• العنوان:
    الفشل التكتيكي الصهيوني وهدف الإبادة والاستهداف النفسي
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    خاص | المسيرة نت: في ظلّ استمرار العدوان على قطاع غزة وارتفاع حصيلة الضحايا والدمار، قدّم اثنان من المحللين الفلسطينيين قراءة مشتركة للمشهد الميداني والسياسي، رسمت صورة معقّدة لحالة الانهيار الأخلاقي والسياسي في صفوف "عصابات الاحتلال" وحلفائها.
  • كلمات مفتاحية:

وفي المقابل، يؤكد المتحدثان على ثبات صمود الفلسطينيين وتصاعد عامل الاحتجاج الشعبي العالمي الذي يضع سقفًا جديدًا للسياسة الدولية والأوروبية تجاه القضية.

 

فشل العمليات العدوانية البرية:

بدايةً، يرى عدنان الصباح أن المراحل البرية التي انخرط فيها الاحتلال في عمليته على غزة فشلت، وأن مخططات متعددة ــ والتي سماها بصيغ متبدِّلة (عربات "قدعون واحد" و"قدعون اثنين") ــ لم تُنجز أيًّا من أهدافها الحقيقية.

الصباح يؤكّد أن المشكلة ليست في المسميات أو في المراحل التكتيكية بحد ذاتها، بل في السياسة: "الحرب هي سياسة عنيفة وتنتهي بالسياسة الهادئة"؛ والسؤال الحاسم هنا وفقًا له: إلى أين يريد نتنياهو وحلفاؤه الوصول حقًا؟ وما هي الأهداف السياسية النهائية التي يمكن لهم تحقيقها؟

الصباح يربط فشل المخططات الصهيونية بتركيبة التحالفات التي دعمت الإبادة: الولايات المتحدة كمكوّن أول، والآلة الصهيونية كقوة منفذة، وأنظمة إقليمية داعمة كمكوّن ثالث، لكنه يشير أيضًا إلى أن هذه التحالفات بدأت تواجه تآكلاً أمام سيول الغضب الشعبي والمظاهرات العالمية والضغوط الداخلية في العواصم الداعمة.

أوروبا، كما يقول الصباح، بدأت تفقد القدرة على مواجهة شعوبها، والشوارع الممتلئة بالاحتجاجات ضدّ الإجرام الصهيوني وصلت حتى مدن كبرى في الغرب، مما يفتح أزمة شرعية أمام مناصري الحملة ضد غزة.

في وصف قويّ، يُقارب الصباح سلوك القيادة الصهيونية الحالية سلوكيات قادة استبداديين في مراحلهم الأخيرة، مستشهداً بصورة إلقاء الخطب عبر مكبرات الصوت باتجاه غزة، ومقارنات بلغة حادّة تشير إلى انزلاق إلى ما وصفه "حالة من الجنون".

ومع ذلك، يشدّد المحلل الصباح على أن هذا الانزلاق لا يمرّ دون ثمن: المقاومة قوية، والاصطفاف الشعبي العالمي يتعاظم، بينما تضيق آفاق المناصرين على صعيد السياسات الرسمية في الغرب.

 

الأهداف الصهيونية بين الإبادة والتهجير:

من جانبه، يتناول صالح أبو عزة في تحليله أهداف الاحتلال منذ عملية 7 أكتوبر، فيميّز بين أهداف معلنة وأهداف فعلية/استراتيجية.

يقول أبو عزة إن الأهداف المعلنة ـ القضاء على المقاومة، تصفية حركة حماس، استعادة أسرى ـ ليست سوى جزء من مشروع أوسع، إذ إن "إراقة الدم الفلسطيني" نفسها تُعامل كهدف بحد ذاتها، ويشمل ذلك: قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية، محاولة كسر معنويات الشعب الفلسطيني ودفعه إلى أقصى درجات اليأس والقنوط، إعادة احتلال كامل قطاع غزة وتهجير السكان.

 ويضيف أبو عزة أن لدى الاحتلال ترسانة عسكرية هائلة تُمكّنه من إحداث خسائر فعالة كالصواريخ والدبابات المفخخة والقدرات النارية الثقيلة، وهو ما يمكّنه من قتل وتشريد جزء من السكان، لكنه لا ينجح في كسر صمود الشعب الفلسطيني أو تفكيك روح المقاومة الشاملة.

وينوّه إلى أن الشعب الفلسطيني والمقاومة أبديا عبر التاريخ وفي هذا المشهد الأخير قدرة صمود استثنائية، مشيرًا إلى العمليات البطولية التي تنفّذها المقاومة في غزة رغم مرور عامين من الإبادة والتدمير الشامل.

 

عواقب استراتيجية:

وفي سياق متصل، يشدّد الصباح على أن العواقب تتخطى ساحات القتال: الملاحة البحرية والجوية متأثّرة، الاقتصاد والمجتمع ممزّقان، و"كراهية دولية" تتصاعد.

ويتابع حديثه قائلاً: إن "الحراك الشعبي العالمي وموجات الاحتجاجات في العواصم الغربية ــ بما في ذلك نيويورك ومدن أوروبية كبرى ــ تضع ضغوطًا على حكومات دعمت الحملة إما علنًا أو ضمنيًا".

ويلفت إلى أن القادة الأوروبيين الداعمين للكيان الصهيوني بدأوا يفقدون القدرة على الصمود أمام جماهيرهم، مما يخلق حالات تراجع سياسي.

في مقابل ذلك، يشير أبو عزة إلى أن نجاح الاحتلال في إبادة ودمار محدود لا يعني بالضرورة نجاحًا استراتيجيًا طويل الأمد، مؤكّدًا أن الهدف الأكبر المتمثل في سحق روح المقاومة وتحويل الشعب إلى قطيع يائس لم يتحقّق.

وينوّه إلى أن المقاومة الفلسطينية أثبتت مرونةً وصمودًا يصعُب على آلة عسكرية كبرى أن تُجهز عليه بالكامل.

ختامًا، يرسم المحلّلان صورة حرب ليست معزولة على الأرض فحسب؛ بل هي مواجهة سياسية واجتماعية ونفسية امتدت لتصبح صراعًا بين مشروع إقليمي استعماري ودعم دولي من جهة، ومقاومة شعبية عالمية وحالة إنسانية متجددة من جهة مقابلة.


خطابات القائد