عنوان الشهادة في سبيل الله بالمفهوم الإسلامي والقرآني
آخر تحديث 12-01-2020 20:11

والعنوان المهم (في سبيل الله) هو عنوان للشهادة في مفهومها الإسلامي القرآني المقدس، وهي تختلف كثيراً عمّا يعبر عنه الكثير من الناس في عناوينهم وفي قضاياهم، هي تنطلق من مفهوم عظيم ومفهوم مهم، هذا المفهوم هو أن الإنسان الذي يحتفظ بجوهره الإنساني القيمي والأخلاقي هو أغلى وأعلى قيمةً من كل الموجودات على هذه الأرض،

بل أغلى وأعلى قيمة حتى من الأرض بكلها، قيمته في جوهره الإنساني أعلى من كل قيمة من كل الموجودات في هذه الدنيا.

ولذلك كما ورد عن الإمام علي عليه السلام في عبارة مهمة (اعلموا أنه ليس لأنفسكم ثمنٌ إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها) وكما أتى في النص القرآني المبارك في الآية الكريمة (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [التوبة – 111].

ولذلك عندما نتأمل في واقع البشر نجد الكثير الكثير من أبناء البشر قاتلوا وقُتلوا ولكن أين وكيف وفي أي سبيل وبأي دافع؟ الكثير من الناس مثلا بدافع الطمع المادي يقاتل ويُقتل وهو يسعى ليسيطر على أموال الاخرين بغير حق أو على ممتلكات الآخرين بغير حق، تتسع المسألة بالنسبة للدول على مستوى السعي للسيطرة على شعب من الشعوب بكل مقدراته وثرواته بغير حق ظلمًا وبغيًا وطغيانًا وعدوانًا وتتفاوت وصولًا إلى مستوى الفرد، في مستوى حركته وقدراته وتوجهاته ومواقفه، وفي مستوى قضيته.

البعض قد يقاتل ويُقتل ولكن بدافع الاستكبار والبغي والتجبر من أجل أن يُمكّن نفسه إما من سلطة قاهرة بغير حق بالظلم والاستكبار، أو بأي مستوى بأي هدف لكن تحت عنوان الاستكبار، البعض بدافع الأحقاد والضغائن الباطلة، البعض قد يقاتل تحت راية الضلالة، البعض قد يقاتل تحت راية الباطل، ولو كان بعنوان ديني حتى.

لكن هذ العنوان (في سبيل الله) له مضمون مهم يضبط موقف الإنسان بدءًا من دافعه حيث يكون الدافع دافعًا راقياً بقيمه معنوية عالية تنسجم مع قيمة هذا الإنسان في جوهره الإنساني، قيمة عالية جداً، الدافع ليس طمعاً ليس استكباراً ليس بغياً، الدافع ليس حقداً الدافع دافع إيماني، دافع مقدس دافع نبيل وسامٍ وعظيم ومشرّف دافع ذو قيمة أخلاقية، ذو قيمة معنوية، ذو قيمة انسانية، ذو قيمة عند الله سبحانه وتعالى.

الدافع الإيماني دافع نظيف، ينطلق الإنسان فيه من أجل الله سبحانه وتعالى، ليس فيه حتى الرياء ليس فيه حتى الطلب للسُمعة عند الناس والمكانة بين أوساطهم، لا.. دافع نظيف من أجل الله سبحانه وتعالى، استجابة لتوجيهاته استجابة لأوامره، وللتحرك وفق تلك التوجيهات وفق ذلك المسار الذي يحدده الله سبحانه وتعالى بتعليماته وآياته وتوجيهاته، يقف ذلك الموقف لأن الله أمر بذلك، وجّه بذلك، أرشد إلى ذلك، في موقف حق وفي قضية عادلة، لا بغي لا طغيان لا تجبر لا تكبر لا إفساد في الأرض، لا، موقف حق يشهد له القرآن بأنه حق، يشهد له القرآن بأنه يمثل قضيةً عادلةً، حينها يكون لهذه التضحية ثمرة وقيمة عالية جداً. وتمثل شهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى، طابقت فيها كل هذه العناصر، الدافع، الموقف، القضية العادلة.

أما عندما يكون الدافع دافعاً شيطانياً دافع الهوى، دافع الأطماع أو الأحقاد أو المفاسد أو الشهوات الرخيصة والدنيئة فالمسألة مختلفة، عندما يكون الموقف باطلاً فالمسألة مختلفة، عندما تكون الراية راية ضلالة فالمسألة مختلفة، حتى لو حملت عناوين دينية كما يفعل الدواعش والتكفيريون، لأن المضمون يختلف، لا يكفي العنوان بل لا بد من المضمون.

