عن العروبة والعثمانية والوحدة

حال الوطن العربي اليوم يشبه حاله في بدايات الدعوة إلى فكرة القومية العربية نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين
حال الوطن العربي اليوم يشبه حاله في بدايات الدعوة إلى فكرة القومية العربية نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين؛ ف"الماسونية الطائفية على اختلاف مللهم، ودعاة الإقليمية على تعدد اتجاهاتهم ومحترفوا التعصب على تنوع أحقادهم " يحيطون بتراثنا القومي العربي ، وجعلونا ننحرف عن مشاريع الوطنية والقومية الجامعة إلى هوياتهم القاتلة. نسينا زكي أرسوزي ذلك العروبي الذي ظل ينافح عن لواء الإسكندرونة في بدايات الثلاثينيات من القرن العشرين حتى تم سلخه لصالح تركيا بمؤامرة الاحتلال الفرنسي الذي هجر العرب بالتعاون مع الأتراك من اللواء ، ثم عمل استفتاء مزورا عام 1936م .ونسينا ساطع الحصري وقوميته التي ترتكز على اللغة والثقافة والعقلانية والتعليم، ونسينا ميشيل عفلق وقسطنطين زريق وجورج حبش وجمال عبد الناصر وعروبته التي تمزج بين الوطنية المصرية والوحدة العربية.
لقد كانت اليمن مواكبة لبواكير الدعوة إلى استقلال المشرق العربي ، بل إن مطالبته باستقلال اليمن ورفضه للضيم العثماني قد بدأ منذ القرن السادس عشر كإرث استحضره الإمام يحيى في جوابه على لجنة الوساطة التي أرسلها السلطان عبد الحميد الثاني إلى اليمن عام . فبحسب تقرير أرسله القنصل البريطاني بجدة إلى السفير أوكونور في 8سبتمبر 1906م جاء فيها: ويقال أن جواب الإمام كان أنه هو نفسه غير راغب في مواصلة النشاطات العدائية ضد الأتراك ،وأنه تواق إلى التواصل إلى نهاية لسفك الدماء وان يكون صديقا مخلصا للحكومة التركية إلاَّ أنه ليس حرا في تنفيذ أرادته الشخصية ،وانه يعمل بإرشاد المجتمع الذي اختاره إماما ،وان أدنى ميل من جانبه بعيدا عن إرادة المجتمع سوف يكون مؤشرا نحو إسقاطه واختيار إمام آخر " ص31 اليمن وأطماع الخارج كما تعرضه الوثائق البريطانية والأمريكية – ترجمة وإعداد عبد الكريم سلام المذحجي ،2017م .
والإمام يحيى محمد حميد الدين في رده على لجنة الوساطة وتقصي الحقائق التي أرسلها السلطان عبد الحميد كان يستحضر في ذهنه مصير العديد من الأئمة الذي تعاونوا مع الأتراك فاختار المجتمع غيرهم ،وآخرهم محمد بن يحيى المنصور في القرن التاسع عشر حين أدخل 1500جنديا تركيا من الحديدة إلى صنعاء ليساعدوه ضد منافسيه، فما كان من اليمنيين إلا أن حاصرة الجنود الأتراك ،وقتلوا منهم عددا كبيرا ،والبقية أعطوهم الأمان ليعيدوا إلى الحديدة بعد أن سلموا أسلحتهم ، وكان مصير الإمام محمد بن يحيى المنصور القتل جزاء خيانته لطموحات اليمنيين .
إن بقاء الوطن العربي في حالة تجزئة قطرية وانفصالات طائفية وجهوية هو مشروع غربي عملت بريطانيا على تنفيذه " فبعد أربعة عقود من التخطيط الاستعماري والمساعي الحثيثة وسط صراعات دولية معقدة ،استطاعت بريطانيا أن تحقق الجزء الأهم من مشروع استعماري كبير وقديم استهدف تجزئة العرب ومنع اتحادهم " باحتلال مصر وإلحاقها بإمبراطوريتها التي "لا تغيب الشمس عنها "وقد أطلق خلدون النقيب على هذا المشروع اسم " لحظة الامبريالية العظمى " إذ رأى أن البريطانيين ورثوا الخطة في المنطقة العربية " وفي رأيه أن " ما تصوره البرتغاليون حققه البريطانيون، وما خطط له البريطانيون نفذه الأمريكيون، مع الفارق طبعا " ص173 الحركة القومية العربية في القرن العشرين –هاني الهندي –مركز دراسات الوحدة العربية -2012م.
