اعتداءات جوية مباشرة على أحياء مأهولة، وقصف مدفعي مستمر على مناطق داخل المدن، وتوغلات وآليات توزّع الرعب ميدانياً، وغيرها من الانتهاكات التي تكشف إصرار العدو على تفجير المعركة، وسط التزام كامل بالاتفاق من طرف المقاومة.

وبدأت سلسلة الخروقات والجرائم منذ ساعات الصباح باعتداءات جوية استهدفت منازل وأحياء سكنية، حيث شنّت طائرات العدو الحربية غارات على المناطق الشرقية والشمالية للقطاع، قبل أن تنفذ قوات العدو اعتداءات بالمروحيات التي أطلقت الرصاص على الفلسطينيين في رفح.

أخطر الخروقات والاعتداءات تمثلت بسلسلة توغلات نفذتها آليات العدو شرق دير البلح وسط القطاع، ترافقت مع إطلاق نار كثيف باتجاه المناطق السكنية، تلاها تمدد إضافي للدبابات في الأطراف الشرقية للمدينة مع فتح نيران الأسلحة الرشاشة على نطاق واسع، ما ضاعف من مستوى الخطر على المدنيين في مناطق النزوح.

وفي شمال القطاع، أفادت مصادر فلسطينية بأن جيش العدو نفذ عمليات نسف في منطقة بيت لاهيا، بالتزامن مع جريمة استشهاد شاب برصاص قناص صهيوني في منطقة العطارة بالمدينة، وهي واقعة تندرج ضمن مسلسل الاستهداف المباشر للمواطنين في الشوارع والممرات المفتوحة.

واستهدفت مدفعية الاحتلال مناطق شرق خان يونس بقصف مكثف، بينما شنّ الطيران الحربي غارات على المناطق الشرقية لمدينة غزة، أعقبها قصف جوي آخر شرق خان يونس، في مؤشر على اتساع نطاق الهجمات الجوية باتجاه المناطق الشرقية في القطاع.

وفي حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، فجّرت قوات العدو مبانٍ سكنية بالكامل في واحدة من أعنف عمليات النسف المسجلة هذا اليوم، فيما أطلقت مروحية عسكرية صهيونية نيران أسلحتها على مناطق في رفح جنوب القطاع، ما يضيف بعدًا آخر من التصعيد الجوي ضد المناطق الجنوبية.

كما أصيب طفل داخل خيام النازحين قرب أبراج القسطل شرق دير البلح برصاص قوات الاحتلال، في جريمة تعكس استمرار استهداف السكان المهجّرين في مواقع النزوح المؤقتة.

وبهذه الحصيلة من الخروقات والجرائم المرتكبة منذ الصباح، يتضح أن العدو يتعمد ترهيب المدنيين وكسر إرادة الصمود باستهداف منازل وممرات إسعاف وأماكن تجمع مدنيين، في حين يسعى لفرض وقائع ميدانية جديدة تحت ذرائع "التهدئة" والقيام بعمليات توغل في بعض المناطق التي انسحب منها، ما يحوّل الاتفاقات إلى غطاء لإعادة ترتيب قواته على الأرض بعد أن كانت منهارة يملؤها التراجع الميداني الحاد.

كما أن القصف المدفعي والنسف المتعمد للمباني يهدفان إلى تعطيل الخدمات وإضعاف الأمن الاجتماعي والاقتصادي داخل القطاع، ما يجعل إعادة الإعمار أصعب ويزيد الاعتماد على ممرات إنسانية شبه مغلقة.

والأفظع من كل ذلك أن العدو يختبر ردود الفعل الدولية عبر التصعيد متعدد المسارات "جوي، بحري، بري" لمعرفة حدود تحركات الوسطاء والضامنين والمجتمع الدولي.

وتؤكد معطيات المراحل السابقة أن العدو يستغل الصمت الحاصل لارتكاب مزيد من الخروقات والجرائم بغرض إحراز مكاسب إضافية، فالصمت المطبق للوسطاء والضامنين وجمود مواقف المؤسسات الدولية يغذي هذه الحسابات العدوانية، في ظل ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وأرقام النزوح الداخلي، وتفاقم الأزمة الإنسانية مع شتاء قاسٍ وبنية صحية منهارة.

ومع استمرار الجرائم والخروقات وتصاعدها يوماً بعد آخر، فإن منطق العودة إلى الهدنة وحده لن يكون كافياً ما لم يترافق ذلك مع إجراءات رادعة واضحة تُلزم العدو الصهيوني بالوقف الفوري والكف عن استغلال غياب آليات التنفيذ.