• العنوان:
    العدو الصهيوني يعلن أهداف انتهاكاته في سوريا.. الانسحاب مقابل "التطبيع الكامل"
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص | نوح جلّاس | المسيرة نت: كشف العدو الصهيوني الليلة عن المنحى الجديد الذي يتجه إليه في سوريا، حيث أعلنت هيئة البث الصهيونية رفض الكيان الانسحاب من الأراضي التي سيطر عليها منذ ديسمبر 2024، وربطت أي انسحاب جزئي بشرط تطبيع كامل مع سلطات الجولاني، وليس مجرد ترتيبات أمنية أو موضعيّة.
  • كلمات مفتاحية:

هذا الموقف يمثّل أكثر المواقف العلنية صراحة منذ بدء التحركات العسكرية المتتابعة التي وثّقناها في تقارير سابقة، والتي شملت اعتداءات ومداهمات وتوغلات في القرى والبلدات الواقعة في القنيطرة ودرعا ومحيط الجولان المحتل.

كما يُعيد هذا الإعلان ترتيب مشهد الجنوب السوري بكامله؛ فالممارسات التي سجلناها - من تجريف أراضٍ إلى احتجاز مدنيين، ومن تحركات برية متكررة إلى إطلاق نار عشوائي - باتت جزءاً من مسار مدروس يسعى الاحتلال من خلاله إلى تحويل الوجود المؤقت إلى نفوذ مستدام، ثم استخدام ذلك النفوذ كورقة ضغط سياسية على سوريا وما يترتب على هذا الضغط من أهداف تخنق المقاومة.

ويشكّل الربط بين "الانسحاب" و"التطبيع" محاولة واضحة لإخراج ملف الجنوب السوري من دائرة التفاهمات الأمنية إلى ساحة مقايضات سياسية أكثر اتساعاً؛ فمن خلال فرض هذا الشرط يحاول الاحتلال تثبيت معادلة مفادها أن وجوده على الأرض لم يعد مرتبطاً بالحسابات العسكرية وحدها، وإنما أصبح أداة لانتزاع مكاسب سياسية وحضور أمني وعسكري يتجاوز الحدود الفعلية للتوغلات.

وتأتي هذه الرسالة متزامنة مع استمرار الانتهاكات في الميدان، حيث تعزّز التقارير الواردة - ومنها ما نشرناه مؤخراً حول موجة الاعتقالات وتوغلات القرى الحدودية - الصورة العامة لسياسة تهدف إلى إعادة رسم الجغرافيا الأمنية في الجنوب السوري؛ إذ كانت توغلات درعا والقنيطرة، وما تلاها من حملات دهم واعتقال وتخويف للأهالي، مؤشراً واضحاً على أن الاحتلال يختبر ردّة الفعل السورية ويقيس حدود التفاعل الإقليمي والدولي مع وجوده الجديد.

هذه التطورات تكشف للجميع مآلات التحرك الصهيوني؛ فهو يوسّع رقعة الاحتلال عبر بناء شبكة نفوذ ميدانية قائمة على الضغط والترهيب، ومن جهة أخرى يحاول تسويق هذا التوسع لجعله "أمراً واقعاً" لا يمكن تغييره إلا بتغيير سياسي شامل.

وفي ظل غياب أي ردع فعلي يعطّل هذا المسار، تبدو المخاطر أكبر من مجرد استمرار التوغلات؛ فهناك محاولات لإحداث تغييرات في نمط الحياة المحلي السوري، وإفراغ بعض المناطق من سكانها، وتحويل الجنوب إلى منطقة تتحكم بها قواعد اشتباك يضعها الاحتلال منفرداً.

ما يحدث اليوم لا يمكن قراءته بمعزل عن مسار الأشهر الماضية؛ فكل خطوة ميدانية تمت في القنيطرة ودرعا والبلدات القريبة من تخوم دمشق كانت تهيّئ الأرضية لهذا الإعلان السياسي.

كما أن كل اعتداء موثّق على المدنيين كان يمهّد لتوسيع مساحة المناورة التي يريد الاحتلال الاستفادة منها؛ لذا فإن تحويل هذه الوقائع الميدانية إلى شروط سياسية يشير إلى أن الاحتلال بات يتعامل مع الجنوب السوري باعتباره ورقة تفاوض يمكن الاستثمار فيها طويلاً، ولم يعد يتعامل معه باعتباره خط تماس ذي روابط أمنية.

المعطيات الممتدة منذ قرابة عام حتى الليلة، تجعل الإعلان الصهيوني تتويجاً لسلسلة خطوات عسكرية ميدانية تهدف إلى صياغة واقع جديد في الجنوب السوري يقوم على الاحتلال المباشر وشروط التطبيع، ويجعل أي حلّ أو انسحاب مرهوناً باعتراف سياسي شامل لا يتناسب مع طبيعة المواجهة مع العدو ولا مع حقوق السوريين في أرضهم التي تملك إرثاً تاريخياً من المقاومة، قبل أن تتولى سلطات الجولاني مهمة تحويل البلاد إلى نقطة انطلاق جديدة للتمدد الصهيوني السياسي والميداني في المنطقة العربية.

خطابات القائد