• العنوان:
    أسبوع الشهيد: دماء الشهداء.. بذور العزة وشرارة النهضة
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    في كُـلّ عام، نُحيي "أسبوع الشهيد" لا كطقسٍ تقليدي، بل كوقفةٍ إيمانيةٍ عميقة مع أُولئك العظماء الذين باعوا أنفسهم لله، واشتروا الجنة بدمائهم الزكية.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

إنهم شهداء الأُمَّــة، الذين لم يكتفوا بالحبّ والانتماء، بل رفعوا سقف التضحية إلى أعلى معاني الفداء، فكانوا درعًا لأمتهم وسيفًا على أعدائها.

الشهادة ليست نهاية الطريق، بل بداية الخلود.

فالشهداء - كما علّمنا القرآن الكريم - "لا يُحسَبون أمواتًا، بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون".

هم حاضرون في ضمائرنا، نبراسٌ في دروبنا، وصوتٌ لا ينطفئ يُذكّرنا بأن العزة لا تُوهَب، بل تُنتزَع بالتضحيات، وأن الكرامة لا تُبنى بالكلمات، بل بالدماء.

لقد ضرب الشهداء أروع الأمثلة في حب الوطن، والذود عن المقدسات، والثبات على المبدأ، حتى في أحلك الظروف وأقساها.

لم يبخلوا بأنفسهم ولا بأموالهم، بل قدموا أغلى ما يملكون دون تردّد أَو مساومة، لأنهم آمنوا بالله إيمانًا صادقًا، ووثقوا بوَعْده، فكانت عاقبتهم الفوز برضا الله وجنّته.

كانوا - بحق - "قرآنًا يمشي على الأرض"، يُجسّدون بسلوكهم أسمى معاني الإيمان والبطولة.

ولعلّ أعظم ما صنعه الشهداء هو أنهم أعادوا إلى الأُمَّــة روح العزة بعد أن كادت تفقدها.

في زمنٍ ساد فيه اليأس، وانهارت فيه الحواجز، وارتمت فيه بعض الأنظمة في أحضان الأعداء، جاءت تضحياتهم لتُوقظ الضمائر، وتشعل شرارة النهوض.

لقد أثبتوا أن الأُمَّــة التي تُنجب مثل هؤلاء الرجال هي أُمَّـة حيّة، لا تقهر، تحمل في داخلها جينات البقاء والنهضة.

دماؤهم لم تُهدر، بل كانت بذورًا طيبةً أنبتت شجرة العزّة والكرامة.

كُـلّ قطرةٍ من دم شهيدٍ روَّت تراب الوطن، فأخْرَجت عزًّا يشمخ به، وشموخًا لا ينثني.

إنها "وصية الدم" التي تهتف في آذاننا: كونوا عند مستوى المسؤولية، فالراية الآن بأيديكم.

الأمانة التي تركها الشهداء ثقيلةٌ، لكنها مشرّفة.

إنها أمانة الذود عن الحياض، والحفاظ على المكتسبات، والسير على الدرب الذي شقّوه بجسومهم، لا بخطواتٍ مريحة، بل بعزيمةٍ لا تلين.

ونحن -الأحياء- مطالبون بأن نكون خير خلفٍ لخير سلف، لا بالخطب الرنانة، بل بالعمل الصادق، والثبات على المبدأ، والاستعداد للتضحية متى دعت الحاجة.

لقد كسر الشهداء هيبة الطغاة -الأمريكيين والإسرائيليين ومرتزِقتهم- ليس بالعدد ولا بالعدّة، بل بإيمانٍ راسخ، وثقافة جهادٍ واستشهاد أرعبت العدوّ وزعزعت أركانه.

فهم رجالٌ لا يعرفون المستحيل، ولا يعترفون بالهزيمة، لأنهم ارتبطوا بالله ارتباطا لا ينفصم، فصارت قلوبهم أقوى من الصواريخ، وعزيمتهم أشدّ من الجبال.

إن سيرتهم تُعلّمنا كيف نُحوّل الإيمان إلى فعل، والانتماء إلى استعداد دائم للتضحية، والحلم بالحرية إلى واقعٍ ملموس.

فلنكن عند مستوى هذه المدرسة العظيمة.

ولنحمل راية العزة والإيمان، متمسكين بثوابتنا، واقفين في وجه كُـلّ تحدٍّ، محقّقين واجبنا تجاه ديننا، ووطننا، وأمتنا.

في الختام، نقول: رحم الله شهداءنا، وجعل جنّته مستقرّهم، وأنزلهم منازل الصدّيقين والشهداء.

ونسأل الله أن يجعل دماءهم نورًا يهتدي به الأحياء، وحجّـة على الظالمين، وشاهدًا على أن الأُمَّــة التي تُقدّس الشهادة لا يُهان لها كرامة، ولا يُكسَر لها عُود.

اللهم اجعلنا من السائرين على دربهم، والذابين عن حياضهم، حتى نلقاك ونحن على العهد، مجاهدين في سبيلك، ماضين على نهجهم، راضٍ عنا كما رضيت عنهم.

خطابات القائد