خطورة التعاون على الإثم والعدوان

وعندما نعود إلى القرآن الكريم يأتي النهي والتحذير، وكذلك عن الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-، النهي والتحذير الشديد من التعاون على العدوان، على الظلم للناس، على موقفٍ فيه ظلم، ولذلك يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: من الآية2]، وهذا يشمل كل مستويات التعاون على الإثم أو على العدوان، التعاون على الإثم والعدوان على أي مستوى: دولة، تحالف، مجتمع، قبيلة، أسرة، مجموعة... بأي مستوى يكون.
التعاون على الإثم والعدوان أمرٌ خطير، ولهذا جاء النهي عنه؛ لأنه من عوامل تعزيز الظلم، ومن العوامل المؤثرة سلباً على واقع المجتمع: على أمنه، على استقراره، على ألفته، على تعاونه... الحالة الصحيحة هي التعاون على البر والتقوى، هذه حالة إيجابية، حالة عظيمة، حالة مفيدة، حالة مثمرة، وفيها رضا الله -سبحانه وتعالى-، ولها النتائج الإيجابية في واقع الحياة.
أمَّا التعاون على الإثم والعدوان بدافع العصبية، أن تتعصب للظالم، أو في موقع ظلم، من أجل قبيلتك، أو من أجل أسرتك، أو من أجل أصحابك، أو من أجل حزبك، أو من أجل جماعتك، فهذا ما لا يجوز، هذا أمرٌ خطير، وهو العصبية (عصبية الجاهلية) المنهي عنها، في الحديث عن الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- أنه سئل عن العصبية ما هي؟ قال: (أن تعين قومك على الظلم)، فإذا تعاونت في موقفٍ هو ظلم، وتدعم ذلك الموقف الذي هو ظلم، وتدعم ذلك الشخص الذي هو في موقف ظلم، تدعمه على ظلمه، تعينه على ظلمه؛ فأنت ستكون شريكاً في ذلك الظلم، وستتحمل الوزر والإثم عند الله -سبحانه وتعالى-.
ولذلك في قضايا الناس: القضايا الكبيرة، والقضايا الصغيرة، والقضايا الاجتماعية، والقضايا التي تكون في إطار قبلي معين، أو مجتمعي معين، من المنهي عنه التناجي بالإثم، والتناجي بالعدوان، والتعاون بكل أشكال التعاون: على الموقف الخطأ، على الموقف الظلم، على الموقف الباطل، على مساندة من هو في موقفٍ ظالم، لا ينبغي ذلك، ولا يجوز، ولا يليق أبداً، حتى على مستوى التناجي، التناجي بالإثم والعدوان، الله يقول في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المجادلة: من الآية9]، الناس في اجتماعاتهم، في مجالسهم، في مناقشتهم لقضايا معينة، أو لمواضيع معينة في أي مستوى كانت، أي مستوىً كانت هذه القضايا: قضية لشخص معين، قضية لمجتمع معين، قضية لقبيلة معينة، قضية لأسرة معينة، وأياً كان هذا الموضوع: موضوعاً يتعلق بالأمور المادية، أو النزاعات الشخصية... أو بأيٍ كانت، {فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ}، التناجي بالإثم والتناجي بالعدوان، الدعم لموقف خطأ، أو الإتفاق على موقف خطأ، موقف يخالف ما هو رضا لله -سبحانه وتعالى-، يخالف توجيهات الله -سبحانه وتعالى-، له تأثيرات سيئة، وله توجهات عملية خاطئة، فلا يجوز، لا يجوز أبداً أن يتجه الناس إلى مثل هذا النوع من التناجي في مجالسهم، في اجتماعاتهم، في لقاءاتهم الخاصة، في مناقشتهم للقضايا المختلفة والمتنوعة، أن يحذروا من التناجي بالإثم والعدوان؛ لأن البعض قد يحصل عندهم دافع العصبية، أو دافع العقدة، يأتي حتى في المجال العملي، حتى في مجال العمل في سبيل الله -سبحانه وتعالى-، حتى في إطار الأعمال والمسؤوليات تحصل أحياناً عند البعض العقد، أو الإشكالات، أو القضايا المعينة، فقد يتعصب معهم البعض، وقد يتناجوا بدافع هذه العقد على ما هو إثم، وما هو عدوان، وما فيه تأثير سيء، لا يجوز، يشق صف المؤمنين، له تأثيرات سلبية في الواقع العملي، مثل هذا التناجي بالإثم، بالعدوان، بمخالفة توجيهات الله وتعليماته -سبحانه وتعالى-، بالأعمال السيئة، بالأعمال غير الصحيحة التي تتناقض مع توجيهات الله ومع تعليمات الله القائمة على الحق، والعدل، والأخوة الإيمانية، والألفة، والتفاهم، وصلاح ذات البين، ما يخالف هذه التوجيهات الإلهية والتعليمات الإلهية لا يجوز التعاون فيه، لا يجوز العصبية والتعاون عليه بدافع العقدة، أو بدافع العصبية، بدافع الصداقة الشخصية، بدافع الروابط، أياً كان شكل هذه الروابط، ونوع هذه الروابط؛ لأنه من قبيلتك، لأنه من أصحابك، لأنه من جماعتك، لأنه من حزبك، لأنه... أياً كان شكل هذه الروابط، لا يجوز أبداً.
