• العنوان:
    من وَهْمِ سحق الدول إلى حظر الحسابات!
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    تبلغ سردية الخيبة ذروتها حين تتحول القوة المادية الهائلة إلى سراب، وحين تتبخر الترسانة العسكرية الأُسطورية أمام صخرة الصمود.. لقد بدأ المشهد بخطاب مرعب، تدعمه حاملات الطائرات الشبيهة بالجبال الطافية، والأساطيل التي قيل إنها لا تُقهر، والتحالفات التي وُصفت بأنها "الأقوى في التاريخ".
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

كُـلّ هذا الضجيج كان مدفوعًا بوعد واحد: سحق إرادَة شعب مؤمن خلال ساعات أَو أَيَّـام.

لكن المفارقة المأساوية، أَو الكوميديا السوداء، تجلت في انحراف هذه القوة الضاربة عن هدفها الأصلي.

فبعد أن كان الهدف هو "سحق الخصم" في ساحة المعركة الحقيقية، حَيثُ الدماء والحديد والإرادَة، تحول إلى هدف وهمي تافه: "إغلاق حسابات" على منصات رقمية.

إنه إفلاس مزدوج: إفلاس في تحقيق الأهداف على الأرض، وإفلاس في الفكر، حَيثُ لم تعد هذه القوى قادرة على التمييز بين العدوّ الحقيقي وعدوها الافتراضي.

وتكتمل حلقة العبث حين تُنفق تريليونات الدولارات على التسلح والحروب، ثم ينتهي المطاف بهذه الاستثمارات الهائلة إلى احتفالات بـ "إنجاز" وهمي، هو إغلاق حساب على فيسبوك.

والأكثر سخرية أن هذه المنصات تخضع في النهاية لنفس المركز الذي تتحَرّك منه هذه القوى.

إنه أشبه بمن يحتفل بإغلاق باب في بيته! إنه ضياع للمقاييس، وتبديد للقدرات في معارك لا وجود لها إلا على شاشات الحواسيب.

في مواجهة هذا الوهم، يقف الشعب اليمني العظيم صامدًا.

شعب واجه بتوكله على الله وعزيمته أقوى الجيوش وأفتك الأسلحة.

فكيف له أن يهتز لمُجَـرّد إغلاق حساب؟ إن الفكرة بحد ذاتها تكشف عن سذاجة تفكير وضحالة رؤية.

فالحساب المغلق لا قيمة له في معادلة الصراع الحقيقية؛ فبدلًا عن حساب واحد، ستنبثق مئات الحسابات، وآلاف الأصوات التي ترفض الإسكات.

المعركة الحقيقية هي معركة إرادَة وصمود، وليست معركة وجود رقمي يمكن محوه بنقرة زر.

يظن أُولئك الذين ارتضوا لأنفسهم دور المنافقين أن إغلاق الحسابات هو نصرٌ يحقّقونه.

يفرحون بزوال رمز كما يفرح الطفل بإطفاء شمعة، ويحسبون أنهم أطفأوا النور.

لكنهم لن يدركوا أبدًا أن المعركة ليست مع حروف على شاشة، بل مع ضمير الأُمَّــة ووجدانها.

لقد واجهنا في مسيرتنا حروبًا طاحنة أرادت أن تثنينا عن قول كلمة الحق، لكنها تحطمت بقوة الله على صخرة إيماننا.

لقد فشلوا؛ لأَنَّهم يحاربون بقوة الحديد والنار، ونحن نحارب بقوة الإيمان واليقين.

فشلوا؛ لأَنَّهم يقطفون أوراق الشجر ويظنون أنهم اقتلعوا الجذور.

إن محاولاتهم اليوم ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة فشلهم المتجدد.

إنهم كمن يحاول أن يطفئ نور الشمس بنفخة من فمه، وهذا مصداق قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.

فليفرحوا بإغلاق الحسابات، فذكرنا لا تحويه منصات.

ذكرنا محفور في قلوب المؤمنين، وسيظل يتردّد في كُـلّ مكان يُنادى فيه بالحق.

إن الخسران الحقيقي ليس لمن يُغلق حسابه، بل لمن يبيع دينه ومبادئه وضميره، ويبني دنياه على الأوهام والعدوان، ويخسر آخرته؛ لأَنَّه وقف في وجه الحق.

إنه الخزي الذي يلاحق صاحبه في الدنيا، حَيثُ يفضحه الواقع، وفي الآخرة، حَيثُ يكون الحساب العدل.

لقد سبقت كلمة الله لعباده بالنصر، كما قال عز وجل: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}.

فستبقى كلمة الله هي العليا، ونوره هو الساطع، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.


خطابات القائد