• العنوان:
    سباق الذكاء الاصطناعي.. ما موقع العرب في المعادلة؟
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    المسيرة نت| خاص: لطالما وعدتنا التكنولوجيا بأنّ تكون الرافعة التي تنتشل الأمم من الفقر، لكن التقارير الدولية الجديدة تدق ناقوس الخطر، الذكاء الاصطناعي قد يكتب سيناريو مرعب، لا نتجه فيه نحو عالم أكثر ذكاء فحسب؛ بل نحو عالم أكثر انقسامًا وقسوة؛ فبين دول تحتكر عقول المستقبل، ودول مهدّدة بفقدان لقمة العيش، وبين واقع عربي منقسم على نفسه.
  • التصنيفات:
    علوم وتكنولوجيا

ولعل الملف الأخطر والذي يسلط الضوء على الواقع العربي المظلم في ظل هذا السباق المحتدّم، والمتمثل بكيفية أنّ يُعيد الذكاء الاصطناعي رسم خارطة الفقر العالمي، وفي ظل سباق الذكاء الاصطناعي.. يتبادر إلى الأذهان تساؤل مُلِح وهو: ما موقع العرب في هذه المعادلة؟

تساؤل مثير للاهتمام، كما هو واضح، لأنّ لغة الأرقام تكشف حجم الهوة السحيقة؛ فبينما يتحدث العالم عن سباق تقني وتكنولوجي، تظهر البيانات أنّ أمريكا وحدها ابتلعت أكثر من 67 مليار دولار من استثمارات الذكاء الاصطناعي في عامٍ واحد فقط.

هذه الهيمنة ليست مجرد أرقام؛ بل تعني أنّ مفاتيح العصر الجديد ومحركاته الأساسية رهينة ومحتكرة في "وادي السيلكون"، وبقية العالم مجرد مستهلكين، والمشكلة أنّها لا تتوقف عند من يملك الذكاء، بل من يستطيع الوصول إليه.

في الدول الغنية، تكلفة الانترنت تكاد لا تذكر، أمّا في الدول الفقيرة؛ فهو رفاهية يملكها 27% فقط من السكان، وتلتهم ثلث دخلهم الشهري، وهذا يعني ببساطة أنّ أدوات الثورة الجديدة محجوبة عن غالبية البشر لأسباب مادية بحتة؛ مما يرسخ التخلف التقني، وهذا طبعًا ممّا يجعل هذه الميزة لهذا العصر، ميزة مبتورة ومنقوصة.

والخطر الأكبر -كما يقول ذوي الخبرة- يهدد لقمة العيش؛ فعلى مدي سنوات اعتمدت الدول النامية كـ "بنغلاديش والهند" على العمالة الكثيفة والرخيصة كطوق نجاة اقتصادي، لكن اليوم، باتت الروبوتات والأنظمة الذكية تهدّد بنسف هذا النموذج؛ إذ تُشير التقديرات إلى أنّ 60% من وظائف المصانع قد تتبخر بحلول العام 2030م، حيث ستحل الآلة محل البشر بدقة أعلى وتكلفة صفرية، لتفقد الدول الفقيرة ميزتها التنافسية الوحيدة في مجال العمالة.

وما يزيد الطين بلة؛ هو غياب مظلة النجاح؛ فالعامل في ألمانيا، مثلاً، إذا فقد وظيفته للروبوت، تتحمّل الدولة تحويله إلى منتج وتعيد تدريبه أيضًا، أمّا في الدول الفقيرة؛ فالسقوط يعني الجوع المباشر؛ ممّا يحول طبعًا الصدمة التقنية من أزمة اقتصادية إلى كارثة إنسانية، وهو ما حذّرت منه الأمم المتحدة، واصفةً إياه بالانقسام العظيم الجديد.

لكن أين نحن كعرب من هذه الخارطة؟ سؤال يبدو أساسيًا، وبأنه يهمنا والواقع يُشير إلى مشهد عربي يسير بسرعتين مختلفتين، دول خليجية تسابق الزمن وتضخ المليارات لبناء ذكاء اصطناعي سيادي كما يوصف، والسيادة هنا محل ألف سؤال بالنسبة لهم، وأيضًا نماذج وطنية ودول عربية أخرى تكافح لتوفير الأساسيات؛ بينما تنزف عقولها المبدعة، التي تهاجر إلى الغرب، من هذه المجتمعات.

نعم تنزف العقول، هناك نصف العقول لدى هذه المجتمعات، عقولها تبحث، تذهب إلى الغرب بحثا عن بيئة تحتضنها. وهذا وضع مؤسف للغاية، نحن نزرع الكفاءات، وغيرنا يحصد ثمارها، هذا هو العجيب طبعًا، والخطر علينا ليس اقتصاديا فقط؛ بل هو استعمار ثقافي.

عندما يتم تدريب 90% من نماذج الذكاء الاصطناعي ببيانات ومصادر غربية؛ فإن الآلة ستجيبنا بلسان غربي وبسردية تاريخية وضعها الآخرون، ونحن نواجه خطر طمس الهوية، حيث ستتعلم الأجيال القادمة تاريخها وقيمها من روبوت لا يعرف عنا إلا ما كتب عنا بلغات أجنبية.

صورة تبدو قاتمة، لكنها ليست قدرًا محتومًا، وهذا أمر مهم، الخبراء يؤكّدون أننا نملك الفرصة والمال والعقول، لكننا نحتاج إلى قرار سياسي واستراتيجي، وهنا بيت القصيد، كما يقال، والحل يكمن في التكامل، بناء سحابة عربية مشتركة، والمطلوب أيضًا ثورة في التعليم تنسف المناهج العقيمة المتقادمة لصالح المهارات التقنية الخلاقة، وحماية صارمة لبياناتنا التي هي نفط المستقبل.

خطابات القائد