الشيء الصحيح، الموقف الصحيح هو التعاون على البر والتقوى، ومن ذلك إذا كان هناك شخص مخطئ، أن يتعاون الجميع لإقناعه للتراجع عن خطئه، للضغط عليه للتراجع عن خطئه، وبالحد الأدنى إذا لم يتراجع عن خطئه، إذا لم يتراجع عن ظلمه، إذا لم يتراجع عن تصرفه السيء، بعد أن يثبت أنه ظلم، أو تصرف سيء، أو خطأ؛ يجتنبوه، يتركونه، لا يتعاونون معه على ما هو عليه من ظلمٍ وعدوان، أو خطأٍ ومخالفة ومعصية، لا يقفوا معه على ذلك، هذا هو الموقف الصحيح، بدلاً من التعاون، وبدلاً من أن تشاع في واقع المجتمع الحديث الذي يزعزع الوضع الداخلي، الألفة فيما بين الناس، ما بين المجتمع المسلم، ما بين المؤمنين، من خلال إشاعة التذمر، والعقد، والكلام السلبي، والتناجي بالإثم، والتناجي بالعدوان، هذا ما يجب الحذر منه.
من أشكال هذا التعاون على الظلم، والتعاون على الإثم، والتعاون على العدوان، ومما يدخل في إطار العصبية: الجدال والمدافعة عمَّن له موقف ظلم، أو موقف معصية، فيقف الآخرون معه في موقفه، يجادلون عنه، يدافعون عنه، يحامون عنه، يؤيِّدون موقفه، وهذا من الظواهر التي تحصل، على المستوى القبلي قد تقف قبيلة مع شخص؛ لأنه منها، وقد يكون موقفه موقفاً ظالماً، وموقفاً خاطئاً، والموقف الصحيح أن تردده عن ظلمه، وأن تدفعه إلى الحق، هذا هو الموقف الصحيح، وهذا يحصل عند بعض المجتمعات والقبائل التي تحرص على أن تكون مواقفها صحيحة وعادلة، ويحصل أيضاً في كل الأطر العملية التي قد يرتبط فيها البعض مع بعضهم، أن يكون لهم هذا التوجه الصحيح: الدفع للظلم، الإجبار على الحق، الإلزام بالحق، الإنصاف، وهذا هو الموقف الصحيح.
البعض من قبيلة قد يقتل ظلماً وعدواناً في قبيلةٍ أخرى، فتقف معه قبيلته وتناصره، أو يقف معه أصحابه، أو تقف معه جماعته، أو يقف معه البعض، البعض من الناس قد يغتصب أرضاً، أو ينهب حقاً، أو يصادر ملكاً بغير حق، ويقف البعض معه، هذه جريمة، إشتراك في الجرم، إشتراك في الإثم، معاونة على الظلم، معاونة على الإثم والعدوان، وهذا ما ورد النهي عنه.
التوجه الصحيح للمجتمع، والتوجه الصحيح للجميع: هو التركيز على الحق والعدل والإنصاف؛ وبالتالي التعاون على ذلك، ورد المسيء عن إساءته، في الحديث عن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله-: (لا تكونوا إمَّعة، تقولوا إن أحسن الناس أحسنا، وإن أساؤوا أسأنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم أنه: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا)، هكذا يكون لدى الناس هذا التوجه الإيجابي، التوجه للإنصاف، للحق، للخير، للعدل، حتى إذا حصل ظلم، لا يقابل بظلمٍ أكبر، إذا حصلت مشكلة، لا تقابل بمشكلة أكبر.
البعض قد يقتل منهم شخص ظلماً وعدواناً، فيتجهون للثأر بطريقة عشوائية، ويحصل ظلم أو مفسدة كبيرة، أو خلل كبير، أو فتنة كبيرة، وهذا ما لا يجوز أبداً: أن يقابل الظلم بظلمٍ أكبر، فالتعدي والتعاون عليه، والتعدي قد يطال الإنسان: إما في حياته (في نفسه)، أو يطال الإنسان في ممتكاته وماله، أو في عرضه وسمعته... كل أشكال هذا الإثم وهذا العدوان، كل أشكال هذا الظلم يجب الحذر من التعاون فيه، ويجب التعاون على البر والتقوى، ورد المسيء عن إساءته.