وهكذا نأتي إلى هذا العنوان لندرك من خلاله أيضًا قضية مهمة وحقيقة مهمة، التحرك تحت هذا العنوان لا يعني أنك تقدم خدمة لله سبحانه وتعالى وتسدي له خدمة، الله هو الغني، التحرك في سبيل الله هو تحرك في الطريق التي رسمها الله سبحانه وتعالى لنسير عليها كبشر هي طريق عزة، طريق كرامة، طريق تحرر من كل عبودية لما سوى الله سبحانه وتعالى، تحرر من العبودية للطواغيت، طريق لا نكون فيها عبيدا إلا لله سبحانه وتعالى، نكون فيها أحراراً أعزاء كرماء، نحظى بالعدل نحظى بالرعاية الإلهية نحظى بالكرامة، طريق رشد وصواب وخير وحق وفلاح، طريق نرشد فيها في دنيانا هذه وفي مستقبلنا الأبدي في الآخرة، ولذلك يقول القرآن الكريم (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) [التوبة – 41] ليس فيها شيء يعود إلى الله يمثل خدمة له أو جميلا إليه, هو الغني جل شأنه ولذلك قال (وَمَن‌ جَـ'هَدَ فَإِنَّمَا يُجَـ'هِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَـ'لَمِينَ) [العنكبوت – 6].

في طريق الجهاد والاستشهاد ندفع عن أنفسنا الشر العبودية للطاغوت الإذلال القهر الامتهان، ونحقق لأنفسنا الخير، العزة، الكرامة، الفلاح، الحياة الطيبة إلى آخره..

ولذلك ندرك قيمة الشهادة في سبيل الله، في ما تمثله من قيمة معنوية مهمة وتضحية وعطاء في مستوى القيمة المهمة لهذا الإنسان، ثم ندرك أيضاً أهمية هذه الثقافة وأهمية حمل هذه الروحية في ما تتركه من أثر كبير على المستوى المعنوي في نفوس الناس، فتحررهم من أغلال الخوف ومن قيود المذلة، وتجعلهم يتحركون في الميدان للتصدي لأعدائهم لقوى الشر لقوى الإجرام، لقوى الاستكبار، لقوى الطغيان بكل عزة بكل شجاعة بدون أي خوف، ليسوا مكبلين بالخوف من الموت لأنهم يحظون بالبديل عن الموت الذي هو الشهادة، وهم يدركون قيمة هذه الشهادة وما تصنعه من أثر في واقع هذه الحياة، في ما يكتبه الله للأمة التي قدمت شهداء، وما يكتبه الله للشهداء في أمتهم ثمرة من ثمار عطائهم وتضحياتهم، يدركون هذه القيمة هذه الأهمية هذه الثمرة هذه النتيجة الطيبة هذا الأثر العظيم في واقع الحياة هنا في الدنيا، وما للشهادة من فضل ومنزلة رفيعة عند الله سبحانه وتعالى يحظى به الشهداء، لدرجة أنهم لا يتجهون نحو الموت لا ينتقلون إلى الفناء، إنما ينتقلون إلى حياة تكريما لهم فيما يدل على عظم هذه التضحية، قيمة هذه التضحية أهمية هذه التضحية، كيف يقابلها الله سبحانه وتعالى بهذا الفضل العظيم أن ينتقل الشهداء إلى حياة حقيقية عند الله سبحانه وتعالى كما قال في كتابه الكريم: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ) [آل عمران – 169] هم لم يتجهوا إلى حيث الفناء والموت الدائم إلى يوم القيامة، لا، انتقلوا الموت بالنسبة لهم لحظة عابرة وصغيرة، فاصل قصير جدًا جدًا ولحظة عابرة سريعة ينتقلون من خلالها إلى حياة لها هذه الميزة المهمة (بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ) في كل ما يعنيه هذا، هم عند الله هم ضيوفه هم في إطار كرامته ورعايته، لا قلق عليهم لا خوف عليهم، البعض قد يطمئن لأن ابنه أو قريبه ذهب إلى مكان يطمئن عليه فيه عند بعض من أقاربه عند جهة يطمئن عليه أنه سيحظى عندها بالرعاية والاحترام والإكرام والاهتمام، أما هؤلاء فهم عند ربهم حيث نطمئن عليهم كل الاطمئنان، يحظون برعاية خاصة منه جل شأنه في ضيافته تلك الضيافة المستمرة ليست مجرد ضيافة ثلاثة أيام أو وقت محدود ضيافة مستمرة ودائمة، (عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ) يمنحهم الله من أرزاقه فيما يؤكد لنا أنهم يعيشون حياة حقيقية قد تختلف -الله أعلم- في أي التفاصيل عن حياتنا هذه على كوكب الأرض لكنها حياة حقيقية يعيشون فيها هذه النعمة من الله هذا التكريم وحتى الرزق ويعيشون فيها أيضا على المستوى المعنوي والنفسي حالة عبّر عنها فيما يلي حين قال: (عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [آل عمران – 170] يعيشون على المستوى النفسي والوجداني وعلى مستوى الشعور هذه الحالة من الفرح، فرحين، فرحين بما وصلوا إليه فرحين بما هم فيه من النعيم الذي فيه الكثير والكثير مما يفرحهم مما يسعدهم مما يسرهم، فهم يعيشون فيما وصلوا إليه وفي ما هم فيه حالة الفرح حالة السرور حالة النعيم وأيضا فيما وراءهم في مسيرتهم في إخوتهم فيما تركوه وراءهم من أمة مجاهدة من إخوة ورفاق درب لا يقلقون عليهم هم يستبشرون يستبشرون لهم (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [آل عمران – 170] هم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم بأنهم قد شاهدوا عندما وصلوا ما هم فيه من النعيم وما أمامهم من الخير، فهم يستبشرون للآخرين أن يلحقوا وأن يصلوا إلى ما وصلوا إليه ليعيشوا معهم ذلك النعيم تلك الحياة الراقية الطيبة التي يعيش فيها الإنسان بدون أي منغّصات.

كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد 1441هـ

للمرة الثالثة في يوم واحد.. صافرات الإنذار تدوي في فلسطين المحتلة وتعليق الملاحة في مطار اللد
متابعات | 23 مايو | المسيرة نت: دوت صافرات الإنذار فجر اليوم الجمعة في يافا المحتلة ومناطق واسعة في فلسطين المحتلة إثر إطلاق صاروخ من اليمن، وذلك للمرة الثالثة خلال 24 ساعة.
للمرة الثالثة في يوم واحد.. صافرات الإنذار تدوي في فلسطين المحتلة وتعليق الملاحة في مطار اللد
متابعات | 23 مايو | المسيرة نت: دوت صافرات الإنذار فجر اليوم الجمعة في يافا المحتلة ومناطق واسعة في فلسطين المحتلة إثر إطلاق صاروخ من اليمن، وذلك للمرة الثالثة خلال 24 ساعة.
قرار ترمب يضرب هارفارد ويؤثر على إيرادات الجامعات الأمريكية
متابعات| المسيرة نت: كشفت وكالة رويترز عن تأثير قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بمنع جامعة هارفارد من قبول طلاب أجانب، مشيرة إلى أن هذا القرار يهدد مصدرًا رئيسيًا لإيرادات الجامعات الأمريكية بشكل عام.
الأخبار العاجلة
  • 10:21
    العميد علي فدوي للمسيرة: تكرار التهديدات الصهيونية باستهداف منشآتنا النووية ليست سوى ترهات، ولم ولن يحقق الأعداء ضد الجمهورية الإسلامية شيئا منذ 47 عامًا
  • 10:21
    العميد علي فدوي للمسيرة: ما قدمه اليمنيون لفلسطين أمرٌ لا مثيل له
  • 10:21
    العميد علي فدوي للمسيرة: الشعب اليمني بعون الله وقف بصلابة لإسناد غزّة وواجه المستكبرين وكتب فصلا جديدًا في تاريخ المقاومة
  • 10:21
    نائب قائد الحرس الثوري الإيراني العميد علي فدوي للمسيرة: اليمن بات من البلدان المميّزة في العالم الإسلامي ودعمه لفلسطين جعله يتميّز عن البقية
  • 10:11
    بيان مهم للقوات المسلحة اليمنية عند الساعة 10:50 صباحاً
  • 09:59
    مكتب إعلام الأسرى: قوات العدو تشن حملة مداهمات واعتقالات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وتعتقل عددا من المواطنين بينهم طفلان
  • 09:57
    مستشفى العودة بغزة: نناشد الجهات المعنية التدخل الفوري والعاجل لإخماد النيران
  • 09:08
    مصادر فلسطينية: شهداء وجرحى في قصف العدو منزلا في بلدة عبسان الجديدة شرق خان يونس
  • 08:59
    مصادر طبية: 16 شهيدا في قطاع غزة بعد سلسلة غارات نفذها طيران العدو منذ فجر اليوم
  • 08:54
    مصادر فلسطينية: مدفعية العدو تقصف جنوبي حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة
الأكثر متابعة