يرى هاني الهندي في كتابه آنف الذكر أنه بالرغم من الطغيان والظلام الذي وسم عهد السلطان عبد المجيد وابنه عبد الحميد الثاني الذي " كان أكثر من ثلاثة أرباع العقود الأربعة التي حكم فيها السلطان عبد الحميد الثاني ،الذي عرف بالظلم والاستبداد والقمع ومحاربة التوجه العربي ... ومع ذلك " خطت الحركة الفكرية في عهده ...خطوات حاسمة ،وأصبحت بذرة القومية العربية التي نمت جذورها في بلاد الشام تمد أعضاءها إلى البلاد المجاورة التي يتحدث أهلها اللغة العربية، ثم تفتقت أكمامها وازدهرت أخيرا بعد خلعه ،وصارت حركة واعية يقظة واسعة الانتشار " في عهد الظلام الذي ميز حكم عبد الحميد الثاني تفتقت القومية العربية ب" حركة الوعي والإلهام " أي منذ عام 1876م ،في هذا العهد كانت معارضة عبد الرحمن الكواكبي وإسهاماته الفكرية ،ودعوته لأن تكون الخلافة عربية ،واستقلال المنطقة العربية عن تركيا في كتابيه " أم القرى " ومصارع الاستبداد "ودعوته لوحدة الجنس العربي فوق المذاهب والطوائف والتعصب الديني والمذهبي، بل ومراسلاته للإمام محمد حميد الدين في اليمن ،واقتراحه عليه طبع مؤلفات الفكر الزيدي.
وكان يردد دوما "دعونا نجتمع على كلمة سواء، فلتحيا الأمة، فليحيا الوطن، فلنحيا طلقاء أعزاء " وقد اعتبر لوتسكي أن الكواكبي هو "بحق مؤسس نزعة القومية العربية ".
ومن معطف الكواكبي جاء عبد الحميد الزهراوي جل طليعة العروبيين الذين أسسوا المنتدى الأدبي في الأستانة ثم المؤتمر العربي الذي عقد في باريس 1913م. وعمل جمال باشا على شنقهم في الشام عام 1915-1916م .
لقد نبتت فكرة الاستقلال العربي في ظل الدولة البوليسية التي أنشاها السلطان عبد الحميد الثاني، والذي أسس جيشا من الجواسيس مقداره آنذاك ثلاثون الفا ،ومع ذلك بزغت فكرة اليقظة العربية من وسط الظلام الدامس وبطشه وظلمه.
من مفارقات السياسة التي تلبس عباءة الخلافة أن كل سلاطين آل عثمان رغم ادعاءاتهم وتلقبهم ب" خادم الحرمين الشريفين " وحامي " القدس الشريف " بما فيهم السلطان عبد الحميد الذي لقب نفسه ب"خليفة المسلمين " لم يحجوا بأنفسهم إلى بيت الله الحرام ،وفي عهد الخليفة عبد الحميد تسللت الصهيونية إلى فلسطين ،بالرغم من رفض السلطان لطلب هرتزل صاحب الدعوة إلى عقد المؤتمر الصهيوني وبناء الدولة الصهيونية في فلسطين – إلاّ أن " الجهاز الإداري الفاسد للدولة العثمانية قدم للصهيونيين ما كانوا بحاجة إليه من خدمات ،وهو ما يسر لهم شراء أراض ،وبناء مستعمرات زراعية ،وإنشاء مؤسسات لهم في فلسطين " ص234-هاني الهندي –مرجع سابق.