على مستوى الظلم في الأموال والحقوق، هو أيضاً من أسوأ أنواع الظلم، ومن الظلم المنتشر بين الناس لدرجة عجيبة، حتى داخل الأسرة الواحدة، من أقبح وأشنع أنواع الظلم داخل الأسر هو: ظلم النساء والأيتام، عندما يظلم الإنسان النساء عنده، أو يظلم اليتامى، من أبرز مظاهر الظلم في الأموال والحقوق هو الظلم في الإرث، وأكل إرث النساء، وهذا من الظواهر المنتشرة والخطيرة جدًّا؛ لأن الإنسان عندما يأكل إرث قريبته، حتى لو تظاهرت بالمسامحة له مجاملةً، لا ينفعه ذلك، هو وزرٌ يتقلده، وإثمٌ وظلمٌ يرتكبه، يحاسب عليه يوم القيامة، ولا ينفعه معه أي عمل صالح، إذا لم يتخلص منه في الدنيا فأعماله كلها باطلة، أعماله كلها محبطة: صلاته محبطة، صيامه محبط... حبطت أعماله كلها في الدنيا؛ لأنه مع هذا الظلم- الذي هو ظلم خطير جدًّا- خرج عن إطار التقوى، وعن دائرة المتقين، والله -جلَّ شأنه- يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: من الآية27]، وللأسف تنتشر هذه المظالم بشكل كبير في أوساط المجتمعات، ولربما القليل من يحاول أن يخلِّص نفسه من هذا النوع من الظلم والإثم والعياذ بالله.
المحاضرة الرمضانية السادسة عشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1441هـ 09-05-2020

الإعلامي منصور: كلمة الرئيس المشاط تأكيد على الوحدة اليمنية كخيار حتمي
خاص | 22 مايو | المسيرة نت: قال الإعلامي محمد منصور إن كلمة الرئيس المشاط تأكيد على الوحدة كخيار حتمي في مواجهة الانفصال.
الكاتب الصحفي أيوب للمسيرة: العمليات اليمنية تُعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية دولياً
خاص | 22 مايو | المسيرة نت: وصف الكاتب الصحفي سمير أيوب جبهة الإسناد اليمني بالفاعلة والأكثر حضوراً في معادلة الردع الاستراتيجي، لافتاً إلى أن استهداف الموانئ الإسرائيلية يعزز كلفة الاحتلال ويعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية دولياً.
ناشيونال إنترست: استهداف ميناء حيفا يفاقم الخطورة على كيان العدو
خاص | 21 مايو | المسيرة نت: أكدت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية أن استمرار الهجمات اليمنية على مطار اللد سيشل اقتصاد كيان العدو الإسرائيلي، مشيرة إلى أن استهداف ميناء حيفا سيفاقم الخطورة على إسرائيل إذ يمثل أكثر من 36% من حركة البضائع وعائداته تتجاوز 92 مليار دولار.-
04:18يديعوت احرنوت" الصهيونية: أكثر من مليون "من السكان" فروا إلى الملاجئ جراء صاروخ أطلق من اليمن
-
04:18مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد الشهداء إلى 10 إثر قصف العدو الإسرائيلي "بركسًا" يؤوي نازحين قرب حاووز المياه في منطقة البركة بدير البلح وسط قطاع غزة
-
04:18"يديعوت احرنوت" الصهيونية : توقفت عمليات الهبوط في مطار "بن غوريون" وتأخرت الرحلات الجوية
-
04:17مصادر فلسطينية: 5 شهداء وإصابات ومفقودون إثر قصف العدو الإسرائيلي منزل عائلة "بخيت" في الصفطاوي شمال غرب غزة
-
04:17مدير عام جمعية العودة: ملتزمون بالعمل في أوقات الطوارئ ونطالب منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر بحماية 130 موظف ومتطوع
-
04:17مدير عام جمعية العودة: إصابات في موظفي ومتطوعي خيم العيادات الخارجية
-
04:17مدير عام جمعية العودة: دبابات العدو الإسرائيلي تجول في ساحات المستشفى وتحرق خيم العيادات الخارجية فيها
-
04:16مدير عام جمعية العودة: قوات العدو تُواصل إطلاق النيران على مباني المستشفى وتصيب خزانات المياه والسولار وهناك أضرار كبيرة
-
04:16مدير عام جمعية العودة الصحية والمجتمعية رأفت مجدلاوي: دبابات العدو الإسرائيلي تستهدف للمرة الثانية قسم الجراحات في مستشفى العودة
-
04:16مستشفى العودة: دبابات العدو الإسرائيلي تواصل إطلاق النيران على مباني المستشفى بتل الزعتر شمال غزة