواء، معظمهم من كبار السن
-
20:23الإعلام الحكومي بغزة: الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مستويات كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى
-
20:22الإعلام الحكومي بغزة: سياسة التجويع التي يفرضها العدو الإسرائيلي تؤدي إلى وفاة 326 حالة بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء والدواء
-
20:06وكالة الأنباء الهولندية: هولندا حشدت ما يكفي من الدعم لمقترحها بمراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل"
-
19:45وزارة الصحة الفلسطينية: 3 إصابات برصاص العدو وصلت إلى مجمع فلسطين الطبي من بلدة بيتللو غرب رام الله
-
19:45سرايا القدس: استهدفنا بقذيفة (RPG) دبابة ميركافا صهيونية توغلت في محيط ملعب أبو رجيلة بمنطقة خزاعة شرق خان يونس
-
18:35حماس: اتساع دائرة المواقف الدولية الرافضة للعدوان والحصار، يُعدّ إدانة جديدة لسياسات العدو ودعمًا متزايدًا لمطالب شعبنا العادلة