هناك محطات خطيرة عملت على استلاب الوطن الفلسطيني: وعد بلفور مع ما اشتملها من هجرة وتوطين لليهود في فلسطين، ونكبة 1948م التي دخلت فيها الأنظمة العربية الحرب محددة هدفها بالتسوية مع الكيان الصهيوني ، ثم محاولة ضرب المقاومة الفلسطينية ومحوها في سبتمبر 1970م، المعروف بأيلول الأسد، ثم أيلول الأسود الذي انفصلت فيها سوريا عن مصر في28 سبتمبر1961م، ثم أيلول الأسود سبتمبر 1993م بالتوقيع على اتفاقية أوسلو ...وفي كل هذه المحطات كان الغرب هو عرابها.
ولأن الوشاية هي إحدى الوسائل التي اعتمدها العثمانيون فقد كان إعدام عبد الكريم الخليل ورضا الصلح شنقا بوشاية من الشيخ أحمد الشقيري من سكان عكا وقد كان وقتها مفتي الجيش العثماني الرابع ،وبوشاية من كامل الأسعد، فقد أقنعا جمال باشا بأن لعبد الكريم قاسم الخليل ورضا الصلح مشروعا تآمريا للعصيان.
إن الدولة العثمانية كما يرى هاني الهندي بحق لم تكن دولة إسلامية وإنما دولة سلطانية تتميز بالفساد والبطش والظلم وقهر الشعوب؛ ولذلك فزوال " الظاهرة العثمانية " وقيام "العروبة " كفكرة ومشروع سياسي نهضوي أكد الهوية التاريخية لهذه الأمة.
لقد كانت الدولة العثمانية " دولة إقطاعية حربية " لم تترك أثرا حضاريا مقارنة بما قدمه العرب والفرس . وكانت القومية التركية هي الأكثر تخلفا بالنسبة إلى القوميات الأخرى داخل الامبراطورية العثمانية . بحسب هاني الهندي في كتابه آنف الذكر.
كان تأثير الفكرة العروبية ناميا وواضحا في جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928م، وتجلى ذلك في دور الإخوان المسلمين بإرسال المئات من المجاهدين إلى فلسطين منذ عام 1936-1948م.
ومما كتبه حسن البنا في مجلة الإخوان المسلمين " هذا الوطن العربي الممتد من الخليج الفارسي إلى طنجة ، على سعة أقطاره وانفساح مداه ،وحدة جغرافية لا تفصل بينها حواجز طبيعية... وهو كذلك وحدة روحية بسريان الإسلام في عمق أبنائه جميعا ... فالمسلمون منهم يقدسون الإسلام كعقيدة ودين . وغير المسلمين يعتزون به كشريعة قومية عادلة .. وهذا الوطن وحدة لغوية بسريان لغة العرب في أبنائه ... وهو وحدة فكرية ثقافية ... وهو وحدة اجتماعية تتشابه العادات والتقاليد فيه ... وتوالت بين أبناء هذا الوطن بعد هذا كله المصالح العملية المشتركة، ولاشك أن كل شعب من شعوبه يدرك الفوائد العظيمة الجليلة التي تعود عليه بعودته إلى هذه الوحدة ،وعودتها إليه ،وبخاصة في هذا الزمن الذي لا تعيش فيه إلاَّ الأمم المجتمعة والشعوب المتكتلة الموحدة " ص430-المرجع السابق .
عن الوحدة :
هناك قضيتان تتفق فيهما روسيا –أكانت قيصرية أو سوفيتية أو جمهورية –مع الغرب رفضها لوحدة مصر وسوريا والعراق ،وثانيا دعمها لوجود دولة صهيوينة في فلسطين .
فبخصوص وحدة مصر وسوريا وقفت روسيا مع الغرب لضرب مشروع محمد علي باشا إلى وصل إلى أبواب الأستانة. وتم إلزام باشا مصر على توقيع اتفاقية 1841م التي فرضت شروطها بريطانيا . وكانت مع انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961م .بتلاق للمصالح مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والكيان الصهيوني ،الذي تشجع وعمل على خلق تكتل ضد هذه الوحدة مع الحبشة وإيران الشاه و تركيا التي قال رئيسها حين تمت وحدة مصر وسوريا :لقد نمت وبجواري دولة عدد سكانها ستة مليون ،وصحوت من النوم لأجد بجواري دولة تعددها ستة وثلاثين مليون نسمة !
