• العنوان:
    وصاية ترامب - بلير على غزة: نهاية السيادة وبداية النكبة الثانية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص| عبد القوي السباعي| المسيرة نت: أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن خطةٍ لوقف إطلاق النار في غزة، تضمنت نزع سلاح حماس، وتدمير بنيتها التحتية، وإقامة "مجلس سلام" دولي برئاسته المباشرة وبمشاركة "توني بلير"، لإدارة القطاع مستقبلًا، مع استبعادٍ كامل لقوى المقاومة والسلطة الفلسطينية أيضًا.

الخطة، التي لاقت ترحيبًا من بعض الأنظمة العربية والإسلامية، لا تمثل اتفاق سلام بقدر ما تشكّل وصاية جديدة تشرعن الاحتلال الصهيوني وتفرغ القضية الفلسطينية من جوهرها الوطني، بإقامة مجلس دولي يرأسه ترامب شخصيًا ويضم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير وآخرين.

ما يعني –بحسب مراقبين- أنَّ أيّ تمثيل فلسطيني حقيقي سيُقصى من المشهد، لتتحول غزة إلى كيانٍ منزوع السيادة تحت إشراف أمريكي غربي، يشبه إلى حدٍّ كبير الانتداب البريطاني في القرن الماضي.

اللافت أنَّ الإعلان جاء بموازاة تأييد علني من "السعودية والأردن والإمارات ومصر وقطر"، إضافة إلى إشادة الرئيس التركي أردوغان "بجهود ترامب"؛ ما يعكس تحولًا سريعًا من بيانات التنديد في "قمة الدوحة" إلى الشراكة في "قمة واشنطن".

انقلاب دبلوماسي يثير تساؤلات عميقة حول الصفقات والضغوط التي دفعت بعض الأنظمة للانتقال من موقع الوسيط إلى موقع الشريك في تصفية القضية الفلسطينية.

تعيين "توني بلير" في موقع قيادي يكشف بوضوح أنَّ الخطة ليست سوى إعادة إنتاج لأسلوب "المندوب السامي" الاستعماري، في إهانةٍ صريحة للعرب وتأكيد على إصرار الغرب بتمكين الكيان من مشاريعه، ووفقًا للمعطيات؛ فإنَّ الخطة الأمريكية الصهيونية ليست سوى وصفة لتفجير المنطقة، فهي لا تطرح حلاً متكافئًا؛ بل تسوية قائمة على استسلام كامل للفلسطينيين، وتجريدهم من أيّة أدوات للمقاومة أو السيادة، مقابل وعود غامضة بإعادة إعمار مشروطة، فالأساس في أيّ اتفاق هو أنَّ يقدم الطرف الأقوى أسبابًا تدفع الأضعف للقبول، لكن المطروح اليوم هو إملاءات أحادية تحاول واشنطن وكيان العدوّ تمريرها بالقوة.

الأخطر من ذلك أنّ الخطة تمهّد لتهجيرٍ جماعي جديد يطال أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، وتفتح الباب أمام مشروع ما يسمى «إسرائيل الكبرى» ليأخذ دفعة جديدة نحو التوسع والهيمنة، فالسلطة الفلسطينية وعلى نحوٍ صادم سارعت للترحيب، متعهدةً بتغيير المناهج الدراسية ووقف دفع مخصصات الأسرى والشهداء، تحت لافتة "السلام جنبًا إلى جنب مع (إسرائيل)".

خطة ترامب، جاءت بصياغة قانونية لإدارة الاحتلال بأدوات جديدة، بعيدًا عن الأمم المتحدة أو قراراتها –بحسب مراقبين- إذا مرّ هذا المشروع؛ فلن يكون وقف إطلاق النار سوى غطاء لطمس القضية الفلسطينية برمتها، والطريق الحقيقي نحو إنهاء الحرب يكمن في وقف العدوان ورفع الحصار فورًا، وضمان حق الشعب الفلسطيني في الحرية والسيادة وتقرير المصير،غير أنَّ هذه الخطة لا تعني نهاية الحرب؛ بل بداية نكبة جديدة، ووصاية دولية برعاية واشنطن ولندن، وتواطؤ عربي إسلامي مكشوف، ومحاولة لتجريد الفلسطينيين من كل أدوات الصمود.

ويرى مراقبون أنَّ القبول بالخطة يساوي قبول النكبة، والأنظمة التي تبايع القضية لا يمكن أنَّ تتحول إلى شريكة في تصفية فلسطين، كونها تحوّلت إلى عملية إدارية تخضع للشروط الأمنية الصهيونية أولًا قبل الاعتراف السياسي والحقوقي، وتخفيف المعاناة ورفع الحصار، ووقف العدوان، وتحرير الأسرى، ثم تنتقل إلى ضمانات سياسية.

من جهة أخرى؛ فالتحولات السريعة في مواقف بعض الدول العربية والإسلامية، من تنديد رمزي إلى انخراط وتأييد، تُشير إلى ضغوط سياسية ودبلوماسية واقتصادية كما استخدمت لكسر أيّ موقف مستقل لهم وللفلسطينيين، وهذا يطرح سؤالًا عن صفقات خلف الكواليس وعن ثمن المشاركة في مشروع الوصاية.

وبالمحصلة؛ إذا مرّت الخطة كما هي فالمحصلة الأكثر احتمالًا، استبدال حكم محلي بوصاية دولية مؤقتة تتحول سريعًا إلى تحكم طويل الأمد، هجرة قسرية موسعة، وطمسًا لحقوق الأراضي والعودة، والرد العربي والإسلامي المنتظر والمفترض، أنَّ لا وصاية على فلسطين إلا وصاية شعبها المقاوم، ولا سيادة إلا سيادة الدم الذي قدّم التضحيات منذ 77 عامًا.

خطابات القائد