• العنوان:
    السلام بالحديد والنار
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    فلنعدّ، ولنحمل السلاح، ولنستند إلى قوة لا تتزعزع، في هذا وحده يكمن السلام الحقيقي والكرامة الخالدة.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:

بشير ربيع الصانع

يا أبناء العروبة والإيمان، يا من تحملون جمرة الوجع والأمل في صدوركم.

هل سئمتم من خطابات السلام الهزيلة؟ هل ضقتم ذرعًا بالمنادَاة بـ "الحل السلمي" في وجه الأعداء؟

إن القلب لَيَشْهد، والواقع لَيُثبت: السلام لا يُهدى ولا يُمنح، بل يُصنَع بالحديد والنار! إنه لا يستقر إلا على قاعدة من القوة لا تتزعزع.

لست أتحدث عن عدوان أَو ظلم، بل عن حق الحياة بكرامة.

انظروا إلى غزة.. إلى تلك البقعة الصغيرة من الأرض التي صارت أيقونة العصر.

لقد أرادوا لها أن تكون مسلوبة الإرادَة، محطمة الروح، قابلة للاستسلام الرخيص.

ولكن ما الذي حدث؟ ما الذي جعلها تقاوم كُـلّ هذا الحشد الجبار من الآلة العسكرية والغطرسة الدولية؟

إنه السلاح الذي رفعوه بأيديهم، إنه الإعداد الذي أخذوه بجدّية، إنه الإيمان الذي سخّر السلاح لخدمة الكرامة!

لقد أثبتت غزة أن الطريق إلى السلام الحقيقي يمر حتمًا عبر مواجهة الأعداء، وليس بالتوسل على أبوابهم أَو الانبطاح أمام إملاءاتهم.

فالصوت المسموع هو صوت الرصاص الذي يدافع عن الحُرُمات، أما صوت الشكوى والتضرع، فهو هواءٌ في شبك.

إنها حقيقة قاسية، ولكنها ضرورية: أي أُمَّـة تترك سلاحها، هي في نفس اللحظة تسلم روحها للأعداء، وتُعلن عن موت إرادتها قبل موتها المادي.

نحن لم نتعلم من التاريخ فحسب، بل من صميم فطرتنا البشرية: لا يُحترم إلا القوي، ولا يُصان العرض إلا بخنجر يُشهر في وجه المعتدي.

أن تتخلى عن سلاحك يعني أنك تفتح أبواب مدينتك ليُدنسها العدوّ، وأنك تُعلن عن نفسك "صيدًا سهلًا" في غابة عالم لا يرحم الضعفاء.

السلاح هو رمز الإرادَة الوطنية الحرة، هو لغة الردع الوحيدة التي يفهمها الطامعون.

فإذا سُلب هذا الرمز، سُلبت معه الكرامة، وأصبح مصيرنا رهنًا لأهواء أعدائنا، يقرّرون متى نأكل، ومتى ننام، بل ومتى وحتى نموت.

الأمة العظيمة لا تُبنى على الشعارات أَو الأحلام الوردية، بل تُبنى على منظومة متكاملة من القوة الشاملة.

يجب علينا أن نُدرك أن بناء الأُمَّــة يجب أن يتجاوز الاقتصاد والتعليم إلى الجانب العسكري كركيزة أَسَاسية.

متى تستطيع الأُمَّــة أن ترفض الخطر الذي يحيط بها؟ عندما يكون لديها القدرة على الصدّ والمقاومة والجهاد.

عندما يكون لديها جيش قوي، صناعة حربية ذاتية، واحتياطي استراتيجي من الإرادَة والعتاد.

إن القوة العسكرية هي تأمين على مستقبل الأجيال.

الأُمَّــة التي تُعدّ نفسها في جميع المجالات – فكريًّا، اقتصاديًّا، وأمنيًّا – هي الأُمَّــة التي تستطيع أن تقول "لا" بصوت عالٍ في وجه التهديدات، وتفرض احترامها لا تطلبه.

القوة تبني الحصون الأُمَّــة.

وإلى أُولئك الذين يُعلّقون آمالهم على اتّفاقيات ومصالحات هزيلة مع العدوّ، خَاصَّة الكيان الصهيوني ومن يدور في فلكه من المتربصين، أقول بوجدان صادق: لا نركن على السراب!

إن تاريخهم مليئًا بالتناقضات وهو سجل أسود من النقض والغدر ونكث العهود.

كُـلّ هدنة هي فرصة لإعادة التموضع، وكل اتّفاق سلام هو غطاء لمشروع استيطاني وتوسعي جديد.

إنهم لا يعرفون معنى "الكلمة" أَو "العهد" إلا بقدر ما يخدم مصالحهم اللحظية.

أيها المؤمنون، القرآن الكريم، وهو مصدر نورنا وحكمتنا، هو خير شاهد على طبيعة هذا العداء الأبدي.

إنه يُعلمنا كيف نتعامل معهم بيقظة دائمة، وأن نأخذ الحيطة من مكرهم، وأن نفهم أن العداء العقدي والتاريخي لا تُنهيه ورقة اتّفاق أَو مصافحة دبلوماسية.

إن الحذر منهم عبادة!

ولكن، ورغم كُـلّ هذا الوعي بـ "وهم المصالحات"، لا يجب أن نُفوّت الفرص.

بل على العكس: يجب استغلال فرص الهدن والاتّفاقات المؤقتة لتكون فترات إعداد لا فترات استرخاء!

العدوّ يستخدم فترة "الهدوء" الظاهري لتنظيم صفوفه، وتطوير سلاحه، وزرع بذوره الخبيثة في جميع المجالات وأهمها العسكرية.

إذًا، لنتعلم الدرس: هذه الهدن هي "زمن الإعداد الكبير"، علينا أن نأخذ كافة الاحتياطات في جميع الجوانب:

عسكريًا: بتطوير القدرات وتخزين العتاد وتدريب الجيل الجديد.

فكريًا: بتعزيز الوعي ودحض الشبهات وتحصين الجبهة الداخلية.

اقتصاديًا: بتحقيق الاكتفاء الذاتي وتجنب التبعية الخارجية.

إن الهدنة هي فترة استراحة المحارب الذكي، الذي يعلم أن العدوّ لا يهدأ، بل يُغيّر من تكتيكاته ليعدّ نفسه للعودة بشكل أقوى وأكثر فتكًا من السابق.

لذلك، لا مكان للغفلة أَو الثقة الساذجة.

{وأعِدُّوا لهم ما استطعتم من قوة}، إنها وصية إلهية لا تسقط بتقلبات السياسة.


خطابات القائد