• العنوان:
    رئيس "حر" من كولومبيا
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:
    أحمد داوود

ما الذي فعله الرئيسُ الكولومبيّ غوستافو بيترو في مدينةِ نيويورك الأمريكيّة؟

سؤالٌ يحتاجُ إلى إجابةٍ طويلةٍ ليُعرِّف من خلاله معاني متعدّدة للإنسانيّة والشجاعة والكرامة، وللنهي عن المنكر في زمنٍ مليءٍ بالأحقادِ والضغائن، واستعلاءِ الأقوياءِ على الضعفاء.

لقد وصل بيترو إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة، وقلبُه يقطر دمًا حُرقةً على الأطفالِ والنساءِ والشيوخِ الذين يُقتَلون بدمٍ باردٍ في قطاعِ غزّة بالأسلحةِ الأمريكيّة الفتّاكة، وبالغاراتِ الصهيونيّة المتواصلة، فانخرط في مظاهرةٍ حاشدةٍ في نيويورك مُندِّدة بجرائمِ الإبادة الصهيونيّة، وألقى خطابًا حماسيًّا خاطب فيه الجنودَ الأمريكيين بعدم طاعةِ ترامب، واتّهم أمريكا بانتهاكِ القانون الدوليّ، وهو ما أغضب واشنطن، فسارعت إلى ترحيله.

كتب بيترو بعد هذا الموقف العظيم قائلًا:

"لم يعد لديّ تأشيرةُ سفرٍ إلى الولايات المتحدة، لا يهمّني، لا أحتاج إليها، لأنّني لست مواطنًا كولومبيًّا فحسب، بل مواطنًا أوروبيًّا أيضًا، وأعتبر نفسي حقًّا شخصًا حرًّا في هذا العالم".

هذا الرئيس الكولومبيّ يدعو إلى تحريرِ فلسطين، ويعلن التعبئةَ العامّة في بلاده، معبّرًا عن استعداده لإرسالِ المقاتلين إلى غزّة، بل وأنّه سيقاتل شخصيًّا إذا استدعى الأمر. وهو الرجلُ البعيدُ جغرافيًّا جدًّا عن فلسطين المحتلّة، لكنّه تقارب مع مأساةِ غزّة وآلامِها وأوجاعِها، فعبّر عن صوتِ الملايين من أحرارِ العالم الذين ينظرون إلى هذه المأساة بقلوبٍ مليئةٍ بالحسرةِ والأسى.

هو ليس رئيسًا عربيًّا، ولا ملكًا أو أميرًا عربيًّا، لم يرتدِ العقالَ أو البدلاتِ الفاخرة، وإنّما وضع على كتفه الشالَ الفلسطينيّ، وحمل القضيّةَ الفلسطينيّة، ولهذا ذاع صيتُه، وأحبّه الجميع، ورفع الله من قدرِه، لأنّ موقفَه إنسانيٌّ أصيل، نابع من قناعةٍ بأنّ ما يحدث في غزّة ظلمٌ واستكبارٌ واستعلاء، وأنّ الصمتَ عارٌ وذلٌّ وانكسار.

وما يُؤلِمُنا من هذا الموقف العظيم، أنّ الأمّة العربيّة هي الوحيدةُ في العالم التي تنظر إلى جرائمِ العدوّ الصهيونيّ في غزّة وتَسكُت، وإلى الجرائمِ في لبنان وتَسكُت، كما تَسكُت عن جرائمِ العدوّ في اليمن، وكأنّ الصمتَ هو السِّمةُ التي تمتازُ بها أمّةُ العرب، وهو صمتُ الخانعينَ الضُّعفاءِ الجُبناء، الأذلّاء أمام نتنياهو وترامب. وفرقٌ كبيرٌ يا عزيزي بين الرئيس الكولومبيّ ووزيرِ الخارجيّةِ الإماراتيّ الذي فضّل مصافحةَ "النتن ياهو" والابتسامةَ الوقحة أمامه، وفرقٌ كبير بين الرئيس الكولومبيّ وبين الرئيس التركيّ أردوغان الذي لم يُغادِر قاعةَ الأمم المتحدة عندما ألقى المجرم نتنياهو خطابَه الفجَّ أمامه.

وعندما تُفرَز المواقف يتّضح مَن الصادقُ والكاذب، ومَن الشجاعُ والجبان، ومَن المؤمنُ والمنافق. فالموقفُ اليمنيّ – على سبيل المثال – هو أرقى المواقفِ على مستوى العالم في إسناد غزّة، والسيّدُ القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله – هو الرجلُ العربيُّ الشجاع، الكريم، المُنصف، الصادق، الذي سخّر كلَّ جهدِه وعطاءَه من أجل غزّة وإسنادِ المظلومين فيها، والشعبُ اليمنيّ بكلّ شموخِه وكبريائِه يتحرّك خلفَه حاملًا القضيّةَ نفسَها والمبادئَ ذاتها.

أمّا الخونةُ والعملاءُ، من اليمنيين في الخارج، فهم على النمط الإماراتيّ والسعوديّ، خانعون، أذلّاء، منكسرون أمام العدوّ، ليس لهم مواقفُ بطوليّة، ولا تصريحاتٌ تُسرُّ الخاطر، وكلّ خطاباتِهم في نقدِ الداخل، والسخريةِ والاستهزاء بالعمليّاتِ اليمنيّة المساندة لغزّة.

إنّ الحقائقَ واضحةٌ وجليّة، لا تحتاج إلى تفسيراتٍ لمعرفةِ المواقف الصحيحة من الخاطئة، فالحُرُّ – سواءٌ كان رئيسًا، أو مواطنًا، أو رجلًا أو امرأة – هو الذي يقف مع غزّة ومع مظلوميتِها، ويستنكر الطغيانَ الأمريكيَّ والصهيونيَّ في كلّ منطقةٍ من العالم.

خطابات القائد