يقول الرئيس الأمريكي (أيزنهاور ) في مذكراته " من الواضح أن القاعدة الرئيسية لسياسة الغرب في المنطقة هي العمل على إبقاء الدول العربية ضعيفة ومقسمة ومعتمدة على الغرب " هيكل -سنوات الغليان .
ولعل ما كتبه منيف الرزاز عن انفصال سوريا من الجمهورية العربية المتحدة يعبر أدق تعبير عن كارثة الانفصال ،التي يراها الرزاز ضربة شديدة للآمال العربية " ولم يكن الانفصال مجرد عملية إرجاع الوضع بين مصر وسوريا إلى ما كان عليه قبل الوحدة ،بل كان تاريخيا أكثر من ذلك بكثير . فقبل الوحدة كانت هناك تجزئة ،ولم يكن هناك انفصال ،والتجزئة مرض موروث من عهود الاستعمار العثماني والغربي ،والتطلع إلى الوحدة عام وشامل، وأمل تحقيقها هو أمل جماهير واسع. ولكن الانفصال كان يعني شيئا آخر. كان يعني فتح معركة ضد الوحدة . وكان يعني إرجاع العجلة إلى الوراء . ما وراء التجزئة ، تجزئة غير موروثة ولا مفروضة ،بل صنعها الانفصاليون بأيديهم. إن كل أخطاء الوحدة لم تكن لتبرر الانفصال " لقد كان الانفصال الفتيل الذي اشتعل في 28 سبتمبر 1961م لتفجير لغم حرب حزيران /يونيو 1967م كما قال ياسين الحافظ . وفي اليمن كانت حرب 1994 وإعلان الانفصال الفتيل الذي تفجر بعد 2011م وأوصلنا إلى الوصاية الغربية وتفكيك عرى الوطنية اليمنية.
*نشر في يوميات صحيفة (الثورة) بتاريخ 9/2-7-2018م

وزير الخارجية البريطاني: نوقف بيع الأسلحة للكيان فموت أطفال غزلة وتقيد المساعدات عنها مر غير مقبول
أكد وزير الخارجية البريطاني بتصريحات قوية أمس، مؤكدًا أن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مستويات غير مقبولة، ومشيرًا إلى أن المملكة المتحدة اتخذت خطوات عملية للحد من التداعيات الإنسانية للصراع.
أبو زهري: العمليات اليمنية رسالة للعالم بأن غزة ليست وحدها
خاص | 29 مايو | المسيرة نت: أكد الدكتور سامي أبو زهري، القيادي في حركة حماس، على تثمين الشعب الفلسطيني لعمليات القوات المسلحة اليمنية النوعية، معتبرًا موقف الشعب اليمني في نصرة غزة "دينًا في عنقه".
نائب جمهوري في الولايات المتحدة يدعو لإنهاء الدعم العسكري الفوري لكيان الاحتلال الصهيوني
متابعات | 30 مايو | المسيرة نت: في موقف غير عادي وغير مألوف داخل الحزب الجمهوري الأمريكي، أدان النائب توماس ماسي بقوة سقوط عشرات الآلاف من النساء والأطفال في قطاع غزة، مطالبًا بإجراء مراجعة شاملة للعلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة و"كيان الاحتلال" الإسرائيلي.-
09:01متحدث جيش العدو: إصابة جندي إسرائيلي بجروح خطيرة في معارك جنوب قطاع غزة
-
08:55النائب الجمهوري الأمريكي توماس ماسي: علينا إنهاء جميع أشكال الدعم العسكري الأمريكي "لإسرائيل" بشكل فوري
-
08:55النائب الجمهوري الأمريكي توماس ماسي: لا شيء يبرر سقوط عشرات الآلاف من النساء والأطفال بغزة بسبب "إسرائيل"
-
08:33مصادر فلسطينية: غارات لطيران العدو الإسرائيلي تستهدف المناطق الجنوبية من مدينة خان يونس
-
07:41مصادر فلسطينية: 3 شهداء جراء قصف العدو الإسرائيلي خيام نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس
-
07:18وول ستريت جورنال عن متحدثة باسم البيت الأبيض: التحقيق لا يزال جاريا ونأخد مسألة الأمن السيبراني على محمل الجد