• العنوان:
    الأسباب والقدر.. كيف جعل الله صواريخَ اليمن رسالةَ قوة للأُمَّـة العربية
  • المدة:
    00:00:00
  • الوصف:
    صواريخ اليمن لم ترسل لتخضعَ لتقييمات الساخرين والمطبِّعين، بل لتثبت قدرةَ الأُمَّــة على مواجهة العدوان واستعادة كرامتها، وهي القدرة التي تفتقدُها كثيرٌ من الأنظمة العربية التي وضعت مصالحها السياسية فوق مصالح شعوبها.
  • التصنيفات:
    مقالات
  • كلمات مفتاحية:
            

يتساءل البعض اليوم، ممن يصفون أنفسهم بالمحللين أَو الناشطين العرب، عن تأثير صواريخ وطائرات الشعب اليمني المسيرة على الكيان الإسرائيلي، مدعين أن ما قامت به المقاومة اليمنية لم يوقف الحرب ولم يحقّق تغييرًا ملموسًا في المعادلة. هذا التساؤل ليس مُجَـرّد خطأ في التحليل، بل يعكس فهمًا ناقصًا لطبيعة الصراع وإهمالا للقوة الاستراتيجية التي يمتلكها الشعب اليمني المقاوِم، والتي تتجاوز مُجَـرّد العدد الفعلي للصواريخ والطائرات.

القواتُ المسلحة اليمنية لم ترسل صواريخها لتخضعَ لتقييمات الساخرين والمطبِّعين، بل لتثبت قدرة الأُمَّــة على مواجهة العدوان واستعادة كرامتها، وهي القدرة التي تفتقدها كثير من الأنظمة العربية التي وضعت مصالحها السياسية فوق مصالح شعوبها.

إن النظر إلى ما قام به اليمنيون في سياق عالمي وإقليمي أوسع يوضح الصورة بشكل أفضل. فلو أن كُـلّ دولة عربية أطلقت صاروخًا وطائرة مسيرة واحدة على الكيان الإسرائيلي في نفس الوقت، لأمكن القول إن المعادلة كانت ستتغير بشكل جذري. تخيلوا ٢٢ دولة عربية، كُـلٌّ منها ترسل صاروخًا وطائرة مسيرة واحدة، ليصبح العدد ٢٢ صاروخًا و٢٢ طائرة مسيرة في وقت واحد. هذه القوة، لو توحَّدت إرادتها، كانت ستغير حسابات العدوّ، وتوقف الحرب قبل أن يستمر العدوان، وتزيل أيَّ وهم عن حصانة الكيان الإسرائيلي. هذا يوضح الفرق بين المقاومة الحقيقية القائمة على إرادَة الشعب، وبين الشعارات الخاوية للأنظمة التي جلست تتفرج على العدوان وتقدم الأعذار لتبرير تقاعسها.

التقليل من أهميّة صواريخ وطائرات اليمنيين أَو السخرية منها ليس إلا انعكاسا لمواقف المطبعين والمنافقين، الذين فضلوا حماية مصالح الكيان الإسرائيلي على مصالح شعوبهم، وغيّبوا عنهم حقيقة أن القوة ليست فقط في العدد أَو العتاد، بل في الإرادَة الوطنية، وفي القدرة على التأثير النفسي والاستراتيجي على العدوّ. صواريخ اليمنيين وطائراتهم المسيرة لم تكن مُجَـرّد أدوات قتالية، بل كانت رسالة سياسية وأخلاقية مفادها أن الأُمَّــة إذَا أرادت، يمكنها أن تغير المعادلة، وأن الكيان الإسرائيلي ليس حصينًا كما يحاول البعض تصويره. المقاومة اليمنية أظهرت أن التفوق العسكري لا يقاس فقط بالعتاد المادي، بل بالإيمان بالله، وباستثمار الإرادَة والتخطيط الاستراتيجي الصحيح.

ويأتي القرآن الكريم ليخبرنا بأن الإنسان سبب في النصر، وأن ما نقوم به من جهد هو عملنا، لكن النتائج النهائية بيد الله سبحانه وتعالى، كما في قوله تعالى:

﴿وَمَا رَمَيْتَ؛ إذ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ﴾

هذه الآية تعلمنا درسًا عميقًا: أننا نصنع الأسباب ونعمل بما نستطيع، وأن كُـلّ صاروخ أطلقناه وكل طائرة مسيرة أرسلناها هي من الأسباب التي وضعناها، ولكن النتيجة والمردود الحقيقي هو بتقدير الله وعونه. فالشعب اليمني، بجهوده وعزيمته، أصبح سببًا في إثبات قدرة الأُمَّــة على التغيير والتأثير، والنتيجة النهائية هي بيد الله وحده، الذي يجعل الصواريخ والطائرات مسخرة لتحقيق العدالة والردع، ويحول العمل البشري إلى قوة مؤثرة في المرمى الاستراتيجي.

السياسة والاستراتيجية توضح كذلك أن أي تهويل أَو التقليل من صواريخ اليمنيين هو محاولة لإخفاء الحقيقة عن الرأي العام العربي، وهي محاولة يائسة من المطبعين والمنافقين الذين لا يرون في المقاومة اليمنية إلا تهديدًا لهيمنتهم ومصالحهم الخَاصَّة. بينما الواقع يكشف أن هذه المقاومة ليست مُجَـرّد قوة عسكرية، بل قوة سياسية وأخلاقية، تهز الكيان الإسرائيلي وتعيد للأُمَّـة العربية شعورها بالكرامة والقدرة على الدفاع عن نفسها. القوة الحقيقية تكمن في وحدتنا، وفي استثمار جميع الإمْكَانيات الوطنية، وفي الإيمان بأن المقاومة والتضحية هما الطريق لتحقيق الحرية والكرامة، مع تواضع الإنسان أمام قدرة الله الذي هو المسؤول عن نتيجة كُـلّ جهد.

إن دراسة نتائج ما قام به اليمنيون مقارنة بالإمْكَانات المتاحة لبقية الدول العربية تؤكّـد أن الكيان الإسرائيلي لم يكن، ولن يكون، فوق المحاسبة. فالمقاومة اليمنية، رغم الإمْكَانيات المحدودة، أظهرت أن الإرادَة الوطنية والاستراتيجية الذكية يمكنها أن تخلق تأثيرًا أكبر بكثير من أية تقديرات مادية ضيقة، وأن الأُمَّــة العربية قادرة على توحيد جهودها لمواجهة العدوان وفرض المعادلة الصحيحة على الأعداء. هذه الحقيقة يجب أن تصل لكل مسؤول ومواطن عربي، وأن تشكل قاعدة لإعادة ترتيب الأولويات، والاعتراف بأن القوة الحقيقية للأُمَّـة لا تأتي من التخاذل أَو التواطؤ، بل من العمل الجاد، والإيمان، والتضحية، مع إدراك أن النصر بيد الله سُبحانَه وتعالى.

خطابات القائد