• العنوان:
    رجال الأمن اليمني.. بين التحديات الاستثنائية وعبء الحرية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في زمنٍ تحوّلت فيه الحروب من ساحات القتال إلى الشبكات الرقمية، ومن الجبهات إلى عقول الناس، بات الأمن الوطني معادلةً معقدة لا تُقاس فقط بعدد الجنود أَو حجم التسليح، بل بقدرة الدولة على حماية هويتها، وكيانها، وقرارها السيادي من الاختراقات الخفية.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

وفي قلب هذه المعركة الصامتة، تبرز الأجهزة الأمنية اليمنية كحصنٍ صُلبٍ وعصيٍّ على التفكيك، رغم الحصار، والتهجير الإعلامي، وحرب الاستخبارات التي تشنّها أعتى القوى الإقليمية والدولية.

ليس من باب المبالغة أَو الترف العاطفي أن نصف هؤلاء الرجال بأنهم "مفخرة شعب الإيمان والحكمة".

فما يجري على الأرض يكفي ليُثبت أنهم ليسوا مُجَـرّد أجهزة أمن بالمعنى التقليدي، بل جناحٌ واعٍ من جناحي الوطن، يجمع بين اليقظة التقنية، والعمق الاستخباراتي، والارتباط الجذري بالهوية الوطنية.

في وقتٍ يُستخدم فيه الأمن كأدَاة للقمع أَو التبعية في أكثر من بلد عربي، يقف الأمن اليمني كاستثناء نادر: لا يخضع لوصاية خارجية، ولا يخدم أجندات مشبوهة، بل يُوجّه سهامه نحو كُـلّ من يحاول النيل من استقلال القرار اليمني، سواء أكان جاسوسًا، أَو خلية تكفيرية، أَو حتى عميلًا باسم "التحالف" يُنفّذ أجنداتٍ لا علاقة لها بمصلحة اليمن.

إن ما حقّقه الأمن اليمني خلال السنوات الماضية - من تفكيك شبكات تجسس غربية وإسرائيلية، إلى كشف خلايا إرهابية ممولة من الخارج، وُصُـولًا إلى صدّ حملات التضليل الإلكتروني والثقافي - لا يُعدّ إنجازًا أمنيًّا فحسب، بل انتصارا للوعي الوطني في مواجهة مشروعٍ استعماريٍّ جديد يحاول أن يزرع الوقيعة، ويفتت النسيج الاجتماعي، ويُفقِد اليمنيين ثقتهم بأنفسهم.

والملاحظ أن هذا النجاح لم يأتِ من فراغ.

فوراء كُـلّ عملية أمنية دقيقة، هناك عمل استخباراتي دؤوب، وتحليل ميداني رصين، وفهمٌ عميقٌ للبيئة المحلية - من قبائلها إلى أزقتها، ومن لغتها الرمزية إلى أنماط سلوكها.

هذا لا يُتقنه إلا من ينتمي بصدق إلى تراب هذا البلد، ويحمل همّه في قلبه قبل أن يضعه على طاولة التخطيط.

ولا يقلّ أهميّة عن الكفاءة المهنية، ذلك البُعد الأخلاقي الذي يميّز أداء رجل الأمن اليمني: فهو لا يخضع للإغراءات، ولا يستسلم للضغوط، ولا يساوم على كرامة وطنه.

ولاءه للوطن، لا لسلطة عابرة أَو حليف مؤقّت.

وهذا بالضبط ما جعله هدفًا دائمًا للمؤامرات، لكنه ظلّ صامدًا، يُذكّرنا بأن الأمن الحقيقي لا يُبنى بالأجهزة فحسب، بل بالإرادَة الحرة.

واليوم، في ظل تصاعد محاولات اختراق المجتمع من الداخل عبر بروباغندا إعلامية وثقافية مكثّـفة، فإن دور الأجهزة الأمنية لم يعد مقتصرًا على "الرد"، بل يتجاوزه إلى "الاستباق" - الاستباق الفكري، والاستباق النفسي، والاستباق المجتمعي.

وهو دورٌ بالغ الخطورة، يحتاج إلى تعاون شعبي حقيقي.

ولعلّ دعوة المواطنين إلى الإبلاغ عبر أرقام مثل 100 و199 ليست مُجَـرّد إجراء روتيني، بل دعوة إلى شراكة وطنية في الحفاظ على السلامة الجماعية.

في النهاية، لا كلماتٍ كافيةٍ لشكر هؤلاء الرجال.

فهم يعملون في الظلام ليمنحونا نحن أمان النهار.

يضحّون بصحتهم، وقتهم، وأحيانًا بأرواحهم، دون طلب مجاهير أَو أوسمة.

وأعظم تكريم لهم هو أن نقف إلى جانبهم، لا بالشعارات فحسب، بل بالوعي، واليقظة، والتمسّك بوحدتنا الوطنية.

لقد صدق من قال: لن يُوفيهم حقّهم إلا الله.

فهم حقًّا رجال الله في أرضه، يسهرون حين ينام الآخرون، ويواجهون الشرّ حين يلهو غيرهم.

وليكن يقيننا أن النصر - كما كان دائمًا - لن يكون إلا بعون الله، ثم بسواعد هؤلاء الأحرار.

خطابات القائد