وتشير المعطيات إلى تقدّم خطة "الاحتلال الناعم" لقطاع غزة، بأنّها أخطر من الاحتلال الصهيوني المباشر، ويرتكز جوهر هذه الخطة على هدفين رئيسيين، الأول يتمثل بمخطط تهجير طوعي مُقنّع، يقوم على إغراءات مالية وتعويضات تُقدّم للسكان مقابل مغادرتهم لمناطق ساحلية محددة، والآخر يهدف إلى إنشاء مخطط مشروع "ريفيرا غزة"، من خلال محاولة إخلاء المناطق الساحلية، واستثمارها سياحيًا وأمنيًا لمصلحة الكيان الإسرائيلي، مع السيطرة على أكثر من نصف مساحة القطاع.

وتلفت التقارير الميدانية إلى أنَّ أداة التنفيذ، تتمثل في إدخال "قوة عربية متصهينة" إلى القطاع تحت لافتة تحقيق الاستقرار لتنفيذ هذا المشروع، غير أنَّ موقف المقاومة يقف حاجز صد أمام هذا المخطط؛ إذ أعلنت المقاومة الفلسطينية بشكّلٍ مبكر وحاسم أنَّ أيّ قوة عسكرية تدخل غزة ستُعامل كقوة احتلال، مؤكّدةً أنّ هذا "الوجع قد يكون تمهيدًا لنصرٍ قريب يعيد تعريف السيادة على الساحل والأرض".

في السياق، كشفت وسائل إعلام صهيونية اليوم الخميس، عن جمودٍ في الانتقال إلى المرحلة الثانية من "خطة ترامب"، لوقف الحرب، ويعود المأزق بشكّلٍ أساسي إلى خلافات حول نقطتين جوهريتين؛ الأولى "إنشاء القوة الدولية ما يسمى قوة الاستقرار"، والثانية "نزع سلاح حركة حماس".

وفي ضوء المخاوف المتزايدة من فشل "خطة ترامب" الحالية، يعمل الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة على إعداد خطة بديلة لمستقبل القطاع؛ إذ أفادت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية؛ بأنَّ مبعوث الرئيس الأمريكي وصهره، "جارد كوشنر"، أبلغ مسؤولاً صهيونيًا بشأن هذه الخطة البديلة خلال زيارته الأخيرة لـ (إسرائيل).

ونقلت وسائل إعلام عبرية عن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، "إيال زامير"، قوله إنّ "الجيش يعمل على خطة بديلة للقطاع ستقدم قريبًا لمجلس الوزراء المصغر "الكابنت".

وفي سياقٍ متصل، يرى مراقبون أنّ سردية العدوّ الصهيوني عن "مقاتلين محاصرين بلا مخرج" في أنفاق "رفح" بدأت تنهار أمام واقع عشرات المجاهدين المتحصنين داخل المنطقة الصفراء، المزودين بالسلاح والتموين والقدرة على الإيلام، وما التزامهم بوقف إطلاق النار؛ إلا قرارًا منضبطًا من قيادة المقاومة، تجنبًا لاستغلال أيّ اشتباك في قصف المدنيين، لا علامة عجز أو حصار.

كما أنَّ شبكة الأنفاق نفسها التي حفظت جثمان الأسير الصهيوني "غولدن" تؤمّن إمكان العودة لمناطق سيطرة المقاومة متى لزم الأمر، ومع عجز الاحتلال عن تدمير هذه البنية يلجأ إلى الحرب النفسية والتهديد بالقوة لانتزاع سلاح حماس؛ فيما الرسالة الواضحة، البديل عن خروج المقاومين بكرامة هو عودة المعركة وتحميل العدوّ ثمن انهيار الهدنة.

إلا أنّ وسائل إعلام متعددة تشير إلى أنَّ الضغوط الدبلوماسية حول ورؤية واشنطن لمستقبل غزة، تحقق تفاؤل في الملف، كون واشنطن تقود تحركات دبلوماسية مكثفة بشأن قوات الاستقرار الدولية المقترح نشرها، بالتنسيق مع الوسطاء والأمم المتحدة؛ إذ أعرب وزير الخارجية الأمريكي، "روبيو" عن تفاؤله بقرب إصدار مجلس الأمن قرارًا يدعم القوة الدولية.

ويؤكّد "روبيو" على الرؤية الأمريكية لمستقبل غزة، مشدّدًا على أنّ الهدف هو إلغاء "الخط الأصفر" الذي يفصل مناطق سيطرة حماس عن غيرها، وأنّ حماس "لن تسيطر على أيٍّ منها" في نهاية المطاف.

ووفق تسريبات أمريكية صهيونية؛ فإنّ الرؤية تنص على ضرورة وجود "جهة فلسطينية مدنية تدير غزة"، مع تزويدها بالقدرات اللازمة لأداء مهماتها وتأمين الأمن.

وبالنتيجة؛ ورغم سعي الوسطاء جاهدين لترسيخ وقف إطلاق النار، إلا أنّ العملية تواجه "تحديات عدة"، أبرزها الخروقات الصهيونية المستمرة، مثل عمليات القصف والنسف، وعدم الالتزام بإدخال المساعدات الإغاثية الكافية للقطاع المنكوب.


خطابات القائد