• العنوان:
    الانتهاكات متواصلة في غزة: الاحتلال يُمعن في خرق اتفاق وقف العدوان
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    محمد الكامل| المسيرة نت: رغم مرور أكثر من تسعة عشر يومًا على إعلان وقف العدوان، لا تزال غزة تعيش تحت وابل من القصف والانتهاكات اليومية، في مشهد يؤكد أن الاحتلال الصهيوني لا يعرف سوى لغة النار والتدمير، متجاهلًا الاتفاقات الدولية والتفاهمات الإنسانية.


الليلة الماضية كانت واحدة من أكثر الليالي دموية منذ سريان وقف العدوان، إذ استشهد فلسطينيان وأصيب العشرات جراء قصف استهدف المنطقة الشمالية لمدينة غزة، فيما تواصلت عمليات نسف الوحدات السكنية على طول ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، الممتد من جنوب القطاع إلى شماله.

خرق ممنهج وقصف متواصل للوحدات السكنية

منذ بداية وقف العدوان، كثّف الاحتلال من غاراته الجوية ولقصف المدفعي العنيف على المناطق الشرقية للقطاع، حيث تتركز دباباته وآلياته على طول “الخط الأصفر” الذي يمثل خط التماس بين القوات الصهيونية والسكان المدنيين، ومن هذه المنطقة تحديدًا، يواصل جيش الاحتلال القصف باتجاه المنازل والمزارع، ما أدى إلى تدمير مئات الوحدات السكنية خلال الأيام الأخيرة.

وشهدت مناطق حي الشجاعية والزيتون شرق غزة، ومخيم البريج وسط القطاع، وجحر الديك شمال الوسط، وخان يونس جنوبًا، عمليات تفجير منظمة لمنازل المدنيين، بعضها مأهول بالسكان، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية التي تحظر استهداف الأحياء السكنية.

وتؤكد الوقائع الميدانية أن الاحتلال يتبع سياسة "الأرض المحروقة" حتى في ظل اتفاق وقف العدوان، حيث يتم تفجير ما تبقى من منازل مدمرة مسبقًا، لتُمحى معالم الحياة في المناطق الشرقية من القطاع بشكل كامل. ويرى مراقبون أن الهدف من هذه العمليات هو إحداث تغيير جغرافي ديموغرافي تدريجي، ودفع السكان إلى النزوح نحو عمق القطاع، في إطار سياسة تهجير بطيئة.

واقع انساني وصحي مأساوي

على الصعيد الإنساني، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في غزة تحت ضغط مأساوي غير مسبوق، فالاتفاق الذي نصّ على إدخال ما بين 300 إلى 600 شاحنة يوميًا من المساعدات الإنسانية، لم يُنفّذ منه سوى الحد الأدنى، إذ لم يسمح الاحتلال سوى بدخول كميات محدودة لا تغطي حتى جزءًا يسيرًا من احتياجات السكان.

ويزداد الواقع اليومي سوءًا مع تفاقم أزمات المياه والغذاء والكهرباء والدواء، حيث تشير المصادر إلى أن آلاف العائلات تعيش على وجبة واحدة في اليوم، وأن المستشفيات تعتمد على المولدات الاحتياطية التي بات وقودها على وشك النفاد.

ويعيش القطاع الصحي في غزة حالة انهيار شبه كامل، فالمستشفيات المتهالكة أصلاً بسبب العدوان الطويل، تواجه اليوم أزمة خانقة في الأدوية والمستلزمات الجراحية والمستهلكات الطبية.

ويؤكد مسؤولون في وزارة الصحة أكدوا أن مئات العمليات الجراحية لا يمكن إجراؤها لغياب المعدات الضرورية، وأن العديد من الجرحى يفقدون حياتهم يوميًا بسبب تأخر العلاج.

ووفق الاتفاق، كان من المفترض أن تُمد المستشفيات بإمدادات طبية عاجلة، وأن يُفتح معبر رفح خلال 24 ساعة من بدء الهدنة لإجلاء المرضى والمصابين، إلا أن الاحتلال رفض تنفيذ ذلك، وأبقى المعبر مغلقًا، مما أدى إلى وفاة عدد من المصابين الذين كان يمكن إنقاذهم** لو تم السماح لهم بالمغادرة لتلقي العلاج في الخارج.

أهداف استراتيجية خلف الانتهاكات

اللافت أن الاحتلال بات يتعامل مع اتفاق العدوان كغطاء لإعادة ترتيب مواقعه، وليس كالتزام سياسي أو إنساني، ففي كل ليلة تقريبًا، تُسمع أصوات الانفجارات في شرق غزة وشمالها، ناجمة عن تفجيرات صهيونية تستهدف البنية السكنية والمدنية، وعمليات تفجير متعمدة لتوسيع مناطق السيطرة على حساب أراضي المواطنين.

ويشير محللون إلى أن ما يجري هو جزء من سياسة الضغط اليومي الممنهج، التي تهدف إلى إنهاك السكان وإجبارهم على الاستسلام نفسيًا واجتماعيًا، من خلال بث الرعب المتواصل وخلق بيئة معيشية لا تطاق.

ويقرأ الخبراء الممارسات الصهيونية باعتبارها مرحلة جديدة من الحرب الباردة الصهيونية على غزة، تقوم على مزيج من الحصار الاقتصادي والعقاب الجماعي والضغط النفسي، دون الحاجة إلى عدوان شامل.

ويسعى الاحتلال عبر هذا النهج إلى إبقاء القطاع في حالة انفجار إنساني محسوب، بحيث يظل الفلسطينيون منشغلين بتأمين قوت يومهم والبقاء على قيد الحياة، بدل التفكير في مقاومة الاحتلال أو إعادة بناء قدراتهم.

وتؤكد المعطيات أن كل ما يحدث على الأرض وأن ما يسمى بـ"وقف العدوان" ليس سوى هدنة من ورق، يخترقها العدو الصهيوني يوميًا بالنار والدم، فلا إدخال للمساعدات، ولا التزام بالاتفاقيات، ولا احترام للحقوق الإنسانية الأساسية.

في الأخير ما يجري في غزة هو استمرار للعدوان الصهيوني الطويل ولكن بأدوات مختلفة، تهدف إلى كسر إرادة شعب صمد في وجه آلة العدوان لأكثر من سبعمئة يوم متواصلة.

خطابات القائد